آثار الفتن والملاحم وواجب التدافع..

17 ديسمبر 2013 15:13
آثار الفتن والملاحم وواجب التدافع..

آثار الفتن والملاحم وواجب التدافع..

هوية بريس – ذ. حماد القباج

الثلاثاء 17 دجنبر 2013م

سئل شيخنا العلامة الدكتور عادل بن المحجوب رفوش وفقه الله (أمس الاثنين 13 صفر):

شيخنا الجليل، حديث يتناقله الناس عن الحكم بن نافع أبي اليمان الحمصي حدثنا جراح عن أرطأة بن المنذر عن تبيع عن كعب الأحبار قال: “ليوشكن العراق يعرك عرك الأديم، ويشق الشام شق الشعر، وتفت مصر فت البعرة، فعندها ينزل الأمر”.

فما رأيكم في هذا الأثر؟ نفع الله بكم.

فأجاب:

“العرك والشق والفت كلها عبارات تحوم حول معنى الابتلاء الشديد والافتتان المتراكب ولا يؤخذ منه معنى خاص يطوع الناس لفكرة الاحتراب الأهلية والتقسيم الطائفي أو نحوه..

لأن عموم أحاديث الفتن هي من علوم الغيب التي تكثر فيها الإشارات ولا يصح فيها الحمل على تعيين لا في زمان ولا في حال كما يقال في الأمكنة أيضاً..

فليس العراق في الأحاديث هو العراق على الخريطة اليوم، وقس على ذلك..

ولأن العلوم تبقى نسبية عندنا معشر المخلوقات وتبقى الحقيقة المطلقة عند الحق سبحانه وحده؛ فكم من عالم ظن أن فتنة التتار أو نارا بصنعاء في القرن الرابع ونحو ذلك هي العلامة الموعودة، فمرت القرون وجاء ما هو أعظم..

إذا فالأمور نسبية والزمن عند ربك يومه كألف سنة مما تعدون، وعليه فالواجب أن يهتم المكلف بالأمر والنهي والحلال والحرام والواجب فعله شرعا على كل الأحوال امتثالا واجتنابا.

وتحمل أحاديث الفتن على الترهيب الداعم للتشريع؛ فهي بمثابة الرؤى بشارة ونذارة، ولكن لا تؤخذ منها أحكام قطعية بل دلالات تؤكد الأحكام ولا تخالفها؛ كما في الحديث: الصحيح “إذا قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة فان استطاع ان لا تقوم حتى يغرسها؛ فليغرسها“؛ فقد استفاد العلماء منه أمورا منها:

– أن ذكر الساعة للترهيب والاستعداد وليس مهما زمانها أو من أين تنبعث.

– أن الوقت مهم للعمل مهما ضاق.

– أنك مطالب بالشريعة عملا بها لا بالساعة خوفا منها، وما تضر الساعة وأشراطها من استقام على شريعة ربها..

إذا فمثل هذا الخبر عن كعب الأحبار الذي رواه نعيم بن حماد في الفتن هو من هذا القبيل..

بل في القرءان ما هو أصرح وأخوف في ذكر الفتن والافتراق والتظالم ونحو ذلك من المواعظ الباعثة على وجوب الاستقامة والاتباع، وليفعل الله في ملكه ما يشاء، ليس لنا من أمر القدر الكوني شيء إلا الطاعة والأمر والنهي والدعاء والمرابطة في سبيل الله ضد الباطل مهما طغى وبغى بالحكمة والبصيرة.. لا مداهمة ولا مداهنة..

وفي الصحيح ما هو قريب من مدلول الأثر المسؤول عنه؛ كحديث أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: “قَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم: “مَنَعَتِ الْعِرَاقُ دِرْهَمَهَا وَقَفِيزَهَا .. وَمَنَعَتِ الشّأْمُ مُدْيَهَا وَدِينَارَهَا .. وَمَنَعَتْ مِصْرُ إِرْدَبّهَا وَدِينَارَهَا.

وَعُدْتُمْ مِنْ حَيْثُ بَدَأْتُمْ . وَعُدْتُمْ مِنْ حَيْثُ بَدَأْتُمْ . وَعُدْتُمْ مِنْ حَيْثُ بَدَأْتُمْ“.

شَهِدَ عَلَىَ ذَلِكَ لَحْمُ أَبِي هُرَيْرَةَ وَدَمُهُ”.

فالشريعة لا تتناقض ولكن الفهوم أضيق من أن تحيط بذرة من علم الله سبحانه وتعالى. 

هذا جواب باختصار أرجو أن يكون واضحاً؛ والله تعالى أعلم.

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M