وَمَتَى كَانَ الرقْصُ والمجُونُ تُرَاثاً أَمَازِيغياً!

29 يناير 2014 18:04
وَمَتَى كَانَ الرقْصُ والمجُونُ تُرَاثاً أَمَازِيغياً!

وَمَتَى كَانَ الرقْصُ والمجُونُ تُرَاثاً أَمَازِيغياً!

عبد الكريم القلالي

هوية بريس – الثلاثاء 28 يناير 2014م

بسم الله الرحمن الرحيم

كلما كتبت عن قضية ذات صلة بالأمازيغية سلقني بعض بني جلدتي من الأمازيغ بألسنة حداد، رغم أني لا أعادي الأمازيغية ولم أكن يوما كذلك، وكيف يكون وأنا من سلالتهم نسبا، وما نقموا علي إلا مناهضتي للمرتزقة الراغبين في “الاقتيات والادخار” والتسول بالأمازيغ وقضاياهم، وندب حظهم العاثر على إحياء ما اندرس من قبلية وطائفية تخدم المحتل المخرب الذي أهلك الحرث والنسل، وخرج بدباباته ولم يخرج بفكره الغاشم المستولي على فئة ممن انبرى للحديث عن تراث الأمازيغ وإحيائه.

ومن الأوتار التي يعزفون عليها إحياء ما يدعونه “الرقص الأمازيغي” باسم إحياء التراث، ومتى كان الرقص والمجون تراثا أمازيغيا حتى يحيى! ولو افترضنا وجود حالات في فترات تاريخية مختلفة؛ من المجون والاختلاط ومجالس السمر، وهزات الكتف والخواصر؛ فينبغي أن تنتقد لا أن تحيى وأن يبين للناس أن ذلك من عمل الجاهلية الأولى، وهو عمل يأباه الإسلام الحنيف وترفضه الأعراف والقيم الأمازيغية الأصيلة!

فالمعروف عن الأمازيغ الحشمة والعفة والحياء والغيرة على الأعراض؛ ونبذ الاختلاط، وحماية المجتمع من الفساد وصد الفاحشة عنه، كما يشهد بذلك تاريخهم.

إننا مع إحياء التراث الأمازيغي (وأي تراث) شرط أن يكون تراثا فيه مصلحة الأجيال، ويهدي الأمة إلى سبيل الرشاد؛ ولا عاقل يقر إحياء ما اندرس من عادات جاهلية مقيتة موقوتة، اللهم إلا من يرغب في عيش عيشة الجاهلية التي لا ترتبط بزمن بقدر ما ترتبط بأفكار ومعاملات تتجدد بها الجاهلية وتتكرر في مختلف العصور والأمصار.

وإني لا أعجب من الجهات الداعمة والمساندة لمخرجي احتفالات وحفلات أمازيغية تعرض فيها منكرات والأمازيغ الأحرار منها براء؛ بقدر ما أعجب من عدم وعي هؤلاء المنفذين بحقيقة الأمر وأبعاده وما يراد لبني جلدتهم، وكيف يؤدون أدوارا مجانية لجهات تريد نشر الفاحشة بين المسلمين..

فلم لا يتم الحديث عن تراث أمازيغي عماده العفة والحياء، وجهود أعلام أمازيغ في خدمة الإسلام والذود عنه، من خلال التعريف بمؤلفاتهم وآثارهم النافعة، وبسالتهم في الدفاع عن هويتهم الإسلامية وصد المعتدين ومحاربة المندسين من الرومان والبيزنطيين، ووقوفهم في مد جهود تقسيم الأمازيغ، واعتصامهم بحبل الله جميعا، وما كان في أجدادنا من أنفة للتحرر من هيمنة الإرادة الخارجية، التي يفرش لها اليوم البساط الأحمر؛ على أنقاض دماء الأجداد وكفاحهم وجهادهم.

فأي تراث هذا الذي تزعمون إحياءه أهو تراث المجون والخلاعة وتخدير البقية الباقية من الأمازيغ الأحرار الذين ظلوا متمسكين بقيمهم الإسلامية وأعرافهم النبيلة؛ فقضية القيم والأخلاق والحشمة قضية مركزية ومن ثوابت الحياة الاجتماعية الأمازيغية، فلم يتنكر من يتحدث باسم الأمازيغ (دون تفويض) للقيم والأخلاق الأمازيغية، ويقررون التوقف عند مظاهر الرقص والخلاعة، والتفنن في التعبير عن ذلك، ولم يراد للكرامة والشهامة والمروءة أن تبقى نسيا منسيا، إن كثيرا مما يسوق باسم التراث لا صلة له بالتراث الحق بل هو تراث أمم أخرى يراد إعادة إنتاجه عندنا باسم التراث لخدع السذج والمغفلين.

وطمس الهوية الحقيقة للأمازيغ مؤامرة يشارك فيها بعض من ينتسب للأمازيغ، بسبب عوامل القصور المعرفي أو المصالح الشخصية، أو عن غفلة وتسميم (تسويق) إعلامي ماكر.

ومن يرفعون شعار التراث الأمازيغي اليوم هم في حاجة إلى مراجعات ذاتية وعلمية، بعيدا عن الشعارات والانفعالات والاتهامات، أسسها الموضوعية العلمية والتاريخية والتحليل العلمي الرصين، والتدبر في النظر إلى العواقب والمآلات وما فيه مصلحة الأجيال في العاجل والآجل.

[email protected]

www.facebook.com/karimkallali

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M