ترجمة الشيخ الدكتور لحسن وجاج أحد علماء جامعة ابن يوسف في القرن العشرين

02 نوفمبر 2014 16:49
ترجمة الشيخ الدكتور لحسن وجاج أحد علماء جامعة ابن يوسف في القرن العشرين

ترجمة الشيخ الدكتور لحسن وجاج أحد علماء جامعة ابن يوسف في القرن العشرين

إعداد: الشيخ محمد زغير

هوية بريس – الأحد 02 نونبر 2014

بسم الله الرحمان الرحيم

الحمد لله ربّ العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين وعلى آله وصحبه والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ثم أما بعد:

فهذه إن شاء الله ترجمة مختصرة لشيخنا الشيخ الدكتور لحسن وجاج حفظه الله كما أفادنيها جزاه الله خيرا وكتبها بخطه وهي تفصيل لما نشره السيد أحمد متفكر بعنوان: (علماء جامعة ابن يوسف في القرن العشرين).

ولي عليها ذيل إن شاء الله سأذكره في وقت لاحق، حيث إني كنت سجلت مع الشيخ ترجمته وما يستفاد منها من عبر، وذكر لي حينها مسائل لم أرها في كتابته هذه فكلمته فقال: أنشر هذه ثم بعد ذلك ذيل عليها إن شئت، وسأنشرها تباعا:

ترجمة مختصرة لشيخنا الشيخ الدكتور “الحسن وجاج”

وهي تفصيل لما نشره السيد أحمد متفكر بعنوان: {علماء جامعة ابن يوسف في القرن العشرين}.

أولا: ولد الفقيه الدكتور الحسن بن أحمد بن عمر وكاك سنة 1349هـ/1930م، بدوار زاوية سيدي وكاك بإقليم “تزنيت”، وقرأ القرآن على الشيخ الحسن زي همّو، ثم عاود القرآن مرة أخرى وعمره سبع عشرة سنة في “حاحة” على الفقيه السيد محمد بن علي نايت داود، ثم انتقل إلى قبيلة “إدويران” بناحية “إمنتانوت”، وختم على القرآن على الفقيه السيد أحمد بن لحسن الأستيفي سنة 1368هـ/1948م، وعمره ثمان عشرة سنة.

ثانيا: وفي سنة 1369هـ/1949م، عاد إلى قريته، وانكب على دراسة اللغة العربية ومبادئ الفقه المالكي على خاله السيد “أحمد الزيتوني” خرّيج الزيتونة بتونس.

وقصة انكبابه وحبه لتعلم اللغة العربية والفقه بعد كراهته لهما هي ما ألقاه الله في قلبه من الرغبة بعدما سمع خاله وشيخه المذكور ينشد البيت المشهور في الشواهد النحوية، ويشرح معناه للطلبة، والبيت هو قول القائل:

يا ابن الكرام ألا تدنو فتبصر ما—قد حدثوك فما راء كمن سمع

وهناك لازم خاله وشيخه في مدرسة الكريمة بقبيلة الساحل سنتين كاملتين. وأخوه السيد الحسين يرغّبه طيلة هذه المدة في الالتحاق بمعهد ابن يوسف في مراكش، ويرفض.

ثالثا: وفي سنة 1372هـ \1952م، التحق بالجامعة اليوسفية، ودرس على شيوخها السادة “محمد الكيكي”، والعلامة “محمد رأفت المعروف ببجيج”، والعلامة “السميج محمد”، والعلامة “مولاي أحمد القاضي السملالي”، والعلامة “عبد الرحمن الدكالي”، والعلامة “مولاي الطيب المريني”، والعلامة “عبد الرفيع البصري”، والعلامة السيد “عمر الخلوفي”.

وكان يؤدي الاختبارات الدورية في السنة الثالثة والرابعة والخامسة والسادسة بالقسم الثانوي حتى حصل على السادسة بابن يوسف في فجر الاستقلال سنة 1956م، وكان في السنوات ذاتها تخرّج في قسم تدريب المعلمين بمراكش، ودرّس التعليم الابتدائي بمراكش، لأن عدم المواظبة على دروس ابن يوسف يومئذ ميسّرة بسبب قلّة الأمن في سنوات المقاومة ضد فرنسا.

رابعا: وفي سنة 1379هـ/1959م، نال الشهادة العالمية بعد نجاحه في المباراة التي أجريت في “الرباط”، وفي سنة 1380هـ/1960م، نجح في المباراة التي نظمت في الرباط لاختيار بعض المعلمين ونقلهم من التعليم الابتدائي إلى التعليم الثانوي، وبعد ذلك مارس التدريس بالثانوي في “آسفي” و”تارودانت” لمدة عشر سنين.

خامسا: وفي سنة 1972م، التحق بدار الحديث الحسنية، وأدّى امتحان الدورة الأولى، وأحرز على النجاح في شهادة الحديث وعلومه سنة 1972م، ثم أدّى امتحان الدورة الثانية سنة 1973م، وأحرز على النجاح في شهادة التفسير وعلوم القرآن.

وفي سنة 1974م، عيّن بوزارة التعليم الأصلي، وفي سنة 1975م، انتقل إلى كلية اللغة العربية بمراكش حيث عُيّن أستاذا مساعدا لغاية 1982م.

سادسا: وفي سنة 1397هـ/1977م، حصل على شهادة دبلوم في الدراسات العليا في دار الحديث الحسنية.

وفي سنة 1388هـ/1986م، حصل على شهادة دكتوراه الدولة في العلوم الإسلامية بدار الحديث الحسنية.

سابعا: وفي سنة 1983م، انتقل إلى مدينة “الطائف” حيث عُيّن أستاذا مساعدا معارا بجامعة أم القرى في “السعودية”، وفي سنة 1986م، عاد إلى كلية اللغة العربية بمراكش، وفي سنة 1990م، تعاقد مع مدير المعهد الإسلامي في “موريتانيا” التابع لجامعة الإمام محمد بن سعود لغاية 1997م، وقد أحيل على المعاش منذ 1990م.

ثامنا: أما مؤلفات الدكتور وكاك فمنها: (تقييد وقف القرآن الكريم للشيخ الهبطي) دراسة وتحقيق، وقد طبع بمطبعة النجاح الجديدة بالدار البيضاء سنة 1991م، وهو موضوع رسالته في دبلوم الدراسات العليا، ومنها (منبهة الإمام الداني) دراسة وتحقيق وتعليق، وهي موضوع رسالته في دكتوراه الدولة، وعن قريب ستطبع إن شاء الله.

هذا فيما يخص حياة الشيخ العلمية ومسيرته التعليمية، أما فيما يخص الجانب الدعوي واتصاله بالمنهج السلفي وأهله، فسيأتي الكلام عليه في فرصة أخرى إن شاء الله وبقي في العمر فسحة.

تتمة الترجمة كما كتبها الشيخ وجاج حفظه الله:

قال الشيخ وكاك -حفظه الله-: “تلك معلومات حول حياة الشيخ وكاك في ميدان التعليم باختصار شديد، لكن الجانب الذي يرغب فيه بعض الإخوان من حياته، هو الجانب الذي له صلة بالسلفية والسلفيين في المغرب في فترة ما بعد الاستقلال، لذلك أضيف ذلك الجانب هنا وأقول:

أول اتصالي بالتيار السلفي كان في سنة 1965م، وذلك على يد الحاج عابد السوسي -رحمه الله-، لأنه نصحني فور رجوعي من رحلة مع التبليغيين، ونبهني إلى أن هؤلاء مبتدعة رغم ما يُعرف عنهم من التواضع والتضحية في سبيل نشر منهاجهم، ومما ساعد على فهمي لما يقول هذا الشيخ عن المبتدعة، اتصالي بكتاب “تلبيس إبليس” لابن الجوزي في نفس الأسبوع الذي نبهني فيه الشيخ الحاج عابد المذكور -رحمه الله-.

هذا وقد سبق أن نصحني قبل سنة 1962م، نصيحة بالغة في موضوع المحافظة على الصلوات الخمس في أوقاتها، وسبب اهتمامه بي من قبل ومن بعد راجع إلى المحبة المتبادلة بيننا أيام كان مشرفا على بناء المعهد الإسلامي بتارودانت، وكنت أنا من بين أساتذة المعهد الذي يتأثر بنصائح الحاج عابد ويناصره على ما يبثه في طلبة ذلك المعهد في موضوع التوحيد السني والمحافظة على أداء الصلوات الخمس في أوقاتها، ومن المعلوم أن اتجاه السلفيين الأوائل، التركيز على التوحيد السني والمحافظة على الصلوات في أوقاتها.

ومما يدل على انفرادي من بين أساتذة المعهد بنصرة الحاج عابد المذكور، ما تعرضت له من عتاب بعض الأساتذة واستغرابهم تأثري به وهو شبه أمي وأنا أعتبر أستاذا، والعادة تقتضي أن يكون الأستاذ متبوعا لا تابعا، ومع ذلك لم أزدد بعتاب هؤلاء إلا ثباتا ومواصلة لإرشاد طلبة المعهد عقب صلاة الصبح في غالب أيام الأسبوع، وقد بارك الله عمل الحاج عابد وعملي معه في المعهد طيلة ثمان سنوات قبل أن أنتقل إلى دار الحديث الحسنية بالرباط سنة 1972م، حيث واصلت الدعوة في مساجد الرباط وسلا إلى جانب انتظامي بدار الحديث الحسنية.

ومن الشباب السني الذين تعرفت عليهم يومئذ: السيد السحابي والسيد الدرعوي، والدكتور بلافريج. وفي مساجد الرباط وسلا واصلت دروسي الوعظية في الدعوة إلى التوحيد السني والمحافظة على الصلوات الخمس في أوقاتها كما كنت في مساجد ومعهد تارودانت، وبسبب تلك الدروس في المساجد، حصل التعارف بيني وبين رواد المساجد في الرباط وسلا أولا، ثم في مساجد البيضاء ثانيا، ثم في مساجد مراكش ثالثا.

ومما ساعد على انتشار تلك الدروس في عواصم المغرب أولا، ثم خارج المغرب بفرنسا وبلجيكا ثانيا: تلك المواعظ المسجلة في الأشرطة باللغة العربية والدارجة المغربية واللهجة السوسية في آن واحد، وهي مواعظ لا تخرج عن منهاج التوحيد السني والمحافظة على أداء الصلوات في أوقاتها وبعض الأجوبة في فقه العبادات، الشيء الذي جعل كثيرا من المغاربة يعرفونني بواسطة تلك الأشرطة دون أن يتصلوا بي إلى الآن.

وانطلاقا من معرفة الحاج عابد السوسي ومن مواصلة الدروس في المساجد بتارودانت، ثم الرباط وسلا، ثم البيضاء، ثم مراكش بدار القرآن، حصل التعاون والتعارف بيني وبين الشباب المنتسب لتيار السلفية إذ ذاك مثل الأخ السيد مصطفى المصنف، والشيخ أحمد أبو عبيدة، والشيخ خليفة الناسك الرحماني، والأخ ورّاد، كل هؤلاء في مراكش، ومثل السيد عمر محسن بالبيضاء، والسيد السحابي بسلا، ومجموعة من الشباب بالرباط، والسيد الجردي بطنجة، والسيد محمد بن علي بتارودانت، والسيد بوخبزة والسيد إسماعيل الخطيب بتطوان، والدكتور الهلالي بمكناس والبيضاء.

كل هؤلاء تم التعارف بيني وبينهم في سنة سبعين، وبعد ذلك ظهر الشباب الذين درسوا في المدينة، مثل السيد المغراوي والسيد آيت سعيد والسيد الولالي والسيد أبو مالك، وتكون جيل سني ممن تأثروا بمؤلفات الشيخ ابن باز وابن العثيمين والشيخ الألباني في المدن المغربية، وامتد الوعي السني إلى البوادي وإلى النساء والبنات في كل مكان، والعامل الأول الذي ساعد على انتشار الوعي السني، هو ظهور فتاوى الشيخ ابن تيمية الموزعة في الرباط، ثم انتشار كتب الشيخ الألباني وإقبال الشباب على دراسة مصطلح الحديث وعلم أصول الفقه، الأمر الذي جعل شباب اليوم يعتمدون على اتجاه أمثال الشيخ عبد الله السنوسي والشيخ شعيب الدكالي والشيخ عمر الجراري والشيخ أحمد أكُرّام والشيخ عبد الرحمن النتيفي والشيخ محمد بن العربي العلوي، ويرغبون عن التيار الصوفي الذي ابتلي به الآباء والأجداد، أولئك رواد السلفية الأوائل بالمغرب قبل الاستقلال.

وباتجاه هؤلاء تأثر الحاج عابد السوسي في وقته، وبه تأثرت في شبابي مع العلم أن غالب من ينتسب إلى العلم من جيلي متأثر بالاتجاه الصوفي الذي لا يستنكر التوسل والاستغاثة بغير الله.

هكذا بدأ اتصالي بالمنتسبين إلى التيار السني بالمعهد الإسلامي في تارودانت في الستينات، ثم استمر مع رواد المساجد في أوائل السبعينات وأوائل الثمانينات، ثم استمر مع المشرفين على المعهد السعودي بموريتانيا طيلة التسعينات.

وقد يستغرب البعض ميلي إلى الاتجاه السني مع هؤلاء مع أنني مررت في شبابي بمرحلة الطريقة الناصرية، وبعدها الدرقاوية، وبعدها الاتجاه التبليغي، وعاشرت رجال التعليم العصري قبل الاستقلال وبعده في المرحلة الابتدائية والثانوية مراكز التدريب وكلية اللغة بمراكش وكلية الشريعة بأكادير، مع العلم أن رجال التعليم قبل الاستقلال وبعده، من أبعد الناس عن التدين إلا من رحم ربك، ومع هذا كله ملتُ أنا في هذا الوسط إلى الاتجاه السني مع الشباب، وأنا بحكم سني من الشيوخ ومن رجال التعليم العصري يومئذ. وهنا أقول لمن يستغرب هذا الميل مني ومن غيري: لا غرابة في هذا الميل إذا عرفنا أن الاتجاه السني السلفي هو وحده الذي يستجيب للفطرة التي فطر الله تعالى الناس عليها، وعرفنا أن التيارات الأخرى إنما طرأت بعد ذلك على فطرة الإنسان فحجبت عنها نور الإسلام.

وختاما أنبه هنا جميع الإخوان من الشباب والشيوخ أن مجرد الانتساب إلى السنة النبوية لا يكفي في أن يعتبر الإنسان نفسه من المهتدين، وإنما العبرة بما التزم به المرء من تعاليم الإسلام علما وعملا وإخلاصا، وقد تحقق في من وفقه الله من التابعين وتابعيهم بإحسان إلى يوم القيامة، غير أن الموفقين اقتضى قدر الله أن يكونوا قلة في غالب الأجيال، والله تعالى أسأل أن يجعلنا من هؤلاء الموفقين المخلصين، آمين، والحمد لله رب العالمين.

كتبه عبد الله الضعيف للعبرة والتذكير

الحسن بن أحمد وكاك بتاريخ 24 رجب 1429هـ”.

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M