د. عادل رفوش: الذين يستهدفون لغتنا ويعرقلون أصالتها في اللسان والوجدان إنما يستهدفون ديننا

05 أبريل 2015 20:32
د. عادل رفوش: الذين يستهدفون لغتنا ويعرقلون أصالتها في اللسان والوجدان إنما يستهدفون ديننا

د. عادل رفوش: الذين يستهدفون لغتنا ويعرقلون أصالتها في اللسان والوجدان إنما يستهدفون ديننا

هوية بريس – متابعة

الأحد 05 أبريل 2015

نظم الائتلاف الوطني من أجل اللغة العربية ندوة علمية أول أمس الجمعة 02 أبريل 2015 بقاعة المهدي بنبركة بمدينة الرباط، في موضع: “لغة التدريس في منظومة التربية والتكوين: الثوابت الدستورية والواقع العملي“، شارك فيها عدد من الدكاترة والهامات الفكرية، وكان من بين المشاركين الشيخ الدكتور عادل رفوش، وهذه مقتطفات من كلمته:

(.. لنا الشرف الأثيل أن نكون ضمن الائتلاف الوطني لحماية اللغة العربية لننخرط عمليا في هذا الركب العلوي الدؤلي لحماية لغة القرآن؛ التي لم يمنع عليا رضي الله عنه انشغاله بأعباء الخلافة في خمس سنين صعاب تسيل فيها الدماء وتعيث فيها الدهماء ما بين صفين والجمل وغيرهما من أن يوجه أمره الراشدي بكتابة أصول حفظ العربية.. لأنه واجب شرعي أممي وجودي …).

(.. هذه اللغة التي هي الأم الجامعة ولا أحد يستطيع التنكر لأمه حتى ولو كانت قبيحةً فما بالكم وهي أجمل الجميلات وأزكى الصالحات …).

(.. هذه اللغة المجاهدة التي لم يمر زمان دون أن يشاكسها الحاسدون؛ بل إن الإمام ابن منظور صاحب إحدى أكبر دواوين اللغة وهو كتابه الفذ “لسان العرب”؛

بين أن سبب تأليفه هو غربة العربية في زمانه حتى قال: “لم أقصد سوى حفظ أصول هذه اللغة النبوية، وضبط فضلها، إذ عليها مدار أحكام الكتاب العزيز، والسنة النبوية، وذلك لما رأيت قد غلب في هذا الأوان من اختلاف الألسنة والألوان، حتى لقد أصبح اللحن في الكلام يعد لحناً مردوداً، وصار النطق بالعربية من المعايب معدوداً، وتنافس الناس في تصانيف الترجمات في اللغة الأعجمية، وتفاصحوا في غير اللغة العربية، فجمعت هذا الكتاب في زمن أهله بغير لغته يفخرون، وصنـَعْتـُه كما صنع نوح الفلك وقومه منه يسخرون”).

ثم إن مما يزيد كمد القلب ونكد الفؤاد أن ضرائرها لا يرقون إلى أدنى درجات العربية جمالاً وكمالاً؛ إن العربي حينما يعبر عن العدد “97” سبعة وتسعين؛ لا يحتاج سوى كلمتين راقيتين؛ في حين نجد لغة الفرانكفونيين تقول عن الرقم نفسه: (أربع عشرينات وعشرة وسبعة)=(كاترو فان ديس سات) كما أنهم يقلبون فطرتنا وقد نشأنا نعرف تأنيث الشمس وتذكير القمر؛ فإذا بالفرانكفونيين يقولون (لوسولاي) (لالين)…

أم أننا سنقاومها بدوارج تفنى وتبيد…

أم بلهجات لا تتعدى مصلحتها تخاطب أهلها؟؟؟

د. عادل رفوش: الذين يستهدفون لغتنا ويعرقلون أصالتها في اللسان والوجدان إنما يستهدفون ديننا

– إن المغرب الذي يتحدث اليوم خوفا عن لغة وحدته ولسان دينه كانت حواضره عبر التاريخ مدارس لتقنين العربية وملاذا لأعلامها كالجزولي والسهيلي وابن مضاء وابن آجروم وغيرهم، بل إن الإمام أبا علي الشلوبين الأندلسي شيخ ابن مالك رجع من مدخل مراكش عند مسجد سرق في سُور باب دكالة لما باغته العامة بأسئلة من دقائق علم العربية فقال كلمته المشهورة”هذا حال العربية عندهم ولم ندخل بعدُ قلب المدينة حيث كبار مساجدها وعلمائها؛ هذا بلدٌ لا مقامَ لنا فيه؛ ثم قفل راجعاً….).

– إن الذين يستهدفون لغتنا ويعرقلون أصالتها في اللسان والوجدان إنما يستهدفون ديننا، فكما استهدفوا “رمز النقلة” بالطعن في عدالة الصحابة وفي علم السلف الصالح؛ فهم كذلك يستهدفون “رمز الآلة” وهي وسيلة نقل الناقلين.. وكل ذلك خوضٌ للطعن في الدين وقطع وسائل الاقتناع به وحسن فهمه والطواعية في الفداء له… فهي حرب رموز لتحطيم الثوابت الدين والهوية…

– ولولا كمالها لما جعلت “لسان النبي الخاتم الذي بعث للناس كافة ورحمة للعالمين” فلزم “عالمية لسانه”؛ (نزل به الروح الأمين على قلبك لتكون من المنذرين بلسان عربي مبين)، (إنَّا جعلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون).

ولذلك فالفضل الأول والأخير في حفظ اللسان العربي هو لربنا إذ جعل القرآن عربيا وحديث رسوله عربيا؛ ولولا القرآن والحديث لما طلب الناس شعر الفرزدق وجرير فضلاً عن الأخطل والراعي… ولذا كانوا يجعلون تعلمها دينا ولذا كان أكابر أئمتها من العجم لأنهم كانوا يَرَوْن الفصحى من كمال تدينهم بالإسلام،، وكانوا يؤدبون على اللحن؛ بل قال بعضهم ناظماً:

أول واجب على من كلفا***أن يعرف اللَّهَ ويعرف “قفا”

فهي أهم المهمات بعد توحيد الله سبحانه.

وليت شعري أي توحيد وأي فقه وأي تفسير وقِس عليها لمن لم يتقن التفنن في علوم العربية…

– بل إنها لغة حضارة وعلوم وكل تراث المسلمين الذي كان سببا لنهضة الغرب كان باللسان العربي كما هو مشهور ومعلوم وإلى عهد قريب ما زال الناس يقرؤون الطب والهندسة والجبر والتشريح والفلك والأسطرلاب والكيمياء وغيرها بالعربية بار ينظمون فيها الألفيات كما في كتاب الفاسي “الأقنوم في مبادئ العلوم” ذكر نحواً من سبعين علماً نظماً…

– إن العربية ستبقى خالدةً لأن الله أكرمها بأن تكون لسان وحيه المحفوظ بحفظه؛ وسيسخر سبحانه من أمثال هذا “الائتلاف المبارك” ما يكون له الشرف أن يستعمل في رسمية لغة القرآن وحمايتها وتطويرها..

– و لو كانت هذه اللغة عاجزة لما انتشرت في الآفاق بدون سطوةٍ ولا سلاح فكم من لغة حكمت وما استحكمت كالرومانية والمغولية والتركية والألمانية ومع ذلك لم يستطيعوا مغالبة العربية في أن تبقى الأولى في الدول العربية ولغة التعبد عند مليار ونصف مسلم وتحتل المرتبة السادسة في الترجمة لنصوص الأمم المتحدة…

فما علينا سوى أن نكون بقدر الشرف الذي أنيط بِنَا لنكون ممن حافظ على هذه اللغة الكريمة وقاوم كل أساليب المكر بها…

د. عادل رفوش: الذين يستهدفون لغتنا ويعرقلون أصالتها في اللسان والوجدان إنما يستهدفون ديننا

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M