«دمشق».. إرهاصات التغيير الديموغرافي و«خطة الأسد البديلة»
التهجير الطائفي.. مظاهر ومآلات
هوية بريس – إحسان الفقيه (الأناضول)
الجمعة 11 شتنبر 2015
في ظل إخفاق طرفي النزاع السوريين في حسم المعركة، برز على الساحة وبقوة، حديث المراقبين عما أسموه “الخطة البديلة” التي تبناها مؤخراً نظام الأسد، تتضمن إقامة دولة علوية ساحلية تضم أكثر المناطق أهمية، يلجأ إليها حال عدم السيطرة الكاملة على سوريا، بحسب المراقبين.
وفي حديثه إلى الأناضول، قال الصحافي “عمر الشيخ إبراهيم” عضو المجلس الوطني السوري، “إن عملية التهجير الطائفي في دمشق عملية منظمة بدأت منذ ثلاث سنوات في حمص، امتدت لاحقا إلى المناطق الجنوبية (درعا وغيرها) ثم قفزت إلى المناطق الشمالية (أدلب وحلب والرقة وأريافها)”.
وعن مبادرة الانتخابات المبكرة، المطروحة من قبل المبعوث الأممي “ديمستورا”، وإلماح الأسد إلى الموافقة عليها، وعلاقة ذلك باللاجئين، كانت أبرز النقاط التي تناولها عمر الشيخ إبراهيم، حيث قال “الإحصائيات الرسمية تتحدث عن7 مليون لاجئ، وهم يشكلون قوة تصويتية تعادل مليون صوت ناخب، وهو ما يعني أن أية انتخابات قادمة مع التهجير المستمر للقوة التصويتية المعارضة للأسد ستكون لصالحه”.
بينما ذهب العقيد رياض الأسعد، مؤسس الجيش السوري الحر، إلى أن “توطين الشيعة في دمشق بدأ في ثمانينات القرن الماضي، وأنها لم تشهد وجودا شيعيا إلا من بعض المهاجرين العراقيين والعلويين”.
وأضاف الأسعد “قام الرئيس الإيراني في منتصف الثمانينيات بزيارة إلى دمشق، وتم التوقيع مع حافظ الأسد صفقة بيع لمنطقة السيدة زينب لصالح إيران، وانتقالها إلى إدارة طهران، وتم بناء فندق ومشفى باسم الخميني، وفتح أسواق تجارية، حتى أصبحت من أهم مناطق تجمع الشيعة الهاربين من جميع الدول، إضافة إلى بناء مستعمرات كاملة، لمن يخدم في دمشق من الطائفة العلوية من الجيش أو الشرطة”، حسب الأسعد.
من جانبه قال الكاتب الأكاديمي محمد الحضيف “يعتمد النظام، مستغلا سكوتا وتواطؤاً دوليا، آلية قتل السكان العرب السنة وتدمير مناطقهم باستخدام البراميل المتفجرة، لإرغامهم على النزوح منها”. مضيفاً “كما أنه يدفع باتجاه عملية تهجير جماعي للسوريين خارج بلادهم، لتحويلها إلى بلد أقليات، بدل أن تكون ذات أكثرية عربية سنية”.
وحول مدى إمكانية نجاح الأسد في عملية تهجير السنة وإحلال الشيعة، اعتبر الحضيف “مخططات النظام تبدو غير فعالة على المدى القصير في إحداث خلل سكاني”، معللاً ذلك بسببين “الأول أن السنة أكثرية غالبة، والثاني أن الشيعة الذين يراد توطينهم غرباء، عرقيا وثقافيا عن الديمغرافيا، ولن يذوبوا بسهولة في تكوين سوريا العرقي والديني”.
وحول دور الحسينيات في نشر التشيّع الذي يسهم في عملية التغيير الديموغرافي، تحدث رائد الحامد، الخبير السياسي في معهد كارنيغي للسلام الدولي قائلا “تلعب الحوزات الدور الأكبر في التغيير الديموغرافي، من خلال نشاطاتها في مجال شراء العقارات من السُنَّة تحت إغراء دفع مبالغ تفوق سعرها الطبيعي، وإحلال عائلات شيعية بدلا منها”.
ورأى الحامد أن الهدف من ذلك “فرض واقع جيوسياسي جديد لصالح التشيّع، على حساب الغالبية السُنيَّة، التي يهددها وقائع جديدة، تؤسس لها هجرة الشباب السوري بأعداد هائلة إلى أوروبا”.
ارتبط التأكيد على خطة الإحلال الطائفي بتوقف المفاوضات التي جرت بين حركة أحرار الشام (معارضة سورية) من جانب، ووفد إيراني من جانب آخر، وذلك بعد اشتراط الطرف الأخير “تفريغ مدينة الزبداني”، وهو ما أكدته الحركة في بيانها الصادر أواخر غشت المنصرم.
وبسؤاله عن آليات نظام الأسد في عملية التغيير الديموغرافي، ذكر عبد الرحمن السقاف، الباحث والكاتب المتخصص في الشأن الشيعي السياسي والعقدي، أن من أبرز الآليات “الحل العسكري الذي نراه الآن بضرب مناطق السنة بغية بث الرعب ونشر ثقافة انعدام الأمن في مناطق أهل السنة، الذي يؤدي تباعاً إلى تهجيرهم، ومن ثم إفراغ دمشق وضواحيها من أهل السنة”، على حد تعبيره.
ويتوافق ما ذهب إليه السقاف مع رؤية الائتلاف الوطني السوري المعارض، الذي أكد في البيان رقم 13 أواخر غشت الماضي، “استهداف النظام المفاجئ للعديد من أحياء دمشق خلال آب، يهدف إلى إحداث تغيير ديموغرافي عن طريق تهجير سكان دمشق”.
الرؤية نفسها تبناها الداعية الإسلامي المعروف عوض القرني، حيث قال “سيكون نجاحا مؤقتا ينتهي وينهار بسقوط النظام ونجاح الثورة بإذن الله، لأن دمشق جزء من سوريا، وهي قلبها النابض ولم تكن سوريا يوما شيعية طائفية”، وفقاً لتصريحه.
وأضاف القرني “أرياف دمشق وسائر سوريا تمثل محيطا اجتماعيا وثقافيا متجانسا وطاردا لهذا الوضع الغريب النشاز، وثورة سوريا ستنتصر بإذن الله وحينها سيرحل مع النظام كل آثاره البغيضة” بحسب تعبيره.