أبو حفص وشعار: «الوصية هي الحل».. وادعاء أن عدد آيات الوصية أكثر من عدد آيات المواريث!!
هوية بريس – عبد الله الشتوي
ختم الأستاذ رفيقي سلسلة آرائه في المواريث بابتداع ”سيناريو” خيالي عن الوصية في الإسلام ليسهل عليه انتقاده… “فبدأ بتصوير المشهد على أنه وردت في القرآن عشر آيات واضحة عن الوصية (ولم يذكرها) وكان الأمر على هذا كما يشتهي، فجأة يظهر مجموعة من الفقهاء بفقههم المتكلس ليسقطوا كل هذه الآيات الواضحة لمجرد أنهم سمعوا بخبر يرويه فلان عن فلان!!”.
بهذه النظرة العجلى والتوصيف الاختزالي قدم الوصية في الاسلام لمتابعيه…
والجواب من وجوه:
– الوصية مشروعة عند الفقهاء وهي في حدود الثلث إجماعا، وإن خالف بعضهم فيمن ليس له وارث، أما الوصية للورثة فغير جائزة بلا خلاف وتصح إن أجازها الورثة، وبالتالي لا معنى لاتهام الغير بأنه أسقط شريعة الوصية!!
– ليس في القرآن عشر آيات عن الوصية -والمصاحف بيننا-، كل ما في الأمر أن هناك مواضع في القرآن (أقل من عشر) ذكر فيها لفظ الوصية، ثم مع كثرة تكرار هذه الشبهة في كلام هؤلاء تحولت هذه المواضع العشر بفعل الطفرات إلى عشر آيات!!!
– المواضع التي جاء فيها ذكر الوصية هي : آيتان في البقرة وآية في المائدة وباقي المواضع تكررت في آيتي النساء، فأما آيتا النساء فهي نفسها آيات الفرائض فيسقط الاحتجاج بها أصلا لأنه ليس فيها إلا قسمة التركات بعد قضاء الديون وإنفاذ الوصايا، ولا خلاف في هذا! وأما آية المائدة فهي في الاشهاد على الوصية حال السفر لا فيمن تكون له الوصية، وأما الآية الثانية في البقرة فهي كذلك خارج موضوع الوصية فهي في المرأة المتوفى زوجها والتي كانت عدتها ابتداء سنة كاملة ولم يكن لها ميراث فجعل الله لها النفقة من تركة زوجها ما لم تخرج من بيتها، أما الآية الأولى في البقرة فهي الوحيدة التي فيها الوصية للوالدين والاقربين، وسيأتي بيان ما فيها…
وهنا يبدو أن أبا حفص أراد فقط استغلال ”سلطة الأعداد” لمزيد من التهويل والإثارة!!
– أسقط الأستاذ رفيقي حلقة كبيرة في الموضوع وهي عمل النبي صلى الله عليه وسلم في الفرائض ومن بعده أصحابه رضوان الله عليهم… ليجعل المسألة فقط بين آية قرآنية وفقهاء جامدين لا نعرف من أين وصلتهم هذه الآية ولا ذاك الحديث!!
– دعوى تقديم الفقهاء خبر الآحاد على الآية القرآنية غير صحيح، بل الذي نسخ أو قيد آية الوصية في البقرة عند الجمهور هي آيات الفرائض والتي ذكرت فيها الوصية أيضا.. قال ابن تيمية: (فلا يعرف في شيء من آيات القرآن أنه نسخه إلا قرآن، والوصية للوالدين والأقربين منسوخة بآية المواريث، كما اتفق على ذلك السلف)، ومن قال بأن حديث (لا وصية لوارث) نسخ آية البقرة إنما احتج بالسنة المستفيضة وليس بخبر الواحد فقط…
– أجمع الفقهاء على أن (لا وصية لوارث)، وإنما اختلفت عباراتهم في طريقة استدلالهم على الجمع بين آية البقرة وآيات الفرائض بين قائل بنسخ آية البقرة بآية النساء وجعلوا حديث (لا وصية لوارث) بيانا للنسخ وليس نسخا، وقائل بتقييدها أو قائل بعدم وجود التعارض أصلا وأجروا آية البقرة في الوالدين والاقربين عند اختلاف الدين أو في الاقرباء من غير الورثة…
– الإشكالات الاقتصادية والاجتماعية التي يطرحها الأستاذ رفيقي وهمية، إذ يمكن معالجتها بطرق أخرى غير الوصية كالهبة والصدقة وغير ذلك… أما المواريث والوصية فإنما تنفذ بعد الوفاة.
– الوصية في الانظمة الغربية التي يحاجج بها الأستاذ رفيقي لها مرجعية مختلفة… وهي مرجعية مادية تعتبر المال ملكا للإنسان يتصرف فيه كيف يشاء فيعطي من يشاء ويمنع من يشاء، خلافا للمرجعية الاسلامية التي ترى العبد مستخلفا في المال فشرعت له حق التصرف في حدود الثلث لغير الورثة، وعلى هذا فلا حرج في المنظومة الغربية أن يهلك الهالك الثري ويترك أبا وأما وأبناء وإخوة و… ثم يكتشف كل هؤلاء بعد وفاته أن لا نصيب لهم في التركة بعد أن أوصى بها لكلبه المدلل!!
اعلم أبا حص، أن عض أنفك أيسر لك وأسهل من أن تبدل أو تغير من شرع ربنا قيد أنملة فلا تتعب نفسك،وإذا أردت الشهرة فيكفيك رضع لبن الفيل لتدخل أوسع موسوعاتها بدل رضع أثداء العلمانية المتسخ بشبه تمسخ فطرتك، فتصبح هجينا لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء،وإن كنت تبحث عن متاع الدنيا وزينتها فخير لك ألا تأكل من شجرتها بدينك،فأن تحمل طبلا تطلب به دنياك خير لك من أن تطلبها بدينك.
فخير لك أن يقال رفيقي فناننا البارع في اللعب بالطلب،من أن يقال رفيقي متعالمنا المولع باللعب بدينه،ولا تكن قمشيشيا ينطبق عليه قول القائل:”أجرء من ذبابة”وذلك لأنها تحط على جفن الأسد وعلى أنف الملك،أما ما تفعله أنت وأمتالك من التطاول على أحكام الإسلام وقطعياته فستجدون إن شاء الله من العلماء من يذب كلما أحدكم آب.تيقول المثل المغربي”لي بغا يبان إيصلع”راسوا ماشي وجهوا.