الشيخ عمر القزابري يكتب: قَالَتْ.. (حِوَارٌ مَعَ النَّفْسْ)..!

04 يوليو 2019 23:41
الشيخ عمر القزابري يكتب: آهَاتٌ عَلَى أَجْنِحَةِ السَّواجِعْ...!

هوية بريس – الشيخ عمر القزابري

بسم الله الرحمان الرحيم.. والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين.. أحبابي الكرام:

قالتْ: مالي أراك نديمَ الشُّرود؟ قلت: أنا طوَّاف.. في البحر الغارقِ في الأسْدافْ.. روحي مِجداف.. قلبي مِجداف.. يقاوم جنون الرِّيح.. يأبى الانجِراف.. يحاول نحتَ طريقٍ يَبَسٍ تمرُّ منهُ الأعراف..

قالت: وماذا تقول عن الشهرة؟ قلت: وقفتْ تضحكُ باكيةً في الطُّرقات.. صارت نهبا لمن يقتات.. تبكي مجدا ضاعت منهُ الكلِمات.. ضاعت معانِيها.. فقدت مراسِيها.. استُبيحتْ مِن كل مبحوح الآهات.. يتحرك في اللاشيء.. بلا حركات.. يصرخ.. ويصيح.. ولكن بلا رنَّات.. إنما هو صدى صرخاتٍ خداعات.. قالت: أما تراهم عليها يتهافتون؟ قلت: إنما أرى وهما وأسمع صيحات.. ونعيقَ غِربانٍ على أطلال باكيات..

قالت: والذوق؟ قلت قد مات أو لعله في الاحتضار.. سُحِب منه وسادُ الروح فانكفأ على سرابِ الهَباء.. مَلَّ خِصامًا دبَّ به عُميان الرُّوح على الأطراف.. فتوارى الألَقْ.. وزالَ العَبَق.. وعاد النُّور بلا أفواف.. سئم الذوق من دجلِ الكاهن.. وكذبِ العرَّاف.. رَحَلْ.. وكيف يبقى ولم يَعُد له شِراعْ..؟ ولم يبق له شُعاعْ.. لقد أصبح حلما لاح لعينِ الساهر.. وتهادى في خيالٍ عابر.. يندب حظه وهو يُفْترس في أسواق الضِّباع.. وتُرمَى معانِيه في أودية الضَّياع.. قالت: ولماذا يسمون بالنجوم؟ قلت: وهمٌ يُرادْ.. وجَهلٌ يُستزاد.. لقد اختلط النَّجمُ بالفَحم.. فاشتبه الأمر فضاع التوصِيف.. كم أرثي لحال الذوق.. يتسلَّق فيه أعرج الفهم.. وأعوج المَلَكة.. والمتعارِج.. والمُتداع.. فُتونٌ لعبت بالعقول.. وصبت في شفتيها السُّعار.. ببريقِ مكذوبِ الشِّعار.. والعقلُ مُحتار.. قالت: والكلِمات؟ قلت: إنما هي لكَمات.. ماقيمة كلمةٍ لا توقد جِذوةً في الشعور.. ولا تمزِج نورا بنور.. أو تُحدِث متابا أو سَبْلةً للسُّتور.. الكلمةُ هي التي للصفاء فيها بساتين.. وللعطرِ جنة لا تزول.. تخطف القلب بالعبير.. ويبقى شذاها في كل قلب يجول.. لقد خُلِقَ الحرف للحياة.. فلا معنى لحرف مات قبل الميلاد.. أيها الساعون للشهرة على حساب الذوق الحزين.. لقد ركبتم مراكب الاسفاف.. وطُبِعتم بطابع الاستخفاف.. فلا مكان لكم إلا في عوالم البيع والشراء.. بيع القيم.. وشراء اللُّقَم.. والتاريخ ناطق صريح.. يوقظ النيام.. بعهده الوثيق.. قالت: وحال الأمة.؟قلت: أسأل الله كشف الغمة.. فالمصالحْ.. أطاحت بالمطامحْ.. والغدر استأسد مكشِّرا.. والصدق توارى مُدبِرا.. ولا تزال في الزوايا بقايا.. يحملون ناصع النوايا.. والألم يصارع الأمل.. والأيام بينهما دُوَلْ.. غير أنَّ العاقبة للحق.. والنصرَ للصدق.. قالت: والصداقة؟ قلت لها: اعذريني.. أعتذر عن الجواب.. قالت وقالت وقالت.. وقلت وقلت وقلت.. أحاسيس كامنة.. ومشاعر جاثمة.. أستخرجها الحِوار.. فخرجت في صورة جُؤار..

وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.. محبكم وحافظ عهدكم وودكم عمر بن أحمد القزابري

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M