المخالفات الأخلاقية في مقررات اللغة العربية في التعليم الثانوي التأهيلي

05 مارس 2016 15:36
المخالفات الأخلاقية في مقررات اللغة العربية في التعليم الثانوي التأهيلي

ذ. محمد هرماش

هوية بريس – السبت 05 مارس 2016

بعد صدور الأوامر الملكية بمراجعة مناهج التعليم في بلانا، نشطت المنابر الإعلامية والسياسية في مناقشة الأمر، رغبة في توجيهه الوجهة التي تخدم مصالحها.

ولعل المتابع يلحظ إجماعا على ضرورة هذه المراجعة. غير أن العلمانيين يسعون بذلك إلى الإجهاز على مابقي من مظاهرالهوية الإسلامية في هذه المناهج؛ تحت عنوان مكافحة الإرهاب. أما المخلصون لهذا البلد فيسعون إلى تثبيت هذه الهوية، وتطهيرالمناهج من موبقات العلمانية التي أعرض على القراء جانبا منها في هذا المقال:

جاء في رواية “الحي اللاتيني” (ص.20..22): تصوير خليع لجماعة من الشبان، سهروا ليلتهم بصحبة خليلاتهم، فباتوا على الخمر والفحش والزنا.. يقول الكاتب: (خمس فتيات لخمسة شبان. حسبتني بينهم كاليتيم وأحسستني دخيلا ثقيل الظل. وما الذي نلته بعد ذلك؟ أجساد. نهود. شفاه. رضاب. حبيبي. حبيبتي). كان هذا تعليقا ختاميا، أنهى به الكاتب وصفا تفصيليا فاضحا لوقائع هذه السهرة الماجنة، في أكثر من ثلاث صفحات ..

وفي ص.69: ( إن في عينيك وحدهما كل أخطار الدنيا!.. فضحكت، فزاد دنوها منه، أو كأنما هي ضحكت لتبرر دنوها. وشعر بصدره يخفق إذ أحس بشفتيها تلامسان خديه ملامسة رقيقة، وهما تهمسان: وشفتاي؟ .. فلم يجب لأن شفتيها كانتا للتقبيل، للارتشاف، لإسالة الرضاب في الفم. كانتا ليعانق الجسم الذي يحملهما، ليصهر في الذراعين، ليحرق في الصدر الأنفاس، ثم ليجرد من ثيابه قطعة قطعة، وليلقى على السرير، بل ليستلقي هو نفسه، نابضا، ناضرا، يضج بالنداء. وشفتاها تانك، كانتا بعد، لتخمدا اللهاث الراعش، في غمرة اللقاء الأعظم).

ونظير هذه المقاطع الخبيثة في هذه الرواية كثيرة لاتكاد تحصى، إذ لايجاوز القارئ لها صفحة أو ثنتين حتى يصدمه قول جنسي خفي أو صريح. فالرواية باختصار، أشبه ما تكون بفيلم إباحي مكتوب. بل إن في هذا الكتاب أقبح من هذا وأشنع كما سيأتي إن شاء الله.

وإذا أنهى التلميذ المغربي المسكين الدورة الأولى، وقد قذفت به هذه الرواية في مستنقع نتن من الشهوات، انتقل من حيث لا يريد إلى مستنقع آخر في الدورة الثانية مع مسرحية: “سهرة مع أبي خليل القباني” وهي حكاية غرامية، من الأباطيل المكذوبة على الخليفة الزاهد التقي هارون الرشيد رحمه الله. ويتخللها عرض لمحاولات القباني إنشاء أول مسرح في دمشق أواخر الحكم العثماني. وكان الكاتب يمجد أعماله الوضيعة وينبز جهود بعض المخلصين الذين وقفوا في وجهه. يحاولون منع المنكر من أن يعم البلاد والعباد نصيحة للمسلمين ..

إن أعمال القباني التي كانت وضيعة سافلة، لا لما كان فيها من تشويه للتاريخ، ورغبة في إسقاط الرموز فحسب، بل وأيضا لأن هذا المخذول كان شديد الحرص على أن تشيع الفاحشة بين المسلمين. جاء في المسرحية على لسان أحد معاونيه (ص.31) (آه.. تصور يا أبا خليل لو أن معنا صبايا حقيقيات، لهن نهود وأرداف، ويمثل كل جنس جنسه. لا تقل لي إن ذلك سيحدث في يوم من الأيام… فيجيبه القباني: سيتأخر.. ولكنه سيحدث).

هكذا كان المؤلف يجتهد أن يجعل قراءه -وهم في موضوعنا، تلاميذ مدارس المغرب المسلم- يألفون الرذيلة باسم التمثيل والفن.

كان ذلكم المؤلفان المقرران على تلاميذ الجذع المشترك الأدبي. ومثل هذا سنجده فيما قُرر على تلاميذ السنة الأولى باكلوريا.

ففي كتاب “الشعرية العربية”، وهو ذو طبيعة نقدية، زعم صاحبه: أنْ سيدرس الشعر العربي القديم، وهو الأمر الذي يلوح من العنوان، ولاشك أن ذلك بعيد عن المضامين غير الأخلاقية. على الأقل في ذهن القارئ الذي يعلم أن العرب كانوا يعُدّون الشعر ذريعة إلى مكارم الأخلاق. وكانوا يؤدبون به صبيانهم. غير أن العجب لاينتهي بنا عند حد، حينما نرى الكاتب إنما اتخذ الكلام على الشعر مقدمة إلى هدم الأخلاق العربية، والتروج لأفكاره المنكوسة، مدعيا أن من شعراء العرب القدامى من دعا إليها. مع أن أشعار القوم وأخبارهم شاهدة على أن مثل ذلك ولا قريبا منه لم يكن يومئذ ليخطر لآحادهم على بال. ولكن تلك عادة كتابنا “الحداثيين”: يغتصبون أقاويل السلف الماضين من سياقاتها، ثم يلوون أعناقها ليحملوا عليها آسن ما لُقّنوه من فضلات أفكار أساتذتهم الغربيين.

في هذا السياق يقول أدونيس متحدثا عن الشاعر أبي نواس: (…ويرفض التعليمية الدينية، وبخاصة في شكلها الأخلاقي. ويدعو إلى.. ممارسة المحرم أو الحرام… وفي هذا ما يفسر كونه لاينقل الفرح بممارسة الحلال المباح، بقدر ما ينقل على العكس الفرح بممارسة الحرام المحرم. فهو يرى أن خرق المحرم يولد فوضى الغبطة التي هي نوع من هدم النظام الثقافي الأخلاقي القائم…) (ص.66ـ67).

ويقول عنه أيضا: (يتخذ أبونواس من المجون قناعا يتخفي وراءه، ومن السكر الذي يحرر الجسد من رقابة المنطق والتقاليد، رمزا للتحرر الشامل.. والخمرة فيه ليست خمرة.. بل هي ما ترمز له… هكذا يطهر المجون ويحرر) (ص:67ـ68).

وبعد هذا يُنتقل بالتلميذ المسكين في الدورة الثانية إلى كتاب آخر، لا يقال عنه، إلا أنه تمثيل لما في الذي قبله -أعني: كتاب أدونيس- من انحرافات شنيعة في الأخلاق والعقائد إنه كتاب “أديب” لطه حسين.

يحكي فيه قصة صاحب له كان حريصا مثله ( أن يهجر مصر ويعبر البحر إلى بلد من هذه البلاد التي يطلب فيها العلم الواسع والأدب الراقي [زعم] وتتغير فيها الحياة على جميع الوجوه) (ص.32) وترك في سبيل ذلك وظيفته، وطلق زوجته، وهجر أبويه الشيخين العجوزين .. فلما عبر إلى فرنسا لم ينشغل بالعلم الواسع والأدب الراقي، وإنما انشغل بالخمر والنساء.

يقول عن نفسه (ص.138): (ثم تمضي أسابيع، وإذا أنا قد صرفت عن العلم ودفعت إلى اللذة، وأفلت من السوربون ولزمت ذراعي إلين. ويزورني الأستاذ للدرس مع الظهر فيجدني مغرقا في النوم. لأني أفنيت الليل ووجه النهار في اللهو والعبث والمجون فيستيئس إذا تكررت زيارته في غير جدوى)، ثم يتقدم إلى الامتحان فيخفق فيه ويظفر بالصفر “المريح”.

ويعلل سبب ذلك مسرورا به فيقول (ص.141): (ولكن أدركتني نوبة المرض أو نوبة اللهو -إن أردت الدقة في التعبير- قبل موعد الامتحان بأسبوعين، فقضيت هذين الأسبوعين مع إلين، نهيم في الغابات إذا كان النهار. ونطوف على الحانات إذا كان الليل، ولا نلم بالبيت إلا مطلع الفجر. كانت إلين تذكرني بموعد الامتحان، وتحذرني عاقبة هذا الجنون، وتصور لي جمال الفوز، وتمنيني تلك الأيام الجميلة التي سننفقها بعيدا عن باريس إذا كان الصيف. ولكني كنت أعرض عنها أشد الإعراض، وأزجرها أشد الزجر..) رجل هذه حاله، لايصلح أن يوصف إلا بالعته والسفه. ثم نجد الكاتب يصفه بأوصاف العظماء وكأني به ينصبه قدوة للقارئيين.

يقول في آخر الكتاب، واصفا بعض أوراق تركها صاحبه هذا (ص.152): (نظرت في هذه الأوراق فإذا أدب رائع حزين صريح، لاعهد للغتنا بمثله، فيما يكتب أدباؤها المحدثون).

ومثل هذه القبائح لاتخلو منها رواية “اللص والكلاب”. وحسبك أن تعرف أنها قصة لص يعشق بغيا. وحين يطارده رجال الشرطة يختفي في بيتها الذي تعيش فيه وحيدة.. لتعلم ما سيحكيه الكاتب -المهووس بأخبار الفسق والخلاعة في رواياته- مما يكون بين هذين الساقطين، حين تعود هي من الليل، وما تخبره مما يكون منها في الحانات والمراقص.

وبعد فهذا قسم من مقال طويل في الموضوع. بينت فيه جانبا من موبقات “الحداثيين” ذكرت فيه المخالفات العقدية، والهدف من إصرارهم عليها. ودللت على ذلك ببعض التوجيهات الرسمية. لعلها تنشر في الأعداد القادمة إن شاء الله.

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M