تندوف.. كيف جعلتها فرنسا نقطة ملتبسة؟ (5/2)

08 فبراير 2023 22:40

هوية بريس – ذ.إدريس كرم

1- بداية صنع أسس الإلتباس

ملخص:

بدأت حكومة الجزائر الفرنسية، الاهتمام بالصحراء عموما وتندوف خصوصا بعدما تبين لها أن معاهدة الحماية لم تتح امتداد سيطرتها على مجال الحكومة الشريفة خاصة بعد تحول ولاء الجنرال ليوطي للمخزن بالرغم من أنه هو الذي انتزع منه منطقة الصحراء الشرقية وضمها للجزائر عندما كان مسؤولا عن جنوب وهران، مقيما في العين الصفرا.

لقد عمل خلفه على العين الصفرا، الجنرال (ليفي) الذي كان من الذين صاغوا وثيقة الحماية، على محاولة حرمان المغرب من امتداده الصحراوي، عبرشكل من التعاون بين قوات الحماية المغربية، وقوات المستعمرة الجزائرية، على أن يكون لهذه الأخيرة القيادة، بيد أن ذلك لم يتحقق، فما كان لها إلا أن تحركت قوات شركاتها الصحراوية، نحو تندوف لتحتلها.

كلمات دالة:

القوارض السرية، ليوطي محامي المخزن، عقلية صغار المعمرين، الجنرال كاترو، ميدلت، درعة، النجير، شركة الصحراء بالصويرة، بودنيب، اعْرِيب، آيت علوان، تاجاكانت، الركيبات.

النص:

أسوأ خطإ في السياسة الاستعمارية هو قصر المبادرات على الحدود؛ لم يكن ليوطي؛ نصير الطريقة الأكثر أناقة لحماية الممتلكات الفرنسية، استثناء من القاعدة.

كان هو الذي تولى باسم الجزائر احتلال موقع بشار، في أكتوبر عام 1903، ومن 1903 إلى 1910 عمل من عين الصفرة ووهران، على حل جميع مشاكل الحدود الخاصة مع المغرب، لصالح حكومة الجزائر، حيث دشن مع (بريو) عمل “القوارض السرية” التي تتطور “بسرعة وبدون ضوضاء“.

“مرجع:CH.A.Julien,LE MARoc face aux imperialisme1415-1956 ,ed.Jeun Afrique 1978,p.50,51 et note 55”

المحيط يعيد تشكيل الحيوان؟!

توقعت الجزائر من ليوطي عندما يصبح مقيما عاما بالمغرب، تعاونا من شأنه أن يسهل، حل الملكية المشتركة بين البلدين، وعندما تم تعيينه بالفعل، في مهامه الجديدة، تحول ليوطي مباشرة، محاميا للمخزن، وصار بالنسبة للجزائر جارا غير مريح.

في سنة 1912 وقت إنشاء الحماية، فقط، جزء صغير من الحدود، تمَّ الحسم فيه، وقد أعلن ليوطي سريعا، بأنه يجب على أية بعثة، احترام سلامة الإمبراطورية الشريفة،

ولم يوافق على التخلي عن أي منطقة من المناطق الحدودية، حتى لو كانت تلك المناطق، في وضع يسمح لها بالإنشقاق عن المخزن، كانت لذيه القدرة على معرفة عقلية “صغارالمعمرين” الجزائريين، و”تهدئتهم” بذكاء، وقد لخص الجنرال “كاترو” إحساس ليوطي:

بالنسبة له، كانت الجزائر شريرة، والمغرب طيبا، بل كان خيِّرا، يجب توسيعه“.

مرجع:”G.Ctroux,Lyautey le Marocain,paris,hachette,1952,p.97

الجنرال “ليفي” الكمندار العسكري للحدود الجزائرية المقيم بالعين الصفرة، الذي خلف الجنرال ليوطي بعدمغادرتها، لشغل منصب المقيم العام للحماية بالمغرب، اعتبر سنة 1913 ليوطي كـ”أكبر خامس منشق بالمغرب” ورآى فيه بدون شك، قارضا غير مأمون،

كانا مغمورين في نفور وكره، متبادل من الجانبين. بالنسبة للجنرال “ليفي” كانت الصحراء من حق الجزائر بموجب المادة الأولى، من اتفاقية 20 أبريل 1902, {الذي تنص على أن:

الحكومة الفرنسية، تنصب مسؤوليها، وتنشر الأمن في نواحي الصحراء، والحكومة المغربية، ستساعدها بكل سلطتها“}.

ونسبة الصحراء للجزائر تمَّ “تحت ضغط من رأي أعلى السلطات“.

بعد مشاركة الجنرال ليفي في تحرير معاهدة الحماية، كان لا ينتظر استبعاد المملكة الشريفة عن الجزائر “مجاورة، تعاون، لغاية المحيط الأطلسي” لذلك اقترح إسناد الصحراء الكبرى لغاية حدود افريقيا الغربية الفرنسية (A.O.F ) للجزائر.

مرجع (بروطوكول 20/7/1901) (تذكروا أن السلطان رفض التوقيع على هذا البروطوكول)

“دون المساس بالتنظيم المستقبلي للحدود الجنوبية المغربية، الممتدة، من الأطلسي لتافلالت، في انتظار [من غير استثناء] الساعة البعيدة، التي ستكون فيها القوات السنغالية، والقوات الشريفة، قادرة على التقاطع في قلب الساحل.

مرجع:

A.N.A.O.M.30H 70:Gt.G.A.,T.D.S., أرض عين الصفرة، تقرير حول بعض المراقبة أو الإعتداءات الحدودية، بين الجزائر والمغرب الشرقي، للجنرال (ليفي) بتاريخ 14 نونبر 1913″.

الشكايات لم تفتأ أن بدأت، لكن كنت هناك نية مبيِّتة من قبل الضباط الجزائريين، في سلوك نهج حوار الصم، أثناء معالجة مسألتي “الصحراء الغربية” و”والمغرب الشرقي” مع الضباط المغاربة.

لاحظت الجزائر من بني عباس، أن الوضع في اتجاه الصحراء الغربية، بدون اتصالات كثيرة، والمعلومات عن السكان فيه غير دقيقة للغاية.

في عام 1919 أمكننا التمييز على الجانب الجزائري، أن قبائل وادي درعة، منخرطة في الساسة المغربية العامة والواتي من الساقية الحمراء “صحراويتهم أكثر دقة وتحديدا“.

كنا قلقين خاصة من أهمية وإشكالية مجموع الرقيبات، المسؤولة عن العديد من الهجمات، على سكان السودان، وموريطانيا، بالنسبة للقبطان (أوجيراس) إخضاعهم النهائي، كان لا بد أن يتم عبر دخول عدد من المهاريس لتندوف، لكنه تبين له أن ذلك الدخول سابق لأوانها، وصعب.

مرجع: “A.N.A.O.M.30H 71:G.G.A.,T.D.S., أرض عين الصفرا، دائرة كولومب، ملحقة بني عباس، تقرير حول الوضعية السياسية على الحدود الصحراوية المغربية، سري من قبل القبطان (أوجيراس) رئيس ملحقة بني عباس بتاريخ 11/12/1919 لقائد دائرة كولومب”.

إلا أن رؤساءه لم يشاركوه تحليله، لأن مسألة الرقيبات شأن داخلي لـA.O.F. وقبيلة تاجاكانت، المشتة بين درعة والنيجر، لم تكن بأي حال من الأحوال، تابعة للجزائر.

ظلت الاتصالات جارية للحصول على المعلومات واستطلاعات الطرق، والبحث عن الأدلاء، بيد أنه لغاية 1920 بالنسبة لهيأة الأركان العامة “لم يكن هناك أي اهتمام من أي نوع باحتلال تندوف، كانت واحة مدمرة، ضائعة وسط أفضع الصحارى” لم يكن أحد يزورها إلامن أجل المراقبة.

{مرجع:A.N.A.OM.30 H 71 القوات الفرنسية لــA.F.N, قيادة الأركان، المكتب الثاني، مراسلة بتاريخ 1920/3/6 لقائد القطاع (بونيفال)}.

في 1920 بعد انقطاع دام أربع سنوات، بسبب الحرب العالمية الأولى، عادت شركة الصحراء بالصويرة، بسياسة أكثر نشاطا.

فقرر قائد إقليم عين الصفرة، بروح من التعاون الوثيق، لقاء قائد إقليم بودنيب (المغرب) في كلمبشار، للإتفاق على دور المجموعات الجزائرية المتنقلة بالداورة، فالتفقوا على “أنه يمكنهم إعداد اتصال للتهدئة بشكل صارم، مع المجموعات الكبرى للرحل في الجنوب الغربي، اعريب (الذي كان قد أعطي لهم الأمان ) آيت علوان، تاجاكانت، والركيبات”.

مرجع: {A.N.O.M.30 H 71:G.G.A.,T.D.s أرض عين الصفرا. A.I مراسلة بتاريخ 1920/2/13 حول الوضعية السياسية للتخوم الصحراوية المغربية، من قبل الكلونيل (دلكارديط..)}.

كانت الفكرة آنذاك على المستوى المحلي، هو توحيد قوات بودنيب والساورة، لتشكيل حركة كماشة حقيقية؛

هذه المبادرة التصالحية، القادمة من قاعدة ليوطي شجعت على اقتراح صيغة، تسمح للحكام الثلاث لشمال إفريقيا، بالإلتقاء، لدراسة تعزيز الروابط بين البلدان الثلاثة بشكل دقيق.

بسبب عدم القدرة على حل المشاكل المشتركة في باريس، أصبح من اللازم عقد مؤتمرات على المستوى الأقليمي لشمال افريقيا؛ المغرب والجزائر، لم يكونا يشعران بالغربة تجاه بعضهما بعضا، بخلاف منظمة A.O.F والهند الصينية التان كانتا تتلقيان توجيهاتهما من نفس الوزارة، فكان علينا الرد قبل فوات الوقت.

المؤتمر الأول لشمال إفريقيا المنعقد بـ(الجزائر في 1923/2/7) أسفر عن مميزات جديدة، كان الجميع هناك منغمسا في التصرفات الجيدة حتى لا يخيب ظنهم -حيث كانت باريس مترددة في عقده-

كان المبدأ الأول الذي تم وضعه في المؤتمر، هو مبدأ التفاؤل الذي لا يمكن تجاوزه وهو: “إلغاء وضع أي حاجز يفصل بين مقاطعات التخوم الجزائرية والمغرب” علق (اتيودور استيك الحاكم العام للجزائر، وليوطي آمالهما على “الاتفاق الشخصي والمباشر” أما بالنسبة لبوليس الصحراء الغربية، وهي مهمة رئيسية للسنوات المقبلة، فقد كان موضوع توافق، تُرِك للتشكل لاحقا.

الصحراء الغربية، كمنطقة شاسعة، تشكل منطقة خلفية للجزائر، والمغرب، ولإفريقيا الغربية الفرنسية، توزيعها بين المستعمرات الثلاثة غير موجود، وحتى الآن لا يمكن الوصول إليه إلا من خلال الجزائر.

مرجع: “A.N?A.O.M. 8 H 59 : مؤتمر G.G.A.

والمقيمان العامان لتونس والمغرب P.V. محضر الأربعاء 1923/2/7.الجزائر ص.2”.

وأشار (تيودور استيك) أن منع الغزاة هي من المهام الموكولة للجزائر، لكن المرشال ليوطي تأسف لعدم تمكنه من مساعدته، ولوعن طريق الساهة المالية التي طلبتها الجزائر من المغرب.

لقد أدى هذا المؤتمر الأول مع ذلك، إلى اتفاق عام يتعلق بالحدود الجزائرية المغربية، (1923/2/9) ومن المفترض أن تخصص نفس الطريقة، لتسوية المسائل التي تهم كلا من المستعمرة المحمية!!

مرجع:(A.N.A.O.M.30 H 15:اتفاق 1923/2/9 متعلق بالتخوم الجزائرية المغربية موقع من G.G.A تيودور اسيك وR.G. Du Maroc لم يأخذ المرشال ليوطي تعليمات التعاون، التي أصدرها المؤتمر، للقادة العسكريين للأراضي الجزائرية، والمغربية، بعين الإعتبار، منذ فترة طويلة).

في (1923/4/25) التقى كل من القائد العام لإقليم عين الصفراء، والكلونيل (دي جيني) كمندار الأراضي المغربية بميدلت، من أجل تدقيق قواعد العملية المشتركة في الصحراء الغربية.

تم التوقيع على الإتفاق في ميدلت، بالأراضي المغربية وحدد الشروط التي بموجبها يمكن للمهاريس الجزائريين، التعاون مع بوليس الصحراء الغربية في:

النقطة الأولى: توجب عليهم الاحترام السلمي الصارم للجموع الكبيرة للرحل.

النقطة الثانية: في انتظار أن تصبح قوات أراضي ميدلت قادرة على التحرك، يبقى بوليس الحدود الجنوبية الغربيةللصحراء مؤمن من المجموعة المتحركة الجزائرية، حماية لها من أي عمل غير مناسب.

تم تحديد منطقة مضبوطة للعمل السياسي، وبوليس الشركات الصحراوية الجزائرية، التواجدة في اتجاه الغرب، لغاية خط تندوف، تينجوب، أوديكا، سوتبـي، وبيردا.

باتفاق مع مسؤولي الحماية، تندوف دخلت لأول مرة رسميا تحت منطقة نفوذ، الشركة الصحراوية الجزائرية بالصاورة.

المغرب بالتأكيد أنقد ظهره، واحتفظ بتحركه للمستقبل لكنه لم يكن مخولا على الأقل بوضوح، لدور سياسي وبوليسي أكثر من الجزائر في تندوف. مرجع :A.N.O.M.30 H.15 إتفاق حول بوليس الصحراء الغربية، وقع في مدلت يوم 1923/5/25 بين الكولونيل (دوغيني) كومندار أراضي ميدلت والجنرال (دولكارديت) كومندار أراضي عين الصفرة”.

يمكن القول بأن هذه الإتفاقية أعطت “الكعك الكبير” للحكومة الجزائرية، على عكس (تيودور استيك) الذي لم يحدد بالضبط شكل “الحدود” بهذه الدقة، ولم يكن يأمل، لأسباب عسكرية، فيما إذا كان من الواجب أن يكون هذا الخط متجاوزا، كان من المحتمل أن يفهم على أنه ترخيص، حصلت عليه السلطات الجزائرية، فيما يتعلق باتفاق ميدلت، نظرا لأن تعيين الحدود التعاهدي نفسه، كان مزعجا.

مرجع:.{(A.N.A.O.M. 30 H 15:مراسلة من.G.G.A (تيودور استيك) إلى R.G. du maroc بتاريخ 1923/6/28 في موضوع اتفاق ميدلت، الموقع في 1923/4/25}.

ومع ذلك فإن أحد المخاوف الرئيسية للمحمية، إن لم يكن أكثرها انتشارا في كل مكان، كمن في الخوف من رؤية المهاريس (الجمالين) يتدخلون في ناحية درعة، بالنسبة للرباط، كان الخط الذي يمر عبر تندوف، هو الضمانة.

بعد بضع سنوات، بدأ في تنشيط غزو الصحراء الغربية،

تقدير اتفاق ميدلت كشف مواقف متعارضة تماما.

لم تعد الرباط تعتبر تلك الإتفاقية اتفاقية محلية محاطة بتحفظات، وبدون أهمية قانونية، عندما اكتشفت الجزائر أن نصها غير عادل، لأنه تجاهل لحد كبير، النظر لحقيقة تواصل خروج، السمة الجزائرية عن تندوف.

أتاح مؤتمر شمال إفريقيا الثاني (الرباط 7-1924/9) فرصة لتقييم مبدئي لإلغاء الحواجز المُحكمة الإغلاق من أجل المصلحة المشتركة لفرنسا، وبالرغم من ذلك فقد تم الإحاطة علما باتفاق ميدلت للإشارة لـ”أفضل النتائج للعمل الصحراوي المنسق، الذي تم تنفيذه دون الإهتمام بالحدود الإقليمية“.

بالإنتقال مرة أخرى إلى دراسة مسألة ترسيم حدود الصحراء الغربية، بين الجزائر والمغرب وA.O.F اختار المرشال (ليوطي) والحاكم (استيغ) مرة أخرى، تفضيل تكرار اختيار “توزيعها بين الحماية والمستعمرات، الغير متحقق“.

مرة أخرى أوضح محضر المؤتمر بأن “الجزائر لا تجد صعوبة في الإعتراف بأن للمغرب، امتدادا صحراويا، وكل أعمال إدارته لحد اليوم، تؤكد هذا الفهم“.

مرجع: {A.N.A.O.M. 8 H 59:P.v. تحليل مؤتمر شمال إفريقيا؛ الرباط، جلسة 1924/4/7

رسالة رسمية: التعاون مستمر، وسيمتد ليشمل حكم موريطانيا في نفس النقطة بـ”اتخاذ لغة المرشال ليوطي عينها”}.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــتابع (ج3)

شرح الرموز المذكورة في النص:

Gt.G.Aالحكومة العامة للجزائر

A.N.A.O.Mالأرشيف الوطني، أرشيف ما وراء البحار، (إكس-أن-بروفانس)

T.D.S.مديرية أراضي الجنوب

A.F.N إفريقيا الفرنسية بالشمال

R.G.الإقامة العامة

P.V.محضر اجتماع.

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M