«حجاب البحر» يرفضه حماة «البكيني»!!

10 أغسطس 2016 16:30
«حجاب البحر» يرفضه حماة «البكيني»!!

هوية بريس – نبيل غزال

ثلاثة أحداث عرفتها الأيام الخمس الأخيرة أعادت النقاش مجددا بين دعاة الستر ودعاة العري، وبين دعاة الحياء والعفة ودعاة الخلاعة والتهتك.

الحدث الأول:

هو ما أثارت تغطية لوحة لنساء عاريات بمتحف محمد السادس للفن الحديث والمعاصر بالرباط، بوشاح ملوَّن، حيث أقدمت مجموعة من المنابر الإعلامية على استنكار هذا السلوك، واعتبرت منع الزائرين للمعرض من متابعة هذا “العمل الفني” بذريعة أن الصورة غير محتشمة، وغير معروضة للمسلمين وإنما للأجانب فقط، شكلا من أشكال الرقابة والتحكم، وسلوك لا يمكن القبول به.

الحدث الثاني:

هو الصورة التي جمعت بين الحجاب والبيكيني في مباراة للكرة الشاطئية بأولمبياد ريو دي جانيرو جمعت المنتخبين المصري والألماني، وهي الصورة التي أثارت لغطا وردود أفعال مختلفة ومتباينة، بين دعاة العري ودعاة العفة.

وإذا كانت صحيفة آس الإسبانية قد علقت على الصورة بقولها: “الأولمبياد تمنحنا صورا كهذه، ثقافتان مختلفتان تستمتعان بنفس الرياضة”، فإن منابر إعلامية عربية اعتبرت لباس اللاعبتين المصريتين لا يحترم أصول وتقاليد اللعبة التي تقضي، ومنذ بدايتها، بضرورة ارتداء البكيني، وأنه بسبب هذا اللباس وجد المعارض ضالته المنشودة في انتقاد كل ما هو عربي أو مسلم!!!

الحدث الثالث:

مثله البرنامج الجديد “ملفات الشاشة” الذي تعرضه قناة ميدي 1 تيفي، والذي خصصت حلقته الأولى لعنوان: “هل أصبح لباس السباحة مدعاة للتعرض للإزعاج؟”.

حيث اعتبر البرنامج سباحة المرأة المغربية بالثوب الطويل أو بلباس محتشم سلوكا يمس القيم المغربية، وبالغ وبشكل فج وادعى أن المغاربة لم يكونوا يعرفون السباحة باللباس الطويل كما هو عليه الحال الآن في بعض الشواطئ!

وأكثر من ذلك اعتبر البرنامج سباحة المرأة بثوب ساتر تهديدا للحرية الفردية وتضييقا خطيرا على الحق في الاستجمام، وتساءلت معدة البرنامج: هل أصبح لباس السباحة مدعاة للتعرض للإزعاج؟ وإلى أي حد تهدد المخالفات السلوكية الحريات وقيم التسامح المتجذرة في الثقافة المغربية؟ هل تمتد هذه المضايقات لتطال السياح، وما مدى تأثيرها على صورة المغرب الحداثي المنفتح، وجهود تسويقه كوجهة سياحية مميزة؟ اهـ.

وللتسويق لهذه النظرة العلمانية المتطرفة استضاف البرنامج المذكور مجموعة من الوجوه من بينها صلاح الوديع رئيس “حركة ضمير” والذي أعلن وبكل وضوح أنه “لا يمكننا أن نصل إلى هذا العقم ونرجع في لباسنا وتصرفاتنا وحياتنا وغير ذلك ونخضعها لنماذج سابقة في سياقات اجتماعية وتاريخية ليست لنا”، في إشارة واضحة إلى التأطير الإسلامي الشرعي للباس المرأة سواء تعلق الأمر بلباس السباحة أو غيره.

في الختام

الأحداث الثلاثة تحيلنا مباشرة إلى الحديث عن اللباس والستر بين مرجعيتين:

مرجعية علمانية تسوق لها المنابر التي دافعت عن (بيكيني ريو دي جانيرو) و(مايو شواطئ البحر) و(صورة متحف الرباط)، وهي مرجعية لا تطالب بحق التعري فقط، بل تصر على إقصاء كل من يخالف ذلك، وتعرب -أكثر من أي وقت مضى- أنها لا تطيق التعايش مع مرتديات الحجاب في البحر وغيره.

وهي مرجعية تبعد الدين عن التدخل في اللباس وغيره وتعتبر ذلك تخلفا ونكوصا ورجوعا إلى الوراء، كما أنها لا تعترف إطلاقا أن الأصل في الإنسان هو اللباس الساتر، وأن آدم وحواء عليهما السلام لما خلقهما الله تعالى في الجنة أنعَمَ عليهما بلباس، وبعد وقوعهما في المعصية بَدَت لهما سوءاتهما ففزعا إلى الستر الذي هو الأصل، كما أخبر بذلك كتاب الله تعالى: “فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ”.

فالمرجعية العلمانية لا تقبل بذلك لأنها تنطلق من العقيدة الداروينية التي تقول أن الإنسان أصله العري من أجل ذلك وجب عليه التصالح مع جسده.

أما المرجعية الإسلامية والتي أغضب المنابر المذكورة عودة المغاربة إلى بعض أحكامها، فهي واضحة في هذا الباب وتراعي بدرجة دقيقة غرائز الجنسين، وتضبط المجتمع من الانحراف والوقوع في المحظور بوضع شروط دقيقة للباس.

من أجل ذلك نهت الشريعة عن كشف العورات وإظهار المفاتن وإبداء الزينة، قال تعالى: {يَا بَنِي آدَمَ لاَ يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُم مِّنَ الْجَنَّةِ يَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْءَاتِهِمَا}، ولما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم المسور بن مخرمة وهو رجل قد انكشفت عورته قال له: “ارجع إلى ثوبك فخذه، ولا تمشوا عراة” البخاري ومسلم، ولم يخل كتاب فقه في المذاهب الإسلامية كلها من كتاب اللباس.

فاللباس وأنواعه وأشكاله هوية وانتماء؛ من أجل ذلك قال برنارد لويس: اللباس يعبر “عن الهوية والانتماء، فكأن الناس حين يغيرون ملابسهم ويرتدون ملابس مجتمع آخر يكونون قد اتخذوا خيارا ثقافيا معينا، وكان قبول اللباس ومقاومته يستندان إلى هذه الدلالة” اهـ.

فمن يروج للبس البكيني والمايو في الشواطئ هم أناس اختاروا فعلا أن ينفصلوا عن ثقافتهم ليلتحقوا بثقافة مجتمع آخر يملك من المقومات والوسائل ما يسوق به ثقافته ويكره الآخرين على القبول بها.

[email protected]

آخر اﻷخبار
6 تعليقات
  1. الحمد لله والصلاه والسلام على رسول الله اما بعد فهؤلاء يريدون أن ينسلخوا عن هويتهم كما ينسلخ الثعبان من كسوته

  2. إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ۚ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ.

  3. بل اختاروا أن ينفصلوا عن ثقافتهم الإسلامية ، لأن اللباس الشرعي هو فرض لازم وجزء من الدين ، وهؤلاء الذين يسعون إلى تعرية المرأة بدعوى أن اللباس الشرعي تخلف ورجعية إنما يخافون على خططهم النجسة واتفاقياتهم مع الشيطان ، ثم كيف يطالبون بالحريات وبأن المرأة لها أن تلبس ما تريد إذا تعرت ولايحق لها أن تلبس ما تريد إذا أرادت أن تحتشم ، يقولون أن الحجاب من عادات العرب في الجاهلية والعري من عادات من؟؟ ثم ماالذي يضركم ؟ ماخطبكم ياعلمانيون ؟ هل هو الفراغ الذي تعانون منه ؟ أم هو من قبيل خالف تعرف؟ إن خدعكم مكشوفة لا تنطلي إلا على متخلفي الفكر والنظر ، ثم متى كان التقدم والحضارة متعلقين بلباس الإنسان؟! إن الحضارة والتقدم والتطور كان نتيجة أبحاث توصل إليها الإنسان بعقله وإعمال فكره، ولم تكن بثوبه ومظهره. فاتركوا عنكم المرأة والتفتوا لجروحكم ضمدودها أزيلوا عنها القيح والدم الفاسد فالنغف قد سرى فيها ؟؟؟

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M