حرية الجسد!!

12 مارس 2018 23:41
بعد تكرار التبرؤ من ندوته.. عيوش يريد أن يسبّ من يعرقل له تنظيم ندوة "حرية الردة والزنا والشذوذ والمساوة في الإرث"

هوية بريس – محمد أوراغ

حينما تتجرأ سفالة الفكر في الهجوم على قيم المجتمع وأخلاقه التي هي الحصن المنيع من الانهيار والاندثار، فآعلم أن المسألة أكبر من شذوذ فكر ينطق فحشا ويدعو للفجور، إننا أمام مخطط رهيب ليس وليد اللحظة، يهدف إلى تخريب  ما بقي من روابط المجتمع، مخطط يبث سمومه في ميادين مختلفة حتى يتم سلخ المجتمع عن كل قيمه وأخلاقه الراقية.

فإنما الأمم الأخلاق ما بقيت …….فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا

هل يصح في الأذهان شيء حينما تكون الدعوة إلى العهر وتسيير سبل الزنا واللواط وقبول نتائجهما من صميم الحرية التي يجب أن يفسح لها المجال على أوسع نطاق وتصير أعز ما يطلب ؟

ما علاقة الحرية بفكر شاذ يحلم بتحويل المجتمع إلى ماخور؟ وباسم حرية الجسد “المقدس” تكون المطالبة بحرق كل الكتب المقدسة وتغيير الدساتير ونسخ القوانين،و يرافق كل هذا  مطالبة بتعليم يلقن الأطفال لغة الجنس وتوابعه ليحصل الانفتاح على الرذيلة منذ الصغر . دعوة للفجور يصاحبها افتراء على التاريخ وتزوير للحقائق، حينما يزعم أن هذا سبيل الرقي والخلاص من التخلف، وأن ما وصلت إليه الحضارة الغربية من تقدم هائل في علوم شتى أساسه الانسلاخ عن مناهج الفطرة السليمة، ومقتضيات الأدب والأخلاق.

إن أساس النهوض شيء، ومظاهر التفسخ والانحلال شيء آخر.

إذا أصيب القوم في أخلاقهم …. فأقم عليهم مأتما وعويلا

التمرد على التعاليم الإلهية والشرائع السماوية، والثورة على الأخلاق والقيم يتم باسم الاجتهاد وكأن هذا الباب يلجه كل نكرة همه إشباع غرائزه وشهواته.

إنها من الطوام الكبرى في أجواء انسداد الأفق تحت ظل نظام مخزني استبدادي، أن يكون انشغال هذا المجتهد منحصرا في الجنس وممارسته، ولا خبر له عن فقه السياسة والحكم،واسترجاع الشعب لسيادته المسلوبة.

في انتخابات 2007 أسس السيد ”نور الدين عيوش” جمعية ” 2007 دابا” مهمتها اقناع الشباب في المشاركة في الانتخابات، ولم تحدثه نفسه؛ لماذا فشل ذالك الفشل المدوي في المهمة الموكولة إليه، ولم يطرق باب الاجتهاد، ويعلن أن الشعب سئم من التلاعب بأصواته التي لا تفرز إلا نظاما لا يتغير ولا يقبل التبديل ؟؟.

إن السعي إلى فهم معنى الحرية بحد ذاتها يصطدم بمشلكة أكبر، إذ نجد أن تحليلات الفلاسفة للمعنى المراد للحرية حوله اختلاف كبير، وتضارب لم ينتهي منذ القدم، وآنتهى بعضهم من ملاحقة هذه التصورات والتأمل في المخرج منها إلى الاقتناع بأن الحرية وهم  لاوجود له، ولا مضمون لها، واعتبروا أن الإنسان مسوق في جميع تصرفاته وأفكاره بسلطان أنظمة صارمة، ومن هؤلاء ”ليبنس” و”سبينوزا” وقبلهما الفيلسوف اليوناني ”سقراط” وتلميذه ”أفلاطون” وكثير من الفلاسفة الرواقين. في الوقت الذي سعت فيه طائفة أخرى من الفلاسفة إلى إثبات أن الإنسان مفطور على ألا ينصاع إلا إلى رغباته الذاتية وعليه تحطيم كل سدود الضرورات التي تقف دون تحقيق نزواته. ومن أقدم الفلاسفة أصحاب هذا الاتجاه، ”أبيقور” الذي عاش في القرن الثالث قبل الميلاد، وفي العصر الحديث الفيلسوف الإنجليزي ”هوبز” الذي توفي عام 1679.

وفريق ثالث؛ عمل على التوفيق بين الحرية الإنسانية والضرورات التي لا مفر منها، وقالوا أن الحرية هي ترويض الإنسان ذاته أن لا يتحرك إلا ضمن دائرة ما تقتضيه السنن الكونية. ومن أبرز فلاسفة هذا الاتجاه ”أرسطو”، ونجد في العصر الحديث ”بنتام”، و”ستورات ميل” اللذين دافعا عن الحرية كحقيقة ثابتة بمقدار ما دافع عن الضرورات الاجتماعية كسلطة مهيمنة على الأفراد.

الحرية ليست ممارسة ذاتية تتم في دائرة مغلقة داخل الكينونة الإنسانية، هي تفاعل يتم بين الإنسان والأنظمة الكونية المحيطة به، ويبقى الإنسان محكوما بضرورات ونواميس لا يملك الخروج عليها ولا يقوى على الحركة والسعي إلا ضمن مساحتها وداخل حدودها، والثورة على هذه الضرورات والقيود كانت ولا تزال عبثا من القول  تدل على مدى الجهل الذي يتخبط فيه من لا يقيم أي اعتبار لكل هذه النواميس التي بثها الله في الكون من أجل تعمير الأرض، وكل خرق لها يؤدي إلى فساد المجتمعات وهلاكها .

(((ويا قوم لا يجرمنكم شقاقي أن يصيبكم مثل ما أصاب قوم نوح أو قوم هود آو قوم صالح وما قوم لوط منكم ببعيد ))) سورة هود الآية 81 .

آخر اﻷخبار
1 comments
  1. حرية الجسد أم حرية تدمير أسس المجتمعات ؟…

    حرية الفرد ، تفكيرا أو جسدا مرتبطة ارتباطا وثيقا بقواعد أخلاقية و معنوية معروفة و مدونة في دساتير الأمم و الشعوب …
    أغلبية هذه القواعد مستوحاة و مستنسخة من كتب سماوية ، بالنسبة للأمم و الشعوب المؤمنة التي تؤمن بوجود الله وبكتبه و برسله …
    وبأن الإنسان لم يخلق عبثا وإنما خُلق للأعمار الأرض ونشر فيها الحق و العدل والأخلاق التي هي الرابط الأساسي الذي يميزه عن باقي المخلوقات الغير عاقلة التي تشاركه الوجود على الأرض ولها حرية التصرف في جسدها وتفعل به ما تشاء بدون أي ضوابط…
    عكس الكائن البشري ، الذي هو مجبر على الالتزام بتلك الضوابط التي تفرقه عن الحيوان وبموجبها يصبح الفرد ليس حرا في أن يفعل ما يشاء بفكره أو بجسده رغم أنهما ملكه ، لأن حرية الفرد تنتهي عندما تبدأ الحرية العامة…
    مثلا ، المرء ( ذكرا أو أنثى) ، يستطيع أن ينام في بيته وجسده عاريا أو بأي لباس يريده ، لكنه لا يستطيع فعل ذلك خارج بيته ، بمعنى الخروج للشارع وهو عاريا . وان فعل ذلك يعتبر تعديا على الحقوق العامة للمجتمع…
    المعروف للجميع أن المجتمعات العربية بصفة عامة مستهدفة في أسس وجودها من خلال هذه النقطة بالذات ، أي من خلال “حرية الجسد” . لأن الجسد صفة مشتركة بين الإنسان و الحيوان و الفرق بينهما يكمن في العقل و الفكر…
    وإذا نزعنا عن الإنسان هذه الخاصية ، أي العقل ، نكون نزعنا عنه الفكر وبذلك ينضم هذا الفرد إلى عالم “البهائمي” ( البهائم) ، التي تفكر فقط بغرائزها ( البطن و ما تحت البطن)…
    قلت ، المجتمعات مستهدفة . لكن المتغير في الأمر أن هذا الاستهداف أصبح علني وبصوت جوهري، بعد أن كان في السابق سرا و بالخفاء وبطرق ملتوية…
    تأكدت من ذلك و أنا أشاهد شريط فيديو لشخص في بلد عربي إسلامي عريق يدعو بصراحة مطلقة إلى تمكين الفرد من الحرية في التصرف كيفما يشاء في جسده وأعتبر ذلك “حرية الجسد”…
    وشرح بالتفصيل معنى ذلك ،أن الجسد ملكية خاصة للفرد (ذكر و أنثى) ، يفعل به ما يشاء. و الدولة ليس لها دخلا في ذلك وعليها ، أي دولة ، استبدال تلك القوانين التي تحد من هذه الحرية ، أي “حرية الجسد”…
    وتبقى الحرية متاحة لشخص أن يفعل بجسده ما يشاء . وأعطى أمثلة على ذلك ، قائلا إذا أراد الفرد العيش مع شخص آخر من نفس الجنس ، رجل مع رجل أو امرأة مع امرأة ( يعني المثلية الجنسية )، فله كامل الحرية في ذلك …
    مضيفا ، الشخص ليس ملزما لإظهار الوثائق الثبوتية عندما يكون يريد النزول في فندق من الفنادق مصطحبا امرأة . بمعنى ، التحريض وتقنين على نشر و التعميم الرذيلة في المجتمع…
    أرى في هذا الكلام تعديا صارخا مع سبق الإصرار و الترصد على قيم وأسس المجتمعات و السكوت عنه من طرف الدولة التي ينتمي إليها مثل هكذا أشخاص تواطؤ في الجريمة . جريمة قتل و اغتيال موصوفة ضد وجود و استمرارية مجتمع…
    وبالتالي ليس هناك فرق بين جرائم الإبادة الجماعية بالأسلحة المحرمة دوليا وجرائم محاولة إغراق المجتمعات بالمواد المخدرة و مثل هذه التصريحات …
    كلها لها هدف واحد إفساد أسس الحياة ، واحدة ماديا و الأخرى معنويا. مع الإقرار القتل المادي أهون من القتل المعنوي ، المتمثل في نشر الفساد و الرذيلة…

    بلقسام حمدان العربي الإدريسي
    06.09.2018

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M