د. رشيد بنكيران: مكانة أبي هريرة رضي الله عنه بين أصحاب الفهم السليم وأصحاب الفهم السقيم..

10 مايو 2017 11:58
د. بنكيران يكتب: العلمانية هي الحل.. سفسطة حكيم الببغاء

هوية بريس – د. رشيد بن أحمد بنكيران

مكانة أبي هريرة رضي الله عنه
بين أصحاب الفهم السليم وأصحاب الفهم السقيم..
وبين من يحسن الظن به وبين من يسيء

روى أبو دواد في كتاب الصيد (ومن باب اتخاذ الكلب الصيد) بسنده عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من اتخذ كلباً إلاّ كلبَ ماشية أو صيد أو زرع انتقص من أجره كل يوم قيراط).

قلت : “كان ابن عمر رضي الله عنه لا يذكر في هذا الحديث كلب الزرع”. يعني يحدث بالحديث مرفوعا إلى النبي عليه الصلاة والسلام ويستثني من المنع فقط كلب ماشية وكلب صيد.

فقيل له : “إن أبا هريرة ذكر كلب الزرع”. أي أنه زاد في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يكتف بما قلت أنت عنه.
فكان جواب ابن عمر: إن لأبي هريرة زرعاً. ؟؟؟؟
الآن سننتقل إلى محل الشاهد مما يفيد عنوان هذه الكلمة
تعرض أبو سليمان الخطابي رحمه الله (ت 3888ه) لجواب ابن عمر في أبي هريرة ، وذكر كلاما نتخذه مثالا في بيان الفرق بين أصحاب الفهم السليم وأصحاب الفهم السقيم، وبين من يقدم سوء الظن بالصحابة وبين من يحسن الظن بهم، فقال رحمه الله:
“فتأوله ـ أي قوله إن لأبي هريرة زرعاً ـ بعض من لم يوفق للصواب على غير وجهه، وذهب إلى أنه قصد بهذا القول إنكاره والتهمة له، من أجل حاجته إلى الكلب لحراسة زرعه”. اهـ

قلت: مسكين أبي هريرة رضي الله عنه، كان مظلوما ومتهما قديما وحديثا، فظن ذاك المتأول أن أبا هريرة زاد في الحديث لأنه كان يحتاج إلى كلب حراسة، فكان منه ما كان، لكن الراسخين في العلم أصحاب الفهم السليم لهم رأي آخر:
يقول أبو سليمان الخطابي في تتمة كلامه أعلاه: “وليس الأمر كما قال ـ أي ذاك المتأول ـ وإنما أراد ابن عمر تصديق أبي هريرة وتوكيد قوله، وجعل حاجته إلى ذلك شاهداً له على علمه ومعرفته به؛ لأن من صدقت حاجته إلى شيء كثرت مسألته عنه ودام طلبه له، حتى يدركه ويُحكِمه. اهـ

قلت: سبحان الله، الشيء يكون عند الراسخين في العلم هو علامة حق وبرهان صدق، والشيء نفسه عند غيرهم ممن زاغت بهم الأفهام أو الأهواء يكون علامة باطل ودليل كذب، ولكن لا ينبغي للعاقل أن يعجب كل العجب، وإنما يجب أن يحذر هؤلاء؛ لأنه إذا كان القرآن الكريم الذي يحمل الحق المطلق وينطق بالصدق المطلق ويحكم بالعدل المطلق {وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا} يكون لصنف من الناس رحمة ويكون على آخرين نقمة {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا}، فسوف يرتفع عنك ذاك الاستغراب، وتظهر لك الحجة، وتستبين لك طريق المحجة، والتي ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك.

وما ذهب إلى أبو سليمان الخطابي في توضيح كلام ابن عمر في أبي هريرة زكاه جمهرة من الراسخين في العلم، منهم البيهقي في السنن، وابن العربي في المسالك، والقاضي عياض في إكمال المعلم، والنووي في شرح مسلم، وابن حجر في فتح الباري… {ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [آل عمران: 34].
د. رشيد بنكيران

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M