مصطفى الحسناوي: قوانين مندوبية السجون.. الكرامة مقابل العلاج

25 سبتمبر 2015 23:46
مصطفى الحسناوي: قوانين مندوبية السجون.. الكرامة مقابل العلاج

مصطفى الحسناوي: قوانين مندوبية السجون.. الكرامة مقابل العلاج

هوية بريس – مصطفى الحسناوي

الجمعة 25 شتنبر 2015

(بمجرد وصولنا إلى السجن المركزي بالقنيطرة، أمرونا بتغيير ملابسنا وارتداء ملابس السجن المخططة)، هكذا تكلم المناضل عبد الفتاح سباطة عن أيام وظروف اعتقاله بتهمة التخريب والإرهاب إبان الاحتلال الفرنسي في مذكراته (كان الأمل حاضرا).

بعد مرور قرابة سبعة عقود على هذا الكلام لا تزال تلك البذلة الشبيهة ببذلة (الإخوة دالتون) التي تحدث عنها عبد الفتاح سباطة متداولة ومستعملة مع فارق شاسع هو أن هذه البذلة وضعة آنذاك بغرض مساواة السجناء فيما بينهم ومحاربة التميز والفوارق وسطهم مما يشعرهم بالارتياح، لكنها أصبحت الآن علامة على الإذلال والاحتقار وتعريض المعتقل للوصم والحرج وإهدار الكرامة والدمار النفسي بإلزامه ارتداءها خارج أسوار السجن عند نقله للفحص والعلاج في المستشفيات الخارجية.

قبل حوالي سنة تمت مساومتي في حقي في العلاج وذلك باشتراط خضوعي لإجراءات غاية في الإذلال والإهانة من قبيل تصفيد اليدين إلى الخلف، ونزع حذائي في يوم شتوي شديد البرودة، وإلباسي تلك البذلة المخططة بالأبيض والأسود، وعرضي أمام أنظار المواطنين بهذه الحالة المهينة مثل حمار وحشي وإلا فإني سأحرم من حقي في التطبيب رغم حاجتي الشديدة له.

بقيت على مواقفي الرافضة لهذا الإذلال والأذى النفسي والتعريض للوصم والحرج، وبقيت الإدارة مصرة على مساومتي ومقايضتي في إطار قانون الكرامة مقابل العلاج، وبعد أن نشرت بيانا في الموضوع تجاهله المتشدقون بشعارات الكرامة والحرية والمواطنة والإنسانية، زارني يوم الاثنين 16 فبراير 2015 الأستاذ عبد الرحيم الراحوتي المسؤول عن قسم المراقبة بالمندوبية ليخبرني أنه يتفهم نظرتي وسيبلغها للمسؤولين، من جانبي لم أتفهم وجهة نظر هذه القوانين الجائرة الظالمة الحاقدة البليدة البائدة. بعدها لم يتغير أي شيء وبقيت أعاني مع مرضي رافضا هذه المساومة الحقيرة التي تخيرني بين صحتي الجسدية مقابلة كرامتي وحقوقي وصحتي النفسية.

بتاريخ 31 يوليوز زارني الأستاذ عبد الحق الذوق عن المجلس الوطني لحقوق الإنسان وكان هذا الموضوع من بين النقط الذي تحاورنا بشأنها، كانت وجهة نظره مقبولة إلى حد ما، وذلك حين برر وضع الأصفاد من الناحية الأمنية ولم يجد أي تبرير للإجراءات المهينة الأخرى وعلى رأسها ارتداء البذلة المخططة، وعدني أنه سيتدخل بطريقة ودية ويمكنني من حقي في العلاج بكرامة، بعد ثلاثة أيام نادى علي طبيب المؤسسة، وقصصت عليه الحكاية من البداية، وأخبرني أنه سيبحث ما يمكن عمله.

مرّ شهر كامل دون أن أتلقى أي رد، لأتفاجأ بزيادة للأستاذ عبد الله ضريف عن المندوبية يوم الجمعة 4 شتنبر الجاري، أخبرته بتراجعي عن مواقفي السابقة وأني أتفهم وضع الأصفاد كإجراء أمني احترازي، لكن الإجراءات المهينة والمذلة الأخرى ﻻ أجد لها مبررا.

بعد انتهاء حوارنا اصطحبني إلى مصحة السجن وطلب إحضار ملفي الطبي ألقى عليه نظرة وأمر بتعجيلي موعدي، وهو الأمر الذي تحقق حيث تم المناداة عني يوم الأربعاء 16 شتنبر لإخراجي للمستشفى خارج السجن، لأتفاجأ بنفس الإجراءات الإذلالية والمساومة والمقايضة، أخبرت القائمين أني أقبل وضع الأصفاد لكن لن أقبل بغير ذلك ليتم حرماني مباشرة من حقي في العلاج، وتوقيعي على محضر يفيد بتنازلي عن الحق في التطبيب، لكنني أؤكد أنه رفض للمساومة والمقايضة والإذلال والمهانة وليس تنازلا عن الحق في العلاج، متسائلا ما جدوى هذه الزيارات التي تتلاعب بمشاعري ونفسيتي إن لم تكن قادرة على تغيير هذا الواقع المخزي، وما الغاية من هذا الإذلال الذي يتعرض له كل السجناء، لكنني أكاد أكون الصوت الوحيد الذي يرفضه ويستنكره، وأي وجه لدى المسؤولين الذين يتحدثون عن واقع الحقوق والكرامة المتقدم المتطور في بلادنا، وينتقضون ويعلقون عن ما تم تسريبه من سجن الذهيبية لدى البوليساريو في حين أن واقعنا لا يختلف كثيرا ولو أردنا الحديث لأسلنا مدادا كثيرا.

المعتقل السياسي والحقوقي مصطفى الحسناوي.

السجن المركزي بالقنيطرة.

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M