الشيخ عبد الكريم مطيع يعلق على: ضجة التكفير ومحاولة تجريمه برلمانيا

10 فبراير 2014 23:53
الشيخ عبد الكريم مطيع يعلق على: ضجة التكفير ومحاولة تجريمه برلمانيا

الشيخ عبد الكريم مطيع يعلق على: ضجة التكفير ومحاولة تجريمه برلمانيا

هوية بريس – متابعة

الإثنين 10 فبراير 2014م

ورد علينا بيان للشيخ عبد الكريم مطيع حول مقترح قانون تجريم التطبيع الذي قدمه حزب الأصالة والمعاصرة للبرلمان، جاء فيه:

“لابد ابتداء من توضيح ما يعنيه لفظ التكفير لغة واصطلاحا، كي تتحمل كل الأطراف مسؤوليتها الدينية والتاريخية، وكي يزول أي لبس محتمل في معرفة حكمه الشرعي فلا تثار بموضوعه أي فتنة قد تكتسح المجتمع المغربي، ولا يبرر بالتورط فيه أي خطأ في فهم معناه لغة واصطلاحا وتنزيلا.

وذلك لأن لفظ التكفير لغة مشترك، ومشتق من فعل “كَفَر الشيءَ” أي غطاه وأخفاه وستره، ثم استعمل اللفظ مجازا لتغطية الحق بالباطل، والعدل بالظلم، ثم جعله القرآن الكريم مصطلحا لتمييز المسلم من غير المسلم، فأطلق على غير المسلم لفظ “كافر” لأنه تنكر للإسلام وجحده فكأنما حجبه وغطاه، ثم وضع القرآن من معنى التغطية والستر في لفظ “كفر” مصطلحا آخر هو “الكفارة” وهي محو الذَّنب بالاستغفار والندم أَو بأَدَاء ما وردت بتعيينه النصوص الثابتة كما في كفارة اليمين والظهار والإفطار عمدا في رمضان، فيقال لمن أدى الكفارة كَفَّر ذنبه تكفيرا.

أما إن نسبت أحدا إلى الكفر فتقول “أكْفَرْته” ولا تقول كفَّرته، لأن للفظ التكفير في هذا المجال معنى آخر هو أن تحمل غيرك على الكفر حملا، سواء بالإغراء أو بالإكراء كما حاولت قريش مع بلال رضي الله عنه، وكما يقوم به المبشرون سرا ومن وراء حجاب. أو ما تقوم به منظمات متسترة بعناوين مموهة للدعوة إلى عبادة الشيطان أو إلى ديانات كافرة كالبوذية والبهائية وغيرها. أو ما تقوم به بعض الأحزاب الشيوعية التي تحاول تكفير المجتمع بالتشكيك في ثوابت الدين ألوهية أو نبوة أو أحكاما تحت غطاء حرية الفكر. أو ما تقوم به بعض المؤسسات المحسوبة على الدولة وأجنحتها من نشر للفواحش والتبشير بها وتزيينها بمختلف الأساليب تحت غطاء قدسية الفن والأدب مما هو معروف لدى الخاص والعام.

لذلك وجب التفريق بين ثلاثة أمور: أن تنسب المسلم للكفر كأن تقول “أكفرت فلانا”، أو تقول “هو كافر”. وبين أن تقر واقعا بأن تصف غير المسلم بأنه كافر. وبين أن تُكفِّر المسلم تكفيرا بأن تستميله إلى الكفر وتحببه إليه، وتقحمه فيه، أو تلجئه إليه، وهو ما يعنيه لفظ “التكفير” لغة، بجانب معناه الاصطلاحي الخاص بمحو الذنوب والآثام بالاستغفار أو الكفارة، ومنه قول عمر: (أَلَا لَا تَضْرِبُوا الْمُسْلِمِينَ فَتُذِلُّوهُمْ، وَلَا تَمْنَعُوهُمْ حُقُوقَهُمْ فَتُكَفِّرُوهُمْ).

أما نسبة المسلم للكفر بأن تقول إنه كافر، أو تزعم أنه كافر فذلك محرم شرعا، وإثارة لفتنة لا ينبغي أن تثار بين المسلمين، وإن كان هذا القول لا يغير من إيمان المرء شيئا لأن نسبته للكفر لا تخرجه من الإسلام مطلقا، وقد قال رجل لابن عمر: “إن لي جارا يشهد علي بالشرك”، فقال له ابن عمر:” أفلا تقول لا إله إلا الله فتكذبه”، وهذا لا ينفي الإثم على القائل، ويكفيه عقوبة قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا قال الرجل للرجل: “يا كافر” فقد باء به أحدهما، إن كان كما قال وإلا رجعت على الآخر).

وأما نسبة غير المسلم للكفر فهي مجرد إقرار لواقع، وقد ورد بها القرآن وحفلت بها آياته، وتجريمها برلمانيا وقانونيا يعني تجريم القرآن ومنع تداوله، والقبول بنتائج ذلك. وأما تكفير المسلم بإغوائه أو بالضغط المعنوي أو الإكراه المادي كي تستميله إلى الكفر وتحببه إليه، وتقحمه فيه، وهو ما يعنيه لفظ “التكفير”، فذلك واجب ولي الأمر في حماية المسلمين منه ومن الذين ينشرونه، لأن ولي الأمر حمَّل نفسه مختارا غير مضطر مسؤولية حماية الدين، حمايته في عقول المسلمين تعليما وتثقيفا، وفي مجتمع المسلمين نظما ومنظمات، وفي مؤسسات الدولة ومرافقها.

هذا التكفير هو المجَرَّم تجريما قاطعا بنصوص قطعية من القرآن الكريم بقوله تعالى: {وَقَدْ أَضَلُّوا كَثِيرًا وَلَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا ضَلَالًا} نوح 24، وقال: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ مَاذَا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلَا سَاءَ مَا يَزِرُونَ} (النحل 24-25)، وهو تجريم لا يحتاج إلى تزكية أو تأكيد من البرلمان، لأنه من ربّ العزة تعالى أولا؛ ولأن القوانين الراهنة تجرمه كما هو مسطر فيها عن حالات زعزعة عقيدة المسلم ومنع الخمر وارتكاب الفاحشة وما على أولي الأمر إلا تفعيل هذا التجريم فإن لم يُفَعِّلوه كانوا مشاركين فيه.

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M