أي الذنب أعظم.. تسنين العالم للبدعة أم إنكار الوزير للسنة؟!

13 يونيو 2017 18:28
مَالِكِيَّة سُنِّية، لا طُرَقِيّة بدعية.. يا وزير الأوقاف

هوية بريس – محمد بوقنطار

ضجيج كبير، وردة فعل واسعة النطاق، وتفاعل كاد يستوعب كل فئات المجتمع المغربي، ونسيجه المتدين، ذلك الذي تلا خرجة وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية، وهو يلقي درسه الحسني بين يدي ولي أمر المسلمين من المغاربة والمغربيات.

وكأن الذي تناوله الرجل في خطبته، وبين ثنايا محبور أوراقها جاء أو كان مباغتا شاذا، غير مألوف ولا معهود الخروج من فم أو فكر أو تلميح أو تصريح للسيد الوزير منذ أن لامس ردفه جلد كرسي الوصاية، ومارس معهود ومعتاد ومألوف ما درج عليه صوتا وصورة وريح كلام على مرّ عقد ونصف من الزمن،مجترا أينما حل وارتحل ذلك الشريط المشروخ المُعاد على بدء متكرر، والموقع بسيرة عمّها ويعمها التحجير على أفمام العلماء والخطباء والوعاظ والأئمة.

أولئك الذين لا يستطيع أحد حصلت له حالة حضور وشهود وتماس مع فعلهم وقولهم التعبدي، أن ينكر أو يحجب حقيقة طاعتهم العمياء، وإنابتهم المخبثة لقرارات السيد الوزير، تحت مسوغ أن من زاغ أو يزغ عن توصيات دليله الوزاري يكن من حظه ومثوى نهايته الطرد والتوقيف والمحاصرة، حتى ليكاد أنين حسرتهم وندمهم يحكي قصة نهاية ذلك الديك وقد قرر التماهي سمعا وطاعة مع القرارات الجائرة لسيده، بدءا بترك الآذان ووقوفا مع مطلب انتحال وظيفة الدجاجة في وضع البيض وانتاجه، وانتهاء بتمنيه وبوحه في قهر وندم شديد قائلا:”يا ليتني ذُبحت وأنا أؤذن”.

ولا شك أنها مأساة يتحملها من قَبِلَ أولا واستمرأ ثانيا فتح باب التنازلات، والاستسلام لهجوم خواطر المساومات، والتي كانت غالبا ما ترجح كفة الإخلاد إلى الأرض واتباع الهوى، وتحكيم مصالح عرض الدنيا القليل، في مقابل التبجحبالاستمساك الصوري والشكلي بحظ الآخرة المدخر في إرجاء…

وربما لم نكن في حاجة إلى أن نستفصل في معالم هذه المأساة وأركانها، ولا كنا مستعدين أن نزيد من منسوب هذا النوع من الاستدراك على هذا الصنف، فإن الاستدراك في مثل هذه المئناتوالقرائن غالبا ما يجنح إلى منقصة الشماتة، وكبيرة إعجاب المرء بنفسه ورضاه عنها نعوذ بالله من الخذلان…

وربما كنا في حاجة ماسة إلى التذكير أو استفزاز الذاكرة، وقد طال الأمد فنسينا أو تناسينا، أن كثيرا من متكسبي العلم والآخذين بنواصي ظواهر المعرفة الدينية، من الذين حصل لهم فعل التحول، أو كشفت الفتنة معادنهم المخبوءة والمتوارية وراء بريق المعلومة المتسامية رواية ودراية، كانوا قد مروا وسبق مرورهم مرور السيد الوزير.

كان لهم السبق، ولم يكن سبقهم له مواطئلما أنكره من سنن وهدي نبوي، وإنما جاء سبقهم وجلوسهم بين يدي العاهل المغربي محمد السادس حفظه الله وأطال في عمره ليؤصلوا لمشروعية جملة من البدع والمحدثات، نذكر منهم على سبيل الذكرى والإخبار لا التشهير الدكتور رئيس المجلس العلمي لحاضرة العرائش “إدريس بن الضاوية” وذلك في درسه الحسني بشهر رمضان للسنة الهجرية 1429 والذي كان عنوانه “الخصوصيات الدينية في ممارسة المغاربة”، وهو من هو؟ كما يشهد أحد من تحصلت له خصيصة معرفته وبلاء أمره عن قرب قائلا:”والدكتور إدريس بن الضاوية كما ألفيته قبيل فتنة المنصب الجديد أي رئاسة المجلس العلمي لمدينة العرائش محبا للحق وناشرا للسنة ومدافعا عنها حتى عرف في أوساط الجامعة التي يُدَرِس فيها بلقب السلفي…”.

والجدير بالذكر أن هذه الخرجة وهذا التأصيل الكاذب على الله ورسوله بين يدي خليفة المسلمين وأمير المؤمنين من المغاربة، لم يردفه كبير استدراك ولا صغير تقويم، اللهم رد علمي وِتْر يتيم انبرى له الباحث في فقه المذهب المالكي الأستاذ “رشيد بن أحمد بنكيران”أجزل الله له المثوبة في رسالته الماتعة المسماة “علماء لم ينصحوا…”.

وبالتالي فإذا كان هذا هو الحال، وهو ما وقع مع عالم ضل وأضله الله على علم، عالم تربى في أحضان السنة ونهل من معينها الصافي مبكرا، بل ودافع بشهادة من عرفوه عن حياضها أمدا من الدهر،كما درّس أصولها وأدبياتها في مستويات جامعية متقدمة، فَلِم كل هذا اللوم وكل هذا التباكي -إن سلمت العبارة- في مقابل ما صدر من رجل هو في ميزان الشرع ومنخلة وزن الرجال وتعيير معادن معارفهم الدينية ليس بشيء، وإنما كان ولا يزال سيما وإذا جردناه في مقام الوزن والتصنيف عن صفته الوزارية، أستاذا لمادة التاريخ، وروائيا صدرت له عدة روايات أهمها “جارات أبي موسى” والتي نقل “غرامياتها” إلى الشاشة المخرج السينمائي عبد الرحمن التازي، كما صدرت له روايات أخرى نذكر منها رواية “شجيرة، حناء وقمر” ورواية “السيل” ورواية “غريبة الحسين”.

ولعل المطلع على طبيعة هذا الإنتاج الأدبي وتفاصيل نوعه سيقف على حقيقة أن الرجل فشل في مجال تخصصه من جهة غياب بصمة الإنتاج في مجال التخصص هذا، بل نجد كل ما جادت به القريحة هنا هو تودده لطائفة اليهود في المغرب من خلال كتابته عن يهود دمنات، بالإضافة إلى خوضه في تحقيق الخرافة ونعني بهذا الخوض تحقيقه لكتاب “التشوف إلى رجال التصوف” ولعل في العنوان غنية إشارة على حشو ألف عبارة…

إن اللوم الحقيقي يتحمل موعظة سوطه العلماء لا الدخلاء، كما أن هذا اللوم يجب ألا يُترك مطلق شأنه -في مقام تحقيق النصح الصادق- للغلمان والأغمار وحدثاء الأسنان تصول وتجول به، وتملأ الآفاق بضجيجه غير المنظم، وتستشهر لباطلهمجانا في معهود منابرها التواصلية، وليس هذا من باب الإشفاق أو تنزيل قول السيد الوزير منزلة الاعتبار والتوقير والاحترام، فإن هذا التنزيل لا اعتبار له ولا التفات لملحظه متى ما اعتدي على جناب الحق ومُست كرامة الهدي النبوي الشريف،وإنما القصد التنبيه على أن الأنفع والأسلم والمناسب أن تتصدى لهذه الحيدة عن الحق مؤسسة العلماء ونسيج المجالس العلمية المنتشر في ربوع الوطن انتشار الفطر، وجوقة الرابطة المحمدية لعلماء المغرب، ذلك الكائن الهلامي الذي لم يكن له من اسمه حظ معنى ولا مقدس رسم، وقد علمنا في السابق من جناب رئيسه أن النسبة إلى المقدس توقيفية.

 ولا شك أن المتأمل في أحوال هذه الكيانات، والناظر في مجالات وأولويات اهتماماتها ومقاصد سعيها ومأمول تسامحها وقبولها وإقبالها على الآخر بغير قيد ولا ضابط شرع، لابد لهذا المتأمل أن يتعذر لكل من حملته غيرته على حمى معتقده وسنة نبيه عليه الصلاة والسلامكي يدلي بدلو الاستدراك، حتى وإن طبعت هذا الاستدراك ملامح الارتجالية، وحتى وإن فقدت هذه الذوات المستدركةفي غيرة وبراءة الأهلية والمكانة العلمية ونصابها المقبول في هذا الصدد نقلا وعقلا وعرفا.

وليس يدري المرء كيف نسي معشر المستدركين، وهم يحملون أوزار هذا الخروج،متذمرين كبير التذمر من تفاصيله، أنه خروج لا وزن له، ومن ثم لا اعتبار لبهتانه ولا تأثير، سيما وأن الاستوزار في المغرب شأنه في ذلك شأن باقي الدول العربية الإسلامية، هو عملية غير منضبطة بمعيار التناسبية والتخصص والمشاكلة، بل هو عملية تحكمها الأهواء وتتحكم في أطوارها المصالح السياسية الضيقة محليا والفضفاضةإقليميا،ولعل في انتقال السيد حصاد من وزير للداخلية في الحكومة السابقة إلى إدارة شؤون التعليم ومرفق التربية الوطنية في ظل الحكومة الحالية، خير شاهد على ما ذهبنا إليه من دعوة إلى كظم غيض ومُقارفة صغير عفو.

 ينضاف إلى هذا من باب المثال لا الحصر اجترار ذكريات الوزيرة الاستقلالية “ياسمينة بادو” وهي المحامية المتخرجة من كلية الحقوق، والتي دفعت بها تلك المزايدات السياسية إلى التواجد على رأس وزارة الصحة، وما شهده هذا العطب من أيام نحسات استوعب فصامها الطبيب والمريض والكيان العمراني لخارطة المستشفيات ببلادنا، وأشرت على عطبها الضحكات المسترسلة للسيدة الوزيرة، والتي شكلت إجابات -رامزة في إفلاس-عن كثير من الأسئلة الشفوية للجلسات البرلمانية، والأكيد أن كذب وزير الأوقاف على الله ورسوله وولي الأمر لا يخرج عن جنس هذا الضحك، مع فارق في طبيعة الأدوار باعتبار أن ضحك الأولى كان تخصصه إهلاك الأجساد، بينما كذب الثانيكان تخصصه ولا يزال هو إفساد الأرواح…

[email protected]

آخر اﻷخبار
3 تعليقات
  1. هذا المرجف لايفقه شيء يوم ان ساله الاخ من العدالة و التنمية في البرلمان حول فضيحة موازين تم قال فيه أختلاف بين فقهاء الفجور هذا الشخص يجيب محاكمته نسال الله ان يأخذه وزبانيته اخذ عزيز مقتدر

  2. جزيت خيرا على هذا المقال النافع.
    لكن كون هذا الرويبضة الذي على رأس وزارة الإستيلاء على الأوقاف و التوقيف و الشؤون العلمانية لا علافة له بالمجال لا يعني عدم توجيه اللوم له و لكل من ساهم في وضعه هناك، رغم أن اللوم أولا كما قلت يتجه للعلماء و المشايخ…
    و الله أعلم

  3. من آيات المنافق إذا خاصم فجر، السدل والتسليمة الواحدة ومسائل فقهية بسيطة فرغت ما في جعبتكم من حقد وغل تجاه المخالف في أمور كهاته حتى إننا نسمع المحدثات والبدع وكأننا نناقش هجر السنن القطعية التي لا خلاف حولها. هذه هي بذور داعش يا فكر البؤس

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M