احتضار القيم… النجدة؟!

30 مارس 2017 21:20
الليبرالية إحياء للجاهلية وإيغال في الرجعية

هوية بريس – ذ. أحمد اللويزة

طفلات صغيرات من تلاميذ الابتدائي يتبادلن السب بكلام ما تحت الحزام.

تلميذات من بنات الإعدادي يستبقن أعمارهن بممارسات شائنة وبجرعة متقدمة من الانحلال.

أما فما فوق فماذا عسى أن أقول؟؟؟

على سبيل المثال فقط.

في ثنايا بعض اللقطات التي يعج بها الواقع، قد تبدوا للبعض تافهة لكن في إشاراتها إعلام بأن القيم الفاضلة في هذا المجتمع صارت يتيمة، مدفوعة بالأبواب، واراها التراب، وأن من لا زال يتمسك بها فهو كالغراب الأبيض بين قبيلة الغربان السود، أما من يدعوا إلى إحيائها لتكون هي صبغة المجتمع فهو إنسان يثير منتهى الإعجاب والإغراب.

طبعا فسنوات من العمل على مسخ القيم؛ قيم الإسلام الفاضلة واستبدالها بقيم ممسوخة ممجوجة منكوسة قد أعطت أكلها، وخلقت أجيال ارتضعت الوقاحة منذ نعومة الأظافر، ولم تفتح عينيها إلا في عالم يعج بالرذائل، بيوت لم تنشأ على سنة الله ورسوله -صلى الله عليه وسلم-، وإعلام فاسد كاسد كالسيل الجارف والبركان اللافح يرمي بحممه الحارقة من كل جانب وفي كل الجهات، فأين المفر؟!

ليس الغرض عرض مظاهر انتكاس القيم وسيادة الأخلاق المرذولة، فهي لا تخفى على كل ذي عينين. وكلما كان الإنسان أقرب لبعض البؤر المتوترة علم من مظاهر قبحها ما تتفطر له الأكباد. وإن كنت أتحدث عن ما أراه ويراه غيري قصرا في فضاءات عامة، أنوفنا تزكمها روائح وقاحة معلنة هنا وهناك، فكيف بما هو خلف الأبواب، أو في الفضاءات الخاصة أو حتى التي يتحرج من ورودها من لا زال في قلبه شيء من المروءة وسلمه الله من طوفان الانحلال.

ولكن الغرض هو لفت الانتباه إلى خطورة الأمر، في وقت الذي تعالت فيه أصوات النقاش حول قضايا كبرى، ربما استنفذت الوقت والجهد والمال وربما تناقضت فيه المواقف وأراء وأدت إلى منازعات وخصومات… فهذه الأمور التي هي انحرافات سلوكية خطيرة والتي تصدر من عموم الناس الذين نعيش بين أظهرهم ونستطيع أن نصل إليهم أولى بالتركيز عليها وتكون سلما للمرتقى نحو التغيير الشامل.

لنجرب أن لا نسكت، وأن نتكلم في كل وقت وحين في أي مكان ومع أي إنسان وبكل وسيلة، بحسب المستطاع طبعا، وليكن حديثنا حول اختلال منظومة القيم لذا كثير من الناس من أجل زعزعة ما صار عندهم مسلمات وهي من الموبقات، ومن أجل تصحيح نظرة الناس إلى قيم الإسلام التي تبدوا لهم كحاجز منيع من ممارسة الحياة بشكل طبيعي، ومن أجل إنقاذ أجيال كاملة إلا ما نذر من الذوبان التام في منظومة أخلاقية مشؤومة عنوانها الخلاعة والتهتك والمجون.

وليكن تصحيح المعتقد وتوضيح قضاياه بالبساطة المعهودة في منهج رسول الله الإصلاحي والتي خلدها القرآن ذكرا وبيانا باعتبارها منهج إصلاح لدا جميع الأنبياء على اختلاف الأمم، أصل الإصلاح وركيزة التغيير.

انتبهوا فالأجيال تضيع، وتسير في فيافي هذه الحياة بدون هوية راسخة قائمة على قيم الإسلام النورانية. وإن الآباء لهم المسؤول الأول قبل كل أحد عن هذا التدهور، وأقصد من الآباء من لا زال تربطهم بقيم الإسلام رابطة، وإلا فهناك منهم من فك الارتباط وارتمى هو وذريته في براثين القيم المنحرفة الوافدة.

وإن من الغرابة أن تجد هؤلاء أحرص على توريث أبنائهم تلك القيم الفاسدة، في مقابل عجز تام وإلقاء باللائمة على جهات أخرى من طرف أولئك الآباء الذين لا زالوا يحافظون على الصلاة، ويعمرون المساجد، ويذهبون إلى الحج، ويعتمرون مرة مرة، ويجلسون لقراءة القرآن، أو يصمون التطوع…

غير أن من أبنائهم من لا يمت لهم بصلة، وهم عن ذلك غافلون أو مستسلمون أو دافنون لرؤوسهم في التراب، أو… مما لا يخلي ذممهم من المسؤولية.

ثم إن المدرسين والعلماء والوعاظ وخطباء الجمعة ممن يحمل هم الإصلاح على هدي الإسلام وقيمه لابد لهم من جعل هذا الأمر على رأس قائمة الأولويات، ويحرصوا بكل الوسائل أن يحيوا ما اندرس من تعاليم الدين وقيمه، إبراء للذمة وإخلاصا في المهمة، وطمعا في العودة بأجيال اليوم وأجيال الغد إلى طريق الرشد والسداد، وأن يتركوا سبيل الغي والضلال.

ولله الأمر من قبل ومن بعد.

آخر اﻷخبار
1 comments
  1. جزاك الله خيراً
    ان القلب ليحزن والعين لتدمع على حال الناشئة و شبابنا وشاباتنا …
    لاشك كلنا مسؤولين امام الله تعالى:يوم يقوم الناس لرب العالمين – فمن خان اليوم ونجي من العقاب فلن ينجو يوم الحساب ان لم يتب و يصلح ما بقي وفات…

    الامر يحتاج الى نقاش جدي وشفاف يشارك فيه المجتمع كله خصوصا اهل التعليم و الاوقاف و علماء النفس والمجتمع…..
    نسال الله تعالى ان يصلح اخلاق ناشئتنا ويبارك فيهم وفي المسلمين والمسلمات

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M