استراتيجية الإسلام (25).. العدل * الجنة الأولى

13 مارس 2024 15:28

هوية بريس- محمد زاوي

– نموذج الإسلام وطوباه (الجنّتان)

يبشّر الإسلام بجنتين؛ الأولى نموذج ينشده في الأرض، أما الثانية فمنزلة يقينية في الآخرة “فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر” (رواه البخاري، عن أبي هريرة رضي الله عنه). تتحقق الأولى بالشريعة، والثانية عتق ونجاة وفوز لمن أحسن التطبيق. مدار الخلاف حول هذا التطبيق، وحول مدى إحسانه عند هذه الطائفة أو تلك. ولعل الكمال المفقود في الإنسان هو ما يجعله حبيس طوباه، فكانت “الجنة” هي الطوبى في الأرض، وطوبى “الطوبَات” في السماء. لا يفقد الإنسان ارتباطه بالغيب لأن الأرض قد ملأتها الأكدار، وضيقت خناقها الأقدار. العمل ل”طوبى الأرض” تمهيد ل”طوبى السماء”، تعلق بها وطلب لكمالها في محل النقص.

*الجنة الأولى: نموذج في الأرض

هي “الخلافة” في وعي مسلمين تفككت صورتها في حضرتهم وبين أيديهم، أو لعلهم توارثوا طوباها جيلا عن جيل. هي أمّة العدل التي لا يُظلم فيها أحد: “ياعبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا” (حديث قدسي أخرجه مسلم، رواية أبي ذر الغفاري رضي الله عنه)، ويتحقق فيها العيش الكريم: “ولقد كرمنا بني آدم” (سورة الإسراة، الآية 70، فلا يحق لأحد المس بهذا التكريم)، وتتحقق الملكيات على قدر العمل: “للرجال نصيب مما اكتسبوا وللنساء نصيب مما اكتسبن” (سورة النساء، الآية 32).

فيها يحرم الاحتكار: “كي لا يكون دولة بين الأغنياء منكم” (سورة الحشر، الآية 7)، والإسراف: “كلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين” (سورة الأعراف، الآية 31)، والتبذير: “ولا تبذر تبذيرا إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين وكان الشيطان لربه كفورا” (سورة الإسراء، الآية 27)، والغش: “من غشنا فليس منا” (أخرجه مسلم، رواية أبي هريرة رضي الله عنه)/ “وأوفوا الكيل والميزان بالقسط” (سورة الأنعام، الآية 152)، والسرقة والنهب: “والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما” (سورة المائدة، الآية 38)، وأكل أموال المستضعفين: “ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن حتى يبلغ أشده” (سورة الأنعام، الآية 152)، وأكل المال بالباطل: “ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل” (سورة البقرة، الآية 188)، والربا: “وأحل الله البيع وحرم الربا” (سورة البقرة، الآية 275).

وفي جنة الأرض تنتظم الأجور: “قال اللَّه تعالى: ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة: (منهم) رجل استأجر أجيرا فاستوفى منه، ولم يعطه أجره” (رواه البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه)، وتتحسن ظروف العمل: “لا يكلف الله نفسا إلا وسعها” (سورة البقرة، الآية 286)، وتجب الزكوات “خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها وصلّ عليهم إن صلواتك سكن لهم” (سورة التوبة، الآية 103)، وتُندَب الصدقات: “والصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار” (رواه الترمذي عن معاذ بن جبل رضي الله عنه)، ويتحقق التعاون والتكافل بين الناس: “وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان” (سورة المائدة، الآية 2)، وتحفظ حقوق القلة: “ألا من ظلم معاهدا وانتقصه وكلفه فوق طاقته أو أخذ منه شيئا بغير طيب نفس منه فأنا حجيجه يوم القيامة” (أخرجه أبو داود).

*الجنة الآخرة: منزلة في السماء (يتبع)

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M