الدور السيء لليوطي في المغرب من خلال “الصناديق السرية” (ج.الأخير)

31 مايو 2019 16:02
الدور السيء لليوطي في المغرب من خلال "الصناديق السرية" (ج.الأخير)

هوية بريس – ذ. إدريس كرم

تقديم

هذا البحث كتبه في العشرينيات مدير “a v dinet :directeur de la revue colonial”، ونشره في كتاب “la sanglante aventure marocaine 1926″، بيّن فيه طريقة إدارة الشأن المغربي في عهد ليوطي ودور الصناديق السوداء التي خلقها لتنفيذ اختراق المغرب والصحافة والأعيان حتى لا يسمع سوى صوته الذي كان حاسما في دفع فرنسا للقضاء على المقاومة الريفية واستسلام قائدها لفرنسا، وقد أضاف لها عدة وثائق.

كتب “دونيت” (Dunet): التتمة (ج.الأخير)..

اقتباس بسيط سيكون كافيا للتعرف على الدور السيء للمارشال ليوطي في المغامرة المغربية، هذا الرجل الطموح المتلهف للعب دور ما، درس ونقل تجربة أحد القدماء الناجحين (كالييني) مستعيدا لحسابه صيغة معلمه: (الموظف الفرنسي، جنرالا أو عميدا لا يخاف سوى شيء واحد، الأفكار العامة والآراء الطويلة المحمولة، أقدم له إذن أطباقا لمعدته مصغرا له كل ما أفعل، أتقدم مختبئا مذبذبا متلويا مخففا دائما من الأشياء لنعطي كنموذج وثيقة تأمين، التفاصيل، التقويم العام، المشترك، أعمالي الجريئة، وبشكل عام الأكثر ثورية وهكذا مضى).

يجب الآن تذكر هذه الجملة: كلما درسنا أصول حرب الريف التي تقدم في الواقع (كتدبير حكم بسيط مفصل مصحح للشائع).

كالآخرين عانيت من سحر جاذبية هذا الرجل بشكل لا يمكن إنكاره من أول نظرة.

الجرائم المرتكبة تحت حكمه تفتحت عليها عيوني شيئا فشيئا من موقع جيد أثناء جزء من الحرب مكنني من الرؤية والاستماع، وإقناع نفسي بخطورة كون فرنسا تجري هاربة تاركة وراءها غنى المغرب (بين أيادي معتوهة).

لقد تتبعت بنفسي كيفية العمل الموصل للحقيقة، كل الحقيقة، على أرض الواقع، رميت في غمرة القتال، فكتبت كل ما عرفت وفكرت، ثم في باريس بمجلة la revue coloniale واصلت الإشارة خاصة قبل سنة واحدة، التهييء لحرب الريف.

لقد حذرت بلباقة في مناسبات عدة رئيس المستشارين هريوت بواسطة رسائل خاصة ومنشورة في الجهاز الذي أسيره، وسنرى لاحقا أن المارشال ليوطي وهيريوت متفقان على أن يلعب كل دوره في هذه الدراما السرية، فقد كان باعث التواطئ ضمنيا على الأقل بالنسبة لهريوت؟

اقرأ أيضا: دموية المغامرة (الفرنسية) المغربية (ج1)

إذا كانت كتلة اليسار لم تنتصر في 11 ماي 1924، فإن قد الأول مرر للثاني مكانته المميزة بالرباط، هناك أيضا شيء آخر: هو أن المارشال ليوطي لم يدخر كل المهام الجيدة بالمغرب لنفس البنك الباريزي الذي يتعامل مع هريوت (على أية قاعدة؟) تمويل الحملة الانتخابية لـ1924؟ إذن هريوت كان تحت تمويل نفقة ليوطي.

ليوطي جند جيشا من المدافعين الأشاوس بفضل صناديق سرية يجب أن نتحدث عنها جيدا بعض الشيء لشرح الصمت المتواطئ عليه مع الصحافة.

وزير سابق يعرف جيدا فساد بطانة الرباط تفاجأ أمامي بعدما درس فوارق ميزانيات المغرب، إذ لم يجد أثرا لأعداد هامة من الاعتمادات كل سنة من قبل الإقامة من أجل سياستها الخاصة.

هذا الأمر تطلب بعض الشروح، يوجد في الرباط ثلاثة أشكال من الصناديق السرية: (الصناديق الخاصة) و(صناديق الاختراق) و(الصناديق السياسية).

الصناديق الخاصة التي كانت مداخيلها ترتفع قبل 1924، صارت تنقص منها ثلاثة ملايين كل سنة تقدم مصروفا لجيب المارشال من قبل ضابط مكتبه العسكري الذي كان خازنه.

إذا ما أردت يوما أن تُستقبل من طرف حاشية المارشال وتُعامل معاملة جيدة لا تنتقد كرم المقيم العام، إنه مكلف فرنسا الذي يدفع.

من هذه الثلاثة ملايين نجح المكتب المدني في الانتزاع من المكتب العسكري بعض نفقات نقدية من أجل تشجيع متملقي الصحافة أو جواسيس المجموعات العسكرية المتقدمة، لكن (المصالح) المهمة مثل الحملات الفظيعة للتشنيع بمؤسسات من قبل صحفيين محليين فاشلين ضد الصحافة المستقلة، مولوا من قبل (صندوق الاختراق).

صناديق الاختراق مرصودة أصليا لشراء المتواطئين في معسكرات العصاة الأهالي، في زمن المارشال ليوطي استخدمت في أشياء أخرى أيضا من أجل إنقاذ المظاهر، فتم إنشاء تقريبا كل وكالات الأداء باسم أربعة من كبار سادة الأطلس، الكندافي، لمتوكي، لكلاوي، العيادي.

عندما كانت النقود تروي مدير جريدة أو محرر من المتربول على شكل حوالات تقيد في اسم موظف بمكتب المغرب بباريس، ويتم تسليم النقود للمستفيد السعيد بواسطة فانسانتي بيوب الذي يتبرع بدس بعض الأوراق من فئة 500 فرنك للصحفي المكلف في البعثة بإجازة (الأوراق) المكتوبة في شارع الأهرامات.

في شتاء 1923-1924 حوالة بمبلغ 50.000ف أنجزت لفائدة m a t، معروف جيدا في الوسط الإفريقي من أجل تعويض ناشر “الضفة اليسرى” التي كلفت هذا المبلغ حتى لا ينشر كتابا صادقا حول المغرب بالرغم من أن العقد في وضع جيد.

(صناديق الاختراق) ارتفعت سنويا بستة ملايين، المقيم العام ليس له حساب مرصود لمهمته كرئيس مجلس.

بقي الحديث عن (الصناديق السياسية)، إنها موضوعة رهن إشارة مصلحة المعلومات والشؤون الأهلية بالمغرب من قبل القيادة العليا للجيش، وتهدف من حيث المبدإ إلى شراء المستشارين من الأهالي، لكن إذا كانت صناديق الاختراق يتم التأشير على مصاريفها من قبل الحاشية المباشرة للمقيم من أجل الحاجيات السياسية الداخلية، فإن (الصناديق السياسية) توزع على ضباط الاستعلامات، ورؤساء المكاتب، لتسهيل سياستهم الأهلية، هؤلاء الضباط عليهم تقديم الحساب للإقامة عن كيفية استعمال الصناديق السياسية.

اقرأ أيضا: دموية المغامرة (الفرنسية) المغربية (ج2)

تجدر الإشارة أخيرا إلى أن (صندوق الغرامات والذعائر) هذا اللغز الغامض، مؤسسة شيطانية وتعويضات جيدة للكَسل، وتطميع للضباط عند مراقبي سجلاتهم -هم أنفسهم دون مراقبة- في المراكز المعزولة بالبلاد.

أما كيف يتم ذلك؟ فعندما يشتبه بأهلي أو يشك في أمره يغرم على الفور ويعاقب دون محاكمة أو إنجاز بحث وتكوين ملف قضائي.

مداخيل الصندوق تنموا بتلك الذعائر والغرامات، حيث تدخل الأموال وتخرج مهربة بلا مبرر وخارج التدقيق لذلك موارده غير محدودة.

إلى أين تذهب كل هذه الأموال؟

من وجهة النظر السياسية الأهلية ليس هناك خطر كبير في هذا التدبير، فمن أجل أن تكون جيد التنقيط، ضباط الاستعلامات لا يهتمون بغير الرفع من موارد الصندوق، ولو أفرط الحكام المدنيين في العقوبات، وفرض الغرامات بسهولة، دون حسيب ولا رقيب، على أساس أن يقدموا جزء منها لضباط  الاستعلامات خوفا من استيائهم وحرمانهم من رعايتهم.

لشرح جهل الجمهور بمادة المغرب يجب الحديث عن الصناديق السرية التي تسمح للمكتب المدني بإدارته لحسابه كل كبريات الصحف (بما فيها الصحف السياسية كيفما كانت انتماءاتها) التي لم تقبل أبدا إدراج معلومات حقيقية عن المغرب.

لقد عاينت تجربة حزينة، الرسالة الشهيرة التي بعثها فاتين برينكو لرئيس المكتب المدني للمارشال ليوطي الذي هو ابن أخ المارشال، والذي تعتني به الصحف الكبرى، وتنشر له حرفيا ما يرسله من تقارير، تكفي بالإطلاع عليها من أجل معرفة أساس خبر حرب الريف ليس إلا.

مرة عوض المارشال ليوطي بالمغرب، كنت أوّد كالآخرين الحصول على مزيد من الضيافة في مستعمرات كبريات الصحف لكن ما دمنا نقاتل، كان ضميري مترجرجا، ثم حاولت التعرف على صدق “بانلفي”، و”برياند” الذي سمعته يعترف بأبهة في قبة الجمعية برغبته في السلم، لكن في 31 دجنبر الأخير، من خلال قراءتنا مقدمات تقارير اجتماع مجلس النواب علمت أن برياند لا يريد التفاوض ولكن يريد ربح الوقت لغاية الربيع حيث سيحطم الريف.

لقد خرجت عن احتياطي ونظمت في دوائر اليسار ندوة لشرح ما طلبت نشره لأنه كان نتيجة عمل سريع يحتمل أن لا يكون ذا قيمة كبيرة بخلاف الشرح الشخصي أثناء المحاضرة الشفوية التي يمكن شرح ما مر مكتوبا غامضا لتكون الفائدة أعم وأبعد”.

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M