الصحافة في خطر ..

09 فبراير 2024 19:46
هوية بريس – يونس فنيش
“يوتوبر” يسجل مكالمات بموافقة أصحابها، “مضطرين”، نظرا لأسباب سيكولوجية عادية و سليمة، إلى حد ما، و ينشرها و يبني عليها كلاما و استنتاجات تخصه، و بذلك يكون في حماية القانون، و “صحفي”، لدية بطاقة الصحافة، يفعل نفس الشيء تماما، فما الفرق بين “الصحفي” و “اليوتوبر” في اليوتوب…؟
إذا كان “اليوتوبر الناجح”، ولو كان أميا، أو حتى جاهلا، هو الذي لديه آلاف المشاهدات في اليوتوب، فما هو معيار “الصحفي الناجح”، فهل هو الذي نسي فن الكتابة و ضوابط الصحافة و كيفية إلقاء الأخبار شفويا، ثم ارتمى في أحضان اليوتوب مكتفيا بترديد كونه صحفي و بالتالي يجب أخذ كلامه على محمل الجد، مهما كان كلاما ذاتيا لا يمت لا بالصحافة و لا بالموضوعية بصلة…؟
و إذا كانت الصحافة مازالت فعلا مهنة، فكيف نفرق بين “البوتوبر” و “الصحفي”، خاصة لما تكون طريقة الإلقاء هي نفسها، متشابهة، فكيف نفرق بين كلام “صحفي”، يدعي الرأي، مستقويا ببطاقته الصحفية، و “اليوتوبر الناجح” الذي يتوفر على نسبة عالية من المشاهدات، بدون أية بطاقة صحفية، مما يجعل “الصحفي” يقتدي باليوتوبر و ليس العكس… ؟ فهل ماتت الصحافة أم أنها لم تعد مهنة كاملة الأركان؟ فهل هي فتنة العصر الذي نعيشه، أم أن الأمر يتعلق فقط بانهزام كلي للصحافة…؟
العمل الصحفي المهني الذي ينشر في اليوتوب يبقى عملا صحفيا و لا شك في ذلك، ولكن ألا يحق منع استغلال بطاقة الصحافة و إشهارها من أجل “إمتهان” “تايوتوبريرت” قصد إيهام المشاهدين أنهم أمام كلام “رسمي”، علمي، مبرر، ولو كان الأمر شخصي ذاتي عامي و “كلام مقاهي”..؟
و إذا كانت “تايوتوبريت” تدر مالا على أصحابها جميعهم، تقريبا، فما المبرر لاستغلال الوضعية الصحفية لبعضهم إن لم تكن من أجل التمويه و تمرير أشياء و أشياء قد تكون في غير محلها…؟
هناك من يربح الملايين الكثيرة في اليوتوب عبر نشر التفاهة و ما إلى ذلك، نعم، ولكن هذا لا يبرر قطعا أن يلتحق بتلك “القافلة” كل من كان صحفيا يمتلك بطاقة الصحافة، لأن الصحافة لديها حرمة تخصها، كما عليها واجب أو مهمة نقل الحقيقة المجردة، فهل أصبحت تقتدي بأسلوب “اليوتوبرز الناجحين” الذين يعدون من المواطنين البسطاء الذين لا يدعون العمل الصحفي بحيث أن هدفهم الواضح هو كسب أكبر عدد من المشاهدات -بغض النظر طبعا على المحتويات التي لا يتحملها روح القانون العام و الخاص-؟
أليس هذا كله عبارة عن فوضى مضرة بالعمل الصحفي لا يمكن الإستمرار في السكوت عنها في إطار الوطنية الحقة التي تقتضي الحث على تقنين كل ظاهرة جديدة تنتشر بدون ضوابط معقولة…؟
ليس المشكل في تحقيق التفاهة لمشاهدات عالية لأنها تظل مجرد فرجة، في حدود ما، طبعا، ولكن الخطير أن يختلط العمل الصحفي مع “تايوتوبريت”، و معذرة على الصراحة، ولكن لابد من قانون للتصدي للخراب الفكري. و تحية عالية للقراء الأعزاء الشرفاء.
آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M