الفتوى بين “السكنفل” و”أبي يونس” وبين “هوية بريس” و”جوقة الحداثيين”
هوية بريس – رضوان نافع
تابعت مؤخرا زخما إعلاميا وفكريا متباينا يتصل بالموقف من الاحتفال برأس السنة الميلادية، ففي الحين الذي هبّ العلماء والدعاة إلى تبصير عموم الناس بالموقف الشرعي المتفق عليه بين الفقهاء وعلى رأسهم إمامنا مالك -الذي تتبنى بلادنا مذهبه رسميا-، ظهر بعض المفتين الذين يحسبون على المؤسسة الرسمية ليصنع الحدث بفتوى شاذة ويشكل نشازا عن النسق العام الذي تماهت فيه نظرة العلماء والمشايخ الذين ينتسبون إلى المؤسسات الرسمية مع نظرة إخوانهم من خارج هذه المؤسسات.
فكان من الطبيعي أن تجد فتواه استنكارا من أهل العلم في المؤسسة الرسمية وخارجها، وأن تخرج الردود على هذه الفتوى الشاذة من العلماء أداء لأمانة النصح والبيان. لكن جوقة الحداثيين الذين استصدروا الفتوى الشاذة من الأستاذ المفتي (لحسن السكنفل) هبوا لنصرة مفتيهم وشنوا غارات بدون هوادة على العلماء والدعاة الذين ردوا على مفتيهم الذي ليست هذه أول فتاويه التي يخالف فيها إجماع العلماء ويقر بها عيون الحداثيين.
لقد سود الحداثيون مقالات عدة وجهوا فيها سهامهم إلى العلماء وكعادتهم علبوا التهم وقلبوا الحقائق وجعلوا الأصل نشازا والنشاز أصلا.
فعلى سبيل المثال انبرت الجريدة الحداثية “أنفاس بريس” إلى نشر سلسلة من المقالات هاجمت من خلالها العلماء والدعاة الذين يعلمون الناس ويبينون لهم حكم الاحتفال برأس السنة في شخص الداعية أبي يونس محمد الفرعني على إثر محاضرة له في إنزكان عن حكم مشاركة المسلمين في احتفالات رأس السنة والتي لم يخرج فيها عما اتفق عليه الفقهاء، ولم يحد فيها عن المذهب الرسمي للبلاد، فهاجموه مستعملين كل أساليب التهويل والشيطنة في محاولة للتأثير على الرأي العام ولاستعداء الأجهزة الرسمية على الشيخ ومن هم على شاكلته، فبلغ بهم الحال من التهويل أن وصفوا محاضرته العلمية بـ”الغزوة”، ورموه بالتطرف والعنصرية وإثارة البلبلة والكراهية.. وغير ذلك من التهم التي لا يملون من تكرارها في كل هجوم يشنونه على العلماء والدعاة.
ونشرت “أنفاس بريس” أكثر من مقال في الموضوع في محاولة يائسة لاستغلال الحدث إلى أبعد حد ممكن، فشنت هجوما على الجمعيات الدعوية مستعدية السلطات عليها ومتهمة لها بنفس التهم البالية التي مل المغاربة سماعها من أبواق “الحداثيين”، مع أنه لم يعد لها تأثير على الرأي العام، بعدما انتشر الوعي بأنها تدخل في عملية الأدلجة الحداثية التي تمارسها جوقة الحداثيين منذ مدة ليست باليسيرة على عموم المغاربة.
كما وزعت الجريدة الإلكترونية المذكورة الإتهامات في كل الاتجاهات نصرة لمفتيها فلم تسلم منها المؤسسات الرسمية ورؤساء المجالس العلمية والعلماء في المجلس العلمي الأعلى، وعلماء المغرب الكبار من خارج المجلس فالكل متهم بالأصولية، والكل في نظر “أنفاس بريس” إما يتبنى الأصولية أو يتماهى معها أو ينبطح لها.. ومما أثارني في مقالات هذه الجريدة إصرارها في كل المقالات على ممارسة الوصاية على كل المسؤولين على الشأن الديني ابتداء من أمير المؤمنين -نصره الله ونصر به دينه- ومرورا بوزير الأوقاف ورئيس المجلس العلمي الأعلى ورؤساء المجالس العلمية المحلية، وتملي على الجميع وجوب تبني النظرة الحداثية التي استصدروا لها مستندا من صاحب الفتاوى النشاز..
وفي تناقض فاضح تستنكر “أنفاس بريس” الرد على ”لحسن السكنفل” ومهاجمته بدعوى انتمائه للمؤسسة الرسمية، ثم تهاجم في نفس الوقت وبقوة رؤوس هذه المؤسسة والمقدمين عليه في الفتوى.
ففي مقال واحد عرضت الجريدة ذاتها بالملك -أيده الله- متهمة له بالتفريط في تدبير الشأن الديني، وهاجمت وزير الأوقاف أحمد التوفيق ورئيس المجلس العلمي الأعلى العلامة محمد يسف ورئيس لجنة الفتوى بالمجلس العلمي الأعلى الدكتور محمد الروكي وعضو المجلس العلمي الأعلى ورئيس المجلس العلمي المحلي بوجدة الدكتور مصطفى بنحمزة ورؤساء وأعضاء مجالس علمية أخرى كالدكاترة توفيق الغلبزوري والحسين آيت سعيد وحسن العلمي، كما هاجمت بعض العلماء كالشيخ مولود السريري والشيخ سعيد الكملي والدكتور محمد عوام، ووجهت سهامها إلى جريدة “هوية بريس” المنبر الشريف الذي نشر ردود العلماء والباحثين على مفتي الجوقة متهمة للجميع بالوهابية والاخوانية والأصولية كل ذلك في مقال واحد.
ومثل هذا المقال يظهر حجم التغول الحداثي الذي أصبح يملي على المغاربة كلهم من أعلى الهرم إلى أدنى قاعدته أمور دينهم، وكل من أظهر ممانعة فهو متهم بالوهابية والأصولية والإخوانية.. وكأن الحداثة التي يبشرون بها هي حبل الله الممدود وصراطه المستقيم وما دونها مما يدعو إليه علماء هذا البلد باختلاف مدارسهم ومناهجهم حتى الرسمية منها سبل الشيطان والغلو والتطرف.
إن ركوب الحداثيين -بأديولوجيتهم التي لا تعترف بالمرجعية الإسلامية- على فتوى السكنفل في مثل هذا الحدث لضرب المنظومة الدينية بأكملها وفرض وصايتهم على المغاربة في أعز ما يملكون يدعو إلى التيقظ والحزم في مواجهة الجوقة ومخرجاتها.
إن الحملة المسعورة للإعلام الحداثي على العلماء والدعاة والقائمين على الشأن الديني بجرأة كبيرة وصفاقة وجه معتادة لقلب الحقائق وتوجيه الرأي العام، ينبغي تفكيكها كما سبق ثم وضع كل شيء في نصابه، ومن ذلك دعوتهم إلى الحجر على أهل الاختصاص من العلماء والدعاة الذين ينطلقون من نفس المرجعية والأدبيات في مقابل نصرتهم لمن شذ عنهم و درج على الخروج بفتاوى شاذة تخالف إجماع العلماء يسارع الحداثيون في نشرها على أوسع نطاق وتقديمها على أنها تمثل الموقف الرسمي بالبلد.
والصواب أن هذا المفتي هو أولى بالحجر، ويستقيم أن يوصف بالمفتي الماجن الذي نص الفقهاء على وجوب الحجر عليه دفعا لضرره على دين الناس عملا بالقاعدة الفقهية “الضرر يزال”. والمفتي الماجن هو الذي يفتي الناس بالجهل والحيل ولا يبالي بتحليل الحرام وتحريم الحلال.
وأما عن استعدائهم لولي الأمر على العلماء واستثارتهم لملك البلاد -أيده الله بنصره وتوفيقه- للتدخل في هذا الباب نقول لهم نعم من واجبات ولي الأمر أن يهتم بأمر الفتوى و”أنْ يتصفح أحوال المفتين، فمَن كان يصلح للفتوى أَقَرَّهُ، ومَن لا يصلح منعه منها، وتقدّم إليه بأن لا يتعرَّض لها، وأوعده بالعقوبة إنْ لم ينته عنها”، لكن من المنطقي أن طريق ولي الأمر إلى معرفة من يصلح للفتيا أن يسأل عنه العلماء أهل الاختصاص ويعتمد على إخبارهم ولا عبرة بتزكية أو قدح غيرهم خاصة جوقة الحداثيين الذين هم أبعد الناس عن هذا الشأن.
وأختم مقالي هذا بتوجيه إلى عموم الناس الذين لا غنى لهم عن فتاوى العلماء في النوازل ومختلف الأحوال أن يتحروا لدينهم ويجتنبوا الفتاوى الشاذة ولو زينها الإعلام وسوق لها “فلا يجوز العمل بمجرد فتوى الفقيه أو المفتي الذي يبيح للسائل ما سأل عنه إذا كان يعلم أن الأمر بخلافه في الباطن، أو شك أو حاك في صدره شيء من الفتوى لعلمه بحال المفتي وبجهله أو محاباته في فتواه أو عدم ورعه وتقيده بالكتاب والسنة؛ أو لأنه معروف بالفتوى بالحيل والرخص المخالفة للسنة، وغير ذلك من الأسباب المانعة من الثقة بفتواه وسكون النفس إليها”.
إلى المسؤولين عن الخط التحريري لهوية بريس، ………….. هل تمارسون الدعوة، أم مهنة الصحافة. ؟؟؟؟؟؟
صحافة مقيدة بضوابط الشرع، هكذا تكون الصحافة الهادفة. ولا اعلم جريدة تدافع هن ثوابت هذا البلد غير هذه، ولا نزكي على الله احدا
وما هو الخطأ في الدعوة إلى ما أمرنا الله تبارك وتعالى إليه
ربنا أجرنا من كيد المنافقين