الكنبوري: بعضهم يصور بمكر أن المطالبين بالإعدام يفكرون خارج الدولة.. وهذه أضحوكة!

24 سبتمبر 2020 21:38

هوية بريس – عابد عبد المنعم

قال الدكتور إدريس الكنبوري إن قضية الإعدام  عندما يتناولها فكر منحرف فإنها تخضع، مثل كل القضايا، لكثير من التلبيس والفهم الجهول.

وأضاف بأن هناك من يفكر أو يريد أن يقنع العقول الصغيرة بأن المطالبين بالإعدام في القضايا الجنائية الخطيرة يريدون أن تمتلئ الشوارع بالدماء وتتطاير الأشلاء في السماء وتطير الرؤوس في الهواء.

وهذا تفكير إرهابي. وإذا كان الحكم على الشيء فرعا عن تصوره فهؤلاء يتصورون عقوبة الإعدام بطريقة دموية إرهابية فيحكمون عليها انطلاقا من ذلك.

ليذكر بعد ذلك أن الولايات المتحدة الأمريكية تنفذ سنويا مئات أحكام الإعدام، لكنها نظيفة وفيها انتخابات حرة. وتنفذ اليابان سنويا مثل ذلك لكنها نموذج في النظافة والانضباط والدقة، وكذلك تفعل الصين وهي اليوم قوة عظمى. ولو سألت مسؤولا أمريكيا عن الموضوع وعن الأشلاء والشارع والهواء لسخر منك واعتقد أنك قادم من كهوف إفريقيا.

المفكر المغربي تعجب ممن يفهم الاعدام أنه وحشية ولا يفهم جريمة القتل وحشية. أي عقل هذا الذي يعتبر أن العقوبة على القتل باسم القانون جريمة، ولا يعتبر الجريمة عقوبة بالقتل خارج القانون؟

ويصور هؤلاء، بمكر، أن المطالبين بالإعدام يفكرون خارج الدولة. وهذه أضحوكة. فمتى كان العقلاء يعتبرون ما يقوله العامة في الشارع وفي مواقع التواصل الاجتماعي مقياسا للتشريع؟ كيف يمكن الثقة في من ينطلق من هذه الردود الشعبية لصياغة مفهوم؟ وما دور الدولة غير التعالي على الحس الشعبي وصياغة القوانين المجردة التي فيها مصالح الجماعة؟

ليعقب بعد ذلك في تدوينة له على صفحته بالفيسبوك بأن الرأي الحصيف في الفقه الإسلامي -كما هو الحال في أمريكا واليابان وغيرهما- أن عقوبة الإعدام موكولة إلى ولي الأمر، وهي هنا الدولة الحديثة، لسان القانون وقبضته. أي إعدام خارج الدولة هو حرابة تستدعي العقوبة. وهذا المفهوم الفقهي لسلطة العقوبة هو نفسه ما أدركه الفلاسفة الغربيون أمثال ماكس فيبر حين تحدث عن العنف الشرعي وغير الشرعي وعرف الدولة على أنها المالك الحصري لسلطة ممارسة العنف المشروع. فالقتل هنا جريمة، لكن القتل الذي تقوم به الدولة باسم القانون عقوبة لا جريمة، أي عنف شرعي، أي قانوني. ومعنى قانوني أن الجماعة اتفقت عليه.

الأمر الآخر الذي لا يقل فظاعة وجهلا اعتبار عقوبة الإعدام انتقاما. سبحان الله الذي جعل التفاوت في العقول والأرزاق. هؤلاء لا يفهمون في فلسفة القانون بتاتا رغم أن بعضهم رجال قانون للأسف. الانتقام هو الخروج عن حد العقوبة إلى الشطط فيها. مثاله قتل الثلاثة بالواحد أو الجماعة بالفرد في حال كان القاتل واحدا معروفا، وقد حدد القرآن العقوبة والانتقام في آية واحدة فقال تعالى: “ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق، ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا فلا يسرف في القتل”. وفي الآية ثلاث قواعد: القتل لا يكون إلا بالحق المرادف للقانون أي في حالة الفصاص. والثانية القصاص يجب أن يكون موازيا للجرم فهذا هو تطبيق القانون، الذي عبرت عنه الآية بالسلطان، والثالثة أن ما فوق العقوبة هو انتقام، وعبرت عنه الآية بالإسراف، ومعنى أسرف بالغ، ولو ترجمنا الإسراف بلغة حقوق الإنسان قلنا: الشطط.

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M