انتصار طالبان.. هل انتهت الحرب العالمية على الإسلام؟؟

06 سبتمبر 2021 21:42

هوية بريس – إبراهيم الطالب

بحلول 11 من شتنبر الجاري ستكمل الحرب العالمية على الإرهاب بقيادة أمريكا عقدها الثاني، ..عشرون سنة بالتمام والكمال، تغير فيها وجه العالم، بدأت بغزو أفغانستان وإسقاط طالبان، وانتهت بعودة طلبة العلم “طالبان” إلى سدة الحكم، بعد عشرين سنة من الجهاد والقتال، استشهد نصف صفهم القيادي وقدموا 50 ألف شهيد.

عشرون عاما تعني: أن أجيالا ولدت في ظل الحرب على الإرهاب، تشكل وعيها وفق كم هائل من الأخبار الزائفة والمفاهيم المحرفة، وصيغت نفسياتها في جو الترهيب والتخويف، هذه الأجيال هي من سيقود البلدان الإسلامية في العقود الآتية، لذا على كل من يستطيع أن يأخذ هذه المرحلة بالنقد والبيان، فمعركة المسلمين الكبرى اليوم هي الحيلولة دون تزييف الوعي لدى الأجيال.

وأول ما ينبغي أن يؤخذ بالتساؤل والدرس والبحث سؤالُ:

هل كانت هذه الحرب حربا على الإرهاب أم حربا على الإسلام؟؟

الفيصل في الجواب على هذا السؤال يتمثل في النتائج على أرض الواقع.

وقبلها يحسن بنا أن نمهد لذلك بنظرة عجلى عن الواقع قبل انطلاق تلك الحرب المشؤومة.

فقبل 11 من شتنبر 2001 كان الإسلام في ربوع العالم يعرف انتشارا مهولا بين صفوف الأوربيين والأمريكيين، الأمر الذي دفع الكنائس ومراكز الدراسات إلى التحذير المتواصل من الخطر الأخضر الزاحف على أوروبا بالخصوص، وبدأ ظهور جيل من الأوربيين ملتزم بالحجاب واللحية، منضبط بأحكام الشريعة الإسلامية، بالإضافة إلى رجوع أبناء المهاجرين المسلمين إلى التمسك بالدين، وهم أيضا يعتبرون مواطنين لدول المهجر كاملي الحقوق، الأمر الذي رأى فيه ساسة أوروبا تهديدا واضحا للحضارة الغربية وعقيدتها العلمانية.

ثم بدأت بوادر الردة عن حماية الحقوق والحريات تظهر في الأفق، حيث تم التضييق على الحجاب، لكن المراكز الإسلامية والقنوات الفضائية والعمل الجبار على الشبكة العنكبوتية وكذا الجيش العرمرم من الدعاة والعلماء الذين تستدعيهم الجاليات المسلمة من الخارج، جعل مهمة المعادين للتوسع الإسلامي صعبة للغاية.

وبالموازاة كان الإسلاميون في كل بلدان الإسلام يمثلون أمل الناس في الانعتاق من الاستبداد والفساد.

هذا ناهيك عن تطور أساليب العمل الإسلامي حيث صارت تعقد المؤتمرات وتؤسس المنظمات في كل التخصصات العلمية والصحافية والفكرية والاجتماعية والإغاثية، وانتشر عمل كل تلك المؤسسات في ربوع العالم بأسره في أدغال إفريقيا وأقاصي مناطق آسيا، حيث تبنى المراكز الإسلامية والمنظمات الإغاثية، الأمر الذي جعل الغرب وأمريكا يرون في الخطر الأخضر تهديدا لسيرتهم على العالم. خصوصا بعد سقوط الاتحاد السوفييتي والذي تزامن مع صعود جبهة الإنقاذ في الجزائر للحكم، وازدياد جبهات الجهاد في البوسنة والهرسك والشيشان والصومال، وأفغانستان قبلها جميعا.

تطورت الأمور على مستوى حرب الإسلام على كل المستويات، لكن مع ذلك استمر الإسلام في التوسع على حساب الأماكن التي كانت تشغلها الاشتراكية التي بدأت تنكمش لحساب التمدد الإسلامي، الأمر الذي زادت معه مخاوف العالم الغربي، الذي وجد في أحداث 11 من شتنبر 2001، الفرصة لاستئصال الإسلام في دياره، والضغط على الدول الإسلامية من أجل الانخراط في الحرب العالمية على الإرهاب، ولأن كافة الدول الإسلامية ضعيفة القوة ومرهونة في اقتصادياتها وقراراتها السيادية للقوى الكبرى، بدأت في الإذعان والانخراط في حرب الإرهاب الواحدة تلو الأخرى حتى دون أن تستطيع الدفاع عن مفهومها الخاص له.

هكذا أعطت أمريكا الانطلاقة لحربها العالمية من أفغانستان لم تترك حجرا على حجر، ولم يأمن من دمارها الحيوان بله البشر، فسقطت حكومة طالبان، ثم بدأت في غزو العراق القوة التي كانت تفزع الصهاينة في المنطقة، فسقطت بغداد، وتم شنق الرئيس العراقي صدام حسين يوم عيد الأضحى، وتكلف الروافض الصفوية بإعدامه بعد محاكمات هزلية انتقاما من تاريخه الحربي ضدهم، ثم نصبت المشانق للمقاومين، والرؤساء واغتيل كل علماء الذرة بواسطة فرق القناصة برئاسة المالكي، فاستشهد كل ذي نخوة رفض الالتحاق بمختبرات الأمريكان، فأبيدت نهضة عربية واعدة، بموت أغلب الأطر الذين كانوا يشتغلون في الميدان النووي العراقي ويدرسون علومه في الجامعات، ثم فتح سجن أبو غريب لإذلال المقاومة وكل من بقيت في نفسه ذرة كرامة ونخوة، اغتصبت النساء والأطفال والرجال وارتكبت جرائم ضد الإنسانية في كل بلدان المسلمين، إمعانا في إلحاق الهزيمة النفسية بكل شعوب المسلمين.

وفتحت المعتقلات في الدول المسلمة وغيرها التي لا تخجل من عار تعذيب البشر، فكان الأمريكان يجرون التحقيقات ويشرفون على التعذيب في بلدان المسلمين، لأن قوانينهم لا تسمح بذلك داخل ترابهم الوطني.

وحتى تضمن عدم تحرك الشعوب كممت الأفواه بقوانين الإرهاب، فصار حتى التشكيك في الأخبار يعتبر دعما للإرهاب، وعوقب الناس على معتقداتهم وإن لم يفعلوا شيئا، وحوكمت النوايا، وحشر الناس في معتقل غوانتانامو السيء الذكر.

كثرت الانفجارات في كل قارات العالم، حتى بدا للجميع أن الأمر مدبر في أكثر من مناسبة. لم تمر إلا سنوات حتى جاء ما سمي بالربيع العربي ليسقط عروشا جديدة، ويخضع أخرى، لكن القاسم المشترك بين العشرية الأولى والثانية هو سيادة الإرهاب والتطرف، فانضافت سوريا وليبيا واليمن إلى العراق وأفغانستان، فوضى وقتل وثروات منهوبة.

لكن إذا تساءلنا ما هو أبرز حدث وقع في بلدان المسلمين، كان الجواب دون تردد:

هو إخضاع أغلب الدول الإسلامية لمخطط التطبيع من طرف أمريكا والكيان الصهيوني، وكأنه كان الهدف الأسمى من وراء الحرب العالمية ضد الإسلام، وحتى نعلم العلاقة بين الحرب على الإرهاب والتطبيع نستمع بعقل منتبه لكلمة كبير مستشاري الرئيس الأمريكي ترامب وصهره الصهيوني جاريد كوشنر معلقا عن إنجازاته:

“نحن براغماتيون وواقعيون، أنا أصب تركيزي على الوفاء بوعود كثيرة هنا بأمريكا، هذا الأمر مهم لأن هذا النزاع استغل في تفشي الإرهاب، في المنطقة لوقت طويل، نحن نفذنا عملا جيدا في تطهير كثير من المساجد واستعادة الأيديولوجيا بالعمل مع شركائنا لضمان ذلك، وما فعلناه اليوم يسمح لإسرائيل بتطبيع العلاقات مع العالم العربي”.

دعونا نركز جيدا على كلمة: “نحن نفذنا عملا جيدا في تطهير كثير من المساجد”.

فأي نوع من التطهير هذا الذي طال مساجد المسلمين خلال عقدي الحرب العالمية على الإسلام؟:

1- تحريم الدعاء على الصهاينة في خطب الجمعة.

2- إلغاء التفسيرات التي تتهم اليهود بأنهم مجرمون.

3- عزل كل خطيب يخالف المفهوم الصهيوني للتعايش.

4- شطب عقيدة الولاء والبراء من الخطاب الديني.

هذا فيما يخص المساجد، أما خارج المساجد:

5- تعديل مقررات التعليم وشحنها بقيم التعايش مع اليهود خاصة.

6- حل الكثير من الجمعيات في ربوع العالم الإسلامي ومحاصرة الدعوة في العالم.

7- مصادرة أموال المنظمات والجمعيات الدولية الإسلامية ووقف نشاطاتها بدعوى محاربة تمويل الإرهاب والتطرف.

8- إقفال القنوات الإسلامية التي كانت تؤطر الناس خلال سنوات.

9- اعتقال أغلب العاملين للإسلام أو التضييق عليهم مثل ذاكر نايك.

10- تدمير دور القرآن ومؤسسات التعليم الديني في كل الدول، وما لم يدمر تم التضييق عليه لأقصى الحدود.

هذا هو التطهير الذي قصده كوشنر والذي مهد لحملات التطبيع المخزية.

وكلنا يتذكر عدد المؤتمرات والندوات والكتب التي تم إصدارها طيلة العشرين سنة من الحرب على الإرهاب.

واليوم مع رجوع طالبان إلى الحكم صرح بايدن بوضوح أن العالم قد تغير، مشيرا إلى أن الإسلام لم يعد هو العدو المهدد لأمريكا، بل الصين ومن يقف في معسكرها، مؤذنا بنهاية الحرب على الإسلام، الأمر الذي سينشر القبول للإسلاميين في الدول الإسلامية، بعد أن أشار بايدن أنه سيترك الحكام يلاقون مصائرهم.

إن نخب المسلمين اليوم مدعوة إلى استثمار ماجريات الحرب على الإسلام لتعيد الاعتبار للمسلمين، وتحارب هذا التزييف الذي لحق العقل الجمعي المسلم.

نحتاج إلى منظمات حقوقية نزيهة تطالب بحقوق أبنائنا الذين تم التنكيل بهم في غوانتانامو وسجون العار.

كما على العلماء والمفكرين أن يقوموا بواجبهم في الدعوة إلى فتح نقاش حول الخروقات التي تم اقترافها في مرحلة محاربة الإرهاب ولما لا التفكير في إلغاء قوانين الإرهاب والاكتفاء بالقوانين الجنائية.

إن أكبر فئة كانت تطبل للاعتقالات والتضييق على الناس هي الصحافة العلمانية حيث كانت تشد أزر كل القرارات الأمريكية في حرب الإسلام.

فكم من الأخبار الزائفة التي كانت تنشرها جرائد العلمانيين، وكم من مقالات التشهير دبجت للنيل من كل الإسلاميين، لقد أفلس اليسار والليبراليين على السواء في هذه الحرب التي استهدفت المسلمين خلال 20 سنة الماضية. والعجيب أن منهم من لا يزال يمتلك جبهة عريضة تجعله يردد ما تم رميه من طرف أسياده وأولياء نعمته، ولو كان في وجوههم قطرة دم لتواروا عن الأنظار بعد أن انتهى دور الوساطة الداعرة الذي قاموا به خلال 20 سنة الماضية.

وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم

آخر اﻷخبار
1 comments
  1. سيبدأ تجفيف منابع الأخونة على طريقة السيسي ومنهاج فرنسا
    والبداية تحييد إردوغان بالضغوط الإقتصادية وقد أتت أكلها

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M