خفايا توقيف الخطيب التطواني إدريس العلمي

20 يوليو 2016 17:23
خفايا توقيف الخطيب التطواني إدريس العلمي

هوية بريس – مصطفى الحسناوي

ليست هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها توقيف خطيب أو إمام في المغرب، أحيانا بدعوى مخالفة المذهب، وأحيانا دون أي تبرير؛ وليست هذه هي المرة الأولى التي يقوم فيها موقع عبد الرحيم أريري الإلكتروني، بالهجوم على الخطباء والدعاة، والكذب عليهم وتشويههم والتحريض عليهم، فعل ذلك مرارا وتكرارا، وفعله غيره ممن يتقاسم معه نفس الإيديولوجية الاستئصالية الحاقدة.

وفي إطار التجاوب السريع لبعض أجهزة الدولة ومؤسساتها، مع وشايات وتحريض الإعلام العلماني الاستئصالي، ضد كل ما هو إسلامي، وضد كل ما يمت لقيم وهوية المغاربة؛ تم يوم الأربعاء 15 شوال 1437 الموافق 20 يوليوز 2016، توقيف خطيب مسجد سيدي عبد الله الفخار بتطوان، الدكتور إدريس العلمي، بعد سلسلة مقالات للموقع الإلكتروني المشار إليه، ضده.

وجاء في مذكرة التوقيف الوزارية المحررة بالرباط بتاريخ: 18 يوليوز 2016، أنه “ينهي تكليف السيد إدريس العلمي الحامل لبطاقة التعريف الوطنية رقم VA36811 من مهمة الخطابة بمسجد عبد الله الفخار بتطوان ابتداء من 20 يوليوز 2016.

ويعهد إلى المندوب الإقليمي للشؤون الإسلامية بتطوان بتنفيذ هذا القرار”.

ولم يرد في المذكرة سبب التوقيف ولا تبريره أو دواعيه.

وعلى إثر ذلك نشر الخطيب بيانا بخصوص هذه الواقعة، توصلت “هوية بريس” بنسخة منه، ذكر فيه أنه اعتلى “منبر الجمعة بهذا المسجد يوم 28 رمضان 1430. وأنا بفضل الله خطيب الجمعة بغير هذه المدينة العامرة منذ عام 1420”.

وعبر الخطيب عن تفاجئه بهذا القرار الجائر قائلا: “والعجيب أنه ليس في هذا القرار نص على علة إنهاء التكليف وسببه، على ما جرت به مسطرة الوزارة في قرارات العزل، ولم يوجه إليَّ أيُّ استفسار مدة كوني خطيبا بهذا المسجد نحوا من عشر سنين؛ لأمر خالفت فيه قواعد الخطابة أو شيئا من ثوابت البلد، أو ما جرى به العمل، ولم يصدر مني في ذلك شيءٌ يُذكر، حتى يقال: فلان فعل ما يستحق عليه أن يحال بينه وبين دعوة الناس إلى ربهم وتعليمهم؛ لأني بحمد الله أعي معنى أن أكون خطيبا على منبر أنوب فيه عن ولي الأمر، ولست حديث عهد بخطابة، ولا دعيا لصيقا بهذه المهمة، وذلك الفضل من الله”.

وعن خبايا وخفايا هذا التوقيف، رجح الخطيب أن السبب وراء ذلك، مقالات الموقع الإلكتروني المشار إليه، حيث قال: “لكن يبدو أن (قرار إنهاء التكليف) المفاجئ أتى على إثر سلسلة مقالات كُتبت عن شخصي أنا الدكتور إدريس العلمي، بلغت في مجموعها (خمسًا) مدةَ ما يقرب من شهر: من 21 يونيو إلى 17 يوليوز 2016، ونشرت على صحيفة إلكترونية، غير موقعة باسم كاتبها!! الذي ملأها أنفاسا خبيثة، ووقاحة، وزورا وكذبا وبهتانا، وتضليلا للرأي العام، وشتما ورميا بالباطل، ينبعث من نفس لئيمة استئصالية، منطوية على حقد دفين وحسد لذي الفضل من العلماء والدعاة والخطباء والوعاظ”. وأضاف: “وقد نشرت هذه الصحيفة مقالات أخرى عن خطباء آخرين في سبتة، ومرتيل، وطنجة، بنفس هذا النَّفَسِ الخبيث، وألفاظه، وعباراته، مما يدل على أنه يصدر من نَفْسٍ واحدة، بلا شك، لكن صاحبها لم يجرؤ أن يكتب اسمه، وهذا جُبن في مقام المنازلة، فإن من يرمي الناس بالباطل لا يختفي عن الأنظار إلا لجبنه وخورِه، وزيف ما عنده، وكذب دعواه (قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين). وأنا أبرأ إلى الله تعالى من كل ما رماني به كاتب هذا البهتان والباطل والزور، عليه من الله ما يستحق، وأشكوه إليه، وأنا خصيمه بين يديه غدا يوم القيامة، هو حسبي ونعم الوكيل”.

وكان الموقع نشر مقالات عدة، تحت العناوين التالية:

– “انفلات ديني بتطوان وتمكين للوهابية بموارد التوفيق البشرية”.

– “ضدا على ثوابت البلاد مندوب الأوقاف بتطوان يقوم بتبييض الوهابيين”.

– “مندوبية الشؤون الإسلامية بتطوان في دار غفلون عن ثقافة الريع وعن تسمين بعض الأصوليين القائمين على الشأن الديني”.

– “إدريس العلمي خطيب بتطوان جئت لأعلم المغاربة الدين الإسلامي“.

– “وقاحة خطباء أصوليون يقطرون الشمع على المغرب في انقلاب تركيا”.

وقد أكد الدكتور العلمي في اتصال هاتفي لـ”هوية بريس”، أن المقالات مليئة بالكذب والتهويل والتهم الباطلة المكشوفة والوشاية والتحريض، وأن ما ادعاه الموقع من أن “خطبة الجمعة الأخيرة كانت مناسبة للتبشير الوهابي بخصوص زكاة الفطر، حيث استهدف إخراج المغاربة لزكاة الفطر نقدا، وأن ذلك لا يجزئ (يعني غير مقبول)، وأنه على المسلم إخراجها طعاما”؛ رد الخطيب على كلام الموقع، بالقول إن هذا كذب وبهتان واتهام بالباطل، لأغراض أخرى تحركها أيادي خفية، وأن خطبته مسجلة وكان موضوعها بعيدا عن موضوع زكاة الفطر. وأن تطرقه لزكاة الفطر، كان في رمضان عقب درس في التفسير ألقاه بعد صلاة العصر، واستفسره بعض المواطنين، فقال إن المجلس العلمي أفتى بإخراجها نقدا، فمن أراد إخراجها نقدا فله ذلك، ومن تحرى الصواب وما عليه المذهب المالكي، فليخرجها طعاما، وأنه لم يقل أن إخراجها نقدا لا يجزئ.

وفي تتبع للمقالات المذكورة، وقفت “هوية بريس” على طوام ومغالطات وأخطاء وتحامل كبير بنفسية إقصائية تحريضية حاقدة، لا تستغرب من صاحب الموقع، فكيف لصحافي أن يقيم الدنيا ولا يقعدها في مسألة فقهية، لا يفهم فيها كوعه من بوعه، ويعتبر الأمر اختراقا وهابيا، ويملأ مقاله كذبا وزورا وتحريضا، واتهاما لوزارة الأوقاف، بالتواطؤ حينا وبالجهل أحيانا، وذلك لتوجيهها والضغط عليها، وقد كان له ما أراد.

للأسف هذا الصحافي لا يفرق بين الإخوان والوهابية، ولا بين المذهب العقدي والمذهب الفقهي، ولا بين المذهب المالكي والتقاليد المغربية البعيدة عن الدين. ويعتبر إحياء الأعراس والحفلات، بقراءة عطرة للقرآن الكريم، اختراقا وهابيا خطيرا، يضرب ثقافة المغاربة المالكية، التي درجت على إحياء حفلاتها بالرقص والغناء، ولا يفهم أي شيء في المذهب المالكي، ويحشر أنفه في كل صغيرة وكبيرة تخص الخطب والمواعظ والخطباء والدعاة.

وفي اتصال هاتفي لـ”هوية بريس” مع عبد الرحيم أريري صاحب الموقع، رفض الإجابة عن سؤالنا بخصوص الكذب والتناقض الوارد في موقعه، وقال إنه غير معني بتقديم توضيحات وتفسيرات، وصرح لنا أنه يسخر موقعه لتسليط أضوائه الكاشفة على مثل هذه الحالات ليخدم إيديولوجيته ومصالحه.

وبخصوص عنوان مقاله الأخير: “إدريس العلمي خطيب بتطوان: جئت لأعلم المغاربة الدين الإسلامي“، الذي يكون ربما السبب في عزل الخطيب، طلب موقع “هوية بريس” توضيحا لعلاقة العنوان بفحوى الموضوع، حيث لا وجود لمعنى العنوان تصريحا ولا تلميحا، رد أريري بالقول إن صناعة العناوين لها معاييرها ومقاييسها، وهي تعتمد على الإثارة بغرض لفت الانتباه.

وهكذا يتضح أن أمثال هؤلاء يفرون فرار الضبع من الأسد، عند أول مطالبة بالحوار والنقاش العلمي، وأن الغرض هو الإثارة ولفت الانتباه، وخدمة الإيديولوجية والتوجه السياسي والفكري لصاحب الموقع، وليس الغيرة على المذهب المالكي، ولا خدمة حرية التعبير، واحترام تخصصات الآخرين، ولا النقاش العلمي، ولا احترام القراء، ولا مصلحة البلاد، ولا وحدتها المذهبية، ولا أي شيء من الشعارات التي يختبئ وراءها أمثال هؤلاء. خدمة لأيديولوجياتهم بمساعدة كثير من مؤسسات وأجهزة الدولة للأسف الشديد، والتي نجدها في كل مرة تصطف إلى جانب الخصوم السياسيين والإيديولوجيين للإسلاميين، ولأعداء قيم وهوية المغاربة المستمدة من الدين الإسلامي الحنيف.

وهذه صورة قرار إنهاء التكليف بمهمة الخطابة، توصلت “هوية بريس” بنسخة منه:

خفايا توقيف الخطيب التطواني إدريس العلمي

آخر اﻷخبار
12 تعليق
  1. لا حول و لا قوة إلا بالله، لكل ظالم يوم يا وزير التوقيف و الشؤون العلمانية و من وراءك، فحسبنا الله و نعم الوكيل.

  2. د. ادريس يعرف جيدا لماذا عزل ولكنه يريد أن يركب على هذه القضية ولمن لا يعلم فاليراجع الظهير الشريف رقم 1.14.104 الصادر في 20 من رجب 1435 ( 20 ماي 2014) في شأن تنظيم مهام القيمين الدينيين وتحديد وضعياتهم, وخصوصا المادة 9 منه والتي نصها يمنع على القيم الديني الذي يمارس مهامه بناء على عقد مبرم طبقا لأحكام المادة 19 من هذا الظهير الشريف، أن يزاول، بصفة مهنية، أي نشاط في القطاع العام أو القطاع الخاص يدر عليه دخلا كيفما كانت طبيعته، إلا بترخيص مكتوب من السلطة الحكومية المكلفة بالأوقاف والشؤون الإسلامية، باستثناء الأعمال العلمية والفكرية والإبداعية التي لا تتنافى مع طبيعة المهام الموكولة إليه، تحت طائلة إنهاء العقد المبرم معه، مع مراعاة أحكام المادة 21 أدناه. وهو يشغل بالمجلس العلمي المحلي لعمالة المضيق الفنيدق. لذا توقيف هذا الشخص جاء وفقا للقانون الجاري به العمل فلا تجعلوا هذه القضية مطية لأهوائكم

    1. نورنا إذن، لماذا لم تذكر هذه الأسباب التي اكتشفتها في وثيقة القرار؟؟؟ و ماذا عن الخمليشي و المدغري و دور القرآن و خطيب مسجد مولينا و أقوام غيرهم ممن أوقفوا و منعوا من الخطابة؟؟؟
      لا تجعلوا أنفسكم ظهيرا للظالمين.

    2. إلى عثمان شوركت
      يبدو أنك لا تفقه ما تقول ولا تدري ما الظهير ولا ما له
      أنا لست قيما متعاقدا أنا قيم ديني مكلف
      المتعاقدون في المغرب كله 16 لحد الآن وهم شبه موظفين . وأنا لست بالمجلس العلمي بل موظف متصرف من الدرجة الثانية بمندوبية الشؤون الإسلامية فعن أي نشاط مدر للدخل تتحدث يا أخي؟!!
      راجع أوراقك …

  3. عن توقيف خطباء المساجد
    مارأيكم في حملة ‫#‏زيرو_توقيف_يا_توفيق‬
    بارطجي يامن تغار على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم

    1. أنا أتفق معك يا أخي.
      زيرو توقيف هو ما تحتاجه الأغلبية المسلمة في هذا البلد حيث أضحت أقلية استراتيجية، و بات المال و المناصب الحساسة و الإعلام في أيدي الجالية العلمانية المقيمة بالمغرب.
      ‫#‏زيرو_توقيف_يا_توفيق‬

  4. هؤلاء العلمانيون فقط يحبنا ان تشيع الفاحشة في الذين آمنوا. مثلهم كمثل قوم لوط عليه السلام لما قالوا عن المؤمنين اخرجوهم من قريتكم انهم أناس يتطهرون.

  5. يبدو أن الوزير توقيف اقصد وزير توفيق. له هواية توقيف اي خطيب قدير سطع نجمه اما جريدة انفاس الالكترونية فهي جريدة تخدم اجندة علمانية متطرفة معروفة على الاستاد ادريس أن يتجه الى التعليم العالي فدلك هو مكانك الطبيعي و الاجدر بمقامه

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M