د.الودغيري: الأزمة بين “أولياء التلاميذ” و”المدارس التجارية للقطاع الخاص” تكشف المستور

01 يوليو 2020 20:37
د. الودغيري يكتب عن قانون "فرنسة التعليم": كيف يجري النهر بعد تجفيف منابعه؟

هوية بريس – عبد العلي الودغيري

خلال النقاش الطويل حول القانون الإطار للتعليم الذي شغل الناسَ شهورًا طويلة من السنة المنصرمة، كان وزير التعليم يقدّم، في جملة مبررات دفاعه عن ذلك القانون الذي اعتبرَه «قانونًا إصلاحيّا»، أن هذا (الإصلاح)، سيكون من آثاره الإيجابية إرجاعُ ثقة المواطنين في المدرسة العمومية، وسيجعل الكثير من الآباء يغادرون المدارس الخصوصية ويتوجهون إلى المدارس العمومية.

واليوم بعد أن استفحَلت الأزمة بين أولياء التلاميذ والمدارس التجارية للقطاع الخاص، أصبح الوزير نفسه يصرّح أمام لجنة التعليم في البرلمان وعلى رؤوس الأشهاد، بأن «نزوح التلاميذ من التعليم الخصوصي إلى التعليم العمومي أمرٌ غير صِحّي»، و«أن مؤسسات التعليم العمومي غير مستعدة لاستقبال أعداد كبيرة من التلاميذ النازحة من الخصوصي إلى العمومي».

منذ الوهلة الأولى كنا نعلم أن القانون الإطار إنما جاء حصريّا لأداء مهمة واحدة لا ثاني لها، وهي الانتقال بمسلسل الفَرنَسة إلى أقصى سرعة، والمضي في سياسة إغراق التعليم المغربي في الوحَل الفرنكفوني إلى أبعد نقطة، والتراجع عن استعمال اللغة الوطنية الرسمية في تدريس العلوم ( تجريبية ورياضيات…)، وتجفيف منابع هذه اللغة منذ المراحل الأولى للتعليم، بدءًا بدور الحضانة ورياض الأطفال.

هذا هو الهدف الأساس الذي عملت حكومتنا السعيدة على تحقيقه. وما عدا كل ذلك من الكلام المعسول، ودغدغة العواطف، والوعود الطناّنة، وتبرير ما لا يُبرَّر، كادعاء إصلاح التعليم، وإعادة الاعتبار للمدرسة العمومية وتأهيلها، وتحقيق المساواة في فرَص التعلُّم، وغير ذلك من المُسوِّغات والمُسكِّنات، إنما جيءَ به لتسهيل ابتلاع طُعم مخطّط الفَرْنَسة الرَّهيب الذي بدأ تنفيذه على يد دهاقنة الاستعمار، ثم تابعه من بعدهم خُدامُه الحريصون على مصالحه الذين ما لبثوا أن رسَّخوا وجودَهم وفرضوا هيمنتَهم، خلال سنوات الاستقلال، على كل مفاصل الدولة العميقة.

واليوم، بعد أن بلعَ المغاربة ذلك الطُّعم بكل سهولة، رغم تحذيراتنا وصرخاتنا ونداءاتنا المتكرّرة، مع جماعة من الخيّرين والوطنيّين الغيورين على مستقبل هذه البلاد والمصلحة العليا لأمتنا العربية الإسلامية، ها هي ذي أقوى تلك الذرائع والحُجج والتعلاّتُ الزائفة تَتهاوى وتتساقط أشلاؤها أمام أول اختبار بسيط، ولم يمض سوى عام واحد على إطلاق فُقاعاتها الكاذبة. وإذا بالإدارة التعليمية تعلن بصريح العبارة عدم استعدادها لاستقبال الهاربين من جحيم المدارس التجارية التي انكشفت أقنعتُها وكشَّرت عن أنيابها في جشَع قلَّ نظيره.

صدق القائل: حبل الكذب قصير.

آخر اﻷخبار
1 comments

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M