د.بنكيران: هل يجب على التائب التخلص من المنزل الذي اشتراه عن طريق “قرض ربوي”؟

17 ديسمبر 2021 10:35

هوية بريس – د.رشيد بنكيران

شاع خطأ بين الناس يتعلق بشروط التوبة لمن اشترى منزلا عن طريق قرض من بنك ربوي…
فالجميع يعلم أن القرض البنكي بالفائدة هو من الربا المحرم، ولا يجوز للمسلم أن يقترض مالا عن طريق معاملة ربوية دون ضرورة شرعية يقدرها العلماء، فالضرورات تبيح المحظورات، إلا أنها تقدر بقدرها، وأهل العلم وحدهم هم المؤهلون لتقديرها.

هذا الخطأ الشائع يتمثل في أمر التائب بالتخلص من المنزل الذي اشتراه عن طريق القرض الربوي، ويكون ذلك ببيعه وتصفية الحساب مع البنك إن بقيت هناك أقساط في الذمة، أو بيعه وشراء منزل آخر إن كان في مقدوره ذلك، وكأن المنزل الأول يحرم الإقامة فيه.

وهذا الكلام أو الشرط المذكور لصحة توبة المقترض بالربا لا أساس له ولا دليل عليه، فتوبة المقترض بالربا تتحقق بـ:
✓ الندم الشديد على ما أقدم عليه من معاملة ربوية تعد من الكبائر،

✓ والعزم على عدم تكرار ذلك،
✓ والإكثار من الاستغفار،
✓ واستحب بعض أهل العلم أن يكثر من الصدقة؛ لأن الصدقة في عمقها تحارب الربا والمرابين.
أما الأمر بالتخلص من المنزل الأول فلا وجه له فقهيا؛ لأن المقترض عن طريق الربا قد أدى الأقساط التي عليه بحُرّ ماله، ولم يغتصب مال أحد، وليس هو من أخذ الفائدة الربوية لنطالبه بإرجاعها، بل البنك هو من أخذها وهو الظالم في ذلك، ولو افترضنا أن أصحاب البنك يريدون التوبة فهم من يجب عليهم التخلص من الفائدة الربوية بإرجاعها لأصحابها وهم المقترضون منهم بالفائدة.

فنحن حينما نطالب من تاب إلى الله بالتخلص من المنزل الذي اشتراه عن طريق قرض ربوي -وغالبا تكون عليه أقساط لا تزال في ذمته- يضطر لبيعه بأقل ثمنه، ولتصفية حسابه مع البنك سيؤدي الدين الذي كان عليه كاملا، فالبنك لن يقبل إلا بأخذ حقه كاملا كما لو استمر المقترض في أداء تلك الأقساط بالأجل المتفق عليه سابقا، أو قد يخفض له البنك نسبة معينة من الفائدة التي كانت عليه، لكنها قليلة جدا أمام الزيادة الربوية التي أداها أو سيؤديها، فيتضرر ذلك التائب في ماله ضررا شديدا دون موجب شرعي، ويتحمل ما لم يحمله الشرع بسبب شرط فاسد في التوبة وجائر في حق التائب.
وماذا على من أراد التوبة أن يفعل؟
عليه أن يستجيب للشروط الثلاثة الآنفة الذكر قلبا وقالبا وبصدق وعزيمة، فمن تاب تاب الله عليه، ويستحب له الإكثار من الصدقة. أما التخلص من المنزل فلا يجب عليه ذلك، فمن أراد بطيب خاطره فله ذلك، ومن لم يرد فلا شيء عليه.
والله أعلم.

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M