ذ.درواش: رسالة عاجلة للشعب الجزائري الشقيق بعد القرار الإسباني الأخير حول الصحراء المغربية
هوية بريس – ذ.نور الدين درواش
أيها الشعب الجزائري الشقيق؛
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
وبعد؛
فلا شك أن رابطة الأخوة المغربية الجزائرية رابطة متينة ومتجذرة بحكم التاريخ واللغة والعقيدة والجغرافيا وهذا ما تجسد في تلاحم الشعبين الشقيقين في مواجهة المستعمر وما أسهم به المغاربة خدمة لقضية تحرير الجزائر بعد نيل المغرب استقلاله خاصة بين سنتي 1956 و1962.
فالمغاربة يعتبرون رموز النضال الجزائري ضد المستعمر كابن باديس ومحمد البشير الإبراهيمي وغيرهما من صميم الثقافة والتاريخ المغربيين.
كما أن الجزائريين يعتبرون رجالات الحركة الوطنية المغربية كعلال الفاسي وعبد الكريم الخطابي وغيرهما من لب الثقافة والتاريخ الجزائري.
أيها الأشقاء؛
لطالما سمعنا أصواتا طيبة من إخواننا الجزائريين تؤكد على الأخوة بين الشعبين وتختصرها في عبارة (خاوة خاوة) وتحصر الخلاف بين القيادتين المغربية والجزائرية
والحقيقة عند التأمل؛ أن لا مشكلة للشعب الجزائري الشقيق لا مع الشعب المغربي ولا مع القيادة المغربية فهو -أي الشعب الجزائري- يكن لهما محبة وتقديرا واحتراما.
والشعب والقيادة المغربية يبادلان الشعب الجزائري المشاعر والتقدير نفسهما.
لكن بالمقابل نجد القيادة الجزائرية تعاكس منطق التاريخ ومقتضى الدين ولازم اللغة فتشن في مختلف المحطات حربا لا هوادة فيها على قضية الوحدة الترابية للمغرب ولا تكف عن استعداء المغرب قيادة وشعبا ومعاكسة مصالحه والتشويش على أمنه واستقراره.
وفي مقدمة صور هذه الحرب الشعواء اصطناع ما يسمى بـ”البوليزاريو” وتبنيه ودعمه وتمويله واحتوائه واحتضانه وتسليحه إمعانا في محاربة دولة جارة شقيقة على حساب مصالح الشعب الجزائري العظيم الأبي.
وهذا النزاع المصطنع والمفتعل كلف ميزانية الدولة الجزائرية مبالغ باهضة لو صرفت على التنمية في شتى المجالات النافعة لكانت الجزائر أعلى وأرقى مما هي عليه اليوم، كدولة غنية بالغاز والبترول تعاني من سوء التدبير وإهدار المال العام في مواجهات مصطنعة.
وهذا النزاع كلف المغرب بدوره أموالا وأرواحا وطاقات… لكن المغرب مضطر ومرغم على ذلك وكما قيل “مكره أخاك لا بطل”.
أيها الأشقاء الجزائريون؛
إن المغرب مظلوم لأنه يراد تقسيمه وتجزئته، وفصل جزء مرتبط به منذ ما يزيد عن ألف سنة بروابط البيعة بين مختلف القبائل الصحراوية والدول التي تعاقبت على حكمه.
والمغرب إن أنفق فإنما ينفق مضطرا -في أزمة فرضت عليه- لمنع الظلم ودفع الصائل والحفاظ على أرضه ووحدة شعبه، لكن ما بال دولة الجزائر تنفق على قضية المفروض أنها بعيدة عنها وخارجة عن اختصاصها ونفوذها ومصالحها سواء نجح الانفصال أم لا.
لقد اضطرت الدول الأوربية الكبرى للكف عن ابتزاز المغرب باللعب على الحبلين، وإمساك العصا من الوسط فأُجبرت على الانتهاء إلى دعم موقف المغرب في قضية الحكم الذاتي، لا محبة في المغرب ولا حرصا على مصالحه ولا وفاء له، ولكنها دول تحسن حساب المصالح والمفاسد وتراعي مصالح شعوبها بالدرجة الأولى.
وفي هذا الوقت بالذات تفاجئنا القيادة الجزائرية باستدعاء سفيرها في مدريد للتشاور ردا على الموقف الجديد لإسبانيا الجانح نحو مصالحها والواقع المفروض، معبرة عن اندهاشها واستنكارها كما في بيان وزارة الخارجية الجزائرية (!!!).
إن هذا البيان وهذه الخطوات كانت ستفهم لو صدر عن إسبانيا موقف عدائي تجاه وحدة الجزائر أو سيادتها أو اقتصادها أو رعاياها أو مصالحها العليا…
لكن كيف وإسبانيا اتخذت قرارا في قضية تزعم القيادة الجزائرية نفسها في أكثر من مناسبة أنها ليست طرفا فيها وصدق من قال “كاد المريب أن يقول خذوني”.
إن غرضي وغايتي وقصدي من هذه الرسالة تنبيه الشعب الجزائري إلى قضايا قد لا يلتفت إليها بحكم التضليل الإعلامي الرسمي وسياسة حكام الجزائر القائمة على التشويه والتشويش واختلاق الأزمات مع المغرب وكيل الاتهامات له والنفخ في العداوة بالحق تارة وبالباطل تارات كثيرة.
غرضي لفت انتباه الأشقاء لعظم الجناية التي ترتكبها قيادتهم في حق الشعبين المغربي والجزائري على حد سواء.
ولا شك أن من أعظم أسباب تأخر التنمية في البلدين إهدار ميزانيتي البلدين فيما لا فائدة منه وهو استمرار وتعمير هذا النزاع المفتعل.
فعلى الرأي العام الجزائري الضغط بكل الوسائل المشروعة -في ظل الأمن والاستقرار واحترام القانون- على قيادته لرفع يدها عن قضية الوحدة الترابية المغربية والاستجابة لليد المغربية الممدودة والمسارعة بالاستجابة لمطلب فتح الحدود وإحياء اتحاد المغرب العربي بما سيعود باليقين بالخير والنماء على كافة شعوب المنطقة، فإن الزمن زمن اتحاد وتكتل وليس زمن انشطار وانقسام وانفصال، والواقع خير دليل.
أيها الأشقاء الجزائريون؛
إننا قبل أن نكون شعبين لدولتين جارتين وشقيقتين، أمة واحدة بحكم كتاب الله عز وجل القائل: (إِنَّ هَٰذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً) والقائل: (إِنَّمَا ٱلْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ).
وبحكم النبي ﷺ القائل: (المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يُسْلمه) متفق عليه.
وإننا نحن إخوانكم المغاربة قيادة وشعبا وصدقا نستشعر أن قيادتكم لا تعمل بمقتضى وحدة الأمة وأخوة العقيدة فنتعرض ويا للأسف للظلم ممن حقه الدفاع عنا، والخذلان ممن حقه النصرة لنا، والجور من أخ العقيدة والتاريخ والهوية واللغة.
وظُلمُ ذوي القربى أشد مضاضةً….على المرء من وقع الحسامِ المهنّدِ
فالرجاء من الله أولا ثم منكم أن تسهموا في عودة القيادة إلى رشدها حتى نتفيأ جميعا ظلال الوحدة المغاربية حتى يسافر الراكب من نواكشوط إلى طرابلس عبر الرباط والجزائر وتونس، لا يخشى إلا الله، ولا توصد في وجهه حدود ولا تمنعه حواجز.
والله ولي التوفيق.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.