لنعين أبناءنا على رؤية كلّ ما حولهم كجزءٍ من نعم ربهم وآياته

29 يوليو 2023 17:29
حوالي 40 في المائة من أطفال المغرب يعيشون في فقر متعدد الأبعاد

هوية بريس – تسنيم راجح

مما يعين على رؤية نعم الله في كونه ويجعل المرء أقدر على الاستزادة إيمانياً كلما رآها: طريقة تعليم العلوم وإجابة الأسئلة حين تصدر من أبنائنا في تربيتنا وحين نعلّم إن كنا معلّمين في المدارس (خصوصاً لمواد العلوم والبيولوجيا وكل ما يدرس خلق الله)..

انظر في الفرق الكبير بين الإجابتين: حين يسأل المتربّي: “لماذا السماء سوداء في الليل وزرقاء في النهار؟”

الإجابة ١: “لأن الأرض تدور حول نفسها باستمرار، والعلماء وجدوا أن لها مساراً ثابتاً، وهي بعيدة عن الشمس الثابتة بما يكفي ليصلها ضوؤها، وأحياناً يكون بلدنا أقرب من الشمس خلال تلك الدورة فيأتي ضوء الشمس إلينا وحين يمر عبر الغلاف الجوي يظهر اللون الأزرق عليه بسبب الغازات التي فيه فنرى السماء زرقاء، وحين يبتعد بلدنا عن الشمس بدورة الأرض يغيب الضوء فيكون الأزرق الداكن الشبيه بالسواد..”

الإجابة ٢: “سبحان الله! أمرٌ مبهر صحيح!
الله سبحانه وتعالى خلق الأرض تدور في نظام دقيق، وهو تعالى يمسكها في مكانها بعظمته، وقد قدّر كيف تكون في البعد المثالي عن الشمس وفي الدوران المستمر واللطيف الذي لا نشعر به، وبدراسة البشر للأمر علموا أن دوران الأرض يجعل بعض البلاد أقرب للشمس في النهار عندهم، فيمر ضوؤها عبر غلاف الجو الذي خلقه الله حول الكوكب فيضيؤه ويلوّنه بالأزرق بحسب خصائص جعلها الله فيه، وفي الليل تبتعد تلك البلاد عن الشمس فلا يصل ضوؤها للجو، فيبقى لون السماء الداكن الذي نرى..
والله تعالى أخبرنا عن هذا الإعجاز ودعانا للنظر فيه في كثير من الآيات، فقال مثلاً: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى وَأَنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ} فالله هو الذي يحرك الأرض ويختار متى الليل ومتى النهار، وهو الذي يكرمنا بلون هذه السماء المتغيّر بحسب وقت اليوم ويكرمنا بالضوء خلال اليوم وبالظلام خلال الليل..
كم هذا عظيم.. صحيح؟”
(مع إمكان الاختصار أو الإطالة بحسب عمر المتربّي وفهمه والظرف)


فرقٌ كبيرٌ بين الإجابتين!

الأولى تجعل السائل يفهم الأمر على أنه عاديٌّ موجود، الفضل فيه (إن كان لأحد) فهو للعلماء الذين درسوه وأخبرونا عنه، وانبهارنا به (إن وجد) هو انبهارٌ جامدٌ جافٌ مصدره المعلومات ذاتها وجهود البشر الذين اكتشفوها، لا يوصل المرء لسؤال: لماذا؟ وكيف؟ ولا يزيده إيماناً بربّه ولا يدلّه عليه..
يشعره بأن هذا “طبيعي”، هكذا هي الدنيا! وفقط! وإن أتى للسؤال عن الأسباب فكل الاحتمالات ممكنة، ربما هي “الطبيعة”، ربما “الصدفة”، ربما “التطور”، وربما يوجد إلهٌ ما (تعالى الله)، لكن هذا كله لا علاقة له بـ”العلم” الذي هو مبحث “العلماء”!

وهذا هو أسلوب “علماء” الغرب الذين يكتب كثيرٌ منهم الكتب الكبيرة في الطب أو الفلك أو النباتات أو الأدوية ومن ثم يغلقون أبحاثهم ليقولوا لرفاقهم أنهم لا يظنون الله (جلّ جلاله) موجوداً، وأنهم مكتئبون من انعدام الغاية من حياتهم، وأنهم يظنون أن حياتهم لا قيمة لها وإنما أتوا بالصدفة وسيموتون هكذا! فتأمل الجهل الذي قد يجتمع مع هذا النوع من العلم!

بينما الإجابة الثانية هي العلم الذي يقود المرء ليكون ممن يخشون الله، يزيده إيماناً بربه كلّما تعلّم وكلّما عرف أكثر عن خلقه، يشعل في نفسه الرغبة بالتقرب إليه وحمده والسجود بين يديه والخشوع أكثر في صلاته مع كلّ معلومة، يشعره أكثر وأكثر بعظمة خالقه ويملؤه حباً له وشوقاً للقائه ورغبةً بمزيد من التعلّم عنه والرجوع لكتابه وربط كلّ ما يتعلّمه به، وتلك هي أصلاً أهداف هذه العلوم الدنيوية والكبرى، ولذلك نريد أن ندرسها وتعلّمها..

لا أقول طبعاً أن من يسمع الإجابة الأإولى وتتكرر عليه سيكون ملحداً بلا شك ولا أن من يعلّمها أو يقولها هو كذلك (أستغفر الله!)، إنما أنها بذاتها لا تقرّب من الله ولا تميّر بين بناء العقل المسلم وبناء العقل الكافر، وتوجّه المرء ولو دون انتباه ليكون متقبلاً لكل النظريات الكفرية ومفكَّكاً في تفكيره ولا يجيد الربط بين العلم وبين الإيمان ولا يعرف الهدف أصلاً من العلم..
فهي تبني طريقة تفكير ونظرٍ تصعب على السامع حين يمرّ على آيات ربه في كتابه أن يتأثر بها ويفهم واقعيتها وعظمتها، تصعّب عليه أن يزيده العلم بشكلٍ مباشرٍ إيماناً بربه، وهي لا توجهه لرؤية الكون وتفاصيله جزءاً من نعمه (كلّ ذلك ما لم يعمل على تزكية نفسه والسعي لخيرها)..

فانظر كمربٍّ ومعلّمٍ للمجال العظيم المفتوح أمامك، انظر لما تستطيع بناءه في عقل ابنك وطالبك، انظر للأجور العظيمة المستمرة التي تستطيع تحصيلها طوال حياة من تربي وإلى ما بعد موته، حين تجعل كلّ جزئية في خلق الله تزيده إيماناً وكلّ معلومةٍ تقربه من ربه، وتعينه على ربط كلّ ما يراه بمولاه ويكون موحّداً متسق التفكير باستمرار..

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M