استدراك على المقترحات الثمانية للقضاء على البطالة

26 فبراير 2014 23:23
استدراك على المقترحات الثمانية للقضاء على البطالة

استدراك على المقترحات الثمانية للقضاء على البطالة

د. محمد وراضي         

هوية بريس – الأربعاء 26 فبراير 2014م

يقول المثل السائر: “اجن الثمر ولا عليك في العود” ما دام المجنى يوفر لنا من التمتع ما ترتاح إليه نفوسنا، وما دام كفيلا بإشباع دافع الجوع لدينا كمحتاجين، من نتائجه السلبية على المستوى الجسدي والنفسي نعاني أشد ما تكون المعاناة. ولا يهم إن كان العود الذي قطفنا ثماره ليبراليا، أو اشتراكيا، أو مؤمنا، أو ملحدا، أو يهوديا، أو نصرانيا، لهجتنا غير لهجته، وسلوكنا في الحياة غير سلوكه، ما دام زمن الأيديولوجيات كما يقول البعض قد ولى منذ سقوط جدار برلين.

فقد أعجبني تدخل أمازيغي علماني ملحد كما سمى نفسه. أعجبني تدخله كمستدرك على مقالي الأسبق حول المقترحات الثمانية للقضاء على البطالة ولإسعاد آلاف الأسر. فوضعي العائلي الشاق ربما يشبه وضعه. وهو وضع لم يترك لأمثالنا غير خيار التعاطف الكامل مع الجماهير، وغير استنكار الظلم والتعالي والابتزاز والنهب واحتقار الآخرين، مهما يكن مصدرها جميعها، فكان لا بد من المساهمة -خارج أي إطار حزبي- من استحضار معاناة فئات مجتمعنا في غياب حقوق لها غاية في الأهمية، وفي مقدمتها تساوي الفرص، والعيش الكريم الذي يطمح إليه المواطنون بعيدا عن الاستجداء أو التكفف.

نعم لكل استدراك على أفكارنا، لأنها -إن كانت منطقية- لا تسير إلا في اتجاه خدمة الصالح العام. إنها تعزز المواقف النضالية، وتمدها بلوازم البقاء والاستمرار لغاية ما تؤتي أكلها لأنها حق، ليس وراءه وليس أمامه باطل. فكون ملايير من أموال الشعب تذهب سدى بدون ما مراقبة، وبدون ما حكامة دينية وعقلية، لا بد أن تكون هي المرآة التي يرى المواطنون فيها وجه الدولة بعيدا عن صبغه بأصباغ مختلفة تكاد تخفي ملامحها الحقيقية!

أما ونحن نطالب -ومعنا وجوه إيديولوجية عدة في تكامل وفي اتحاد تامين- برفع النقاب عن ممارسات معتمدة من طرف حكامنا لتشجيع الإثراء الفاحش، بدون ما اعتبار للقوانين، ولا للأخلاق، فإن دائرة المتحمسين لتحويل مقترحاتنا إلى واقع ملموس، لا شك سوف تتسع -ولن تتسع بدعم من كل فئات الشعب المهضومة حقوقها- إلا بالعمل المتواصل، لإفهام المواطنين بأن هناك سبلا لإنقاذهم من استغلال المستغلين، والوصوليين، والانتهازيين المتواطئين مع الحكام لإفقار شعبنا في وضح النهار!

وقبل المضي في تقديم كيفية الترويج لمقترحاتنا ولمقترحات غيرنا في نفس سياق تحريرنا من كل ما يعوق تقدمنا، نضع القارئ وجها لوجه أمام ما استدركه علينا صديقنا الأمازيغي الملحد بدون ما حذف وبدون ما تعديل أو تحوير حيث قال بالحرف: “أنا أساند ما يدعو إليه الأستاذ الكريم من تقليص عدد أعضاء مجلس النواب ومن (إلغاء مجلس) المستشارين، لتوفير ملايير السنتيمات شهريا، ولتشغيل المعطلين، ومداواة المرضى في المغرب العميق. وأقترح تقليص راتب الملك ومستشاريه. وتقليص ميزانية القصر، وبيع القصور الأخرى، واحتفاظ الملك بقصر واحد. وأقترح تقليص رواتب الوزراء والعمال، والولاة، والجنرالات، وزيادة في الضرائب على الأغنياء والشركات الكبرى”.

وبكامل الصراحة أريد أن ينضاف إلى مقترحاتي الثمانية، مقترح التقليص من رواتب مستشاري الملك، ومن رواتب العمال، والولاة، وكبار الضباط، وفرض مزيد من الضرائب على الأغنياء والشركات الكبرى، والتقليص من ميزانية القصور الملكية، دون أن أخوض في بقية الاقتراحات التي أضافها صديقنا الأمازيغي، فقط لأن أثرياء المغرب -وحتى بعض ممن ينتمون إلى الطبقة الوسطى- يتوفرون على أكثر من سكن في مناطق ساحلية وفي مناطق جبلية. ما دامت الليبرالية لم تضع حدا للملكية العقارية، ولملكية الأراضي الفلاحية (وهو ما نتطلع إليه) بل اكتفت بضرائب يدفعها أصحابها (إن لم يكونوا من المتملصين المحميين بنفوذهم من دفعها)! وهذا ما نلح في المطالبة به داخل السياق الذي وردت فيه مقترحاتنا التي نختصرها فيما يلي كي يقف عليها من فاتهم مقالنا الأسبق في الموضوع ذاته:

1- إلغاء مجلس المستشارين.

2- تخفيض عدد النواب إلى مائة.

3- التقليص من رواتب النواب.

4- التقليص من راتب رئيس الوزراء.

5- التقليص من رواتب الوزراء.

6- التقليص من رواتب مدراء الدواوين. ومن رواتب كتاب الدولة.

7- التقليص من رواتب العمال.

8- التقليص من رواتب الولاة.

9- التقليص من رواتب كبار الضباط.

10- التقليص من رواتب مستشاري ملك البلاد.

11- التقليص من ميزانية القصور الملكية.

12- فرض مزيد من الضرائب على الأثرياء.

13- فرض مزيد من الضرائب على الشركات الكبرى.

14- تفعيل الزكاة بكيفية سوف تتم لنا معالجتها في المقبل من المقالات.

15- إعادة النظر في الأوقاف، وكيفية التصرف فيها حتى تحقق الأهداف التي لم تشرع إلا لأجل تحقيقها. بخلاف ما عليه واقع التعامل معها في الوقت الراهن!

16- الكف عن صرف أموال طائلة لخدمة الفكر الظلامي الديني (الطرقية والقبورية وتحريف المذهب المالكي عن حقيقته وعن أهدافه! وهو مذهب لا ينحصر في الفقهيات المحرفة في أغلبها كما يدعي المدعون)!

17- مساهمة شعبية بمبلغ خمسة دراهم شهريا لكل فرد. يتم ذلك كما شرحته في المقال الأسبق، لأن من شأن تطبيق هذا الاقتراح، القضاء على البطالة، وإسعاد آلاف الأسر بطريقة لم يسبق لها نظير.

والكرة الآن -كما يقال- في يد أحرار الأمة، وفي يد ممثليها في الغرفتين. وأقصد بالأحرار كافة المناضلين ممن تعنيهم سلامة السفينة المغربية التي تواجه اليوم -وهي تبحر للوصول إلى بر الأمان- ما يقف في وجهها من أمواج ومن عواصف، تحملها إلينا وسائل الإعلام المكتوبة والمرئية كل يوم. إنها النهب (نهب المال العام والخاص)، والاغتصاب، والقتل، واستغلال النفوذ، والحرمان من الحقوق، والاعتداءات التي ليس لها أي مبرر قانوني، والذهاب بعيدا في الادعاءات بأن كل شيء على أحسن ما يرام! حتى التهديد اليوم بدأ بإرسال رسائل إلى من يعتبرون خصوما لآخرين في أي مجال، وكأن الدولة تعود إلى الخلف بسرعة جنونية، بدلا من أن تتقدم بالشعب إلى الأمام، نقصد الأمام الذي ينتفي فيه الظلم والطغيان، دون أن ندخل في فحص الملفات التي ينبغي أن ينصب جهد الحكام على معالجة أسباب ظهور مضامينها على السطح! خاصة وأن شعب اليوم غير شعب البارحة وغير شعب أمس الأول.

وحتى تكتمل صورة مقترحاتنا، لدينا مقترح آخر جد أساسي، إنه الدعوة إلى انتخاب لجنة تأسيسية لوضع الدستور على الصعيد الوطني، لأن المغاربة ملوا من دساتير ممنوحة منذ عام 1962م. ونعتقد جازمين أن الأوان قد حان لوضع دستور لا يعلو فيه أي صوت على صوت الشعب. ومسؤولية معالجة ما طرحناه من مقترحات إنما تقع على عاتق نواب الأمة. أي المتحدثين باسمها في السراء والضراء. ولا يجدر بهم السكوت، ومطالب الجماهير ماثلة أمامهم صباح مساء.

فما على المهمومين بالقضايا الوطنية الكبرى، غير المضي قدما في ترجمة انتفاضة 20 فبراير 2011م إلى واقع تتحقق فيه الأماني وتنفذ فيه الوعود المعسولة من قبيل “دولة الحق والقانون”. ومن قبيل “الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان”! أما الاقتناع بأنصاف الحلول، فلا يشكل غير الخنوع الذي دأبت الأحزاب عندنا على ترسيخه في قلوب وفي أذهان الجماهير، لمجرد حصولنا على الاستقلال. يكفي إثارة الانتباه إلى محطات تاريخية باعت فيه النضال بالاستوزار والحصول على المصالح الشخصية منذ عام 1956م حتى الآن! وإلا فليقل لنا أحدهم لماذا لم يتم حتى الآن وضع دستور شعبي غير ممنوح، وغير متروك أمر وضعه لمن اتضح أنهم على نقيض من مطالب الأمة المغربية وضعوا ما وضعوه، تنفيذا للأوامر. وكأن الشعب -وهم ينفذونها- ما خطر لهم على بال، لا لأنهم ولدوا ونعيم الحياة وفره لهم الآباء الذين كانوا يرفلون في أحضان العيش الرغيد فحسب. إنما لأن لعاب فصيل آخر منهم أشد سيلانا من لعاب الضباع للحم طريدة وقعت بين فكي الفهود أو النمور!!! وأفعال من هذا القبيل – نقصد إرضاء أصحاب الأمر والنهي من الحكام – دليل على رفض إرضاء الله من جهة، وعلى رفض إرضاء الضمير الخلقي من جهة ثانية، وعلى رفض إرضاء الجماهير المقهورة من جهة ثالثة! هذه الجماهير التي تعلق مطامحها بمن لا تكف عن امتداحهم في المنتديات والتجمعات واللقاءات التي تعتبر حميمية!

فما حصل بعد حراك 20 فراير 2011م. كشف للشعب عن حقيقة الماكرين الممثلين في أقلية خادعة عملت لسنوات طوال في الظلام. فكان أن اتضح أمرها لدورها البارز في إخماد فورة الحراك ذاك الذي حمل إلينا تباشير اختفاء الفكر الظلامي السلطوي والحزبي والسياسي، فإذا بنفس الفكر يهيمن في صورة جديدة! وإذا برقعة التواطؤ الذي يضم أطرافا من “الأقلية الخادعة” تتسع لخدمة ما كان يوصف ببؤر الرجعية أيام زمان! كل هذا يجري وغياب الديمقراطية داخل الأحزاب ذاتها، يعجل بولادة تيارات جديدة تساهم في التمزق بدلا من أن تساهم في التجمع والتآلف والاتحاد! فكيف لها إذن أن تضع يدها في يد بعضها لاستحضار نفس الأحاسيس التي تذوقناها فور القضاء على الاستعمار! وهي أحاسيس تحولت فور حصولنا على الاستقلال إلى مجرد أحلام، حتى الآن لم يتحقق منها ولو حلم واحد!

فعلاقة الأحزاب بالقيمين على الأضرحة، وبمشايخ الزوايا آخذة في الازدياد. وأنا هنا سوف أقدم لكم ما ورد في جرائد مغربية من صور لزعماء السياسة عندنا مع ما تحتها من تعليقات. أترك للقراء تمعنها كما يحلو لهم التمعن:

– فتحت عنوان: عباس الفاسي ومحمد اليازغي في ضريح مولاي إدريس كتب ما يلي: الفاسي واليازغي هل يتعاهدان أم يتحاسبان في ضريح مولاي إدريس؟ أم إن كل واحد منهما يجر ستار السيد بجانبه؟

– وتحت عنوان: البرلمان والحكومة وحلقة من حلقات جامع الفنا، نقرأ الآتي: المالكي بضريح مولاي إدريس يروي الحكايات والخرافات، ومجموعة من الوزراء يحيطون به. وكأن الدنيا حلت مشاكلها. وانعدم كل اختلاف في الرأي (= اختفاء الأيديولوجيات) من أجل مصلحة العباد! حتى نتصور أن وزير التعليم يقول لباقي الوزراء: إن الذين يقولون إن الدنيا ليست بخير مخبولون في عقولهم! (العودة إلى ضريح مولاي إدريس لإبراز ما يوصف به من كرامات نلتزم بها في المقبل من المقالات).

– وتحت عنوان: بركة عبد السلام نقف على الآتي: يبدو أن بعض وزرائنا وسياسينا، باتوا أكثر حرصا على زيارة الأولياء والصالحين مع اقتراب موعد انتخابات 7 شتنبر. في الصورة يبدو عباس الفاسي، الأمين العام لحزب الاستقلال، ومحمد محتان، كاتب الدولة المكلف بالتنمية القروية، في جلسة تبرك بضريح مولاي عبد السلام بن مشيش (ظلاميات هذا المقدس المزعوم من الخطورة بمكان). فيما اختار المندوب السامي لقدماء المحاربين وأعضاء جيش التحرير، مصطفى الكثيري، رفع أكف الضراعة والدعاء بالتوفيق، لكن لمن؟ الله أعلم (أحمد جرفي).

– وتحت عنوان: السفير الأمريكي في الحضرة البودشيشية نقرأ هذا التعليق: وضوح الرؤيا في المساندة الأمريكية لسياسة الطرق الصوفية: ليلة صوفية اهتزت فيها أعطاف السفير الأمريكي رايلي وزوجته. وارتجت فيها من فرط النشوة الربانية مشاعر زعيم الاتحاد الاشتراكي محمد اليازغي. وجمعت حشدا من رواد الصوفية البودشيشية التي أقامت ليلة حضرتها في قصر التازي مساء الجمعة الماضي. قام بعدها ولد الشيخ حمزة: جمال، باستقبال السفير الأمريكي بطريقة لا تخلو من بروطوكولية.

إنه إذن حلف حول القبورية والطرقية يتحولق. أمريكيون واشتراكيون وليبراليون، ووزارة الأوقاف والمخزن، وأحزاب يمينية لتكريس خدمة الفكر الظلامي الديني، الذي يؤدي دورا سياسيا ممنهجا ذروته منذ قرون -في الغالب- خدمة الاستبداد الذي لم تفلح حركة 20 فبراير في وضع حد نهائي له من جهة، والوقوف في وجه المتذمرين من جري الأحزاب القديمة وراء الغنائم التي وفرها لها الحكام كجزاء لها على ما قدمته، وما زالت تقدمه لهم من دعم وإسناد من جهة ثانية. دون أن تجدي الشعارات والأيديولوجيات التي يزعم أصحابها أنها تصب في خانة خدمة الجماهير الشعبية من جهة ثالثة. فصح أننا لا نواجه حملة الفكر الظلامي الديني لمجرد رغبتنا في تأجيج الصراع بين جماعات الأمة وبين أفرادها كما يدعي البعض! وإنما نواجهه تماما كمواجهتنا للفكر الظلامي السلطوي والحزبي. إذ هما معا كمتحالفين حميميين، عقبة كأداء أمام تحرر شعبنا من الطغيان الذي يتضمنه الفكرين كليهما في أبشع صور له!!!

الموقع الإلكتروني: www.islamtinking.blog.com

 [email protected]العنوان الإلكتروني: 

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M