“مجازر غزة”.. ما الذي ينبغي فعله بعدها في المغرب؟؟

03 يناير 2024 21:14

 هوية بريس – إبراهيم الطالب

المغرب والمغاربة وفلسطين المحتلة والقدس والأقصى، فضلا عن كونهما بمثابة الروح للبدن، وفضلا عن بُعد علاقتهما المتعلق بالأخوة الدينية، هناك أيضا بُعد خطير مؤثر على الطرفين، وهو ما يتعلق باليهود المغاربة في الكيان الصهيوني.

فلا يمكن أن يَغُض المغاربة الطرف عن المجازر في أهلنا بأرض الرباط، والاي تجري بمشاركة مواطنين يحملون الجنسية المغربية، يقومون بتقتيل إخواننا الفلسطينيين، فاليهود الصهاينة الذين يحملون الجنسية المغربية هم قادة يشاركون في التخطيط والتنفيذ للمجازر والإبادات التي تحدث لأبنائنا وأمهاتنا وبناتنا في فلسطين.

فأكثر من 10 آلاف من الأطفال اغتالهم مغاربة مزدوجو الجنسية، وأكثر من 21 ألف قتيل تمت إبادتهم بمشاركة أولئك المجرمين.

فهل يسع الأحرار من كل جنس ودين بله المسلمين منهم، أن يسكتوا أمام هذه الإبادات الجماعية في حق النساء والأطفال من شعبنا في أرض الرباط؟؟

وما هذا السكوت في الكثير من منابر قطاع الصحافة المغربية عن هذه المجازر؟؟

وأين هي الأحزاب التقدمية التي تدعي نصرة المظلوم؟

فلم يتحرك منها إلى الآن بعد كل هذه الدماء سوى القليل منها ولم تتجاوز مواقفها حد الاحتشام..

فأين أولئك الذين أقاموا الدنيا وصدعوا رأس الكون بالصراخ، تضامنا مع صحفيي “شارلي إيبدو” بدعوى الوقوف مع الحرية ضد الإرهاب؟؟

لماذا تخلّفوا عن الموعد؟

ربما كان ما يجري في غزة لا يُحركهم رغم سيول الدماء الجارية من رؤوس الأطفال الغزاويين وقلوبهم، لأن كره حماس والإخوان يمنعهم، أو ربما يحركهم لكنهم يعيشون تحت الخوف على لقمة العيش.

فلقد أصبح من المعلوم لدى الجميع، أن بعض المنابر أصبحت رهينة للصهيونية وسدنة التطبيع، فهم عبيدٌ للشيكل الذي يصرف هنا في المغرب دراهم قذرة، أو بالدرهم الإماراتي الذي يحول للحسابات البنكية مقابل شراء الذمم، وبيع الأقلام والتنازل عن الكرامة.

فهذا الصنف نرضى منهم بالسكوت، لأنهم إن تكلموا رفعوا شعار الخزي والخيانة: “كلنا إسرائيليون”، تأسيا بكبيرهم الذي يستحوذ على الكثير من جنبات القطاع.

وبعيدا عن هؤلاء وأولئك، فهذا الموضوع أصبح من الطابوهات التي يتجنب الصحفيون حتى أولئك النزيهون منهم إثارتها، لارتباط كثير من الأطراف النافذة باليهود المغاربة الصهاينة، ولاختراق المال العربي المتصهين لمجموعة من المؤسسات الإعلامية، وكذلك لقوة اللوبي الصهيوني الدولي والذي يعاني منه الأحرار من صحفيي العالم وكتابه وفلاسفته، حيث يقوم مديرو هذا اللوبي بإذايتهم وتهديدهم وطردهم من الوظائف.

لكن نقول:

متى كان الفوز بالحرية بدون ثمن؟؟

ومتى كان الدفاع عن المظلومين دون رد فعل من الظالمين؟؟

وهل يجوز للصحافيين والمفكرين والكتاب والفقهاء والعلماء أن يَلزموا الصمت، الذي يتخذ معنى التواطؤ، وهم يرون هذا التلبيس الذي تمارسه كبريات وكالات الإعلام في العالم الغربي المتصهين، في الدفاع عن الكيان الصهيوني وتغطية جرائمه؟؟

فعندما تُروِّج كبريات الدول الغربية ومنابر إعلامها التي تدعي الدفاع عن حقوق الإنسان والحريات، للسردية الصهيونية، وتتواطأ مع الصهاينة في اعتبار المقاومة إرهابا، أليس من الواجب على الصحافيين والكتاب والمؤلفين وكل العلماء والفقهاء والدعاة أمام هذه الحالة أن يُظهروا ويُبينوا للناس الحقائق ويدافعوا عن المظلومين؟؟

فمثلا كل القنوات الإعلامية المتصهينة تُروج كلام “النتن ياهو” الأحد الماضي المليء بالكذب والتزوير حين صرح: “سنواصل حربنا الدفاعية التي لا مثيل لعدلها وأخلاقيتها”، ويكذب على العالم بقوله إن “الجيش الإسرائيلي يتصرف بأكبر قدر ممكن من الأخلاقيات” في قطاع غزة.

ألا يجب البيان والتوضيح للرأي العام والخاص حتى لا يجد كلام هذا المجرم ولو أذن فأر يستقر فيها؟

فهذا واجب البيان، أما من منطلق واجب الدفاع فنتساءل:

ما الذي ينبغي فعله في المغرب بعد هذه المجازر ضد الإنسانية؟؟

في نظري ينبغي رسميا أن تعتبر قضية فلسطين قضية وطنية عقدية دينية، فتحتل مكانتها من السياسات العامة، ومن هنا كان كل مغربي يطعن فيها أو يقف ضدها يتهم بالخيانة العظمى ويتعرض للتحقيق والعقوبة، تماما كما هو الشأن مع قضية وحدتنا الترابية.

قد ينعت هذا الكلام بالحالم وغير المنطقي والساذج والعاطفي، لكني أجده منطقيا عميقا منسجما مع هوية المغرب ومع الإسلام ومع المذهب المالكي ومع كل مقومات الشخصية المغربية قبل اختراق العلمانية الدولية للنسيج الفكري والمجتمعي المغربي.

فإذا كان اليهود في كل العالم ينصر بعضهم بعضا، دون قيد أو شرط، ويمارسون الضغوط على الدول التي يحملون جنسيتها لتدعم وطنهم الذي اغتصبوه، ويرون في ذلك حقا لهم، فكيف نكون نحن المسلمين غير منطقيين عندما نلزم أنفسنا ومواطنينا المسلمين بواجب النصرة والدعم لإخواننا الفلسطينيين؟؟

فهل نحن أقل إيمانا بقضايا أمتنا من أمة يهود؟

فلنأخذ مثالا فقط من أمثلة التناصر بين اليهود في العالم، والمتعلق بإحدى كبريات المنظمات الصهيونية وذلك لنتبين الأمر أكثر، هذا المثال يتجلى في الاتحاد الإسرائيلي العالمي Alliance israélite universelle، وهو منظمة يهودية صهيونية دولية مقرها في باريس، أنشئت عام 1860 لحماية حقوق الإنسان اليهودي حول العالم.

اشتهر الاتحاد الإسرائيلي العالمي برعاية مدارس تابعة له لتعليم اليهود في العالم وتأهيلهم ليتولوا المناصب العليا في الدول التي يقطنون بها، ومن خلالهم تشكلت لوبيات اليهود الصهاينة.

ويهدف الاتحاد كذلك كأولوية في أعماله ومشاريعه إلى تقديم المساعدة لليهود في كل مكان؛ لذلك فهو من الداعمين الأقوياء للقومية اليهودية ذات النزعة الصهيونية، ويشتغل على ملفات استيطان اليهود في أرض فلسطين، التي نادى بها الحاخام الألماني الأرثودوكسي “تسفي هيرش كاليشر” (1795-1874) والذي أصَّل من منظور ديني واجب استيطان اليهود في أرض فلسطين، حيث كان يرى أن الهجرة اليهودية والاستيطان بفلسطين هو تأدية لفريضة دينية على اليهود القيام بها، وقد سبق ثيودور هرتزل إلى هذه الفكرة.

ووَجْهُ الشاهدِ من الحديث عن هذه المنظمة الخطيرة والمهمة، هو شعارها الذي تُجَسِّده برامجها وخططها وكل ما تتخذه من مواقف وأعمال ومشاريع، وهذا الشعار هو أمر زجري حاخامي، ونصه: “كل اليهود مسؤولون بعضهم على البعض”.

من هنا يمكن فهْمُ سؤال: لماذا اليهود في دولة “الكيان الصهيوني” الغاصب، مهما اختلفت جنسياتهم ومواطن ميلادهم، يبقى ولاؤهم الأول لدولتهم وقضيتهم رغم أنها ظالمة غير العادلة.

ألا يلزمنا نحن المسلمين وكل مقومات ديننا وهويتنا تفرض علينا واجب النصرة والدعم والتأييد، أن نهب للدفاع عن فلسطين، ونمارس الضغط تلو الضغط، حتى ينال إخواننا وأبناؤنا وآباؤنا وأمهاتنا حريتهم، ويحرروا بلادهم؟

ألا نحس بالعار والقهر عندما نرى الصهاينة يتلقون الدعم من كل دول الغرب الصهيو-مسيحي، في الوقت الذي يموت فيه الأطفال والنساء والشيوخ الفلسطينيون جوعا وعطشا ومرضا بفعل الحصار الصهيوني الظالم، والذي تشارك فيه دول الطوق العربية المُطبِّعة؟؟

كل هذه الأسئلة تدفعنا لطرح السؤال:

ما الذي ينبغي فعله في المغرب بعد هذه المجازر ضد الإنسانية في حق شعبنا وإخواننا في فلسطين؟؟

أولا: ينبغي أن تُفسِح الدولة المجال للجمعيات والمنظمات وبشكل قوي وواضح وشفاف لجمع التبرعات لفائدة المحاصرين في غزة وذلك على وجه السرعة، مع حث رؤوس الأموال المغربية للمساهمة بقوة في هذا الدعم.

ثانيا: على الدولة المغربية توجيه النخب السياسية مع تمويلها للقيام بالديبلوماسية الموازية واستغلال علاقاتها مع النخب في الدول المجاورة لفلسطين للضغط على الكيان الصهيوني، حتى يوقف الحصار، وليس إطلاق النار فقط، وتأسيس هذا العمل بالشكل الذي يجعله يستمر حتى قيام دولة فلسطينية عاصمتها القدس دون تقسيم ولا تجزيء.

ثالثا: على الدولة المغربية، التي ترأس لجنة القدس، أن تطالب رسميا دولة الكيان الصهيوني بتسليم أوقاف الشعب المغربي في فلسطين كلها، ثم تجعلها تحت مسؤولية بيت مال القدس أو أي مؤسسة مغربية لرعايتها وتطويرها وإحياء التاريخ الفلسطيني الإسلامي بها.

رابعا: وقف مسلسل التطبيع وفك الارتباط مع دولة الكيان الغاصب نهائيا، وتطوير العمل مع حكومة الضفة الغربية وقطاع غزة، ودعم رؤوس الأموال الفلسطينية الخادمة لقضية فلسطين والأقصى للاستثمار في المغرب، وتقوية نفوذها في إفريقيا دعما للقضية الكبرى للمسلمين.

خامسا: إسقاط الجنسية عن كل يهودي مغربي تلوثت يده بالدم الفلسطيني دفاعا عن الكيان الغاصب، أو نَهَب ملكية عقار من فلسطيني أو سَكَن في مستوطنة مغتصبة، واعتباره مشاركا في جرائم الحرب التي اقترفت في فلسطين المحتلة.

سادسا: اعتماد القضية الفلسطينية وتاريخها والقدس والأقصى في مقررات التعليم ابتداءً من السلك الإعدادي وإلى غاية بداية الثانوي، على أن تخصص مجزوءة خاصة في الشعب القانونية والاجتماعية والتاريخية بالكليات المغربية، تدرس للطلبة تاريخ فلسطين وقضيتها وأبعادها وآثارها على المسلمين، فأثر فلسطين وقضيتها وتاريخها أكثر تأثير على واقع المغاربة وثقافتهم من تاريخ الثورة الفرنسية والتاريخ البابلي والفرعوني، فكيف تحظى هذه المواضيع بالدراسة وتهمل القضية الأولى للمسلمين.

سابعا: على الخطباء والفقهاء أن يجعلوا القضية الفلسطينية والأقصى الأسير جزءا من الدرس الفقهي والعلمي والوعظي، فواجب نصرة الأقصى واسترداد أرض المسلمين من أهم الفروض التي لا تفك عن عاتق كل مسلم حتى تقضى.

وأخيرا نقول: إن المسلمين لن يستردوا مكانتهم دون رجوعهم لهويتهم، ودون البحث عن طرق توحدهم، ولن يتوحدوا إلا بالرجوع إلى التشبث بما أقامه الإسلام لهم من دعائم وعرى لا تنفصم، وروابط تكسبهم القوة والمنعة.

وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم.

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M