20 سنة من تولي أحمد التوفيق مسؤولية الشأن الديني المغربي.. أي تقييم للمرحلة؟

11 فبراير 2022 08:42

هوية بريس – أحمد السالمي

تربع أحمد التوفيق على هرم السلم الإداري لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية لعشرين سنة، حيث تم تعيينه في 2002 بعد التغيرات التي شهدها العالم عقب هجمات 11 شتنبر 2001 على الولايات المتحدة، وقبل هجمات 2003 الإجرامية التي شهدتها مدينة الدار البيضاء، حيث شرع مباشرة بفرض طريقة جديدة، مزج فيها بين سياسة التوازنات الدينية لسابقيه، وطرح التساوق بين الديني والسياسي، الذي يقترب من العلمانية كثيرا.

وجعلت هذه الأحداث العديد من مراكز الدراسات المؤثرة على السياسة الأمريكية الداخلية والخارجية، ومن بينها مؤسسة راند تصدر تقريرها الشهير، الذي مما جاء فيه: يجب تشجيع الاتجاهات الصوفية ومن ثم الشيعية، ويجب دعم ونشر الفتاوى الحنفية، الأمر الذي يوضح ويفسر عدة إجراءات قامت بها الوزارة الوصية على الشأن الديني المغربي.

كما أنه مباشرة بعد 2004 بدأت المؤسسة الدينية تشتغل وفق طريقة جديدة، والتي أصبحت تختلف بشكل كبير عما كان عليه الأمر سابقا، فهذه الأحداث أدت إلى إعادة هيكلة الحقل الديني، وقامت السلطات الدينية إلى القطع مع سياسة التوازنات، والتوجه نحو التصوف بسرعة حادة أساءت إلى التصوف أكثر من خدمته، لأن الاندفاع صاحبته مشاكل في التنزيل والتطبيق.

وفيما يخص الجانب البشري للمشروع الذي جاء التوفيق لتنزيله، فرغم تخصيص ميزانية ضخمة، لرصد التجديد والاستمرارية في الخطاب الديني، ودعم المستوى العلمي والمهني لهذه الفئة وتحسين أوضاعها المادية والاجتماعية، تبقى النتائج جد محتشمة ودون التطلعات.

ورغم كل هذا الجهد الذي تبذله الوزارة الوصية، من فرض تكوينات الحفظ، وتزكيات الإمامة، والخطابة، والتكوين المستمر، والدورات التي تؤطرها المجالس العلمية، وتكوين المرشدين، والوعاظ، ودعم التعليم العتيق، وتزويد الأئمة والخطباء بالدلائل التي تطبعها الوزارة، يبقى مستوى أغلب الأئمة والخطباء دون التحديات التي يفرضها الواقع الذي تهيمن عليه العولمة بكل تحدياتها.

كما أن العزلة التي تفرضها الوزارة والحياد على القيمين الدينيين، جعل ثقة المغاربة تهتز في العلماء والخطباء والوعاظ الرسميين، الذين لا يتناولون مواضيع الساعة التي تشغل الرأي العام المغربي، من قريب ولا بعيد، الأمر الذي خلق فجوة كبيرة بين المواطن والمؤسسة الرسمية، ولترقيع هذا الخرق، قامت الوزارة باستقطاب بعض العلماء ذوي التوجه سلفي.

ومن الناحية الاجتماعية كرست الوزارة الوضعية المزرية للقيمين الدينيين، بمحافظتها على نظام الشرط القديم، فهي لم تحاول النهوض بوضعيتهم باعتبارهم موظفين عموميين في وزارة ذات ميزانية ضخمة، بل استنسخت المنظور القديم لعمل القيم الديني، حيث ترهن رعاية شؤونهم الاجتماعية بالمجتمع، في إطار الصدقة والإحسان، الأمر الذي ينتج عنه نوع من الإذلال والاحتقار والاهتزاز الروحي لفئة يقوم مشروع الدولة -الحفاظ على الأمن الروحي للمغاربة- عليها.

كما أصبحت هذه فئة من القيمين الدينيين تعاني من انتهاكات حقوقية جسيمة، حيث يتم تجريم تعبيرهم عن الرأي، ويُتعامل معها بمنظور أمني صرف، وتتعرض لرقابة أمنية مشددة تتحالف فيها كل من وزارتي الداخلية والأوقاف والشؤون الإسلامية، والمخبرين من الجماعة (رواد المسجد)، وبالتالي فهم أضعف حلقة في منظومة الموظفين بالمغرب، لأنهم يعيشون في وضعية ما قبل الوظيفة العمومية، ويؤكد ذلك مسطرة العقوبات الفريدة والتي لا نجد أي مؤسسة عمومية تتعامل بها، بحيث أصبح العزل والطرد والتوقيف هو الإجراء الأول، دون المرور بأي مسطرة إجرائية كباقي الإدارات.

ومنذ تولي أحمد التوفيق، انتهجت وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية أسلوبا قمعيا، ولا تسامحيا مع القيمين الدينيين، بتعليل وحيد، وهو أن المطرودين، من غير استفسار ولا بيان، خالفوا “دليل الإمام والخطيب والواعظ”، الذي أعدته الوزارة وصادق عليه المجلس العلمي الأعلى.

آخر اﻷخبار
1 comments
  1. تنا أكثر شخص يتمنى رحيل هذا الرجل لكن في نفس الوقت أقول لا يجب ان يرحل لأننا لا نضمن من بعده أهو خير أم اسوء والغالب على اىامر أن من بعده أسوء منه

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M