الغش في الامتحانات سفالة ونذالة!

21 مايو 2014 19:10
الغش في الامتحانات سفالة ونذالة!

الغش في الامتحانات سفالة ونذالة!

ذ. طارق الحمودي

هوية بريس – الأربعاء 21 ماي 2014

تعجب كثيرا حينما تنصح طلبة في حالة اختبار بالكف عن الغش، وتذكرهم بقوله عليه الصلاة والسلام: (من غشنا فليس منا) فيجيبك طالب مستعد للغش في الامتحان بقول: (من يسر على معسر)، (الراحمون يرحمهم الرحمن).

وهذا يدل على أن الغش صار حالة بل ثقافة عند كثير من أهل الضعف والفاشلين، صار الغش حالة مرضية يتوهم فيها هؤلاء أنهم يحسنون صنعا، وأن فعلهم مشروع، بل ينبغي إقرارهم عليه ومساعدتهم بتوفير نوع من التساهل في حقهم.

تأملت هذا كثيرا… فتبين لي أن أمثال هؤلاء لا حق لهم في الجلوس على طاولة الامتحان، ولا يشرف أحدا من المجدين الذي يحترمون قدراتهم ويقدرون مجهودات غيرهم من زملائهم أن يجلس بجنب أحدهم…

ثم تأملت الأمر مرة أخرى فانتبهت إلى طائفة ممن أوشكوا على الانهزام أمام شهوة ولذة الغش، ممن يكادون يسلمون أنفسهم لهذه الحالة… ومثل هؤلاء كثر ..قد لا تشعر بحالتهم إلا في حالة شدة أثناء الاختبار.. فتعتريهم حالة من الاضطراب.. ويكشرون طوعا وكرها عن أنياب الذئب الغشاش.. ليفترس حقوق غيره.

إلى هؤلاء أقول: قد يخفى عليكم أن حقيقة الغش هادمة للنفس ومخربة للشعور بالرضى عنها… وهي ميل عن الاعتدال في وزن الأمور بميزان العقل، ومهددة لنظام الإيمان بالقضاء والقدر، وتطاول على قواعده ومدبره.

بعض الطلبة الغشاشين.. يطالبك بتركه وغشَّه، طالما لا يضر الآخرين.. وكبرت كلمة تخرج من فيه.. إن يتكلم إلا عن جهل… أو مكر.. أو لا يعلم أنه بهذا يظلم كل من يجتاز نفس امتحانه.

إن الأستاذ المراقب الكيس الفطن، المستحضر لمسؤولية المراقبة أثناء الاختبار ينبغي أن يعلم أنه يحمي المجتهد المحترم من الغاش الفاشل… ويضمن للمجتهد فرصة عادلة لإبراز مواهبه وقدراته… ويؤمنه من أذى الغشاش الذي يكسر الميزان ويوقع الخلل في النظام التصنيفي.

وهناك طائفة من الطلبة الذين تغلب عليهم الرحمة فيسلمون السكين للغاش الجالس عن يمينهم كي يذبح طالبا نزيها يجلس عن يسارهم.. ولا ينتبهون إلى عظم الجريمة التي يوفرون أداتها القاتلة بغباء وغفلة للقاتل.

فالمفروض كشف المحترفين للغش، وتنبيه المغرر بهم، ومساعدة من يوشك على الاستسلام لوسوسته. فمن حق المجتهد الذي قضى أياما وليالي في التحصيل لأجل أن يمكن من ولوج مراتع المعرفة الأعلى أن يمارس حقه في فضح كل من تسول له نفسه غش الناس ومصادرة حقهم…

فمثل هؤلاء الغشاشين.. سيصلون ربما بغشهم.. مع رشوة ومحسوبية إلى مواضع القرار والإدارة… وسيمكنون من تسيير البلاد والتحكم في رقاب العباد… بالغش أيضا.

الغش كتم العيب.. والعيب هنا الفشل والجهل لعدم سابق استعداد وتحصيل… والغاش يبيع للمصحح الوكيل عن المؤسسة القائمة على الاختبارات ما ليس له… كاتما لعيب سلعته المعلوماتية الرديئة.

بهذا كله تفهم لماذا قال عليه الصلاة والسلام: (من غشنا فليس منا)… فليس هؤلاء ممن يتشرف الإسلام بهم.. وليس لهم عندنا حرمة ولا حق .

وكل التقدير والاحترام… لكل من بذل وسعه في المدارسة والتحصيل… ثم خانه ذهنه أو ضاعت منه معلومة عند الاختبار.. فأبى إلا أن يجاوز دعوى نفسه إلى الغش… إلى فعل ما يمكنه وترك ما لا يدركه… ومثل هؤلاء لا يخيب الله ظنهم فيه.. ويعوضهم عن مواقف النبل هذه خيرا مما فوتوه.. إما اثناء الاختبار.. أو عند قلم المصحح.. أو من حيث لا يحتسب… (ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب)…

وقديما قيل لنا: عند الامتحان.. يعز المرء أو يهان.. وكنت أظن معناه عزة النجاح وهوان الرسوب.. ثم فهمت بعد ذلك.. أن العزة في الاعتماد على النفس… وقهر الرغبة في الغش… أعانكم الله وسدد خطاكم.

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M