هل يفلت نظام السيسي من الفخ الذي نصبته له الجزائر؟

07 يناير 2015 16:50
هل يفلت نظام السيسي من الفخ الذي نصبته له الجزائر؟

هل يفلت نظام السيسي من الفخ الذي نصبته له الجزائر؟

هوية بريس – متابعة

الأربعاء 07 يناير 2015

من خلال ما بدأ يتكشف في الإعلام الجزائري المكتوب والورقي وبعض التصريحات لمسؤولين محليين، باتت الجزائر على أبواب توريط نظام السيسي في الحرب الدعائية ضد المغرب، فالتحليل الاستراتيجي يظهر أن النظام المصري يدخل معركة خاسرة جيو-استراتيجيًّا، فهذا الأخير ليس له دوافع إلى الصراع مع المغرب، إذ لا توجد حدود جغرافية مشتركة أو مجالات حيوية موضوع تنافس.

وثمة مؤشرات عديدة تظهر أن النظام المصري يدخل تدريجيًّا تحالفًا مع الجزائر التي استغلت الضعف الاقتصادي لمصر في بداية حكم السيسي وحاجته لدعم سيكولوجي في منظمة الاتحاد الأفريقي، فخططت لدفع نظام السيسي لقيادة حروب بالوكالة نيابة عن جنرالات الجزائر من شأنها أن تستنزف مصر في ليبيا.

الجزائريون يرفضون الدور المصري في شرق ليبيا ودعمه لمجلس النواب الليبي وقوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر، فالجزائر هددت السيسي في بداية حكمه بخصوص إمكانية دعمه لشرق ليبيا واستقبلت اجتماعات لدول الجوار الليبي دون حضور مصر، بل أعلنت أنها مستعدة للتصدي للجيش المصري في حالة محاولته الدخول لشرق ليبيا قبل أن تتراجع عن هذه التصريحات العسكرية.

في ذات السياق يعتبر عبد الرحيم منار أسليمي، الباحث في الشؤون الاستراتيجية، أن “الأخطر في الموضوع يكمن في قدرة المخابرات الجزائرية على تشتيت مجهود الحكومة المصرية في التركيز على ملفات ذات أولوية مصيرية لعودة مصر لدورها الإقليمي الغربي، وقدرة المخابرات الجزائرية على قيادة عملية تمويه كبيرة في ليبيا”.

وزاد أسليمي أن العملية تقوم على “”بناء تحالف يدركه مجلس النواب الليبي وقوات حفتر، ويقوم على مشروع إنشاء حكومة إسلامية بقيادة إخوان ليبيا بزعامة علي الصلابي، إضافة إلى زعيم الجماعة الليبية المقاتلة سابقًا عبد الحكيم بلحاج بوساطة راشد الغنوشي، زعيم النهضة في تونس الذي نجح في تقريب جماعة الإخوان في ليبيا وأخواتها إلى جناح بوتفليقة المنفتح بشكل كبير على الأحزاب الإسلامية المرخص لها وغير المرخص الممثلة لتيار إخوان الجزائر”.

ويُشار إلى أن مصر كانت قد طالبت من الجزائر بإعلان الإخوان المسلمين جماعة إرهابية عن طريق وساطة سعودية خلال زيارة رمضان العمامرة، وزير الخارجية الجزائري، في السنة الماضية لدول الخليج فرفضت الجزائر المطلب المصري، لكونها تتوفر على ستة أحزاب للإخوان المسلمين، ناهيك عن العلاقة القوية التي تربط النظام الجزائري بالعلامة يوسف القرضاوي الذي عادة ما يستقبل في الجزائر استقبال الدبلوماسيين الكبار.

ولذلك يرى أسليمي، في اتصال مع هسبريس، أن الجزائر تعمل على “تنفيذ مشروع دولة إسلامية تجمع شتات الإخوان في غرب ليبيا بترخيص غربي من المتوقع أن يستقطب الجيل الرابع من الإخوان المسلمين المدعوم بقوة مالية كبيرة موجودة في بريطانيا وسويسرا تقدر حسب بعض التقارير الأمنية بـ100 مليون إسترليني تنتظر فقط استقرار الأوضاع غرب ليبيا”.

ومقابل ذلك يقول المتحدث: “سهلت المخابرات الجزائرية مرور مجموعة من التنظيمات منها الجماعة التي يقودها مختار بلمختار ليستقر في شرق ليبيا على مقربة من الحدود المصرية، فالجزائر ساهمت في تسهيل مرور التنظيمات نحو جنوب وشرق ليبيا، وذلك استعدادًا لتوريط نظام السيسي في حرب استنزاف طويلة على حدود مصر، فهي تراهن على فوضى في شرق بليبيا لإضعاف مصر”.

كما تسعى الجزائر في نفس الاتجاه إلى توريط نظام السيسي للنيابة عنها في حرب برية داخل تحالف تسعى أمريكا وفرنسا إلى إقامته لمحاربة الجماعات الإرهابية.

إن مشروع التحالف الجديد يسعى لتقسيم الأدوار بأن تتولى الولايات المتحدة وفرنسا الضربات الجوية ويدخل الجيش للمصري والجزائري المعارك البرية.

لكن الجزائر، حسب منار أسليمي، وإن كانت تناقش الغربيين في هذا الاتجاه، فإنها “تعرف بأن جيشها لن يستطيع مغادرة حدوده الترابية لأسباب تقول بأنها مرتبطة بالدستور والعقيدة الأمنية الجزائرية ولكنها في الواقع مرتبطة بتخوف داخلي، لذلك فالجزائر تسعى إلى توريط مصر في المستنقع الليبي ليجدوا أنفسهم في حرب استنزاف طويلة مادامت الأزمة الليبية من المتوقع أن تشهد مزيدًا من الاقتتال الداخلي خلال الثلاث سنوات المقبلة”.

لذلك، فالتحالف الذي يعتقد نظام السيسي أنه تحالف استراتيجي مع الجزائر “يخفي تنافسًا إقليميًّا، فالجزائر هي الدولة الوحيدة التي تُمارس التحالفات – الحذرة التي تجعلها منغلقة لسبب يجد تفسيره في كونها لازالت تعيش عصر الحرب الباردة المتسم بنوع من المازوشية السياسية التي تجعلها تعيش في القرن الواحد والعشرين بنفسية الحَرْب الباردة فالجيل القديم لا يريد أن يموت والجيل الجديد غير قادر على الحكم” يقول أسليمي في تصريحه.

هل تستطيع مصر أن تلعب دورًا عدائيًّا تجاه المغرب في القضية الوطنية رقم واحد، أي قضية الصحراء كما تابعنا في الفيديو المسرب مؤخرًا لمجموعة من الصحافيين المصريين الذين زاروا المخيمات في تندوف؟ ما حدود توظيف الجزائر للدور المصري في القضية الوطنية؟

ومن المهم أن نذكر أن مصر تحاول أن تلعب دورًا إقليميًّا في المنطقة العربية كما كان عليه عهدها سابقًا، ولهذا فالنظام الجديد في مصر لما وظف إعلاميين في زيارة تيندوف بتمويل جزائري يبدو أنه يجهل مكانة قضية الصحراء داخل معادلة الأمة الدولة المغربية.

وفي هذا الصدد يقول عبد الرحيم منار اسليمي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة محمد الخامس: “مما لا شك فيه أن المصريين يعرفون مصطلح الدولة الأمة من خلال كتابات أنور عبد المالك، ولكنهم لا يقدرون حساسيته، إذ يبدو أن الجزائر قدمت لهم أطروحاتها المعروفة وخططت لدفعهم إلى محاولة الاصطدام مع المغرب، رغم أن وزير خارجيتهم السابق بطرس غالي يعرف جيدًا الملف، وله كتابات ينبه فيها إلى مخاطر الدخول في مشاريع من شأنها المس بسيادة دولة من الدول”.

ويضيف المتحدث متسائلًا: “لا أحد يفهم كيف يمكن لدبلوماسية دولة لازالت تصارع من أجل العودة إقليميًّا بأن تسقط في فخ الدعاية لمصلحة الأساطير الجزائرية وتفتح باب صحفها لحوارات مع زعيم جبهة البوليساريو، فهل يمكن أن يصل نظام دولة كمصر إلى درجة أن تدفعه الجزائر إلى التحالف مع عبد العزيز في مخيمات تيندوف؟! وأن تصل صحافة دولة تعتبر نفسها قوة إقليمية في العالم العربي إلى فتح صفحاتها لمحمد عبد العزيز؟”.

ويتابع أسليمي قائلًا: “يبدو أن نظام السيسي لا يقدر جيدًا الفخ الذي نصبته الجزائر لدولة مصر، التي لن تجد الحجج لتبرير موقفها في حالة ما إذا اختار مساندة قيادة البوليساريو”.

يرى أسليمي أن نظام السيسي هو الورقة الأخيرة التي تلعبها الجزائر ضد المغرب؛ لأن الجارة الشرقية للمملكة، حسب المحلل السياسي، “تشهد صراعًا كبيرًا حول السلطة وفي كل لحظة يقاد بوتفليقة إلى المستشفى ليتم ترتيب التنازل عن السلطة فإنه يعاد إلى الجزائر؛ لأن الصراع لازال لم يحسم فأسماء مثل سعيد بوتفليقة وعمار سعداني وأحمد أويحيي واللواء بشير طرطاق تحاول الاستفراد بالسلطة، ولكنَّ صمتًا رهيبًا يوجد أمامها من طرف جناح الجنرال توفيق مدين الذي يراقب الوضع”.

ناهيك على أن المعطيات تشير إلى أن الظرف الاقتصادي والاجتماعي لن يرحم الجزائر سنة 2015، فأسعار النفط تتهاوى لدرجة أنه لن تسمح لها لا بالتسلح ولا بتأمين الغداء الداخلي، فنظام بوتفليقة ضيع 800 مليار دولار مضاف إليها 300 مليار دولار على نزاع الصحراء، ولن يكون بوسع النظام الجزائري إعادة شراء السلم الاجتماعي مرة أخرى، فالسيناريو الملائم لتصنيف الوضع في الجزائر هو “سيناريو العقرب الذي يعض ذيله.

وفي رصده للوضع الداخلي الجزائري، يضيف أسليمي، مسترسلًا كون “الصندوق السيادي في الجزائر غير قابل للصمود اقتصاديا، والصخور النفطية غير قابلة للاستغلال لارتفاع التكلفة، إضافة إلى احتجاج الجزائريين من تمنارست إلى ورغلة عن خطورة التنقيب على الصخور النفطية، يضاف إلى ذلك أن الشراكة الأمنية تلزم الجزائر بالتعاون مع أمريكا التي تضغط لكي توظف الجزائر ترسانتها العسكرية في ليبيا، وهذا مدخل لاستراتيجية إحداث التغيير في نظام طال انغلاقه، ودخول الجزائر في حوار مالي لمنافسة المغرب جعلها في ورطة”.

وأضاف أن “الحوار لا يعطي نتائج وأطرافه تُمارس الابتزاز المالي؛ لأن الجزائر عودتها على دبلوماسية الرشوة والوساطة في ليبيا غير ممكنة لأن أطراف مجلس النواب الليبي واللواء حفتر باتوا يدركون خطورة المشروع الذي تريد الجزائر، والجنوب الشرقي الجزائري في الحدود مع ليبيا منفلت من خلال خطر اختراق التنظيمات الإرهابية لمناطقها النفطية..”.

“فالجزائر في وضعية خطرة أغلقت على نفسها جميع الزوايا بما فيها زاوية الغرب مع المغرب ولن تخرج سالمة في سنة 2015؛ لأنه بدأت في لدغ نفسها ثلاث لدغات؛ لدغة مالي ولدغة ليبيا ولدغة الصحراء بلعبها آخر ورقة قد تكون قاتلة؛ لأنها قد تدفع بالبوليساريو إلى حرب مع المغرب لتفتح مساحة فوق أراضيها للتنظيمات الإرهابية التي باتت تتجمع على الأشرطة الحدودية” يقول المتحدث.

ويخلص أسليمي إلى القول: “إن مصر ورقة جزائرية أخيرة ضد المغرب، لكنها ورقة إذا استمرت مصر في قبولها فإنها قد تكون انتحارية لنظام يختار المواجهة مع دولة لا مجال للاختلاف أو التنافس معها بل تجمعهما ملفات مشتركة أولها خطر الإرهاب في شريط شمال أفريقيا وملف إعادة بناء محور استراتيجي جديد في شمال أفريقيا والشرق الأوسط لمواجهة المخاطر القادمة الناتجة عن تداعيات اضطراب النظام الدولي”.

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M