الحرية القذرة

23 فبراير 2015 20:53
الحرية القذرة

الحرية القذرة

د.لطفي الحضري

هوية بريس – الإثنين 23 فبراير 2015

يعتبر تحديد المفاهيم عنصرا مهما في فهم نوعية الصراع الذي يعتري الفرد وغيره أو حضارة مع غيرها. وهذا الصراع يحمل في طياته القتل المتبادل. إن هذا الصراع يرتبط:

·     أولا بعدم فهم المعنى الصحيح لمفهوم الحرية

·     وثانيا لأن الإنسان الغربي يقوم من إحساسه بالتعالي الحضاري، بفرض تصور واحد لمعنى الحرية.

إن هذا التعالي الحضاري هو الذي يحول مفهوم حرية التعايش والمساحات المشتركة بين الإنسان، إلى حرية قذرة وإلى مساحات صراع.

فهذه الحضارة حينما تلغي الآخر بما يمثله من حضارة وثقافة، فإنها بذلك تصوغ كل المفاهيم بطريقة نرجسية، فتتحول هذه الطريقة إلى “نموذج نرجسي”، من خلاله تتعامل مع الآخر، وهي بذلك تحول حرية الإنسانية إلى حرية قذرة. تتمثل هذه الحرية القذرة بالخصوص: في إلغاء الآخر، وفي عدم احترام الاختلاف، وفي فرض هيمنة المفاهيم، وفي الإبادة الجسدية والروحية..إلخ

الحضارة الغربية تفهم الحرية من داخل التطور المادي -الذي يشمل التصور العلماني، والليبيرالي، والشيوعي.. إلخ- بمعنى الانطلاق من تصور أن الإنسان مادة فقط، والمادة مهما علت وتطورت ستبقى مادة. والمادة لا قداسة لها، فهي “الطبيعة” وهذه الطبيعة التي “خلقت الإنسان”، يقوم هذا الأخير بالسيطرة عليها، أي بالسيطرة على الخالق، أي الطبيعة، فيصبح الإنسان “superman” هو الإله، وقد كتب في هذا السياق نيتشه كتاب أسماه “موت الله”[1]. وحين يصبح المخلوق هو سيد “الخالق” يصبح هو المقدس وتكون كل القداسة: ما يقوله الإنسان الغربي وما يفعله.

يقول الدكتور الحوالي: صحيح ان الطبيعة عبدت قبل داروين ولكنه كان نبيا جديدا لها، إن صح التعبير وعبدته مرة عن طريق عبادة الانسان وهي الفكرة التي دعا إليها الفيلسوف “نيتشه” قائلا” : ان الاله قد مات وإن الإنسان الأعلى “سبرمان” ينبغي ان يحل محله و من هنا نرى بروتكولات داروين وماركس كما نادى بها في القرن 20 الدارويني الملحد جوليان هكسلي الذي ألف كتاب “الإنسان في العالم الحديث” زاعما أن الانسان اختلق فكرة الله إبان عصور عجزه و جهله، أما الآن فقد تعلم وسيطر على الطبيعة بنفسه ولم يعد بحاجة إليه، فهو العابد والمعبود في آن واحد.

وهكذا فلا قداسة خارجة عن “الإنسان المادة”: لا إله، ولا روح، ولا دين، ولا رسل، ولا أنبياء.. إلخ.

وأكد بول هنري هولباخ (1823-1789) في أهم كتبه “نظام الطبيعة” أن الإنسان ابن الطبيعة، وأنه لا وجود لشيء فيها اسمه الروح، وأن الأخلاق والأفكار مصدرها الأحاسيس وأن الطبيعة مادة وحركة، والحركة هي حركة آلية بسيطة للأجسام، والعالم المادي من صنع نفسه وبذلك يحكمه قانون الضرورة وشبكة السببية الصلبة المطلقة وقد هاجم الدين بضراوة في عدد من الكتب. محمد إبراهيم مبروك

إذن فالحرية تعني أنه لا قداسة لغير الإنسان. ويقصد هنا بالإنسان: الإنسان الأبيض لأنه آخر مراحل تطور المادة.

فهو يمثل نهاية التاريخ

من لا شيء… فهو يمثل نهاية التاريخ

من لا شيء… إلى القرد… إلى الإنسان الأبيض

فهذه الحرية القذرة تجعل التقديس خارج كل ما هو روحي، فكما ذكرت لا أخلاق ولا قيم ولا إله بل مركزية الإنسان المادي الأبيض الذي يحدد معنى الحرية ومعنى “حق التعبير” في أي شيء شاءـ ومتى شاء وأين شاء، فمن قبل فذاك، ومن لم يقبل يباد. استنادا إلى “الحرية”، “حرية البقاء للقوى”.

وهذا التصور المادي في الفلسفة الغربية له تاريخ قديم جدا، تتجلى جذوره في الفلسفة الرواقية التي تعود إلى زينون القبرصي (342-260ق.م). فنقطة الانطلاق عند الرواقيين أنه ليس في الوجود غير المادة ولا يوجد سوى جوهر واحد مادي، فكل شيء بما في ذلك الروح والإله مادة. وقد ذهبوا إلى أن النار هي أساس كل شيء وأن هذا الإله هو هذه النار. إنهم لا يستطيعون أن يتصوروه وبالتالي أن يقبلوا أن هناك شيئا سيهبط من السماء إلى الأرض ليشق نسيج الألفة الرتيب الذي ينسج حياتهم، ويكشف لهم عن حقيقية الوجود ويحدد لهم الدستور المعيشي الذي ينبغي أن تكون عليه حياتهم وعبادتهم. وهذا هو المعنى الحقيقي للعلمانية الذي لا يسمح لشيء آخر غير العلم أن يتدخل في حياة الإنسان وتصوراته ولا يترك حتى للدين نفسه أن يحدد موقعه من تلك الحياة[2].

“الدين أفيون الشعوب”، هي الحرية التي لا تكون إلا خارج الدين. وبهذا المنطق كل ما يرتبط بالدين ليس فيه مقدس بل الدين شيء “مدنس” أفيون، فالإنسان الشيوعي، يحطم كل أشكال المقدس الديني وهنا يلتقي مع التصور العلماني والتصور الليبرالي.

الماركسية أفرزت أشخاصا من أسوأ الديكتاتوريين في التاريخ[3].

فبالتحطيم يصبح الإنسان حرا، فالحرية الحقيقية في نظر هؤلاء هي استئصال “المقدس الديني”. ويصبح من الصعب جدا لهذا “الإنسان” أن يفهم المعاني الروحية للحياة. فيطرح أسئلة من مثل لماذا يصارعون المسلمين ويقاتلون في سبيل “الأفيون” في سبيل الدين؟

وليس هذا تجنيا منا على السادة “العلماء” الذين يقولون ذلك. فهذا فرويد يقول بصراحة في كتابه “The ego and the id” ص:80: “إن الأخلاق تتسم بطابع القسوة حتى في درجتها الطبيعية العادية”. وذلك بعد أن يقرر أن الاضطرابات النفسية والعصبية تنشأ من تناول جرعة كبيرة من هذه المادة السامة الخطرة التي تسمى الأخلاق، ويقول في كتابه ” Three contribution to the sexual theory” ص:62″: “وهكذا يحصل الإنسان على قوة “نفسية” كبيرة من استعداد نفسي هو في ذاته خطير”. وكتابه “الطوطم والحرام” كله تشنيع على الأخلاق في منشئها الأول، وتصوير لها بأنها نابعة من “أقدر” المشاعر البشرية وأشدها ميلا إلى العدوان[4].

الحرية تنشئ من التطور، وهذا التطور هو الذي يحدد مفهوم الحرية. ليس هناك شيء ثابت على الإطلاق، لا فكرة الله، ولا الأخلاق ولا التقاليد ولا القيم ولا الروابط الاجتماعية ولا الروابط بين الحضارات. ولا احترام الشعوب.. كل يتطور والتطور هو الإله الذي يحدد الحرية.. والحرية هي “حق التعبير” الذي لا يعترف لا بفكرة الله ولا بغيره. فحق التعبير هو الذي يحدد الله وليس الله هو الذي يحدد حق التعبير.

… وعلى افتراض وجود الفطرة، فهي الفطرة المتطورة وغير الثابتة.. دوركايم.، أما بالنسبة للإسلام تكون الفطرة العقيدة، عليها تبنى جميع التفاسير وعليها تبنى النظريات والعلوم.

وهذا اختلاف بين التفسير المادي والتفسير الإسلامي. فالتفسير الإسلامي ينطلق من كون مفهوم الفطرة عقيدة ثابتة والتفسير المادي يبني على أن التطور هو “العقيدة”.

فنحن إذن أمام نوعين من العقائد، ومن خلالهما يفسر السلوك الإنساني:

·     عقيدة الفطرة

·     عقيدة التطور

والإسلام كما هو دائما بشموليته وروحانيته، فهو ينظم مفهوم التطور. ولكن التطور المادي، العلمي، الاقتصادي، يرى تطور الإنسان من قرد إلى بشر. ولا يرى التطور في أسس الأخلاق. وإذ كنا نلاحظ أن القتل مرفوض في جميع الحضارات، والعدالة مطلوبة في جميع الحضارات. فكيف يتطور الحيوان إلى إنسان ولا تتطور الأخلاق والقيم؟: السرقة والقتل والعدالة، فهم ما زالوا عناصر باعثة في الحضارات الحالية. [5]

 الحرية المطلقة

في تاريخ الصراع بين الكنيسة والعلم، ذهب العلماء إلى اتخاذ مواقف رافضة للدين بدل أن يكون الرفض مرتبطا للفهم الكنسي للدين. فبدأوا يقولون في الدين “الإيمان في القلب”، بدل أن يعدلوا من فهم الكنيسة للدين. وهذا الصراع في الفهم أنتج لنا حرية ولكنها حرية قذرة. حرية ضد الدين، حرية “أعبد ما أشاء”، كما أنهم فعلوا نفس الشيء مع الأخلاق، فبدل أن يقولوا إن الأخلاق في زمن معين فسدت بل قالوا بأن الأخلاق نفسها فاسدة، فعدلوا القيم والعقائد.

أصبح الإله بالنسبة لهم: المادة إله، العلم إله، التطور إله، الاقتصاد إله، الاستهلاك إله، الجنس إله…إلخ. وهذا التوجه أنتج لنا حرية قذرة، حرية ضد الأخلاق، حرية “أفعل ما أشاء”، “متى أشاء” “وأين أشاء”.. وأستهزئ بمن أشاء “هذه هي حريتي”. إنها حرية ولكنها حرية قذرة.

الحرية حين تناقش داخل هذه الحضارة فإنك تسمع من يقول إن “حرية الفرد تقف حين تبدأ حرية الآخر”، إلى أن يظهر مشكل جديد في تحديد من هو الآخر. فهذا بالنسبة للحضارة الغربية فالآخر الذي تقف عنده الحرية هو الآخر الغربي. فالآخر غير الغربي هو همجي بربري، لا يستحق حتى معنى الحرية، وهنا تصبح الحرية الإنسانية حرية قذرة لأنها لا تعترف بالآخر.

والحرية القذرة تأخذ معنى “الجنس الأبيض”، فحين لا نعترف أولا بالآخر كإنسان، بل تنسلخ منه إنسانيته من الجهات التالية:

·     حيوان –قرد

·     الإنسان الهمجي

·     الإنسان البربري

·     الإنسان المتخلف

فتتطور الحرية في داخل هذه الحضارة، فتصبح في بعض الأحيان بدون حد، مطلقة من داخل المرجعية المادية العلمانية.

والبعد المادي للعلمانية يتبدى في شكل لا إبهام فيه ولاغموض في كتابات بيترجاي مؤرخ حركة الاستنارة التي يسميها هو نفسه “الوثنية الحديثة” ففي كتابه المعنون “يهودي بلا إله: فرويد و الإلحاد و تأسيس التحليل النفسي”، يصف التحليل النفسي بأنه “علم علماني، لا علاقة له بالدين، بل معاد له يهدف إلى تحطيمه، وعنوان الكتاب يتضمن أن العلمانية والإلحاد صنوان (الإلحاد النشيط على حد قول المؤلف – في مقابل الإلحاد الفكري أو التأملي.ثم يبين رورتي النتائج المنطقية لهذا الموقف بقوله: إن الحضارة العلمانية الحديثة لن تكتفي باستبعاد فكرة القداسة أو بإعادة تفسيرها بشكل جدري، و إنما ستهاجم الذات الإنسانية نفسها كمصدر الحقيقة، فهي ستهاجم فكرة تكريس الذات للحق، أو تحقيق الحاجات العميقة للذات، كما ستبين أن المصدر ليس كلا متجاوزا و إنما هو الإنسان، والإنسان كائن حادث زمني متناه، أي ليس مصدرا جيدا للحقيقة.[6]

الحرية القذرة في مكيالين

وتتجلى حقيقة هذه الحرية القذرة حينما تكيل بمكيالين. فهي تتعامل هنا بقيمة وهناك بقيمة أخرى، حينما تقتل في أفغانستان والعراق والشيشان والبوسنة والهرسك ومالي وفي التاريخ القريب في الجزائر -مليون شهيد- وفي المغرب وفي مصر وفي غيرها من الدول الإسلامية، يكون الأمر تمدنا، وحين يقتل في بلادهم وفي أجناسهم يكون الأمر إجراما وإرهابا.

يفرقون في أذهانهم بين مفهوم القاتل والمقاتل، فيبيحون حرية القتل في الآخر. وهي حرية قذرة مهما برروا من القتل ومهما غيروا في المفاهيم والمصطلحات.

 الحرية الممنوعة في فرنسا

ومن مثال هذا الخرف في مفهوم الحرية المطلقة، نسوق من الكتب الممنوعة في فرنسا ليتعرف القارئ على حقيقة الحرية المطلقة. وحتى يقيِم مجال الحرية القذرة..سيلاحظ القارئ عدد الكتب الإسلامية الممنوعة في دولة شعارها المقدس “حق التعبير”.

في مقال قريب -إن شاء الله- سأنشر اللائحة الكاملة للكتب الممنوعة في فرنسا بلاد الشعارات…

Livres interdits par Charles Pasqua (gouvernement Édouard Balladur – 1993-1995)

·       Croix de feu ; (considérée comme une reprise de L’Empire invisible) ; [JO du 13 mai 1993, p. 7312][37]

·       Le Critère ; (édité par la Fraternité algérienne en France) ; [JO du 4 juin 1993, p. 8113][38]

·       Résistance ; (Fraternité algérienne de France) ; [JO du 27 juin 1993, p. 9137][39]

·       L’Étendard ; (Fraternité algérienne de France) ; [JO du 6 août 1993, p. 11054][40]

·       Al Tabsira ; (FIS, Londres) ; [JO du 29 oct. 1993, p. 14981][41]

·       Al Forqane ; (Comité international de soutien au Jihad en Algérie) ; [JO du 10 novembre 1993, p. 15577] [42]

·       Al Mounquid ; (FIS) ; [JO du 10 novembre 1993, p. 15577][42]

·       Al Moutawasset ; [JO du 4 janvier 1994, p. 138][43]

·       Ahmed Deedat :

o            Comment Salman Rushdie a leurré l’Occident ; [JO du 5 juin 1994, p. 8135][44]

o            Crucifixion ou Cruci-fiction ; [JO du 5 juin 1994, p. 8135][45]

o            La Bible est-elle la parole de Dieu ? ; [JO du 5 juin 1994, p. 8135][46]

o            Mohamed ou le successeur naturel du Christ ; [JO du 5 juin 1994, p. 8135][47]

o            Le Christ dans l’Islam ; [JO du 5 juin 1994, p. 8135][48]

o            Quel est son nom ou Allah dans le judaïsme, le christianisme et l’islam ; [JO du 5 juin 1994, p. 8135][49]

o            Qui bougea la pierre ; [JO du 5 juin 1994, p. 8135][50]

o            Le Problème de la crucifixion du Christ, entre la vérité et le mensonge ; [JO du 5 juin 1994, p. 8135][51]

o            Est-ce que le Christ est Dieu ; [JO du 5 juin 1994, p. 8135][52]

o            Dialogue avec un missionnaire ; [JO du 5 juin 1994, p. 8135][53]

o            Israël et les Arabes, conflit ou réconciliation ; [JO du 5 juin 1994, p. 8135][54]

o            Ahmed Deedat entre Évangile et Coran ; [JO du 5 juin 1994, p. 8135][55]

o            Dieu dans la doctrine chrétienne ; [JO du 5 juin 1994, p. 8135][56]

o            Mahomet, modèle suprême ; [JO du 5 juin 1994, p. 8135][57]

o            Le Musulman en prière ; [JO du 5 juin 1994, p. 8135][58]

o            Le Coran, Miracle des miracles ; [JO du 5 juin 1994, p. 8135][59]

o            Deedat affronte le pasteur de l’Église de Suède ; [JO du 5 juin 1994, p. 8135][60]

·       Al Ansar ; (publié par Les Partisans du djihad en Algérie et ailleurs) ; [JO du 9 août 1994, p. 11595][61]

·       Al Ribat ; [JO du 9 août 1994, p. 11595][62]

·       El Djihad ; [JO du 9 août 1994, p. 11595][63]

·       Al Fath Al Moubine ; [JO du 9 août 1994, p. 11595][64]

·       Front islamique du salut, Armée islamique du salut ; [JO du 9 août 1994, p. 11595][65]

·       Jürgen Graf, L’Holocauste au scanner ; [JO du 27 décembre 1994, p. 18426][66]

·       Youssef Qaradhawi, Le Licite et l’Illicite en Islam ; [JO du 28 avril 1995, p. 6577][67] ; (autorisé le 9 mai 1995 [JO du 16 mai, p. 8217]

Sous la Cinquième République (présidence de Jacques Chirac)

par Jean-Louis Debré (gouvernement Alain Juppé – 1995-1997)

·       Devrimci Sol ; (publication en langue turque) ; [JO du 11 avril 1996, p. 5583][68]

·       Strictly Spanking ; (revue américaine) ; [JO du 31 oct. 1996, p. 15935][69]

·       Love Bondage Gallery ; (revue américaine) ; [JO du 31 oct. 1996, p. 15935][70]

·       Bondage Photographer ; (revue américaine) ; [JO du 31 oct. 1996, p. 15935][70]

·       Males in Love Bondage ; (revue américaine) ; [JO du 31 oct. 1996, p. 15935][70]

·       Captive in Sumanka ; (revue américaine) ; [JO du 31 oct. 1996, p. 15935][70]

·       Siyah Bayrak ; (publication en langue turque) ; [JO du 31 oct. 1996, p. 15935][71]

·       Erosphère ; (revue canadienne) ; [JO du 19 février 1997, p. 2747][72]

·       Germar Rudolf, Rapport d’expertise sur la formation et le contrôle de la présence de composés cyanurés dans les « chambres à gaz » d’Auschwitz ; [JO du 11 avril 1997, p. 5517][73]

 

الحرية القذرة والمنفعة:

فالفلسفة البرجماتية هي الفلسفة التي تجعل من المنفعة المعيار الوحيد للحكم على الأشياء أو الأفكار فالحقيقي هو كل ما يأتي عن التجربة أو التطبيق: منفعة عملية أما كل ما هو غير ذلك فهو لا شيء.. يقول “وليم” عن الاتجاه البرجماتي: “إنه اتجاه تحويل النظر بعيدا عن الأشياء الأولية، المبادئ، النواميس، الفئات، الحتميات المسلم بها، وتوجيه النظر نحو الأشياء الأخيرة، الثمرات، النتائج، الآثار، الوقائع، الحقائق.إن الحقيقي في أوجز عبارة “ليس سوى النافع المطلوب في سبيل تفكيرنا، كما أن الصواب ليس سوى الموافق المطلوب في سبيل مسلكنا”[7].

إن الفكرة لدى البرجماتي تكون حقا إذا كان تحقيقها يؤدي إلى ما يريد هو نفسه، أيا كان هذا الذي يريده، وبلا مبالاة في النتائج التي قد تصيب الآخرين الذين لا يرون النفع في تحقيق تلك الفكرة، المهم أن يصير الأمر بالنسبة لصاحبه –بتعبير جيمس نفسه- على ما يرام.

إن كون جيمس يعتبر النافع حقا حتى ولو كان لحظيا، بل ولو كان باطلا فإن ذلك يعني-وكما يظهر في كلام الرجل نفسه- أنه لا يؤمن بالحق أو الحقيقة أصلا، ولا يبحث عنها. إنما هو يحاول فقط أن يقدم تبريرا فلسفيا لكل من يعمل على تحقيق ما يستهدف من المنفعة. ولكي يرضينا فقط، ويقوى من عزيمة من يتفق معه في ذلك، فقد أطلق على هذه التبريرات لفظ الحقائق، أي أن هدف من وراء هذه الفلسفة هو تبرير المنفعة كما يراها أصحابها فقط[8].

ويشاع بين البعض أن البرجماتية تمثل تسويغا فلسفيا لمبدأ الغاية تبرر الوسيلة وهذا اعتقاد ساذج لأن البرجماتية أبعد شرا من ذلك فهذا المبدأ يعني أن الوسيلة القذرة قد تبرر الغاية الشريفة لكن البرجماتية لا يهمها الغايات الشريفة في شيء وإنما المهم لديها هو أن تكون الوسائل قادرة على تحقيق الغايات. فالأفكار الصحيحة هي ما يأتي عنها منفعة عملية أما كل ما هو غير ذلك فهو لا شيء… لقد اعتقد جيمس أن مذهبه يبيح له كل شيء مادام يراه مفيدا حتى خلقه للآلهة ذاتها بالأوصاف التي يهواها وذلك فقط لمحض المنفعة وذلك على أساس قوله: “في مقدورنا أن نتمتع بإلهنا إذا كان لدينا إله”.

وتفسير ذلك أن البرجماتية تصنع إطارا إلهائيا لمضمون عبثي فهي تقول لك أبحث عن المصلحة والمتعة واللذة بدلا من أن ترهق نفسك في البحث عن الإجابة على الأسئلة المصيرية في الحياة مثل: من أين جئنا؟ إلى أين نذهب؟ وهل الله موجود أو غير موجود؟ وما هي العدالة؟ وما هي القواعد التي يجب أن تحكم علاقتنا بالآخرين؟[9]

الواقع أن روسو كان جريئا في تحديه للدين وخروجه على الأخلاق وتقاليد عصره فقد نفى العنصر الإيماني من الأخلاق وجعل مدارها الرئيسي المصلحة الدنيوية المجردة، أي تحقيق أفضل وسيلة للتعامل مع المجتمع في حدود الدنيا فقط ولغرض المنفعة الخاصة أو العامة إن أمكن، وبذلك نشأ للمرة الأولى في تاريخ المسيحية أن نظر الباحثون للأخلاق على أنها مظاهر صورية للتعامل الخارجي لا حقائق وقيم تنبع من ضمير الانسان و يوحي بها وجدانه الايماني.370

“فالدين الوضعي” يقوم على الانتقال من الواقع إلى النافع.

الحرية القذرة في الواقع

الحرية المطلقة تجدها قذرة لأنها لا تستطيع أن تحتوي على المطلق، لأنها لا تستطيع أن تجيب عن بعض التساؤلات الواقعية:

·     لماذا يمنع بيع الكتب ونشرها في الدول الديمقراطية؟

·     لماذا يمنع البحث العلمي في قتل النازيين لليهود؟

·     وهل يحق للفرد قتل نفسه؟

·     هل يحق له الانتحار؟

·     وهل هناك قانون في فرنسا وفي غيرها من الدول التي تنعق بحرية التعبير المطلق، يسمح بحرية الانتحار؟

·     فما مدى أحقية الإنسان في جسده؟

فلماذا تمنع وتحارب “الحرية الفردية” حرية الانتحار رغم أن للإنسان حق في جسده، يفعل به ما يشاء. لأن هذا يخالف الفطرة التي رغم انحرافها في الحضارة الغربية، فإنها ما زالت تدفع بحكم تكوينها للإنسان الغربي إلى أن يتخذ البعض مواقف سليمة، وثانيا لأن الانتحار يشكل خطرا كبيرا على استمرار الجنس الأبيض، وخاصة إذا علمنا بأن الانتحار يمس فئة الشباب بين 15 سنة و35 سنة.

يهدد الهرم التسكاني الغربي الذي تتسع قاعدته الهرمية في فئة الشيوخ، مما يهدد كما ذكرت بانتحار الجنس الأبيض أو على الأقل أن تتحول السلطة والحضارة والقرار إلى الأجناس الأخرى، التي يُكون شبابها القاعدة الهرمية الكبرى، وهذا تهديد حقيقي. فهي تتعامل مع ظاهرة الانتحار بوصفة المصلحة، وتتعامل مع حق التعبير بوصفة أخرى. فالحضارة الغربية تجعل من نفسها الطبيب الوحيد الذي يعطي لنفس المرض وصفات مختلفة، لأن هذا حق القوي.

الحرية القذرة سلوكا

الحرية المطلقة تتحول إلى حرية قذرة حين تتعامل مع سلوك المجتمع وحين تحدد ما لا يباح في الحقيقة وما لا يباح في الفطرة. الحرية الفطرية تتناقض مع الحرية القذرة المطلقة. هناك من جانب نداء الفطرة ومن جهة أخرى نداء المادة والمصلحة. وفي هذا المقام نأخذ بعض الأمثلة لنبين هذه الحرية القذرة:

الإجهاض: من الحريات القذرة، إنها تؤمن بقتل الإنسان “الجنين”، هو إنسان حقيقي، له من المميزات ما للإنسان الطفل وللإنسان الراشد. وهنا نجد عنصرين يفسران هذا السلوك القذر.

أولا: الجنين لا يظهر وفي هذه الحالة هو غير موجود، “الفطرة المادية”. وبالنسبة للأطباء، هم يعلمون بأن الجنين إنسان حقيقي حين يتجاوز الأربعين يوما، ورغم ذلك يحكم عليه بالإعدام. وبالنسبة للاقتصاد فالجنين غير منتج، فلا يهم إن عاش أو قتل.

فالحرية الفردية المقدسة، تسمح للأم باتخاذ قرار القتل، اعتقادا بأنه لو تم إلزام الأم في هذا المجال سيتم إلزامها في مجالات أخرى وهنا يتحرك المجتمع بدافع الخوف، والتقديس للحرية الفردية.

يظهر تناقض كبير بين الرغبة الأكيدة للحضارة الغربية في الاحتفاظ بالأطفال بل وتشجع على ذلك، خوفا من تدهور الهرم التسكاني، تمنع الانتحار، وفي المقابل تسمح بل وتدافع على الإجهاض، وعلى الحرية الفردية في الجسد. هذا التناقض لا يفسره إلى تدمير صوت الفطرة.

والدول الغربية تجد نفسها في مأزق تدبير هذه الحرية القذرة بين إطلاقها لحرية الأم في جسدها وبين أهمية هذا الجنين. فهي تحدد الحرية، الحرية التي توجهها الفطرة، فتلجأ كما كتبت في المقال “الصراع بين النتيجة والسبب” إذ تذهب فقط إلى تشجيع الأمهات ماديا، من أجل الحفاظ على الجنين “المهم”. ولا تستطيع أن تلزمها بالقوانين، لأن الإيديولوجية المادية العلمانية الداروينية تحكم اتخاذ القرارات رغم خطورة هذا على المستقبل الحضاري الغربي.

بل الخطورة هو عمل هذه الحضارة على تكريس هذه المفاهيم في الإجهاض في المجتمعات الأخرى، فتشجع بعض الجمعيات المدنية في بلداننا بالأموال والبحوث الكاذبة، حتى ينهار الكل، عملا بالمقولة المادية ” إما أن أكون أو لا يكون أحد”. وهذه المقولة هي التي يتبناها أيضا الإرهابيون فعلى من نحكم، ومن نحاكم وإلى من نتحاكم؟

المثال الثاني: المساعدة على الموت “الموت الرحيم”[10]، وهذه أيضا من المشاهد الكبرى لهذه الحرية القذرة. وإن كانت بعض الدول الغربية ما زالت تتحفظ على هذا النوع من القتل، وذلك لأنها ما زالت تسمع همس الفطرة. ولكن بعض الأشخاص في هذه الدول لا يسمعون إلا “همس الحرية القذرة” حيث يمارسون القتل الرحيم.

ويتجلى الخلاف الكبير بين المرجعية الغربية والمرجعية الإسلامية، في النوعية التي تتعامل بها مع الحياة من وجهة الفطرة. فالإسلام لا يرى أن الألم مشكل في ذاته على عكس ما يعتقده الغربي العلماني. فإن كان الألم مضرة فقط، فإن المسلم يتعامل مع هذا النوع من الألم أو ألم الموت بمفهوم “الطّهور”. فإن المسلم يعتقد أن الألم تطهيرا له في آخر أيام حياته من الآثام والأخطاء لعله يصل إلى ربه متطهرا من الأدناس ومن دنس “حق التعبير”. وهذه الفلسفة لا يمكن أن يعقلها أي علماني أو أي ملحد، فرغم الألم الكبير فإن المسلم يحاول أن يعالج الألم بالتركيز على الأجر. فهذا ثمن يقدمه للجنة. فهو الثمن الذي يبيع به أخطاءه ليشتري به النظر إلى وجه الله الأعلى. فما أعظم ما يمكن أن يُشترى بالألم، بالعمل الصالح، بالابتلاء، وبالتطهير.

المثال الثالث: حرية المثلية الجنسية. التي يعتبرها الغرب حقا شخصيا، حق الإنسان في جسده، وحق الإنسان في اختيار طريقته في المتعة الجنسية. وهنا أيضا تختفي الفطرة الإنسانية لتظهر المادية الجنسية ولا أقول الحيوانية، فحتى الحيوان يحتفظ على غريزته الجنسية المتمثلة في الجنس الطبيعي الذي يحتفظ على استمرارية الحياة.

الحرية الجنسية القذرة تدعو إلى إنهاء الوجود الإنساني. فلو تمثلنا أن نضع هؤلاء المثليين مع بعضهم في جزيرة ما، فهم إما أن ينقرضون أو يرجعون إلى الفطرة، إلى الغريزة الجنسية الطبيعية.

وهكذا فبكل المعايير العقلية والمنطقية.. فالحرية القذرة لا يمكنها إلا أن تدفع إلى انقراض الجنس البشري. ولأهمية السلوك الفطري الغريزي، فقد شدد الله عز وجل في كتابه الحكيم على خطورة “اللواطية”، وكرس رسوله الكريم التنبيه والجزر على هذا السلوك الجنسي القذر، لمناقضته مفهوم استخلاف الإنسان في الأرض.

وإني أرى استحالة تقبل أي مسلم لهذا السلوك بحكم الحرية، إن هذا يتعارض مع عقيدة المسلم، وقد كتبت في هذا الشأن مقالا أعيد هنا نشر بعض الأفكار الأساسية، فأقول:

1- يكذب البعض حين يحاولون تمرير فكرة أن المثلية أو اللواطية سببها تغيير على المستوى البيولوجي في جسم “اللواطي” وهذا كذب علمي، فلا وجود لأي حقيقة علمية تؤكد ذلك، وكل الدراسات العلمية التي تحاول تبرير هذا السلوك فهي إما دراسات “مؤدى” عنها من طرف الجمعيات المثلية، أو أن المتخصصين هم أنفسهم مثليين يحاولون تبرير هذه الحرية القذرة.

2- فالقول “بطبيعة” السلوك المثلي، انحراف في العقيدة:

a.   لأن الله عز وجل أكد تأكيدا واضحا على عدم طبيعية هذا السلوك

b.   عذب الله قوم لوط في الدنيا، بأن جهل قرية لوط عاليها سافلها

c.    أرسل عليهم حجارة

d.  ويعذبهم في الآخرة

وهكذا فإما أن يكون الله عز وجل ظالما -نستغفر الله من كل كلام سخيف- لأنه عذب وسيعذب مخلوقاته علي شيء طبيعي “علمي”. تعالى الله علوا كبيرا عن هذا اللغو العقيم.

أو أن الله عز وجل خلق خلقه وهو لا يعلم بأن هناك تغييرا بيولوجيا عند البعض، وهذا التغيير هو الذي حول هؤلاء إلى لواطيين. فهذا هراء علمي، وهو فساد وإفساد في العقيدة، واتهامات قذرة في حق الذات الإلهية.

ومن الأمثلة الأخرى التي تبين حماقة الحرية المطلقة وحقيقة الحرية القذرة نجد:

    دعوة إلى تقنين “الممارسة الجنسية مع الأطفال”، فهناك جمعيات لبعض المثقفين في بعض الدول الغربية تدعوا إلى هذا الهراء خاصة في إيطاليا ، هولندا ، الدول الاسكندنافية.

    الدعوة إلى جعل “الرجل يحمل ويلد”، وهناك في الدول الاسكندنافية بعض العلماء من بدء منذ سنوات يشتغل على هذا الطلب.

    الدعوة إلى مناقشة “زنا المحارم، وهنا نجد الرجوع إلى سلوكيات الحضارات القديمة منها الحضارة الرومانية الغربية التي كانت تبيح الزواج بين الأخوة والأخوات. ولست أدري هل هذا تطور كما تقول الفلسفة الداروينية الغربية؟ بأن كل شيء يتطور إلى الكمال أو هو انتكاسة إلى الوراء. فهل هذا “انتكاسة تطورية”؟

    اعتبار الحروب بين الشعوب وداخل نفس المجتمعات بالانتخاب الطبيعي. لأن تزايد السكان العالمي {سكان الدول غير الأوروبية} سيقلص من الموارد الطبيعية. وهذا سيشكل خطورة على التواجد الإنساني {أي الرجل البيض}. فلهذا فإذا كانت الحروب عند الآخر فهذا شيء جيد يجب تركه والعمل على تأجيجه، حتى يبقى الغرب وحده يستفيد من خيرات العالم. وبالمناسبة فإن الغرب يستفيد من 80 في المائة من خيرات العالم وسكان العالم الباقين يتقاسمون 20 في المائة الباقية. ولهذا فإن هذه المعادلة لا يجب أن تتغير، والحرية القذرة هي التي تعمل على إبقاء هذه المعادلة.

معايير الحرية القذرة

الحرية الحقيقية هي القادرة على ضم البشر وتقريب المساحة بينهم، وليست هي الحرية القذرة التي تحتقر الآخر. ولفهم تواجد الحرية القذرة يمكن أن نضع لها معايير واضحة، حتى لا نكون كأحجار فوق رقعة الشطرنج. نحرك كيفما يراد لنا، ليفوزوا بنا متى شاءوا ويقتلوننا متى شاءوا (Echec et math).

ومن هذه المعايير نجد:

·     المتعة واللذة

·     الأنوية

·     الفردانية

·     الاستهلاك

·     الآنية

·     الحقوق // الواجبات

·     الآخذ // العطاء

أولا: المتعة واللذة:

إن الحرية القذرة أول ما تعتمد عليه هو مفهوم المتعة واللذة، فتضع هذين العنصرين فوق كل اعتبار. فوق احترام الآخر وفوق السلم وفوق الكرامة. فالحرية هي التي تضمن لهؤلاء أقصى مراتب المتعة واللذة، بغض النظر عن أحاسيس الآخر وبغض النظر عن مقدساته، فالاستهزاء بالمقدسات الدينية يوفر لهم المتعة، ومن التشويه الآخر يتلذذون. وهذا مرض، وبلسان فرويد نفسه يسميه “ماشوسية”.

ثانيا: الأنوية

وتعني أن الحرية يجب أن تضمن لهؤلاء السيطرة المطلقة أن يدور الكون في فلكهم، أن يستشعروا أنهم يمثلون مركزية الكون. إنها نفس “الأنوية” التي يستشعرها الطفل قبل ثلاث سنوات، حسب العديد من الدراسات النفسية وخاصة دراسات التي قام بها العالم “بياجي” الذي يعتبر مرجعا في علم نفس الطفولة وعلم النفس النمائي.

إن كل الإيديولوجيات والأفكار والفلسفات يجب أن تنطلق من هؤلاء وتعود إليهم، وكل الأفكار والفلسفات الأخرى تحارب من طرفهم، فالحق الوحيد هو حق التعبير الغربي لا سواه ولا غيره، ممكن الوجود.

لا يهم هؤلاء من يزلزلوا، ولمن يسيئوا وبما يشعر الآخر. على أي ليس هناك أفضل من هؤلاء، فكيف يمكن لإساءة والتشهير… لا شيء غير “أنا” الوحيد “واجب الوجود”.

الإساءة والتشهير تعني بأن الآخر يستطيع أن يحس بالألم، وهذا غير معقول لأنه:

·     أولا لا يهمني الآخر

·     وثانيا أنا مركز الكون

ثالثا: الفردانية

وهي مرتبطة بمفهوم المتعة واللذة والأنوية، وهو التصور الذي يبحث عن الفرد أولا ثم الأسرة ثم المجتمع. وهكذا فالحرية هي التي تخدم الفرد. أما قيم الأسرة وقيم المجتمع فلتذهب إلى الجحيم. وكما يقول أحد فلاسفتهم “الآخر هو الجحيم”. إذن فالقيم المحددة للسلوك والمعيار الوحيد، هو الفردانية، أما قيم “الآخر الجحيم” فلا عبرة بها، لأن حريته فوق حرية الجميع.

والجميع هنا يبدأ من البربري، الشرقي، الأوروبي، الوطني، القومي، المجتمعي، حيّي، أسرتي، أنا. فمن “أنا” تحدَد كل هذه المسارات. فإذا كانت هذه المسارات تخدمني فذلك قمة الحرية وإن كانت حرية قذرة. فالغاية تبرر الوسيلة. أما إذا تعارضت مع حريتي، مع متعتي وللذتي، فلتذهب كل هذه المسارات إلى الجحيم.

رابعا: الاستهلاك

حرية الاستهلاك من المشاكل الكبرى للعالم الغربي. ولهذا فإني أعتقد بأن الإنسان له ثلاث أعداء:

·     إبليس

·     النفس الأمارة

·     الاستهلاك

فالاستهلاك محدد معياري مهم للحرية. “أنا حر إذن أنا استهلك”، ما أريد:

    الخمر

    الحشيش

    الربا

    الجنس

    المثلية

    الإجهاض

    القتل

    الاستهلاك

    الاستعمار

    المال

فكل شيء يعطني اللذة والمتعة ويسمح لي بحرية الاستهلاك جيدا، وأي شيء يمنع الاستهلاك يصبح عدوا، قابلا للإبادة. والإسلام يحدد الاستهلاك ويوجهه، فهو إذن عدو.

خامسا: الآنية

“الآن” هي الحرية الحقيقية، فهي ليست في الماضي الذي مات وانتهى. وليست في المستقبل الغابر الذي لا أعرفه، بل ما أفعل الآن وما أستهلك الآن هي الحرية.

سادسا: الحقوق # ولا واجبات

الحرية الحقيقية بالنسبة لهؤلاء، هي الحرية التي تمكنني من الاستفادة من حقوقي، حقوق حرية التعبير، ولكن ليس لي واجبات في هذا “الحق التعبير”. حر في أن أكون دائما في الحقوق، دون أي اعتبار للواجبات.

سابعا: الأخذ # بدون عطاء

هذا المعيار مرتبط بالمعيار السابق، فالحرية هي التي تمكنني من الأخذ ولا تطالبني بالعطاء. لأن الأخذ حق ومتعة، أما العطاء فهو ألم وواجب. فاصل الحرية أن لا تطلب مني تقديم أي حق. الحق الوحيد هو حقي في التعبير، وليس هناك عطاء في المقابل، أي احترام مقدسات الآخر. ألمهم أن لا أتألم، فليتألم الآخر لا ضير. استهزئ به ، أشهر به، أكذب عليه، أغتابه… المهم أنا أعلن بأن هذا حقي في التعبير.

هذه هي الحرية التي يحاول الكثير من الغربيين وبعض أبناء جلدتنا.. العيش وفقها. “حق الأخذ”، حق المتعة، حق اللذة ، حق الحقوق، حق الاستهلاك، حق الأنوية، حق الآنية، حق الفردانية… وفوق كل هذا يخرجوا لنا “مصاص المقدسات” اسمه “حق التعبير”.

الحرية القذرة وحق الاختيار

إن حق الاختيار مصدر من مصادر الحرية، ولكن هل كل اختيار حق، ويتم فعلا وفق حرية الاحترام والتجانس. هنا تتجلى المسؤولية الفردية لكل إنسان. حق في الاختيار.


    اختيار الدين -حرية

    اختيار الإلحاد –حرية

    اختيار الاستهلاك –حرية

    اختيار القتل -حرية

    اختيار الشرك –حرية

    اختيار الإرهاب -حرية

    اختيار الكفر –حرية

    اختيار الكذب –حرية

    اختيار الخيانة –حرية

    اختيار الإدمان –حرية

    اختيار الانتحار –حرية

    اختيار الإجرام –حرية

    اختيار الكسل –حرية

    اختيار البخل –حرية

    اختيار التشهير –حرية

    اختيار السب –حرية

    اختيار المثلية –حرية

    اختيار الجهل –حرية

    اختيار التزوير –حرية

    اختيار السرقة –حرية

    اختيار الفوضى –حرية

    اختيار زنى المحارم –حرية

    اختيار الخروج على الحاكم -حرية

وهل هذه الحريات توصل الإنسان إلى الأمان وإلى استخلاف في الأرض؟

فالحق لا يتعدد.. فإما ما تختاره يكون حق، أو غير حق، والحرية إما أن تكون حرية الحق أو حرية الباطل. والاختيار سمة حقيقة الإنسان، بل مسؤولية كبرى، التي وجلت منها السموات والأرض. هي الأمانة التي حملها الإنسان: “ إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا[11]“. فهذه الحرية في الاختيار إما أن تكون حرية في النور أو تكون حرية في الظلام، حرية إقتداء بالرسول أو حرية قذرة بالمادة.

والحقيقة الفطرية هو عدم قدرة الإنسان على عدم الاختيار، ومن هنا يأتي مفهوم الحساب والعقاب. وهنا تتجلى الحقيقة الفطرية التي نسميها بالميثاق الفطري. وهو الاختيار الأول الذي قام به كل إنسان فردا فردا، اختيار ربوبية الله عز وجل:” وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ[12]

هل من حرية الاختيار”اختيار حق التعبير”؟ وبنفس المنطق هل من الحرية، اختيار “حق الإرهاب”؟

فأين المعنى الحقيقي للحرية؟

إن الدمار ليأتي من فوضى الاختيار.

 الحرية القذرة والفوضى

الانفجار العظيم هو بداية الكون، إلا أن هذا الانفجار إن حدث فعلا بهذا التصور، فقد أحدث دقة عالية في صيرورة الكون وتناغم قوي في ديمومته. لأنه انفجار من الخالق.

أما أن يعتقد البشر بأنه هو أيضا قادر على خلق انفجار في الشعوب والأمم الأخرى، ومن هذا الانفجار سيخلق الدقة، فمن هذا التصور حاول البعض التشبه بالله عز وجل. وحاولوا إقناعنا بأن في الانفجار، والفوضى التي يخلقونها عند الآخر إبداع، سيجعلونها “فوضى خلّاقة”. فإن هذه الفوضى الخلاقة قتلت فقط في العراق أكثر من مليون شخص وشردت الملايين، وأسقطت العراق مهد الحضارات في فوضى عارمة لا نعلم متى سيستطيع العراقيون تجاوزها.

هذه هي الحرية القذرة، حرية خلق الفوضى عند الآخرين، والضحك علينا بمفهوم “الفوضى الخلاقة”.

فهل كما ذكرت من نفس المنطلق. هل يمكن اعتبار الإرهاب “فوضى خلاقة”؟ أعتقد أن الإرهابيين يستعملون نفس منطق الساسة الأمريكيين، وعلى الأقل من انتخب بوش الابن ودافع عن سياسته. لأنه الأول من استعمل مصطلح “الفوضى الخلاقة”.

فهل يكون الإرهابيون أبناءهم في التفكير؟ من منطلق هذه الحرية القذرة يمكن القول بأن أي شيء يستعمل هذا التصور “الفوضى الخلاّقة”، لا يمكنه إلا أن يكون إرهابيا، مهما تنوعت الأساليب والمسميات:

·     إرهاب الفرد

·     إرهاب التنظيمات

·     إرهاب الميلشيات

·     إرهاب الشركات

·     إرهاب الدول

يتصرف الإرهابيون بنفس المنطق. فهم يخلقون انفجارا وفوضى في كل مكان، ليخلقوا هم أيضا فوضاهم الخلاقة. إن العبثية في التصور تخلق عبثية مقابلة في السلوك.

·     عبثية حق التعبير – حرية قذرة

·     عبثية الفوضى الخلاقة – حرية قذرة

·     عبثية الإرهاب – حرية قذرة

فالحرية القذرة كيف ما كان شكلها لن تخلق إلا الدمار… ثم بعد ذلك دمارا من الدمار.

 الخاتمة

الحرية القذرة تحاول استئصال الآخر من مقدساته. هي كل حرية تجعل الاحترام يقوم على الهوى والمصلحة لا على القيم والمبادئ. الحرية القذرة هي التي ترى أن رقي الإنسان يتجلى فقط في الإنسان الأبيض، يفعل ما يشاء ويقرر ما يشاء. الحرية القذرة هي تصور الإنسان عنصرا ماديا. فتعلى بالتفسير المادي إلى عنان السماء. وتستأصل كل تفسير روحي وفطري.

·     الحرية القذرة هي التي تدفع إلى الصراع. لتبقي على القوي وتبيد الضعيف.

·     الحرية القذرة: هي التي تدنس الدين

·     الحرية القذرة: هي التي تعلي الشعارات بيد وتبيد باليد الأخرى

·     الحرية القذرة: هي من تجعل “حق التعبير” أسمى من “حق المقدس”

الحرية، هذا السيف الذي يراد به باطلا، بحيث يتحول هذا المفهوم السامي إلى قذارة. هذا النوع من الحرية يمكن أن نجده في العديد من الميادين:

·     الحرية القذرة في الإعلام: وهو هذا الغول المسمى “بحق التعبير”…إلخ

·     الحرية القدرة في السياسة: والمتجلية في الاستعمار، الفوضى الخلاّقة…إلخ

·      الحرية القذرة في الديمقراطية: وهي التي تسمح بنجاح شخص كهتلر في الانتخابات، والفاشية، والشيوعية الدموية، والستالينية.. و.. والديكتاتوريات مثل السيسي في مصر…إلخ

·     الحرية القذرة العلمية: الاستنساخ، أسلحة الدمار الشامل،… تبرير الشذوذ الجنسي، التفسخ الجنسي،…إلخ

·     الحرية القذرة العسكرية: نكزاكي، هيروشيما، قنابل الدمار الشامل، الاستعمار، النفي… إلخ.

·     الحرية القذرة الاجتماعية: التطرف، القطب الواحد، الفردانية، التفكير الواحد… إلخ.

·     الحرية القذرة الاقتصادية: الاستهلاك،..، إفساد الأرض،… إلخ.

·     الحرية القذرة المالية: الربا.. الاستغلال… إلخ.

·     الحرية القذرة في التدين: عدم الإيمان.. إلخ.

 ويقول محمد قطب على لسان علماء الغرب: ينبغي أن نحطم الدين، فهو قيد آخر يعوق التطور، وقد ورثناه من أسلافنا في عماية وجهالة وجمود وتأخر، وقد كان هذا كله يناسب المجتمع الزراعي المتأخر، ونحن اليوم في المجتمع الصناعي المتطور الذي لا يطيق هذه الخزعبلات {ماركس}. أو قد كان هذا يناسب عصر الجهالة السابق، يوم كنا نظن الدين شيءا له قداسة، منزلا من السماء، قبل أن نعرف أنه كبت جنسي ضار مؤذ منفر {فرويد}. أو يوم ظننا خطأ منا وجهالة، أنه فطرة إنسانية {دوركايم}.

مصطلحات المقال

·الحرية القذرة

·انتكاسة تطورية

·مصاص المقدسات

·  الأنوية

·عبثية التصور

·نرجسية النموذج

·القتل الرحيم

·  التفسير الفطري

·  الميثاق الفطري


لو كنت غيري لتمنيت أن أكون أنا[13].



[1]وللرد على نيتشه فقد كتب أحد علماء كتاب أسماه: “لقد مات نيتشه وبقي الله”.

[2]– محمد إبراهيم مبروك.

[3]– محمد إبراهيم مبروك.

[4]محمد قطب.

[5]محمد قطب.

[6]عبد الوهاب المسيري.

[7]– محمد إبراهيم مبروك.

[8]– محمد إبراهيم مبروك.

[9]– محمد إبراهيم مبروك.

[10]القتل الرحيم: مساعدة الشخص المريض الذي لايرجى -طبيا- شفاءه على الموت. أي قتل النفس.

[11]الأحزاب-72

[12]الأعراف-172

[13] سيد درويش.

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M