ما يحتاجه الأمازيغ في أعالي الجبال ليس تدريس الأمازيغية
ذ. نور الدين الكرف
هوية بريس – الخميس 03 دجنبر 2015
من ينظر في النقاشات المستفيضة حاليا التي يطرحها من نصبوا أنفسهم مدافعين عن الأمازيغ والأمازيغية… يجد نقاشاتهم لا تخرج عن اللغة الأمازيغية ومطالبتهم الملحة بتفعيل دسترتها عن طريق إدخالها في البرامج التعليمة، و غيرها من الأمور التي لا يربح من وراءها سكان الأمازيغ في أعالي الجبال ناقة ولا جملا -كما يقول العرب-.
السؤال الذي ينبغي أن يطرحه هؤلاء المدافعون عن اللغة الأمازيغية؛ هل حققنا كل الضروريات للأمازيغ وغير الأمازيغ في أعالي الجبال حتى نقيم الدنيا ولا نقعدها حول المطالبة بإدخال الأمازيغية في البرامج التعليمية والإدارات…؟
هل كل شيء تحقق في منظومتنا التعليمية، ولا ينقصها سوى تدريس اللغة الأمازيغية فيها؟
أقول لهؤلاء: كفاكم استغلالا وركوبا على مكسب تحقق في الدستور الجديد باستجابة من أعلى سلطة في البلاد، فلا داعي للتبجح به واستثماره في الانتخابات وغير ذلك. ثم إن الأمازيغ في أعالي الجبال هم في حاجة ماسة للمدارس التعليمية قبل إدخال الأمازيغية في البرامج التعليمية وذلك حتى لا تخرج بناتهم وأولادهم من الدراسة…
الأمازيغ في أعالي الجبال؛ هم في حاجة ماسة للمستشفيات وإلى دور الولادة حتى لا تموت النساء أثناء الولادة بسبب بعد المستشفيات الإقليمية. ورداءة الخدمات الطبية حتى في أكبر المستشفيات العمومية..
الأمازيغ في أعالي الجبال ؛هم في حاجة ماسة إلى طرق النقل ووسائل النقل.. والماء الصالح للشرب والكهرباء وغيرها من الشروط الضرورية للعيش..
الأمازيغ في أعالي الجبال؛ هم في حاجة ماسة للدعم الفلاحي وخصوصا الفلاحون الصغار من أجل كسب لقمة العيش الكريم… وإلى توفير ماء الري وإلى تشييد سدود… وغير ذلك مما يندرج ضمن تفعيل ما يسمى بالمخطط الأخضر أو المغرب الأخضر (اللي حمقو لينا به راسنا)، لكن مع الأسف هذا فقط في بعض المدن، أما بعضها فلا ترى فيها إلا الأراضي القاحلة التي لا تنبت كلأ ولا عشبا نتيجة ندرة المياه الجوفية وقلة التساقطات وعدم وجود سدود كما هو الشأن في بعض المدن التي تحسب على المغرب غير النافع..
الأمازيغ وكل المغاربة في أعالي الجبال؛ هم في حاجة ماسة إلى توفير الإدارات العمومية وتقريب الإدارة منهم حتى لا يسافروا مئات الكيلومترات من أجل وثيقة إدارية لا تصل قيمتها إلى نصف مصاريف الحصول عليها والوقت الذي يستهلك من أجلها .
الأمازيغ وكل المغاربة في أعالي الجبال؛ هم في حاجة ماسة إلى توفير مناصب شغل لأبنائهم وبناتهم -حتى لا يسافروا أو تسافرن- إلى مدن أخرى للبحث عن الشغل بأجور زهيدة لا تكفي حتى في مصاريف الكراء وبالأحرى تسيير أسرة…
وبالرجوع للشريعة الإسلامية نجدها تقسم المصالح؛ إلى ضروريات، وحاجيات، وكماليات، وعليه فلا ينبغي تقديم ما هو حاجي أو تكميلي على ما هو ضروري. حينما نحقق كل الضروريات لكل المغاربة، آنذاك يمكن أن نتحدث عن مسائل من قبيل إدراج أو عدم إدراج الأمازيغية في البرامج التعليمية والتي -في نظري لن تضيف للتلميذ في الابتدائي خصوصا- سوى الزيادة في وزن المحفظة، علما أنني أمازيغي وأعتز بها لكنني ضد تدريس الأمازيغية على الأقل في التعليم المدرسي، .ثم لابد من الإشارة إلى أنه : قبل تدريس أو عدم تدريس الأمازيغية لابد من إجراء دراسة حول ماذا ستضيفه الأمازيغية للبرامج التعليمية؟أو ما الذي ستسهم به في تحقيق جودة التعليم في حالة تدريسها؟
وقريبا مع الإصلاح الجديد الذي يتضمن تدريس أربع لغات أو خمس لغات ( العربية ؛كلغة رسمية -الأمازيغية كلغة تواصلية- رغم أننا نتواصل الآن ؛ عرب مع أمازيغ بدون تدريس الأمازيغية والحمد لله -الفرنسية كلغة للمستعمر- الإنجليزية كلغة أولى عالمية وهنا لن أحدثكم عن الحيرة التي سوف تجد فيها التلميذ المغربي (مسكين حسن عاونو) حول أية لغة سوف يقرأ؟
وأخيرا نقول: نعم للاعتراف بالأمازيغية ووضعها في أعلى وثيقة في البلاد ثم تفعيل هذه الدسترة على أرض الواقع، ونعم للنقاش الدائر حول الأمازيغية والمطالبة بإلاسراع في وضعها في البرامج التعليمية.. حتى وإن كان قبل أية دراسة… لكن ذلك كله ينبغي أن يسبقه تحقيق كل الشروط الضرورية للعيش الكريم التي يحتاجها الأمازيغ وغير الأمازيغ في أعالي الجبال وكل المغاربة في البوادي والحواضر.