واقعة طنجة: عُري فاضح وتحرش ظالم

06 أكتوبر 2024 08:57

هوية بريس – نور الدين درواش

بعد حادثة التحرش الجنسي التي حصلت بطنجة والتي قام بها مجموعة من الشباب القاصرين، وكانت ضحيتها شابة مراهقة، انبرت بعض الأقلام والأصوات للركوب على هذه الحادثة وكيل التهم لدعاة العفة وحراس الفضيلة؛ وكأنهم هم المسؤولون عن هذه الحادثة الفاضحة وانبروا على إثر ذلك لتقديم حلول واقتراح علاجات لهذه الظاهرة ومثيلاتها في المجتمع المغربي.

هذه الحلول التي تبقى دائما في مقاربتها قاصرة نظرها على زاوية واحدة وهي الزاوية العلمانية المادية الممعنة في استيراد قيم التعري والتفسخ والانحلال، ولهذا نجدهم يصفون الشابة المتكشفة بـ”المتصالحة مع ذاتها”.. وأنه يجب حمايتها وإحاطة حريتها بسياج الأمن والأمان دون النظر إلى باقي الزوايا.

نعم التحرش موجود منذ القدم، لكننا نتكلم عن حوادث متكررة لهذا السلوك المنحرف لا عن أحداث معزولة لا تكاد تحصى.

إن أكبر صانع ومغذي لظاهرة التحرش هو التعري الفاضح الذي يتنافى وقيمنا المجتمعية والدينية المغربية القائمة على الحشمة والحياء والستر والعفاف، منذ مئات السنين.

فكيف يراد لظاهرة دخيلة على المجتمع وليدة فيه تتغذى على قيم الغرب وثقافته أن تصير هي الأصل فكل المحللين العلمانيين سيجدون أن أمهاتهم متسترات، فإن لم تكن أمهاتهم فجَدَّاتهم باليقين.. فعمر التعري في الشارع العام في المغرب لا يجاوز مائة عام بل إن الغرب كان إلى عهد قريب متسترا، فقد أظهر مقطع فيديو متداول  على مواقع التواصل الاجتماعي نساء بريطانيا عام 1901م وهن محتشمات بلباس أكثر احتراما من كثيرا من متحجبات العالم الإسلامي اليوم.

فمن الأصيل ومن الدخيل؟؟ لا على المغرب والعالم العربي فقط بل على البشرية جمعاء..؟؟

على أننا لا نخلي مسؤولية الإنتاجات الفنية التي تدخل بيوت المغاربة عن طريق التلفزيون الرسمي من أثر كبير في هذه الواقعة ومثيلاتها.

وكمثال على ذلك حين يخرج الممثل سعيد باي -صاحب فضيحة فيلم الزيرو وكشف جسمه كاملا من الخلف- في دور تشخيصي أخر ساقط ليتغزل بالمؤخرات ويصف بلغة دارجة ووقاحة منقطعة النظير أنه يتمنى أن يموت مختنقا بين إليتي فتاة، فإن النتيجة الحتمية لمثل هذا الزبالة العفنة الوسخة المحسوبة على الفن هو ما رأيناه في واقعة طنجة من تسارع مجموعة من الشباب القاصرين لرفع ما يقي من لباس قصير لشابة تمر في وضعية غير مقبولة.

ولم نسمع كلمة واحدة من الإعلام استنكارا لهذه السفالة وبيانا لخطرها على مجتمعنا.

إن إعلامنا وإنتاجاتنا السينمائية والتلفزية والمسرحية مع الأسف تؤدي وضيفة وضيعة خدمة للصهيونية العالمية في مجال إفساد المجتمع المغربي المسلم وتلويث فطرته وجره نحو أتون التفسخ والانحلال والرذائل.

وقد كشف هنري فورد في كتابه (اليهودي العالمي) عن مقصد اليهود من تدمير القيم، فقال: “إن اليهود من أجل تحقيق غاياتهم قد سيطروا على السينما لتقديم مفاهيمهم المسمومة، وشركات الملابس والأزياء والعطور وسواها من مستلزمات الموضة، فكلما غيروا أنماط الموضة زادت النساء شراء وإنفاقا، وتسربت الأموال إلى جيوب اليهود، وهم يحققون أيضا قتل الأخلاق ويشيعون التفسخ وينشرون الشهوات. فالملابس القصيرة ابتكار يهودي، فقد رفعوا أزياء النساء فوق الركبة ليزول الحياء وتنتشر الرذيلة، ويشيع الاختلاط غير البريء بين الشباب والفتيات، وتضيع طهارة الفتاة وتتهدم الأسرة وتنتشر الأمراض الجنسية، ويبتلى الأطفال وينشأ جيل ضائع موبوء مريض” [عن كتاب “هل يكذب التاريخ؟” للداوود].

وعليه فقد آن الأون لتفعيل القانون في هذا الباب حيث ينص الفصل 483 من القانون الجنائي المغربي على أن “من ارتكب إخلالا علنيا بالحياء وذلك بالعري المتعمد أو بالبذاءة في الإشارات أو الأفعال يعاقب بالحبس من شهر واحد إلى سنتين وبغرامة من مائة وعشرين إلى خمسمائة درهم”.

إن الإسلام حرم التحرش بالمرأة لدخوله في العدوان عليها وقد جاء في الحديث المتفق على صحته: « كلُّ المسلم على المسلم حرام: ‌دمُه، ‌ومالُه، وعِرْضُه».

وقد وقعت في زمان النبوة واقعة تحرش فزجر النبي صلى الله عليه وسلم صاحبها وعامله بشدة ومنعه من مبايعته صلى الله عليه وسلم.

فعن أبي سَهْمٍ قال: مرَّتْ بي امرأةٌ فنَظَرَتُ إليها، فجَذَبْتُها جَبْذَةً، ثم أتيتُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِن الغَدِ وهو يُبايِعُ الناسَ، فنَظرَ إليَّ فقال: ألسْتَ صاحبَ الجَبْذَةِ بالأمسِ؟ قلتُ: بلى يا رسولَ اللهِ، لا أَعودُ. قال: فبَايَعَني. [أخرجه أحمد (22879)، والنسائي (7288)، وأبو يعلى (1543)].

ومهما بلغ التعري من درجة فهو لا يسوغ أبدا التحرش ولا يشرعنه ولا يعتبر وسيلة مقبولة للحد منه، فكلا التصرفين خطأ، وينبغي تظافر جهود الأسر والمؤسسات التعليمية والإعلامية الغيورة على هذا الوطن وعلى قيمه وأبنائه ومستقبله للقضاء على كل سلوك منحرف، سواء التعري أو التحرش أو غير ذلك.. والله الهادي إلى سواء السبيل.

آخر اﻷخبار
1 comments
  1. إنما يجب أن يقال على هذا الحدث الذي وقع في طنجة هو أني اعتبر أن الفتاة بلباسها الغير المحتشم و ليس بلباس الوقار هو الذي دفع هولاء المراهقين إلى فعل ما فعلوه، فلو أنها كانت ترتدي ملابس محتشمة لن يتجرؤوا عليها. اذن فأبواق الحرية تساهم في الدرجة الأولى في هذه السلوكيات.

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M