د.الريسوني يكتب: الأعمال الفنية “الجريئة” بين الإفساد والإصلاح

06 ديسمبر 2025 21:20

الأعمال الفنية “الجريئة”  بين الإفساد والإصلاح

هوية بريس – د.أحمد الريسوني

كثير من “الفنانين والفنانات”، ومن المخرجين والمخرجات، أصبحوا يفضلون الطرق القصيرة – ولو كانت قذرة – للوصول السريع إلى النجاح والنجومية والثراء. وفي هذا السياق كثر الحديث – في الأوساط الفنية- عن المشاهد الجريئة والحميمية، وعن الأدوار الجريئة، والكلمات الجريئة، وعن “اللباس” الجريـئ، والممثلة الجريئة، والمخرج الجريـئ، والمغنية الجريئة، والراقصة الأجرأ في التاريخ.. وربما سنرى مسابقة ملكة الجرأة..

من كان بعيدا، ولا يعرف شيئا عن عالم الفن وكواليسه، إذا اطلع على هذه الأحاديث والأخبار عن الجرأة لدى نساء الفن ورجاله، قد يتصور أن أهل الفن أصبحوا شجعانا مؤهلين، وجنودا مجندين، لقيادة حركة الإصلاح الاجتماعي والثقافي، والانخراط في معركة النهضة والتجديد في مجتمعاتنا، وأنهم أصبحوا يقدمون إبداعات إصلاحية جريئة، يعول عليها!!

ولكن تتبع ما يُذكر من نماذج جريئة، أو جريئة جدا، يكشف أن الجرأة المتحدث عنها، لا تعدوا أن تكون نماذج بالغة الوقاحة، تسير على طريق البورنوغرافيا والترويج للإباحية الجنسية وصناعة الجنس، مع الاعتماد في ذلك أساسا على تعرية أجساد النساء وجودة عرضها.. بمعنى أن الجرأة عندهم إنما تعني الممارسات الجنسية العلنية، وما يحوم حولها. ويزعمون كذبا أنهم يمارسون عملا فنيا!

الفن الحقيقي يحتاج إلى موهبة ومهارة، وإلى فكر وإبداع، وإلى ثقافة ورسالة. أما مجرد “التفنن” في نزع اللباس، وارتماء ذكر على أنثى، أو أنثى على ذكر، فهذا يعرفه الجميع ويستطيعه الجميع. وحتى الكلاب والحمير تعرف ذلك و”تتفنن” فيه، وبجرأة لا حدود لها.

ننتظر من أصحاب “الجرأة الفنية” – يوم يمتلكون الجرأة الحقيقية – أن يُسخروا جرأتهم في اقتحام المعضلات والآفات التي يعج بها المجتمع، وهم يعرفونها جيدا، بل هم جزء منها.. ففي المجال “الفني” مافيات تتحكم وتبتز، وتنهب الأموال، وتمارس الاتجار بالبشر. وفي المجال الفني تزدهر جرائم المخدرات والقتل والانتحار. وفي المجال الفني صراعات ومؤامرات، وتباغض وتحاسد، وكيد النساء وكيد الرجال.. فهل أصحاب الجرأة عالجوا شيئا من هذا؟

وفي عموم المجتمع ما لا يحصى من المعضلات، التي تحتاج إلى أعمال فنية جريئة، تهزها وتعيد صياغتها وترتيبها، بما يدفعها نحو الإصلاح والترقي.

إن الأموال التي يتقاضاها الفنانون من الدولة ومن المجتمع تظل مجرد سُحت، ما لم يقدموا خدمات ثقافية وتربوية واجتماعية نافعة وبناءة. وأما الذين لا يقدمون للمجتمع سوى موادَّ سامةٍ وفاسدة، فهم في الحقيقة مجرد خلايا سرطانية، عافانا الله منها ووقانا شرها.

هذا مع العلم أن كثيرا من الأعمال والممارسات “الفنية” تقع تحت طائلة القانون الجنائي، ولكنَّ هيئات إنفاذ القانون لا تستطيع المساس بها، لكونها تتمتع بالحصانة الفنية!؟

آخر اﻷخبار

التعليق


حالة الطقس
13°
20°
أحد
19°
الإثنين
20°
الثلاثاء
17°
الأربعاء

كاريكاتير

حديث الصورة