جنوب السودان والحصاد المر للانفصال

20 ديسمبر 2013 20:50
مجلس الأمن يجدد دعوته نشر قوة إقليمية في جنوب السودان

جنوب السودان والحصاد المر للانفصال

هوية بريس – مركز التأصيل

الجمعة 20 دجنبر 2013م

لم يكن انفصال الجنوب عن الدولة السودانية قاصرا على الخلاف العقدي الذي تم اذكاء ناره فحسب، ومع أنه هو السبب الأول في الانفصال بعد أن قامت الدول الغربية بدور رئيسي في فصل الجنوب عن الشمال، إلا أن هناك بعدا اقتصاديا آخر لا يقل أهمية عما سبق، فقد اختار النصارى الجنوب الغني بموارده لكي يكون مستقرا لهم.

ولابد لهذه القلوب التي اجتمعت على هذا الضلال أن تختلف وتتفرق، فالهوى يحكم التصرفات والمصلحة فوق المبدأ عند أصحاب الهوى المتبع، فكما قال الله سبحانه “وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ“، ولذلك فكل سبيل غير سبيل الله يؤدي بأصحابه إلى التفرق والتشرذم ولا يمكن جمع أصحابه على كلمة واحدة.

وهذا ما حدث في الجنوب السوداني إذ قامت الصراعات بين الرئيس “سلفاكير ميارديت” الذي ينتمي لقبيلة الدينكا، وبين نائبه السابق “رياك ماشار” الذي ينتمي لقبيلة نوير التي تعتبر أصغر حجما.

وبحسب ما أعلن من أخبار رسمية فإن النائب قام بمحاولة انقلاب على الرئيس لكنها فشلت في خلعه، فدارت أعمال عنف شديدة بين القبيلتين أدت إلى نزوح ما يزيد عن 15 ألف مدني ولاذوا بعدد من المنشآت التابعة للأمم المتحدة -بخلاف الأعداد الأخرى غير المحصورة-، ليهربوا من الاشتباكات العنيفة التي دارت بين الفريقين وذلك بحسب بيان رسمي صادر من الأمم المتحدة.

وجاء في البيان أيضا أن عدد القتلى بين الفريقين قد تجاوز 500 قتيل وذلك بحسب ما نقلته وكالة “فرانس برس” عن “هيرفي لادسوس”، مبعوث الأمم المتحدة لعمليات حفظ السلام، الذي قال “أن ذلك الرقم جاء بناء على تقريرين لعدد الجثامين التي نقلت إلى المستشفيات في العاصمة جوبا”.

أما عن المصابين فقد جاوزوا 800 مصاب وذلك في يومين فقط من القتال الدائر الشرس بينهما والذي يدفع ثمنه الذين يسيرون دوما خلف كل ناعق والذين يعتبرون هم وقود المعارك وهم أول ضحاياها، فيدع دوما الصغار ثمن خلافات تقيم الغنائم بين الكبار.

وكان الرئيس “سلفاكير” قد قال نائبه منذ فترة وجيزة في يوليو الماضي قد أعلن عن نيته للترشح للرئاسة المزمع عقدها في عام 2015 ولكن هذا على ما يبدو قد آثار حفيظة “سلفاكير” فأراد التخلص منه سريعا وخاصة بعدما هرب أو سمح له أن يهرب من جوبا كما قيل سيرا على قدميه.

ولم تكن هذه الخطوة تخلصا فقط من “النائب ماشار” الذي يتولى حاليا بعد عزله قيادة فصيل معارض داخل الحركة الشعبية لتحرير السودان، بل تخلص فيها “سلفاكير” من عدد كبير من المسئولين السابقين والوزراء الذين سماهم بـ”المتورطين” حسبما صرح وزير الإعلام مايكل مكوي بأن السلطات ألقت القبض عليهم، وبذلك تخلص “سلفاكير” من عدد كبير ممن يهددون بقاءه كحاكم لأطول فترة ممكن ليبدأ السودان الجنوبي في استقبال حاكم دكتاتور جديد لن يترك منصبه إلا بوفاته كما هو الحال في كثير من البلاد الأفريقية.

وبذلك تبخرت الأحلام المعسولة والأوهام الكاذبة التي منحت للمواطنين في الجنوب السوداني بالحياة الديمقراطية والتحسن في مستوى المعيشة وهي الوعود الكاذبة التي خدع بها المواطنون ليصوتوا بالموافقة على انفصال السودان إلى دولتين شمالية وجنوبية.

ويبقى الدرس الأهم وهو أن عالم السياسة لا يعترف بالوعود الجوفاء وأن كل انقلابي يحاول أن يطرح نفسه بديلا عن الشرعية وأنه يحاول أن يجتذب البسطاء بوعود كاذبة سرعان ما يتبينون أنهم خُدعوا ولكن بعد فوات الأوان وضياع كل شيء وخاصة بعد وقوعهم تحت حكم عسكري قاس لا يعرف الحقوق ولا الواجبات.

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M