الشيخ عمر القزابري يكتب: آهَاتٌ عَلَى أَجْنِحَةِ السَّواجِعْ…!

04 ديسمبر 2019 15:18
الشيخ عمر القزابري يكتب: آهَاتٌ عَلَى أَجْنِحَةِ السَّواجِعْ...!

هوية بريس – الشيخ عمر القزابري

بسم الله الرحمان الرحيم.. والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين..

أحبابي الكرام:
أحيانًا أمسكُ يَراعي، وأغمِسه في دمْع عيوني، ونبضات قلبي.. لأكتبَ بعضا مما يجول في خاطري.. وينثالُ في وِجداني، ولأدوِّن ماكتبتُ في سِفْرِ الآهات..، فتخاطبني نفسي جِهارا.. وأحيانًا تهمس قائلة: إذا كان الحزن يسيطر عليك فلا تُعكِّر بزفراتِ قلمك مِزاج الآخرين! فأقرر أن ألقِي القلم جانبا.. وأُمزِّق الأوراق.. وأُلملمَ شتاتها المتناثرَ تناثر أحاسيسي.. ثم ماتلبثُ نفسي أن تقول لي: اكتُب.. ففي الكتابة ترجمةُ الإحساس.. اكتُب فالكتابة عينُ الانبجاس..اكتُب..فالكتابة أرقى مظاهر البَوْح.. فأكتبُ على مَضض.. كمن يمشي في رمَض..، ففي زماننا كثير من الناس تُرجِّع حناجرهم صدى المتنبي وهو يقول:
رماني الدهر بالأرزاء حتى/ تكسرت النصال على النصال..
هل أكتبُ عن مأساة أمة..غرقت في بحر نسيانها مَن تكون؟ هل نسيَت أنها أمّةُ الشهادة على الناس (وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس) فكيف تشهد وهي خارجَ المشهد.. تُساق إلى حتفها بظِلفها.. وإلى مضاجعها برضاها.. كيف لأمة وشَّح الله نبيها بوسام الاستحقاق.. لأنْ يعتلي ذِروة معالي الأخلاق (وإنك لعلى خلق عظيم) كيف لها إذن أن تتدنى وتتدلىَّ ليصبح فيها من يقتات مِن عرضه قبل أعراضِ الناس.. وهل ما يقع في الغالب في وسائل التواصل الاجتماعي إلا دليل على ذلك؟ سفهٌ وشطط ونزقٌ وسِباب ونزاعات وخصومات.. وعرضٌ لكل زائفة.. وميدانٌ لكل فكرة تالفة.. واقتفاءٌ لأثر القائفة.. هل يأكل الحرُّ من السخرية بأخيه؟ هل يُنعت بالنجم من لا يضبط ما يخرج مِن فِيه؟ متى كان التطاول على ذوي الهيئات بطولةً تستحق الإشادة؟ ومتى كانت التفاهة تقدم زورا في ثوب الإفادة؟ وهل أصبح الذوق منديلا تتقاذفه أيادي السفلة؟ ومتى كان الصراخ فنا؟ ومتى كان السفيه ناصحا؟ لقد هبط التذوق.. فانهار الذوق.. فخلا الجو لأبناء التفاهة.. أصبح منا من لا يعجبه شيء.. وآخرون يعجبهم أي شيء.. والبعض وهب نفسه للنقد.. وشَحَذَ لسانه بسيف الإزراء.. وزئبقيٌّ مستعد لأن يكون أي شيء.. لقد اقتحمت وسائل التواصل الاجتماعي دواخلنا.. فهي تنتزِع منا بذورَ الجمال.. الجمال الذي عشنا به زمنا.. حبا وألفة.. وحملا للآخر على أحسن المحامل.. توقيرا للكبير.. ورحمةً بالصغير.. واحتفاء بالعالِم.. ومساعدة للفقير الكسير.. يطول الكلام عن هذه الظلمة التي بدأت تحجب مكارم الأخلاق فينا.. والأمة بلا أخلاق.. مشروع زوالٍ وذهاب.. واندثار واندحار.. فحي على رياض الجمال فإنها روح باعثة.. ورياح لواقح تصل القلوب بخيط الحب الذي هو ضامن البقاء.. ويبقى الأمل قائما ينشد لحن الطمأنينة.. ويردد مع الطير الساجع: إن أظلمت فستنجلي.. وكمثل ماحملت تضع…
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين..

محبكم وحافظ عهدكم وودكم عمر بن أحمد القزابري.

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M