الصمدي يكتب: مراجعة المدونة بين القانون والتربية

02 أكتوبر 2023 12:43

هوية بريس- خالد الصمدي (وزير سابق وباحث في الدراسات الإسلامية)

أتوقع أن تعالج مراجعة مدونة الأسرة بعض الاختلالات على مستوى التنزيل والتنفيذ ، إلا أنني بالمقابل أزداد كل يوم اقتناعا بأن تضخم الترسانة القانونية بالدخول في التفاصيل والجزئيات، وسد الذرائع والثغرات بالقراءة السيئة للنيات، يدل على عجز وقصور في ورش بناء القيم، وستنتهي المدة الزمنية المحددة للجنة الملكية لإتمام مراجعة نص مدونة الأسرة ، بإدخال تعديلات تمس الجوانب المحددة في الخطاب الملكي يوليوز 2022 ، والمنهجية التي حددها خطاب التكليف في بلاغ الديوان الملكي الاخير.

وسينتبه الجميع بعد مرحلة معينة من التنزيل إلى أن الأنظمة والقوانين مهما كانت دقيقة ومتطورة ومستوعبة ومتجددة فلن تكون مفيدة ما لم تتوجه الجهود بعد انتهاء الورش القانوني وبنفس طويل وممتد في الزمان الى بناء الانسان الفاعل في التنزيل والتنفيذ سواء تعلق الأمر بمؤسسة الأسرة أو مؤسسة القضاء أو الإدارة أو الوساطة الأسرية والاجتماعية وغيرها من المؤسسات التي تتدخل في الموضوع وفق تقديرات ظنية ستظل موجودة في النص الجديد المؤطر لهذا الورش الذي سيظل بدوره مفتوحا على المراجعة مهما طال الزمان.

فالعلاقة بين الرجل والمرأة تبنى على التقدير والاحترام المتبادل قبل تأسيس الأسرة ، وهذا واحب التنشىة الدينية والاجتماعية والمنظومة التربوية ، وتستمر هذه العلاقة بعد تأسيس الأسرة تحت سقف البيت الواحد في فضاءات خاصة تحكمها الإرادة الصادقة بين الطرفين في السكينة والمودة والرحمة والإحصان والعفاف.

لذلك فإن هذا الورش يتجاوز كل المحددات الزمنية وكل المراجعات ليظل مفتوحا على فضاء التربية والتوعية لتوفير فرص النجاح، ويتدخل الفاعلون من خارج الاسرة لحل بعض النزاعات التي تقع وتخرج الى العلن، إما بالوساطة الاجتماعية، أو بإعمال القضاء لمقتضيات القانون ، وذلك وفق تقديرات تعود في مجملها إلى الاجتهاد والتقدير والقرائن المتوفرة، قبل أن تعود هذه المؤسسات مرة أخرى إلى الاستنجاد بالموعظة الحسنة وإلى إقناع الاطراف بقيم الصلح والحكمة والرفق والتغافل ومراعاة المصلحة الفضلى للأطفال، وحماية الحقوق وحفظ السر إن حدث الانفصال.

فالموضوع بدءا وختاما ينبني على منظومة قيم مستمدة من حكمة الاسلام ومقاصده السامية من بناء الأسرة نواة المحتمع ، وإذا لم يتم استحضارها في المراجعة والاهتمام بها وبترسيخها بالشكل المطلوب بعد صدور النص الجديد سيظل بناء الأسرة محفوفا بالمخاطر مهما تطورت القوانين وتجددت ، فلن تتحصن البيوت، وستظل في غياب القيم الناظمة لها أوهى من بيت العنكبوت.

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M