المدافعون عن البودشيشية والثعلب..

31 ديسمبر 2015 20:35
المدافعون عن البودشيشية والثعلب..

ذ. حمّاد القباج

هوية بريس – الخميس 31 دجنبر 2015

تابعت ردود الأفعال التي أعقبت دعوتي الشيخ حمزة وأتباع طريقته؛ إلى التوبة مما هم عليه من الأفعال والمعتقدات التي لا يقرها شرع ولا عقل..

ووجدت في ردود الأفعال تلك؛ ما يستحق النقاش والحوار الأخوي الذي أعتقد أنه السبيل الشرعي والحضاري لتدبير خلافاتنا..

لكن وجدت في المقابل ردود أفعال لا علاقة لها بالحوار والبحث عن الحقيقة؛ وإنما هي “مواقف سياسية عنيفة” أو “سلوك طائفي متعصب”؛ لا يعين على الوصول إلى نتائج موضوعية تقترب بنا من الحقيقة في هذا الموضوع الهام: الطريقة الصحيحة للتدين..

وأول ما يلفت الانتباه في تلك الردود المتشنجة؛ أن بعضها صدر من أشخاص أو منابر معروفة بتوجهها العلماني المناهض للتدين، والذي يتخذ كافة الوسائل لتنفير المغاربة من الدين..

وبين عشية وضحاها، وبقدرة قادر؛ يتحول أصحاب ذلك التوجه إلى صالحين أتقياء يعشقون رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويدافعون عن الاحتفال بذكرى مولده الشريف!

وكم ضحكت وأنا أقرأ لمن هو معروف بنشر ما يحارب ما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما أمر به من أحكام شرعية وآداب مرعية..

ويعتبر ذلك تخلُّفا وظلامية ورجعية..

وإذا به يلبس ثوب الواعظين الهائمين في عشق المصطفى صلى الله عليه وسلم؛ مما ذكرني بثعلب شوقي الذي وصفه في أرجوزته الجميلة بقوله:

برزَ الثَّعلَبُ يوماًفي ثيابِ الواعظينا
ويقولُ الحمدُ للـهِ إله العالمينا
يا عبادَ اللهِ توبوافهو ربُّ التَّائبينا
وازْهَدوا في الطَّيرِ إنَّ العيشَ عيشُ الزَّاهدينا
واطلُبوا الدِّيكَ يؤذِّنلصلاةِ الصُّبحِ فينا
عرضَ الأمرَ عليهِوهو يرجو أن يلينا
فأجابَ الدِّيكُ عُذراًيا أضلَّ المُهتدينا!
بلِّغِ الثَّعلبَ عنيعن جدودي الصالحيناَ
عن ذوي التِّيجان ممَّندخلَ البطنَ اللَّعينا
أنَّهُم قالوا وخيرُ الــــقولِ قولُ العارفينا
مُخطئٌ من ظنَّ يوماًأنَّ للثَّعلَبِ ديناً

إن مما ينبغي التفطن له؛ أن ثمة أقلاما لا يهمها دين ولا رسول ولا مولد..

ولكنها منخرطة في أجندة نشر الإسلام الأمريكي الذي رضيه لنا (العم السام)؛ القائل في سياسته الخارجية: (ومن يبتغ غير التصوف دينا فلن يقبل منه وهو في سياستنا من الخاسرين)..

والمثير للشفقة عند هؤلاء؛ أنهم يرددون نفس المصطلحات والمعاني التي نشرتها مراكز البحث التي تسهم في صنع القرار السياسي الأمريكي الإمبريالي؛ مما يجعل مشروعهم مكشوفا مفضوحًا..

وإلا فكيف يجمع الإنسان بين ادعاء الإيمان بالحداثة ونبذ الرجعية؛ وفي نفس الوقت الدفاع عن طريقة في التدين مليئة بالخرافة ومظاهر التخلف؟!

وقد دخل دعاة التشيع بالمغرب على الخط؛ ولبسوا هم بدورهم ثوب الواعظ الغيور على قيم التسامح والتعايش..

ولم يستح المتشيع عصام حميدان؛ من الافتراء على منتقدي بدع الطريقة البودشيشية بأنهم يدّعون أنهم “الأوصياء على الدين، وماسكي مفاتيح الجنة، ومقرري الوالجين إلى النار”.

كما افترى عليهم أنهم “جهة تستهدف كل فكر يخالف فكرها، وتدعو إلى إقصاء أي اتجاه لا يتماشى مع منطلقاتها”.

وهنا يصح أن نقتبس المقولة النبوية العتيقة: “إذا لم تستح فاصنع ما شئت“.

وإلا فالجميع يعلم بأن ادعاء امتلاك مفاتيح الجنة ثابت عن إمامهم الخميني الذي كان يدعي امتلاك مفاتيح الجنة، ويصرح بأنه لن يدخلها إلا من اتبعه؟؟

كما تواتر في كتب الشيعة بأن كل فكر لا يؤمن بالأئمة الاثني عشر فهو كفر وزندقة!

وقد تقمص حميدان دور المدافع عن الطريقة البودشيشية مع أنه يحمل ذلك الفكر الذي يكفر ويلعن من لا يكفر أبا بكر وعمر وعائشة ولا يقول بالإمامة المزعومة؛ فكيف تبطن تكفيرهم وتظهر حبهم –تقية-، وتنكر علينا نحن نصيحة صادقة نريد لهم بها الخير والهداية بلا مزايدة ولا كراهية؟!

إن دفاع الشيعة عن الطرقية يؤكد ما كشفته بعض الدراسات؛ من التقارب بين الفكر الطرقي والمذهب الشيعي الإيراني؛ وأن التصوف الطرقي مدخل من مداخل انتشار التشيع في المغرب..

لقد شكل العنف اللفظي والتعصب سمتين بارزتين في ردود الأفعال المشار إليها؛ والتي حاولتْ جر الموضوع من أحوال التناصح والحوار الأخوي؛ إلى أوحال الصراع المذهبي القائم على الحقد والكراهية والطائفية..

وهنا أدعو الصادقين من الإخوة البودشيشيين إلى عدم الوقوع في الفخ، وأؤكد لهم أنني بالقدر الذي أحرص فيه على التعبير عما أعتقده وأعرفه عن الطريقة؛ بقدر حرصي على أن يكون ذلك في إطار الاحترام والكلمة الطيبة والنصيحة الصادقة..

وبإمكانكم اختبار صدقي في ذلك الحرص؛ بمتابعة وتقييم ما أكتبه عن الطريقة في سلسلتي القصصية التي أنشرها هذه الأيام تحت عنوان: “جاري البودشيشي”..

وأدعو من يريد مناقشتي والرد على ما يراه خطأ عندي؛ أدعوه إلى التحلي بالأخلاق ذاتها؛ وليكن همّنا معرفة الحق مما اختلف فيه الناس؛ بعيدا عن الغلو والتطرف، والخطابات المتشنجة وردود الأفعال العنيفة، والمواقف التي تعبث بها سياسة (العم السام) التي تضرب المسلمين بعضهم ببعض؛ عملا بالتكتيك السياسي والعسكري المعروف: (فرق تسد)!

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M