المداولات بخصوص تعديل مدونة الأسرة المغربية.. ماذا بعد؟

04 فبراير 2024 11:13

هوية بريس – د.يوسف فاوزي

بعد انتهاء اللجنة الملكية المكلفة بمراجعة مشروع إصلاح مدونة الأسرة المغربية لمقترحات الهيئات والمؤسسات الوطنية؛ دخلت اللجنة مرحلة المداولات للانتهاء من الصيغة النهائية للمشروع؛ قصد تجهيز رفعه لأمير المؤمنين محمد السادس نصره الله ومن تمة المصادقة عليه.

وبعد النظر في مخرجات المناقشات التي جرت بين اللجنة والأطراف المشاركة في النقاش يمكن رصد أهم النقاط التي احتلت النصيب الأكبر من  النقاش، وهي:

1- تحديد سن الزواج في 18 سنة.

2- إسقاط التعصيب في الإرث.

3- إقرار تثمين العمل المنزلي بعد الطلاق.

وفي نظري أن تحقيق هذه النقاط الثلاث في المدونة المقبلة لا يخدم مصلحة المغرب والمغاربة للأمور التالية:

تحديد سن الزواج في 18 سنة:

وهو المطلب الذي تدافع عنه بشراسة الهيئات الحقوقية؛ التي هي نفسها التي تطالب بإقرار الحريات الجنسية الفردانية؛ وهنا لنا أن نتساءل سؤالا بديهيا أمام هذين المطلبين: إذا كان تقنين سن الزواج في سن 18 سنة فلماذا السماح بالعلاقات الرضائية في أقل من سن 18 سنة؟؟

بل إن بعض هذه الهيئات تدعو صراحة إلى تدريس مادة خاصة عن الثقافة الجنسية في المنظومة التعليمية التربوية!! بمعنى أنه يحق (للقاصر) ممارسة الجنس (الزنا) خارج مؤسسة الزواج الشرعي باعتبارها حرية فردية، ولا يسمح له بالزواج الحلال تلبية لهذه الغريزة الفطرية!

أليس هذا تناقض صارخ؟؟!

ويمكن لأي عاقل أن يستوعب خطورة إقرار هذا المقترح قانونيا؛ فهو سيفتح الباب أمام اتساع ظاهرة الزنا بين أوساط القاصرين وما سينتج عنها من آثار سلبية على الفرد والمجتمع؛ كالتفكك الأسري وانتشار الحمل غير الشرعي والأطفال المتخلى عنهم والإجهاض وتعاطي الكحول والمخدرات وسط هذه الفئة الناشئة التي يعول عليها في حمل مسؤولية المجتمع في السنوات المقبلة؛ وهي مسؤولية ستكون من المستحيل تحمل عبئها من قبل نشء ضيق عليه في باب الحلال ووسع عليه في باب الحرام.

إسقاط التعصيب في الإرث:

وهذا المقترح يتناقض هو الآخر مع العقيدة الإسلامية التي تأسس عليها التوجه المغربي في اختياراته الدينية؛ ولقد نص أمير المؤمنين محمد السادس نصره الله أنه لا يمكنه تعديل شرع الله أمام نصوص شرعية قطعية الدلالة؛ إذ إن التعصيب شرع الله قال عنه النبي صلى الله عليه وسلم: (ألحقوا الفرائض بأهلها، فما بقي فهو لأولى رجل ذكر)، قال ابن القطان الفاسي في الإقناع في مسائل الإجماع: ثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ألحقوا الفرائض بأهلها، وما بقي فلأولى رجل ذكر، وثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جعل المال للعصبة. وأجمع أهل العلم على القول به. اهـ.

وهذا نص قطعي مجمع عليه بين علماء الأمة؛ فدعوى إسقاطه بذريعة حفظ حقوق المرأة ذريعة واهية؛ إذ إنها تهدف إلى إثارة الخلافات العائلية حال اقتسام الميراث؛ أما تنزيل الحكم الشرعي في القسمة يجعل جميع الأطراف متراضبة؛ لكون الحكم حكم شرعي من لدن الله الحكيم الخبير؛ وهو حكم الهي معصوم عن الخطأ؛ مخالفته هي التي تفتح باب الخلافات وتضييع الحقوق.

تثمين العمل المنزلي:

ومعنى هذا المقترح أنه إذا وقع طلاق بين الزوجين؛ فمن حق الزوجة أن تطالب بتعويض من الزوج نظير عملها المنزلي الذي قامت به فترة الحياة الزوجية، وهذا في نظري مقترح سيزيد من قناعة الشباب المغاربة من عزوفهم عن الزواج؛ فإذا كان الطلاق سيكلف الزوج أثمنة فلكية لفك عقد الزوجية فلماذا الزواج أصلا؟؟! وهكذا ستكون فاحشة الزنا البديل المناسب للشباب في تغذية الرغبة الجنسية أمام خطورة مغامرة الزواج.

وانتشار الفاحشة في المجتمع له عواقب وخيمة يصعب تعدادها؛ وهي معلومة لدى العقلاء؛ وعليه فإن هذه اللجنة المكلفة بمراجعة مشروع إصلاح مدونة الأسرة المغربية هي تتحمل أمانة عظيمة ستسأل عنها أمام الله أولا ثم أمام التاريخ ثانيا.

وهي لحظة تاريخية تستوجب من مكونات المجتمع المغربي الأخذ بعين الاعتبار الهوية الدينية والقيم الفطرية للمغاربة؛ وعدم الركون لإملاءات صندوق النقد الدولي الذي أثبتت التجارب خطورة قراراتها على المجتمعات.

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M