د. سعيد حليم يكتب عن: محنة الأسر المغربية مع ساعات الدعم عندما تقترب الامتحانات!

12 مايو 2022 20:53

هوية بريس – الدكتور سعيد حليم

محنة الأسر المغربية مع ساعات الدعم، عندما تقترب الامتحانات الجهوية، والامتحانات الوطنية.

تدخل الكثير من الأسر المغربية مرحلة الطوارئ، والاضطرابات المالية، والنفسية، والاجتماعية؛ عندما يصل الأبناء إلى السلك الثانوي التأهيلي. ويبدأ السباق المحموم؛ لأجل الحصول على نقط عالية، تؤهل الأبناء لولوج المدارس ذات الاستقطاب المحدود.

هذا السباق؛ يدفع الآباء طواعية، أو مكرهين؛ نحو البحث لإبنائهم على مراكز للدعم؛ خصوصا في الرياضيات، والفيزياء، واللغات…
ويشترك في هذا السباق المكلف من الناحية المالية؛ سواء التلاميذ الذين يشتكون من ضعف في بعض المواد، أو التلاميذ المجتهدون؛ الذين يطمحون للحصول على نقط أعلى وأحسن.

بعض الأسر الفقيرة أو المتوسطة؛ تجد نفسها مرغمة على ولوج سوق الدعم؛ إما تحت ضغط الأبناء، أو طمعا في ولوج أبنائها المدارس المفضلة لدى الأسر المغربية.

ويعظم الخطب، وتكبر الرزية؛ عندما يكون الأبناء في التعليم الخصوصي، وتنضاف إلى ذلك التكاليف المالية للساعات الإضافية.

كان الله في عون الأسر التي تدرس أبناءها في التعليم الخصوصي، وتزداد معاناتها مع تكاليف ساعات الدعم.

تعتقد الكثير من الأسر المغربية، أنها بتسهيل عملية الدعم، أمام أبنائها؛ فإنها تسدي إليهم خدمة جلى؛ من أجل الحصول على نقطة عالية في الباكلوريا، تضمن مستقبلا مثمرا ومتميزا.

والحقيقة أن تسهيل عملية الاستفادة من الدعم أمام الأبناء؛ تدفع التلاميذ إلى مزيد من الكسل، والاعتماد على الغير في تجاوز الصعوبات. ما يجده التلاميذ من صعوبات في مختلف المواد؛ أمر طبيعي؛ يحتاج معه المعنيون بالأمر، إلى الاجتهاد الذاتي، وبذل مجهود في الفهم والحفظ، والتطبيق.

عندما نقدم لأبنائنا العون والدعم عند أول صعوبة؛ فنحن نصنع منهم أشخاصا ضعفاء، غير قادرين على مجابهة المشاكل بقوة وثبات؛ بالاعتماد على الذات أولا وآخرا.
تعاني الكثير من الأسر مع أبنائها العديد من المشاكل؛ لأن هذه الأسر اعتقدت أنها عندما ستهيئ كل شيء لأبنائها، فإنهم سيكونون ناجحين في مسارهم الدراسي والمهني. وهذا خطأ جسيم، واعتقاد فاسد، ومنهج عليل مريض.!!!

كلما اعتمد التلميذ على ذاته في حل مشاكله، وتجاوز ما يجده في طريقه من صعوبات؛ استطاع أن يبني شخصية قوية، يستطيع بها أن ينجح في مساره الدراسي، وفي مساره الحياتي. والعكس صحيح صحيح.

قد ينجح الكثير من التلاميذ في مسارهم الدراسي، بفضل ساعات الدعم( الضوباج)، ولكن تجدهم في حياتهم العامة المستقبلية، عندما سيصبحون أزواجا، أوآباء؛ ضعفاء ومضطربين، لا يعول عليهم في أي شيء.

هناك من التلاميذ بمباركة الأسر؛ من يبدأ الدعم في شهر شتنبر أو أكتوبر. هذا النوع من التلاميذ مع أسرهم، صار الدعم عندهم في مستوى التكوين الأساسي. مع العلم أن الدعم، لا يصار إليه، إن قبلنا به، إلا في حالة الصعوبات التي قد تؤثر على مسار التلاميذ.

إن محنة ساعات الدعم، بالنسبة للكثير من الأسر المغربية؛ صارت مكلفة ماليا، ونفسيا، واجتماعيا؛ خصوصا عندما يكون الأبناء يطلبون الدعم في كل المواد؛ التي تكون إما في الامتحانات الجهوية، أو الامتحانات الوطنية. وعلى قدر كسل الأبناء، واستجابة الآباء، تتسع اللائحة، وتزداد التكلفة.

إنه الجحيم، نعم الجحيم، بدون مبالغة، ولا تهويل. ويعظم الخطب عندما يكون الأبناء ضعيفي الهمة، فاتري العزيمة، لا يهمهم من أين سيأتي الأباء بالمال الكافي لتغطية ساعات الجحيم، عفوا ساعات الدعم، أو ساعات الهم والحزن؟؟؟!!!

المدرسة مسؤولة في جانب، على هذا الهوس على ساعات الدعم، والأسر كذلك مسؤولة؛ لأنها تسهل ذلك لأبنائها، وهي تعتقد أن في ذلك خيرا.
ينبغي أن نعلم أن الدعم، بيداغوجية خاصة، تعتمد أساسا على التقويم الدقيق. فلا دعم، بدون تقويم. ولا فائدة من التقويم، بدون دعم. الدعم يتجه إلى إصلاح
مواطن الضعف، وتجاوز مواضع الخلل، وتطوير قدرات التلاميذ، وتجويد أدائهم.

لا يعني الدعم، أن نعيد الدرس بنفس الطريقة التي يقدم بها في التكوين الأساسي. لا بد أولا أن نحدد مواطن الضعف بكل دقة ووضوح. ولا بد ثانيا أن نساعد التلميذ على تجاوز الصعوبات من خلال توظيف قدراته، ودفعه إلى الاجتهاد، وتغيير استراتيجية تفكيره، و منهج عمله.

هذا الأمر لا يقوم به من يتولى الدعم إلا في الحالات القليلة. الدعم في صورته النمطية المعروفة؛ يقوم هلى تكرار الدرس، وتقديم المعرفة الجاهزة للتلاميذ، وعدم تطوير القدرات، وشحذ المهارات.

الدعم الآن يقوم على المحافظة على أكبر عدد ممكن من التلاميذ في حالة طلب واقتقار؛ حتى يبقوا مصدرا للمزيد من المال.أصحاب الدعم في الغالب الأعم؛ لا علاقة لهم ببيداغوجية الدعم، ونظريات التعلم، وعلم التدريس. همهم الوحيد، الدخل المالي، وتطوير المشروع؛ نحو مزيد من الزباء والضحايا.

— نصيحة:

** علموا أبناءكم الاعتماد على النفس؛

** علموا أبناءكم كيف يطورون قدراتهم؛

** علموا أبناءكم كيف يعرفون نقط قوتهم، ونقط ضعفهم؛

** علموا أبناءكم، أن الدعم حال استثانية، يلجأ إليها عند المرض. وينبغي لحالة المرض ألا تطول.

** عندما نلجأ إلى الطببب؛ فإن الزيارة يكون الهدف منها تشخيص المرض أولا، ثم الحصول على الدواء ثانيا، للعودة إلى الحالة العادية.
فنحن لا نزور الطبيب باستمرار، إلا إذا كان هناك مرض دائم عضال.

تشجيع الأبناء على ساعات الدعم؛ سيعلمهم الكسل والفتور، والاعتماد على الغير. وهذا سيصنع لنا في الأخير، أشخاصا ضعيفي الشخصية، لا يصلحون لأي شيء.

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M