ذ. كمال وجاد: ينبغي استحضار دور الأستاذ في عملية مراجعة منهاج التربية الإسلامية

16 مارس 2016 22:22
ذ. كمال وجاد: ينبغي استحضار دور الأستاذ في عملية مراجعة منهاج التربية الإسلامية

تقديم وحوار: محمد ادوحموش

هوية بريس – الأربعاء 16 مارس 2016

دعا الأستاذ كمال وجاد الباحث في قضايا التربية الإسلامية، والمفتش التربوي بجهة مراكش آسفي إلى ضرورة اتخاذ جملة من الاجراءات قبل الشروع في اي مراجعة لمنهاج التربية الإسلامية منها استحضار الدور الفعال الذي يمكن أن يلعبه مدرسو المادة في عمليات التشخيص والاقتراح والتطوير، وغيرها من الإجراءات..

ومن أجل النهوض بتدريسية مادة التربية الإسلامية بين أنه لابد من الانفتاح على المستجدات التربوية الحديثة في مجال تكنلوجيا الإعلام والاتصال واستثمارها، وفي هذا السياق دعا عضو المكتب الوطني للجمعية المغربية لأساتذة التربية الإسلامية إلى الاهتمام بتأهيل اساتذة المادة على تنمية قدراتهم وكفاياتهم في الجوانب التقنية والبيداغوجية المرتبطة بهذا المجال. ويضيف الأستاذ انه ينبعي توفير البنيات واللوازم الضرورية والتكوينات المستمرة والمبادرات الشخصية وحفز الإبداعات التربوية في هذا المجال .وحول هذه المواضيع استضافه موقع تربويات اشتوكة في المحاورة الاتية:

في البداية عرفونا بشخصكم الكريم

بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين أولا أتقدم بالشكر الوافر لموقع اشتوكة أيت باها على هذه الاستضافة الكريمة وعلى عنايته بقضايا التربية والتكوين عموما وبتدريس مادة التربية الإسلامية خصوصا، واخص بالتقدير فضيلة الأستاذ الأخ محمد ادحموش على جديته وحيويته ومواكبته للساحة التربوية

عفوا سيدي هذا واجب…

تحية تربوية صادقة للموقع ولكل القائمين عليه. كمال وجاد من مواليد مدينة مراكش سنة 1971، مفتش تربوي للتعليم الثانوي التأهيلي بالمديرية الإقليمية قلعة السراغنة، الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين مراكش أسفي. عضو المكتب الوطني للجمعية المغربية لأساتذة التربية الإسلامية، باحث في المجال التربوي والبيداغوجي، مهتم بتكنولوجيا التواصل والإعلام وإدماجاتها البيداغوجية، وفاعل جمعوي. سعيد بالتواجد معكم.

2- نبدأ بالسجال التربوي والنقاش المجتمعي حول مراجعة مناهج التربية الدينية بالمغرب، هل هناك من حاجة إلى إعلان هذه الدعوة؟

وما هي قراءتكم للتفاعلات حول هذه القضية؟ إن الاشتغال على المناهج والبرامج تقويما وتطويرا من ضمن المواضيع الكبرى التي تشكل مدخلا رئيسا لإصلاح منظومة التربية والتكوين وتطوير فعاليتها، وتحسين صورة المدرسة المغربية كما يجب أن تكون عليه في الألفية الثالثة. والمتتبع لمسار سلسلة الإصلاحات، خصوصا بعد اعتماد الميثاق الوطني للتربية والتكوين عبر محطات شملت كل من التعليم الابتدائي والإعدادي والثانوي التأهيلي، يقف على جملة من التجديدات على مستوى المقاربات البيداغوجية التي لم يكن لها أثر كبير على الرفع من جودة التعلمات حسب التقارير الرسمية الوطنية والدولية. لهذا كانت دراسة وتقويم المناهج والبرامج مسألة ملحة، اعتبارا للتطور المجتمعي وقضاياه ولخصوصيات الفئات المستهدفة وتنوع إشكالاتها فضلا عن التسارع المعرفي الذي تعرفه الساحة، أضف إلى ذلك ما يتميز به الحقل التربوي من تطور مستمر للطرائق البيداغوجية والوسائل والمعينات الديداكتيكية ما يجعل عملية المراجعة والتقويم ضرورة وليست خيارا. وعليه لا يمكن أن نعتبر الحوار والمناقشة حول القضايا التربوية وإخراجها للرأي العام إلا ظاهرة صحية، متى ابتعدت هذه الآراء عن مخالفة الإجماع الوطني ومصادرة تاريخ وحضارة وتراث أمة بكاملها من خلال الانطلاق من رؤية ضيقة تلغي الآخر وتصادر حقه في الوجود وتعتمد على الانفعال وردود الافعال بدل اعتماد نتائج الدراسات العلمية الهادئة والرصينة في إطار مقاربة شمولية ونسقية.

3- أنتم في الجمعية المغربية لأساتذة التربية الإسلامية كيف تنظرون إلى هذه الدعوة وما هي نظرتكم للموضوع؟

موقف الجمعية المغربية لأساتذة التربية الإسلامية حول القضية كان واضحا وصريحا، ويمكن الرجوع إليه في البيان الأخير الصادر عن المكتب الوطني خلال الاجتماع الاستثنائي الذي نظم بمدينة الدار البيضاء يوم الأحد 19 جمادى الأولى 1437ه موافق 28 فبراير 2016 م والذي خصص لمدارسة المبادرة الملكية الرامية إلى مراجعة مناهج وبرامج التربية الدينية في المدرسة العمومية، والتعليم الخاص، ومؤسسات التعليم العتيق. وقد ثمن البيان هذه المبادرة الملكية كما أكد على الدور الذي تضطلع به المادة في توفير الأمن الروحي والاجتماعي والاستقرار النفسي لفلذات أكبادنا مع بيانه للجهات المؤهلة علميا للقيام بهذه المراجعة واستهجانه لبعض الدعوات النشاز. وأشير بالمناسبة أنه مادامت عملية مراجعة المنهاج تروم الحكم عليه من خلال جوانب القوة وتدعيمها وجوانب الضعف وعلاجها الأمر الذي يؤدي إلى إصدار الأحكام في ضوء النتائج المتوصل إليها واتخاذ القرارات اللازمة بناء على ذلك فهذا يتطلب جملة من الإجراءات اكتفي بالإشارة إلى بعضها:

  • تقويم مخرجات المنهاج على ضوء الأسس الفلسفية والنفسية والاجتماعية والمعرفية والمنهجية التي صيغت المناهج على أساسها وشكلت نوعا من الإجماع الوطني المتوافق حوله، وأي مراجعة لهذه الأسس ينبغي أن تكون من خلال أوراش وطنية يشرك فيها كل الفرقاء؛

  • تقويم المناهج من حيث مدى احترامه للخصائص التالية: مدى ىشموليته للمعارف والمهارات والقيم التي يحتاجها المتعلم ومدى تكامل الجوانب المعرفية والمهارية والوجدانية والوقوف عند المنطق العلمي والتسلسل المنطقي لمفرداته وكذا قابليته للتطبيق ومدى ارتباطه بالواقع الاجتماعي وحاجاته ومدى مراعاة مبدإ التدرج والتوازن… وكلها جوانب تحتاج إلى نظر مستمر نظرا لدينامية الحقل التربوي وتطوراته المستمرة؛

  • أن تكون المراجعة للمضامين والمعارف موضوع الاشتغال من لدن أهل الاختصاص من العلماء والباحثين ومؤطري المادة فهم المؤهلون ابستمولوجيا وبيداغوجيا لذلك؛

  • استحضار الدور الفعال الذي يمكن أن يلعبه مدرسو المادة في عمليات التشخيص والاقتراح والتطوير، وغيرها من الإجراءات..

4- كيف تقيمون دور التربية الإسلامية في ترسيخ قيم التسامح ونبذ الإرهاب؟

دعونا نأخذ المسألة بشكل عكسي: ماذا لوغاب الدور الذي لعبته مادة التربية الإسلامية في ترسيخ قيم التسامح والتوازن والإشباع الروحي للناشئة؟ هل كان الحال سيكون على ما هو عليه؟ من جهة ثانية -وعلى سبيل المثال فقط- فإن المنهاج التربوي لمادة التربية الإسلامية يهدف على المستوى الشخصي للمتعلم إلى تحقيق الاعتزاز بالهوية المغربية الإسلامية والثقة بالنفس والتفتح على الغير والاستقلالية في التفكير والممارسة والتفاعل الإيجابي مع المحيط الاجتماعي على اختلاف مستوياته والتحلي بروح المسؤولية والانضباط وممارسة المواطنة والديموقراطية وإعمال العقل واعتماد الفكر النقدي والإنتاجية والمردودية وتثمين العمل والاجتهاد والمثابرة والمبادرة والابتكار والإبداع والتنافسية الإيجابية والوعي بالزمن والوقت كقيمة أساسية في المدرسة وفي الحياة واحترام البيئة الطبيعية والتعامل الإيجابي مع الثقافة الشعبية والموروث الثقافي والحضاري المغربي.. وأتساءل هنا؛ ما هي مؤشرات التطرف والإرهاب في كل ما ذكر؟

5- أطلقتم في الجمعية المغربية لاساتذة التربية الإسلامية مسابقة وطنية حول انتاج الموارد الرقمية في التربية الإسلامية الام تهدفون باطلاق هذه المبادرة؟

تم تسطير جملة من الأهداف التي تروم هذه المسابقة الوطنية تحقيقها أذكر منها النهوض بتدريسية مادة التربية الإسلامية وانفتاحها على المستجدات التربوية وتوفير قاعدة من الموارد الرقمية التعليمية التعلمية تسهم في تطوير مادة التربية الاسلامية، إضافة إلى تحقيق مبدإ التشارك والتقاسم فضلا عن تنمية قدرات وكفايات مدرسي المادة في الجوانب التقنية والبيداغوجية المرتبطة بهذا المجال. ولا يسعني إلا أن أنوه بالمستوى العالي الذي أبان عنه مدرسو المادة من خلال الموارد الرقمية المتوصل بها لحد هذه اللحظة.

6- شاركتم مؤخرا بعرض تكوييني بمدينة كلميم حول الادماج البيداغوجي لتكنولوجيا الاعلام في دروس التربية الإسلامية ما خلاصة هذا العرض التكويني؟

اسمحوا لي أن أجدد التحية والتقدير للأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين بجهة كلميم واد نون ولفرع الجمعية بإقليم كلميم على حسن إعدادهم لهذا النشاط وكذا لكل المشاركين الأفاضل على التفاعل النوعي والجاد. الإشكال المركزي الذي تم الاشتغال عليه خلال الدورة : ما هي شروط الإدماج البيداغوجي لتكنولوجيا التواصل والإعلام في بناء درس مادة التربية الاسلامية؟ وقد اقتضت معالجة هذا الإشكال- بعد تحديد المفاهيم والإلماع لأهمية هذه الوسائل – الوقوف عند دور هذه التقنيات في تحقيق الكفايات والأهداف المسطرة في المنهاج، وكذا علاقتها بالمضامين والمحتويات، إذ في الغالب تتحول هذه التقنيات إلى حامل سلبي للمعارف والقضايا التفصيلية بدل مراعاة البعد الوظيفي لهذه المعرفة، وقد تم الوقوف عند الدور الذي يمكن أن تقوم به هذه التقنيات للانتقال من الاهتمام بالجزئيات المعرفية التي لا رابط فيما بينها وبين الواقع، إلى المعرفة الشمولية في أبعادها الاجتماعية ومتطلباتها، المساعدة على بناء المواقف واتخاذ القرارات اعتبارا للبعد التواصلي والامتدادات المابعد صفية التي تتيحها هذه التقنيات.

أما على مستوى الأنشطة والطرائق البيداغوجية، فبدل أن تتحول هذه الوسائل إلى معينات يعتمد عليها المتعلم لبناء معرفته وتحقيق مشروعه الشخصي تجدها تكرس الإلقاء والتلقين إذا لم يُحسن استثمارها، وفي إطار تقديم خطوات إجرائية بديلة تم الوقوف عند كيفية الاستفادة من تكنولوجيا التواصل والإعلام وإدماجها بيداغوجيا من خلال سيرورة بناء التعلمات ارتكازا على مقاربة التدريس بالوضعية المشكلة و بيداغوجيا المشروع…، ترشيدا للتصور البيداغوجي وللأداء الديداكتيكي.

وكان من الضروري الوقوف عند ما تقدمه هذه التقنيات الحديثة على مستوى التقويم خصوصا عند “الممرنات” وما تتيحه من إمكانات هائلة لإعداد الأسئلة بكل أنواعها مع تمكين الحضور الكريم من الروابط لتيسير تحميلها… هذا مع الوقوف عند جوانب أخرى مرتبطة بمواقع البحث والتواصل والتكوين الذاتي… وقد اعتمد النقاش المفتوح في بناء هذه الدورة من خلال رصد تمثلات الحضور الكريم والوقوف عند إشكالاتهم وتلبية حاجياتهم قدر المستطاع في جو اتسم بالجدية والمسؤولية وإن لم تخل بعض لحظاته من دعابة هادفة. وقبل مغادرة الحضور وتسلمهم لشواهد المشاركة قدمت لهم حقيبة بيداغوجية جمعتُ فيها ما يحتاجه أستاذ المادة من كتب ومذكرات وبرانم وبرامج ومعينات…

7- ما هو تقييمكم لتوظيف تكنولوجيا المعلوميات والموراد الرقمية في درس التربية الإسلامية من طرف اساتذة واطر التربية الإسلامية اليوم؟

لا شك أن الدرس الإسلامي قد قطع أشواطا هامة في إيجاد وتوظيف هذه الموارد الرقمية واستثمار هذه التكنولوجيات الحديثة، وإطلالة سريعة على النت تبين كم الموارد الرقمية الخاصة بالمادة التي تم إنتاجها، ومن خلال عملية التتبع والإشراف أنوه بالجهد الكبير الذي يبذله الأساتذة لاقتحام هذا الفضاء وتذليله لخدمة أهداف المادة، ولا شك أيضا أن الأمر يحتاج إلى مزيد من الجهد على مستوى تجويد الإدماج البيداغوجي وإنتاج السيناريوهات البيداغوجية فضلا عن مزيد من الاهتمام بالجوانب الفنية والجمالية والتقنية.

8- هل نحن فعلا بحاجة إلى ادماج تكنولوجيا الاعلام والتواصل في الممارسة التربوية، كيف سينعكس توظيفها على مردودية الأستاذ والمتعلم والتربية عموما؟

يقال إنه ”ما لا يتم الجواب إلا به فهو واجب” والحديث عن ضرورة إدماج تكنولوجيا الإعلام والتواصل في الممارسة التربوية أضحى من باب تحصيل الحاصل، أما عن النتائج المنتظرة من هذا الإدماج فهو رهين بكيفيات الإدماج والتصورات الناظمة له، إذ يمكن اعتباره كما سبق معينا فعالا لتجويد العمل التربوي كما يمكن لا قدر الله أن يكون معيقا يحول دون حصول التعلمات إذا أسيء استعماله.

ولا يفوتني أن أشير بأن العملية تتطلب تدخل مختلف الفاعلين لتوفير البنيات واللوازم الضرورية والتكوينات المستمرة والمبادرات الشخصية وحفز الإبداعات التربوية… مرة أخرى أتقدم بشكر خاص للموقع الكريم والقائمين عليه وأثمن غيرتهم على منظومة التربية والتكوين وانخراطهم في النقاشات التربوية الحالية، شكرا أخي الفاضل والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M