محرقة صبرا وشاتيلا.. نحو وعي بالذات والآخر المعادي

17 سبتمبر 2021 11:06

هوية بريس – إبراهيم الطالب

جمعتني بالشيخ العلامة الدكتور الشاهد البوشيخي حفظه الله تعالى، جلسة غذاء بعد مؤتمر من تنظيم مؤسسته، مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وكان مما قال حفظه الله وكلامه يمطر دررا ولؤلؤا:

أن أهم حدث في حياته الدعوية، والذي شكل منعطفا فيها، هو إقدام الصهاينة على حرق المسجد الأقصى سنة 1969، فسأل نفسه ما الذي عليه أن يقوم به لنصرة الإسلام والمسلمين، ثم انطلق نحو الإنتاج والعمل والتضحية.

إن على الأمة ألا تنسى تاريخها بمسراته وأحزانه، ولئن كانت المسرات تدعو إلى الفخر والاعتزاز بالانتماء، فإن الأحزان والنكبات تدعو العاقلين أولي الشهامة والإباء والنخوة إلى مضاعفة العمل والتفاني فيه، كما أنها تربي الأجيال وتوسع رؤيتهم للذات والآخر المعادي، وتعمق الوعي بما يجري من حولهم، فيكون هذا مدعاة لحمل المشعل والمضي قدما للدفاع عن هويتهم ودينهم ووجودهم.

قد تمر في الشوارع اليوم وتستطلع رأي الشباب العشريني فما فوق، فلا تكاد تجد منهم من يعرف محرقة دير ياسين ولا مذبحة صبرا وشاتيلا، وكيف يعرفها وهناك تعتيم إعلامي وتزييف فكري وتواطؤ على محو الذاكرة وتغييب الوعي التاريخي وإغراق في التفاهة.

هذا التزييف والتواطؤ والمحو والتغييب، جعل المسلم عامة والمغربي خاصة يعيش اغترابا هوياتيا فهو لا يعرف تاريخ بلاده ولا يعرف رجالات تاريخه الذين سطروا البطولات في تاريخ الدنيا.

إن على الشباب المثقف أن ينفض الغبار عن تاريخ أمته، أن يخرج للأجيال من تحت الأنقاض ما يستنهض الهمم من أجل استعادة الحضور الحضاري للأمة، نحتاج من يحاصر التفاهة بالإنتاجات الجادة والواعية بمنعرج ومهاوي هذا الواقع الذي قام الآخر فيه منذ عقود بكل قواه ليوقف انبعاث الإسلام في القارات كلها.

هذه الكلمات أوحت لي بها ذكرى أليمة عاشها المسلمون بعد النكبة 1948 والنكسة 1967، وهي ذكرى مذبحة صبرا وشاتيلا، فهي مجزرة نفذت في مخيمي صبرا وشاتيلا للاجئين الفلسطينيين في 16 سبتمبر 1982، واستمرت لمدة ثلاثة أيام على يد المجموعات اللبنانية المتمثلة بحزب الكتائب اللبناني وجيش لبنان الجنوبي وجيش الكيان الصهيوني؛ وقد أسفرت هذه الهمجية عن عدد من القتلى لا يعرف بوضوح وتتراوح التقديرات بين 750 و 3500 قتيل من الرجال والأطفال والنساء والشيوخ المدنيين، أغلبيتهم من الفلسطينيين، في ذلك الوقت كان المخيم مطوَّقًا بالكامل من قبل جيش لبنان الجنوبي والجيش “الإسرائيلي” الذي كان تحت قيادة السفاح أرييل شارون، أما قيادة القوات اللبنانية فكانت تحت إمرة إيلي حبيقة المسؤول الكتائبي المتنفذ. وقامت القوات اللبنانية بالدخول إلى المخيم وبدأت تنفيذ المجزرة التي هزت العالم وكانت قد استخدمت الأسلحة البيضاء وغيرها في عمليات قتل سكان المخيم، وكانت مهمة الجيش الصهيوني محاصرة المخيم وإنارته ليلاً بالقنابل المضيئة، ومنع هروب أي شخص وعزل المخيَّمَيْن عن العالم، وبهذا سهّلت دولة اليهود -التي يعتبرها الغرب الحداثي المتسامح الدولة الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط- المهمة على القوّات اللبنانية، وأتاحت قتل الفلسطينيين دون خسارة رصاصة واحدة.

هكذا تتم الإبادات وتحل النكبات والمذابح بالمسلمين في كل مكان في تواطؤ كامل للأم المتحدة ودول الغرب الذي يلزمنا بالديمقراطية والحداثة.

وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم.

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M