وقفة تأملية مع الحرب الـعلمانية على مادة التربية الإسلامية والقيم الروحية

09 فبراير 2017 23:43
مخاطر حذف المواريث من مقررات مادة التربية الإسلامية

هوية بريس: محمد شركي – عبد العزيز وصفي

لم نعد نستغرب كثيرا من الحرب العلمانية المتطرفة التي تشهدها الساحة المغربية.. ولعل رؤوس المكر وألسنة الأعداء المتقولين تطل علينا بين الحين والآخر ولا يهدأ لها بال أو يرتاح لها ضمير إلا عندما ترى ثوابت الأمة المغربية -ومن بينها التربية الإسلامية- قد انهارت وتلاشت مقوماتها وضوابطها المنهجية والمعرفية.

وخير مثال نقدمه في هذه الوقفة القصيرة ما حمله المتطرف أحمد عصيد كعادته التي يقتات منها على مادة التربية الإسلامية فيما نشره على موقع “هسبريس”، واعتبرها مصدر تهديد للمنظومة التربوية، واتخذ من موضوع الامتحان الموحد لمادة اللغة العربية بالسلك الإعدادي بمدينة تزنيت مطية للنيل من مادة التربية الإسلامية برمتها، ولام الدولة التي لم تحزم أمرها ولم تمنع من سماهم “مروجي الفكر الإرهابي” في المؤسسات التربوية ويقصد بهم: أساتذة مادة التربية الإسلامية واللغة العربية.

ومع أن موضوع الامتحان الموحد الذي صنع منه العَلمانيون المتطرفون الحاقدون قضية وإشكالية فكرية وتربوية قد انجلى أمره وبان قصده، واتضح أن ما قيل عنه مجرد افتراء.. ومع ذلك فلا زال العلمانيون الحاقدون الناقمون يتمادون في تضخيمه وتمطيطه ليصل إلى القاصي والداني بكل الوسائل والجهود.. ولهم من وراء ذلك أهداف مبيتة ونوايا خبيثة ماكرة مدبرة تستهدف الإسلام جملة وتفصيلا في ظرف يعرف التكالب الصليبي الصهيوني عليه بشكل غير مسبوق.

أما موضوع الامتحان الموحد فقد عرّف الناشئة بمحنة الشعب السوري الشقيق وبثورته على نظام مستبد أهلك الحرث والنسل، واستعان على ذلك بدولة إيران الشيعية الصفوية الرافضية التي تروم نشر عقيدتها المنحرفة الضالة في الوطن العربي السني، وهي دولة طائفية عنصرية تتعامل مع غير أتباع عقيدتها بالقتل والتنكيل عن طريق توظيف عصابات إجرامية متعطشة إلى الدماء من قبيل “حزب اللات” اللبناني وما يسمى بالحشود الشعبية الرافضية العراقية، كما استعان بالروس الملاحدة الحاقدين على المسلمين.. وقد تبين حقدهم منذ زمن بعيد في دولة أفغانستان، وتأكد بتدميرهم للقطر السوري وإبادتهم لشعبه المسلم السني.

ولم يشعر بالعار أولئك الذين يؤيدون النظام النُّصيري الدموي ومن يواليه من رافضة ومن ملاحدة. ولا زالت صور الضحايا من الشعب السوري تنهمر علينا عبر وسائل الإعلام يوميا وفي كل لحظة، ولا زالت صور الأطفال الأبرياء عالقة في وجدان الأمة العربية والإسلامية، ولا زالت صورة الطفل السوري الغريق المنكفئ على وجهه فوق رمال الشاطئ التركي جرحا داميا كجرح الطفل الفلسطيني الدرة.

ومع ذلك لا يخجل العلمانيون البؤساء من انتقاد من يفضح إجرام النظام السوري والإيراني والروسي الذين يتذرعون بمحاربة عصابات داعش الإجرامية.. والحقيقة أنهم يستهدفون ثورة الشعب السوري، وتلتقي معهم تلك العصابات الإجرامية في هدفهم كما تشاطرهم في محاولة تشويه الإسلام عن طريق ارتكاب الفظائع ضد الأبرياء باسمه. ومن الغريب أن تصير إدانة التدخل الروسي والإيراني في سوريا تهمة يحاسب عليها، ويعتبر من تصدر عنه داعشيًا.

إن الأمة العربية والإسلامية برمتها تدين جرائم الروس والإيرانيين وميلشياتهم في سوريا بنفس الإدانة التي تدين جرائم عصابات داعش الإجرامية؛ لأن الإجرام ملة واحدة، ومع ذلك ما زال العلمانيون الماكرون يصرون على حشر كل المسلمين الذين يدينون جرائم النظام السوري الدموي ومن يدعمونه في خانة “داعش” من أجل إجبارهم على الصمت وعدم استنكار جرائم ضد الإنسانية تقع في القطر السوري وتستهدف شعبه التواق إلى التحرر من الديكتاتورية البعثية المقيتة..

وبعيدا عن موضوع الامتحان الموحد الذي ركبه عصيد للنيل من مادة التربية الإسلامية، نقول -ونحن متيقنين أننا على الحق-: إن هذه المادة لم تكن في يوم من الأيام مصدر إزعاج أو تهديد للمنظومة التربوية المغربية منذ الاستقلال وإلى الآن.. بل كانت على الدوام همزة وصل بين الناشئة المتعلمة وهويتها الإسلامية..

فحتى حين كانت تعيّر من طرف خصومها المستهدفين لها ببرامجها خلال سنوات المد اليساري الماركسي البغيض في سبعينيات القرن الماضي، ويسخر من دروس التيمم وتغسيل وتكفين الميت والحجاب وغيرها من الأمور العقدية والشرعية، كانت تؤدي دورها التربوي المنشود في استقرار وتلاحم بنيات المجتمع..

حيث كانت الناشئة تتعرف من خلالها على قيم دينها الذي يهتم بدقائق أمور الحياة بما فيها الطهارة، وتكريم الإنسان واحترامه حيا وميتا ونحوها من المسائل والأخلاق الضرورية في الحياة.

ولقد كانت مادة التربية الإسلامية تلقن الطهارة والوضوء والغسل للناشئة، في الوقت الذي كان الساخرون من مقرراتها لا يعرفون طهارة ولا وضوء ولا غسلا بل يتبولون ويتغوطون كما تتبول وتتغوط البهائم. ودأبت مقررات التربية الإسلامية على مسايرة ظروف العصر خصوصًا بعد استحداث شعبة الدراسات الإسلامية التي يعتبرها العلمانيون الناقمون مصدر تهديد لعلمانيتهم الكئيبة وتخرّج أفواجا من المدرسين خريجي هذه الشعبة الذين حملوا مشعل الذود عن الإسلام من خلال فتح آفاق المتعلمين واسعة على المعارف والعلوم المفضية إلى رحابه، الشيء الذي ساهم في صحوة إسلامية مباركة لا ينكرها إلا جاحد أو مكابر أو حقود حسود.

ولن يفلح العلمانيون البؤساء حيث أتوا في إبعاد الناشئة المتعلمة عن قيم دينها التي تتلقاها عن طريق مادة التربية الإسلامية في بلد يعتز بإسلامه أيما اعتزاز، ويجعل على رأس دستوره انتماءه الإسلامي، ويفخر بإمارة المؤمنين الحامية لحمى الملة والدين، وهي حماية تشمل مادة التربية الإسلامية.

لقد باتت الدعايات العلمانية المغرضة والحاقدة ضد مادة التربية الإسلامية وضد مدرسيها متهافتة ومثيرة للسخرية، وأصبح يعرفها القاصي والداني، وحتى من أوتي من العلم ولو القليل القليل.

إن الركون لهؤلاء العلمانيين الحاقدين باسم الحوار والتعاون والإخاء هو خنوع واستسلام وتكثير لأهل الفكر الاستئصالي البغيض.. فكيف يأتي الخير والفلاح من قبل من ركنوا إلى الذين ظلموا وعاثوا في الأرض فساداً بفكرهم وأقلامهم ومنابرهم، من الذين عقدوا رايات الليبرالية العلمانية، وغيرها من المِـلـل والنِّـحَـل المُناوئة للتربية الإسلامية خاصة ولدين الله تعالى عامة؟!

وليعلم جيدا هؤلاء القوم الناقمون المفلسون أن سنة التبليغ والإصلاح والتدافع مستمرة في الأرض ليظهر الحق والصواب مهما علت وتكاثرت أبواق الباطل، استجابة لقوله تعالى: (وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا ۗ وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ) [الحج:40].

وليعلم هؤلاء أيضا: أن هذا التدافع يولّد التحدي والمقاومة ويصحي النائم ويوقظ الغفلان ويظهر المنافق ويحفّز المرابط أن لا يغفل عن مصدر قوته.

لعل من قدر الله تعالى أن يكون للعلمانيين والحاقدين على الإسلام هذه الآلات الإعلامية الضخمة من فضائيات وجرائد ومجلات ونت وغيرها لنشرها على عوام المسلمين وغيرهم.. لكن الذي ليس في الحسبان أن يصحو المارد من جديد بعدما ظنوا أنه قد مات..

وما مثلهم ومثل الإسلام إلا كمثل فيل كبير نائم فأراد دبّـور (حشرة مسمومة لاسعة) أن يقتله بلسعاته ولا يدري أن هذه اللسعات ستكون سبباً في صحيان الفيل.. وأن يقضي عليه بضربة واحدة من خرطومه.

ومن هنا يظهر لنا أنه بهذه المدافعة يكون الخير للإسلام والمسلمين.. ورب ضارة نافعة.. ولولا الحاقدين على الإسلام ما كان هذا الشباب المبارك الذي نتعلم منه الكثير والكثير من أمور ديننا.. وما كان هذه الصحوة الرائعة والوجوه المشرقة والأيدي المتوضئة التي بدأت تقلب في تراثها ودينها وترجع إليه عودا حميدا.. وهذا الهجوم يوحد صفوف المسلمين ويوحد قلوبهم على عدو مشترك.

ولا نملك في نهاية هذه الوقفة التأملية إلا أن نقول كما قال ربنا تعالى: ﴿وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لاَ يَعْلَمُونَ﴾ [المنافقون:8].

ونقول أيضاَ كما قال سبحانه: ﴿وَلاَ يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ إِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾ [يونس:65].

والحمد لله رب العالمين الذي تتم بنعمته الصالحات.

آخر اﻷخبار
4 تعليقات
  1. السؤال: إذا تركنا ديننا فما هو الدين الذي يعدنا به هؤلاء؟
    وأي كتاب مقدس يوفرون لنا لإشباع حسنا الروحي؟
    إن كانت أفكارا مشتتة من هنا وهناك فلا حاجة لنا بها.
    وصدق الله إذ يقول في تساؤل مطبق (طاء ساكنة وباء بكسر)على كلام كل متقول “أم لكم كتاب فيه تدرسون إن لكم فيه لما تخيرون”؟؟؟؟؟
    إن علم الاجتماع الذي يدعيه ويتشدق به البعض كان من العلوم التي ساهمت في التجسس على الشعوب والسلطات قبل إخضاعها للاحتلال.
    وبالرجوع إلى موقع نشر ترهات “عصيد” للتصويت على مقاله بالسلب، يتم الحسم ورجم الرجم بالغيب ولجم كل مدع.

  2. ان غاية وقصد العلمانيين الاقصاءيين والملحدين محاربة الاسلام وتجفيف منابعه،باسم محاربة التطرف او باسم الحداثة والتحديث او باسم حقوق الإنسان الكونية او…… . وسلوكهم هذا نفاق.
    لانهم لايجرؤون على القول بشكل مباشر بإزالة الاسلام وبما يرمز إليه نهائيا؛ لانهم يعرفون ان عامة الشعب تخالفهم ،مهما سخروا لذلك من قوة نفوذهم وسلطان إعلامهم
    والأدهى ان ينجر لهم البعض من يدعي خدمة الاسلام من أوقاف وبعض “الفقهاء”الموظفين.

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M