ضرورة قانون معاقبة ازدراء الأديان

30 أكتوبر 2013 23:45

هوية بريس – متابعة*

الأربعاء 30 أكتوبر 2013م

أمر الله تعالى رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم وعباده المؤمنين باجتناب سب آلهة الكفار رغم كونها باطلة، لما يترتب على ذلك من مفسدة أعظم وهي مقابلة المشركين بسب إله المؤمنين سبحانه وتعالى، فقال تعالى: “وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ كَذَلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ مَرْجِعُهُمْ فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ” الأنعام:108، قال عبد الرزاق عن معمر و قتادة : كان المسلمون يسبون أصنام الكفار، فيسب الكفار الله عدوا بغير علم، فأنزل الله: “وَلا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ” تفسير ابن كثير (3/315).

وقد انتهج الإسلام أسلوب الحوار مع المخالفين في العقيدة والدين، وجاءت آيات كثيرة تدعو الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم وأتباعه لمناقشة ومجادلة المشركين وغير المؤمنين بالتي هي أحسن، قال تعالى: “ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ النحل:125.

ورغم كل هذا اللطف واللين من الإسلام في التعامل مع المخالف في المعتقد، نجد الهجوم الشرس من أعداء هذا الدين على رموز الإسلام ومقدساته في الآونة الأخيرة، وخاصة من قبل من يزعمون أنهم مسلمون من الشيعة الاثني عشرية، فلا يكاد يمر يوم إلا وتسمع خبرا عن سب وشتم هؤلاء الشيعة لصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم أو لزوجاته الطاهرات، في أكثر من بلد عربي وإسلامي، أو تقرأ لهم كلاما ينتقص من القرآن الكريم ومن ثوابت هذا الدين.

ففي العراق قامت فئة من الشيعة منذ أيام بالمجاهرة بسب السيدة عائشة رضي الله عنها وبعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم علنا في الشوارع، وفي الكويت قام المدوّن الشيعي (حمد النقي) في العام الماضي بنشر عبارات مسيئة للرسول صلى الله عليه وسلم وزوجته أم المؤمنين عائشة وأصحابه – رضوان الله عليهم-، فهل يمكن التساهل مع أمثال هؤلاء وتركهم يقولون ويفعلون ما يشاؤون؟؟

لقد بين الفقهاء والعلماء حكم وعقوبة من يتجرأ على سب الله ورسوله صلى الله عليه وسلم -والعياذ بالله تعالى- والتي تصل إلى حد القتل كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في كتابه “الصارم المسلول في شاتم الرسول”: (إن سب الله أو سب رسوله صلى الله عليه وسلم كفر ظاهر، وعقوبة من سب النبي من مسلم أو كافر القتل، هذا مذهب عامة أهل العلم، قال ابن المنذر: أجمع عوام أهل العلم على أن حد من سب النبي صلى الله عليه وسلم القتل، وممن قاله مالك والليث وأحمد واسحاق وهو مذهب الشافعي)، قال تعالى: “إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا”( الأحزاب:57).

وأما سب آل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وزوجاته الطاهرات وأصحابه الكرام، فقد اعتبره الإمام أحمد بن حنبل في كتابه (السنة) مبتدع رافضي خبيث مخالف لا يقبل الله منه صرفا ولا عدلا، بينما اعتبر الطحاوي بغض الصحابة في كتابه (العقيدة الطحاوية) كفر ونفاق وطغيان، و قال الإمام أبو زرعة في كتابه (الكفاية في علم الرواية 49:ص): (إذا رأيت الرجل ينتقص أحدا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فاعلم أنه زنديق).

وأما عن عقوبة من سب الصحابة فقد أوجب الإمام أحمد بن حنبل على السلطان إيقاع العقوبة به بقوله: (إنه يجب على السلطان تأديب من سب الصحابة وعقوبته وليس له العفو عنه) السنة/78، وقال الإمام اسحاق بن راهويه: (من شتم أصحاب النبي صلى الله عليه يعاقب ويحبس وهذا قول كثير من أصحابنا) حكم سب الصحابة/33.

وقد سنت كثير من الدول العربية والإسلامية قانونا يعاقب من يزدري الأديان أو يسب ويشتم النبي الكريم صلى الله عليه وسلم أو الصحابة الكرام، ومن هذه الدول الكويت التي قضت محكمة الجنايات فيها بسجن المدوّن الشيعي “حمد النقي” 10 سنوات مع الشغل والنفاذ، وذلك بعد إدانته بالإساءة للنبي الكريم محمد، صلى الله عليه وسلم، وصحابته الكرام رضوان الله عليهم.

وكانت النيابة العامة قد أسندت للنقي تهمة إذاعة ونشر عبارات مسيئة للرسول، صلى الله عليه وسلم، وزوجته أم المؤمنين عائشة، وأصحابه -رضوان الله عليهم- على نحو يؤدي إلى إثارة الفتنة بين أبناء الوطن الواحد، وتضمنت لائحة الاتهام قيام “النقي” بنشر كتابات تتضمن سخرية وتحقيرًا للدين الإسلامي من خلال الطعن في عقائده وشعائره وتعاليمه.

وقد أيدت محكمة استئناف كويتية أمس الاثنين حكما بالسجن عشر سنوات على (النقي) بسبب تغريداته المسيئة للنبي محمد صلى الله عليه وسلم وزوجته وصحابته، وبحسب نص الحكم فقد أدين حمد النقي (23 سنة) المسجون منذ آذار/ مارس 2012م بازدراء الأديان ونشر تصريحات مسيئة عبر حسابين على تويتر في شباط/فبراير، وآذار/مارس 2012م، ورفضت محكمتا البداية والاستئناف دفع المتهم بأن حسابيه على تويتر تعرضا للقرصنة.

وكان مجلس الأمة الكويتي قد أقر في مايو من عام 2012م على خلفية هذه القضية وغيرها من القضايا المشابهة قانون (تغليظ العقوبة) ضد المسيء للرسول صلى الله عليه وسلم وأزواجه رضوان الله عليهنَّ، بأغلبية 40 صوتًا مقابل رفض 6 أعضاء هم النواب الشيعة بالمجلس.

وأضاف المجلس بذلك جرمًا جديدا يعاقب عليه القانون بالإضافة للطعن في الذات الإلهية أو القرآن الكريم أو الأنبياء أو عِرض الرسول وأزواجه، بأن يعاقب بنفس العقوبة وهي الإعدام لكل مسلم ادعى النبوة.

ونصّ القانون على أنه: يعاقب بالإعدام أو الحبس المؤبد كل من طعن علنا، أو في مكان عام، أو في مكان يستطيع فيه سماعه أو رؤيته من كان في مكان عام، عن طريق القول أو الصياح، أو الكتابة، أو الرسم، أو الصور، أو أي وسيلة أخرى من وسائل التعبير عن الفكر في الذات الإلهية أو القرآن الكريم أو الأنبياء والرسل أو طعن في الرسول، صلى الله عليه وسلم، أو في عرضه وعرض أزواجه.

إن سن قوانين تعاقب من يزدري الأديان أو يسب الله ورسوله صلى الله عليه وسلم أو آل بيته أو صحابته الكرام بات أمرا ضروريا وملحا، نظرا لجرأة كثير من الشيعة في الآونة الأخيرة على فعل ذلك علنا، والقاعدة تقول: من أمن العقوبة أساء الأدب.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 * مركز التأصيل للدراسات والبحوث.

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M