الزعيم الوطني علال الفاسي يرد على افتراء عصيد بشأن التعدد

16 يناير 2014 22:32
الزعيم الوطني علال الفاسي يرد على افتراء عصيد بشأن التعدد

الزعيم الوطني علال الفاسي يرد على افتراء عصيد بشأن التعدد

هوية بريس – نبيل غزال

الخميس 16 يناير 2014م 

في حلقة برنامج مباشرة معكم التي حملت عنوان “كيف نواجه خطابات التطرف؟”، استدل العلماني المتطرف “عصيد” بالزعيم الوطني علال الفاسي، ليبرر مطالب العلمانيين بمنع التعدد.

وادعى عصيد أن هذا العالم المتنور قد طالب بمنع التعدد على اعتبار أنه حكم شرعي لم يعد صالحا لهذا الزمان، وهو اجتهاد جريء من  شخص نظر إلى كرامة الإنسان قبل آراء الموتى، وقرأ الدين بالعقل لا بالغريزة..

والظاهر أن عصيد قد بحث طويلا قبل الحضور للبرنامج وقبل كتابة مقال “نصوص مهداة إلى النساء الاتحاديات”؛ عساه يجد قولا يدعم به مطالب لشكر ورفيقاته بمنع التعدد، ولضعف باعه في الاطلاع على التراث واكتفائه بمحركات البحث وقصاصات بعض الجرائد، لم يجد -المسكين- ما يصح به الاستدلال ومن يصح به الاحتجاج سوى الدكتور الشاب عدنان إبراهيم، وما نقله دون أمانة علمية عن الراحل علال الفاسي رحمه الله.

وبرجوعي إلى ما سوده الزعيم الاستقلالي في كتابه النقد الذاتي وجدته رحمه الله قد طالب بوقف العمل بالتعدد بسبب عدم انضباط الأمازيغ بأحكام الشريعة الإسلامية فيما يخص التعدد -الذي كان فاشيا-، وبسبب أن العرف البربري لم يتمتع بالإصلاح الإسلامي، وكان الأمازيغ آنذاك يعددون بما فوق الأربع.

وليستمع القارئ الكريم إلى ما ختم به علال الفاسي كلامه عن التعدد في آخر الفصل السابع من الباب الرابع الذي خصصه لهذا الموضوع؛ والذي نقل منه عصيد ما يخدم مذهبه وسكت عن الباقي: “أما في المغرب فهناك ذريعة أكبر من كل ما تقدم يجب سدها بمنع التعدد وتلك هي وجود العرف البربري الذي لم يتمتع بالإصلاح الإسلامي، فلكي يقضى على التعدد بما فوق الأربع المباح في أغلبية القبائل البربرية يجب أن يطبق ما قلناه من منع التعدد من أصله، حتى لا يبقى هناك مبرر أو داع لحيلة من الحيل الاجتماعية في التمتع بالشهوات دون قيد ولا تحديد. إن تطبيق هذا الحكم ضروري لتحقيق المناط الذي قصده القرآن الكريم بقوله: {فَإِنْ خِفْتُمْ أَلا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ}” اهـ.

ثم إن الزعيم علال الفاسي قد قرر في الفصل المذكور أن التعدد كان عادة قبل الإسلام، ومضى عليها المسلمون في صدر النبوة حتى أنزل على الرسول -صلى الله عليه وسلم- ما يقتضي إصلاح هذه الحالة، فأمر بتطليق ما زاد على الأربع واختص هو بعدم التطليق، وإذن فقد أصلح الإسلام من أمر الاختلال الذي كان موجودا في الجاهلية بسبب التعدد غير المحدود.

وقال: “فمنع التعدد فيما زاد عن الأربع وقع تحريمه بالنص من أجل سبب معروف في قول عائشة وابن عباس مآله إلى الخوف من أن يكون سبباً في اغتصاب أموال اليتامى الذين هم تحت كفالة المتزوج، طبقا لما كانت قد عمت به البلوى في الجاهلية. ويدل النص نفسه على أن التزوج بما فوق الواحدة يمنع أيضاً إذا خيف من أن يكون سبباً في غصب أموال اليتامى؛ بل إن الواحدة نفسها تمنع وينتقل الأمر لملك اليمين لأنه أدعى لعدم الحاجة للغصب. ومن المعلوم في الشريعة أن من لا يجد وسيلة للتزوج ولو بالواحدة فإنه لا يجوز له أن يتزوج بطريق الغصب أو الاعتداء على اليتامى أو على غيرهم.

إن هذه الأحكام صريحة الدلالة ومجمع عليها من طرف المذاهب الإسلامية كلها، وهي منع التعدد مطلقا عند الخوف من الظلم، وإباحته حتى الأربع عند تيقن العدل. لكن الذي مضى عليه عمل المسلمين هو ترك هذا الأمر لوجدان الرجل الذي يحكم على نفسه هل يقرر أن يعدل أو لا، وذلك هو الأصل في تطبيق الشرائع كلها، لأن الدين يتوجه قبل كل شيء للأفراد وضمائرهم”.

وقال: “التعدد غير ممنوع في الإسلام لذاته، ولكنه ممنوع بما زاد على الأربع، من أجل الظلم المحقق فيه والذي لا يمكن أن لا يقع، وأما بما دون الأربع فيجب أن يكون مباحا في المجتمع القائم على جهاز نظامي يمنع من كل ظلم واعتداء. أما في كل مجتمع يتحقق أو يخاف فيه من العبث بالحقوق الخاصة للعائلة والعامة من أجل إرضاء الشهوة فيجب سدّ الذريعة فيه بمنع التعدد ودرء مفسدته.اهـ (النقد الذاتي 240-243).

فحكم التعدد كما هو مقرر في كتب الفقه؛ تعتريه الأحكام التكليفية الخمسة، فقد يكون واجبا أو مندوبا أو مكروها أو مباحا أو محرما أيضا؛ إذا خيف الظلم ونحوه، وهذا هو الذي أكد عليه علال الفاسي رحمه الله وطالب بمنعه بسلطة القانون، لأن الله تعالى يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن، أما من حيث الأصل فقد قرر أنه حكم متفق عليه بين المذاهب الإسلامية ولا يمكن رده.

فشتان بين ما ذهب إليه الزعيم علال الفاسي وما افتراه وبتر الكلامَ ليبرره العلماني عصيد.

فعلال الفاسي يقرر في فصل التعدد وغيره أن الشريعة صالحة لكل زمان ومكان ويجب العمل بها؛ وعصيد يحارب الشريعة ويعلن ألا دين مقدس حتى يستحيل تغييره ورفض شرائعه. 

فقليل من الأمانة العلمية واحترام عقول المتابعين رجاء.

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M