حول ظهير القيمين الدينيين
عبد المجيد جرومي (مونتريال-كندا)
هوية بريس – الأحد 13 يوليوز 2014
صدر مؤخرا بالجريدة الرسمية ظهير (ينظم) مهام القيمين الدنيين، وقد تضمن هذا الظهير منع كل العاملين رسميا بالحقل الديني ممارسة أي نشاط سياسي أو نقابي أو حتى اتخاذ أي موقف يكتسي صبغة سياسية أو نقابية.
وإن كانت كل بادرة تنظيمية مستحسنة في حد ذاتها حيث أنها تضع الإطار العام الذي يؤطر قطاعا ما تجنبا للتجاوزات ولاحترام التخصصات، إلا أن هذا القانون يطرح أكثر من تساؤل.
ألا يعتبر هذا الظهير بمثابة إسقاط حق من الحقوق الإنسانية والوطنية لهؤلاء الآلاف من المواطنين المغاربة من أئمة ودعاة وغيرهم في إبداء رأيهم في من يحكمهم وكيف يحكمهم؟
ولماذا لا يمنعهم الظهير من مزاولة حقهم في التصويت في الانتخابات حتى يكون منسجما مع مضمونه؟
وحتى إذا رجعنا إلى صلب الموضوع وهو المنع من الخوض في السياسة لهذه الفئة من المجتمع، فما هي يا ترى الحدود بين السياسي والديني؟
كيف سيكون التعامل مع خطيب جمعة تناول موضوع البيعة، وعهد الرعية للراعي بالسمع والطاعة وعدم الخروج عليه؟
ماذا سيكون الموقف من شيخ يشجع على المشاركة في الانتخابات لدعم الديموقراطية في بلادنا؟
ثم لماذا نحن حريصون على تحجيم دور الدين في حياة المغاربة وترك الباب مفتوح على مصراعيه لكل المنابر الهدامة في الإعلام وفي غيرها من وسائل التواصل؟
أليس أئمة ودعاة وزارة الأوقاف هم مرجعية المواطنين في شؤون دينهم ودنياهم؟
لماذا أريد لصوت الحق أن يخرص في بلاد أمير المؤمنين وينحصر الدين في (الموسيقى الروحية)، في وقت يصول ويجول فيه الرويبضات عبر جميع الوسائل المتاحة لنفث السموم في المجتمع، وحتى أصبح الدين مرتعا تفتي فيه الغواني من على المنصات.
لا أظن أن الأمر يتعلق بسياسة تقاوم التطرف الديني، لأن الكل يعلم أن منابع التطرف ليست المساجد ولا دور القرآن ولا الكراسي العلمية؛ التطرف كباقي الفساد منبعه وسائل الإعلام من الفضائيات والأنترنيت، وهذه ليس لوزارة الأوقاف سبيل إليها، والقائمين على الشأن العام يعرفون هذا جيدا. إنما الأمر أن جل الفاعلين السياسيين في بلدنا يعرفون أن توجهاتهم ومبادئهم، والإيديولوجيات التي تحكمهم لا تتناغم وهوية الغالبية العظمى للشعب.
إذ كيف بالله عليكم سيتحاشى الخوض في السياسة خطيب أو داعية في حزب يتبنى المساواة في الإرث؟
كيف سيتجنب الشأن السياسي في الرد على دعاة المثلية، وعلى دعاة الانقسام الطائفي بين عرب وأمازيغ وغيرهم، وكيف يتعامل ودعاة التطبيع مع الكيان الصهيوني في خيانة للدين والوطن والأمة؟
إن هذه الكائنات السياسية والمنظمات الاجتماعية ، تخاف أن تجد الأحزاب المحافظة والملتزمة مكانا لها في خطب الجمعة والأعياد وفي اللقاءات الدينية لتكسب بذلك قاعدة تصويتية تميزها.
وعوض أن تفكر هي في الرجوع إلى ثوابت الأمة في دينها ودنياها، تسعى جاهدة لطمس هوية المجتمع عبر إعلامها وجرائدها ومنتدياتها والتضييق على منابر العلم والدين.
وكما سبق الذكر فإن وعي الشباب أصبح بدرجة لا يمكن معها التستر على الحق، أو إعطاء المعلومة أو الرأي مغلفا، أو عدم الخوض فيما يعنيهم في شؤون يومهم سياسية كانت أم اجتماعية أم اقتصادية، فإنهم في هذه الحال سيجدون أركان وليس ركن واحد يفتي بما لا تحمد عقباه دون حاجة إلى علماء وفقهاء وزارة الأوقاف.
“إوا وقاف”.