دعاء الآباء.. صلاح الأبناء

16 يوليو 2014 19:09
دعاء الآباء.. صلاح الأبناء

دعاء الآباء.. صلاح الأبناء

فاطمة الراغبة

هوية بريس – الأربعاء 16 يوليوز2014

كثير منا يتغافل عن عبادة مهمة آلا وهي الدعاء، فهو عبادة روحية وصلة بين العبد وربه، فما مس الإنسان سقم وما ابتلي بمصيبة أو أثقل بكربة إلا وكان الدعاء والتضرع للخالق علاج سقمه ومنفس كربته، وكيف لا والله تعالى القائل: “وقال ربكم ادعوني استجب لكم” سورة غافر، فالدعاء علاج نفسي وروحي لأمراض الإنسان النفسية والمادية ومسكن فعال للآلام التي تنخر دواخله.

وللدعاء أثر فعال وإيجابي، فسواء كان الإنسان صالحا أم فاسدا فالله سبحانه وتعالى لا يرد أحدا من عباده خائبا، ولا يغلق في وجهه أبواب رحمته، فكم من شخص يجرح بالليل والنهار آثاما لا حصر لها، فما إن تشرق في قلبه أنوار الهداية والتوبة ويدعو الله جل في علاه إلا وغفر له.

فالواجب على الآباء اقتفاء منافع هذه العبادة فيما ينفع أبناءهم، فدعوة الآباء وتوسلهم إلى الله لهداية الأبناء وتوفيقهم وأن يتولاهم بحفظه ورعايته وسيلة إلى هدايتهم، فلا يهدي إلى الله إلا الله. والدعاء سبب من أسباب صلاح الأبناء بعد اختيار الزوجة الصالحة، وحسن توجيههم وتربيتهم فلا ينفع الدعاء دون التربية، ولو كان الدعاء وحده ينفع لاكتفى الناس بالدعاء دون العمل.

ويتغافل الآباء عن هذه العبادة، ويكتفون بتلبية مطالبهم المادية وتأمينها لهم، فمن بين الأمور التي تبعث السرور في قلوب الأبناء رؤيتهم لآبائهم وهم يرفعون أكفهم إلى الله، ليهديهم ويرزقهم وييسر أمورهم ويتولاهم بحفظه، فكم من أناس صالحين نسمع عنهم الآن بلغو من الدرجات وحازوا من الشكر والثناء، فمنهم داع إلى دين الله ومنهم من هو حامل لكتاب الله وغيرها من الدرجات المحمودة، وكل ذلك بفضل دعاء آبائهم، وكم من أناس عهدناهم وهم صغار على خلق صاروا الآن شقوة وتعاسة لآبائهم، بسبب الدعاء عليهم بالكفر والضلال وغيره، ولم ينعكس ذلك إلا على الآباء فلا يذوق عقوقهم وجحودهم إلا هم.

فصلاح الذرية رهين دعاء الآباء، فكل نتيجة مرتبطة بأسبابها، روى أحد الدعاة قصة عن شاب لم يكن صالحا ولا يقوم بأمور دينه وعاقا بوالدته، فكان يمضي الساعات الطوال أمام شاشة التلفاز ينتقل من قناة إلى أخرى من مسلسل إلى آخر، وكانت تلك الأم الصالحة تذكره وتعظه كما كانت عقب كل صلاة تخص ولدها بالدعاء له بالهداية والرشاد، فكلما قامت إلى صلاة الفجر إلا وناجت ربّ السماء أن يرده إليه ردا جميلا ويهديه الصراط المستقيم، فاستجاب الله له فرده إليه وتاب عن أفعاله وكيف لا يكون دعاء هذه الأم مستجابا، وقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم: “ثلاث دعوات يستجاب لهن لا شك فيهن: دعوة المظلوم ودعوة المسافر ودعوة الوالد لولده” رواه ابن ماجة في مسنده وصححه الألباني.

ومن الأمور التي يجب توفرها في الدعاء أن يكون لهم لا عليهم، فلا يدعو الوالد على ولده بالسخط أو بسوء إنما يدعوا لهم بالبر والصلاح والهداية، فإن هداهم الله فإنه لا يجني ثمار صلاح هذه الذرية إلا الآباء طبعا مصداقا لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: “لا تدعوا على أنفسكم، ولا تدعوا على أولادكم، ولا تدعو على أموالكم، لا توافقوا ساعة من الله يسأل فيها عطاء فيستجيب لكم” رواه مسلم.

والدعاء يجب أن يكون شاملا لجميع أبناء المسلمين ولا يقتصر على الدعاء للأبناء فقط، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: “دعوة المسلم لأخيه بظهر الغيب مستجابة، عند رأسه ملك موكل كلما دعا لأخيه بخير، قال الملك الموكل به، آمين ولك بالمثل” رواه مسلم، فحين يدعوا الوالد لأبنائه وأبناء المسلمين فإن ذلك ينعكس على ذريته.

فمن الجيد أن نحسن استعمال هذه الوسيلة فيما ينفعنا ويصلح أمور ذريتنا، ولا نستعملها فيما يؤدي إلى شقوتهم فنكوى بلهيب عقوقهم.

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M