النظام الجبائي المالي في الإسلام (ج2)

03 سبتمبر 2014 15:44
النظام الجبائي المالي في الإسلام (ج2)

النظام الجبائي المالي في الإسلام (ج2)

إبراهيم بوحمرة

هوية بريس – الأربعاء 03 شتنبر 2014

خصائص النظام الجبائي الإسلامي

يتميز النظام الجبائي الإسلامي بخصائص تميزه عن باقي الأنظمة الجبائية الأخرى، من أهمها أنه تشريع رباني تعبدي، وتشريع عقدي أخلاقي، وتشريع أصيل يتميز بالاستقلالية، وتشريع واقعي يتسم بالمرونة.

أولا: النظام الجبائي الإسلامي تشريع رباني تعبدي

إن النظام الجبائي الإسلامي تشريع رباني، مستمد من تعاليم الدين الإسلامي الحنيف المنزل من عند الله سبحانه وتعالى، لذا فهو منضبط بالأحكام المستفادة من النصوص الشرعية من قرآن وسنة وإجماع الأمة، من أمثلة ذلك قوله تعالى في الزكاة: «خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها» التوبة:104، كما أن هذا النظام فيه طابع تعبدي، يجعل تطبيقه طاعة لله سبحانه، وكل طاعة لله فهي عبادة، وذلك هو المقصد من خلق الإنسان، قال تعالى: «وما خلقت الجن والانس إلا ليعبدون» الذاريات:57، قال الإمام ابن كثير رحمه الله في تفسير هذه الآية: “أي إلا ليقروا بعبادتي طوعا أو كرها”(1).

ثانيا: النظام الجبائي الإسلامي تشريع عقدي أخلاقي

إن النظام الجبائي الإسلامي تشريع عقدي أخلاقي منبثق من أصل العقيدة الإسلامية، لذا فالمسلم يلتزم ببعض الالتزامات الجبائية كالزكاة والصدقات ونحوها، حتى ولو فوت على نفسه بعض المصالح الدنيوية، أملا بثواب الله تعالى يوم القيامة، قال سبحانه: «ولأجر الاخرة أكبر لو كانوا يعلمون» (النحل:42).

كما أنه تشريع أخلاقي يعتبر سلوك الإنسان المحدد الرئيسي في العملية الجبائية، التي تعتبر الأخلاق فيها وسيلة وهدفا محوريا في التنظير والتنزيل الجبائي الموافق للشريعة، والقائم على أساس العدالة الجبائية، والصدق والأمانة في فرض الضرائب والجبايات على المكلفين.

ثالثا : النظام الجبائي الإسلامي تشريع أصيل يتميز بالاستقلالية

يتميز النظام الجبائي الإسلامي بأصالته واستقلالية أصوله ومبادئه وأحكامه من عدة نواح أهمها.

أ- أنه يستمد كل أصوله ومبادئه وأحكامه من النظام المالي الإسلامي المتكامل، المنزه عن النواقص والعيوب، والذي يرجع في أساسه إلى النصوص الشرعية الحكيمة، وهذا ما تفتقده الأنظمة الوضعية المليئة بالعيوب والنقائص.

ب- أنه يتفرد بتنوع وتعدد الأساليب والأنظمة والوسائل إذ نجد التنوع في الموارد المالية الجبائية حيث أنها تجبى عينا ونقدا من المكلفين، وكذلك تفرض على جميع صور وأنواع الأموال، ومنها ما هو دوري سنوي، ومنها ما هو غير ذلك على حسب الحاجة والأحداث التي تفرض طلبها.

ج- أنه نظام سبق الأنظمة الأخرى في تحديد أوجه معينة للصرف عليها، لا تتبدل ولا تتغير ولا تلغى أبدا، كما هو الحال بالنسبة لمصارف الزكاة الثمانية ومصارف خمس الغنيمة المنصوص عليها في كتاب الله عز وجل.

رابعا: النظام الجبائي تشريع واقعي يتسم بالمرونة

يتسم النظام الجبائي الإسلامي بالواقعية والمرونة، فهو واقعي منسجم مع الواقع المعيش، ومساير للمستجدات الحادثة، لذا نجد بعض الموارد الجبائية في هذا النظام لها أصولا ثابتة، لكونها مستمدة من القرآن والسنة مثل الزكاة والفيء، وفي المقابل هناك موارد أخرى ثم إقرارها وفرضها باجتهاد العلماء، كما هو الحال بالنسبة لجباية الخراج التي فرضها الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه على الأراضي المغنومة من الكفار، مع أنها كانت تتوزع على الغانمين في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم، والخراج مورد مالي عام يترك فرضه وتقديره لاجتهاد علماء الأمة وولاة الأمور، وهذا ينطبق أيضا على موردي: الجزية والعشور اللذان يعتمدان على رأي الإمام في تقدير المبلغ المطلوب دفعه وكذا مصرفه.

وهذا ما يبين مرونة أحكام بعض الموارد الجبائية التي تستلزم اجتهاد علماء الأمة واستحضار المقاصد الشرعية لتنزيل الأحكام المناسبة لها في كل زمان ومكان.

ــــــــــــــــــــــــــ

1- تفسير القرآن العظيم للإمام ابن كثير: 4/2703.

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M